Telecom & Digital World Magazine Sunday18/02/2007 G Issue 196
رؤى
الأحد 30 ,محرم 1428   العدد  196
 

صناعة الحوسبة!!
د. زيد الرماني*

 

 

قد يكون الميل نحو الاختفاء قانوناً عاماً في تصرّف الإنسان، وكما يقول فايزر: إن الاختفاء ينجم أساساً عن نفسية البشر وليس بسبب التقنية، فكلما تعلَّم الإنسان شيئاً بشكل جيد بما يكفي، فإنه يتوقف عن الإحساس به.

وإذا بدا هذا الأمر بعيداً عن الواقع، فيمكن أن نفكر في تطور الكهرباء والمحرك الكهربائي.

لقد كانت الكهرباء والمحرك الكهربائي في القرن التاسع عشر الميلادي نادرين جداً؛ بحيث صممت مصانع بأكملها لتستوعب مصابيح الإنارة والمحركات الضخمة، بينما صممت أماكن العمل والعمال وقطع الغيار والطاولات وما شابه ذلك، لتلائم متطلبات الكهرباء والمحرك.

ومع ذلك فقد غدت الكهرباء اليوم منتشرة في كل مكان فهي مخبأة في الجدران ومخزنة في بطاريات صغيرة.

أما المحركات فقد أصبحت صغيرة جداً ومنتشرة أيضاً؛ بحيث تخبأ أعداد منها داخل هيكل السيارة لتحريك النوافذ والمرايا وأرقام الراديو ومحرك الشريط المسجل والهوائي وغيره.

ومع ذلك، فنحن محظوظون حينما لا نحس ونحن نقود السيارة أننا محاطون بحوالي 22 محركاً وحوالي 25 صماماً كهربائياً.

وقياساً على ذلك يمكن مقارنة المرحلة القادمة من الحاسب بتطور الكتابة، فمنذ عدة آلاف من السنين كانت الكتابة فناً سرياً تتحكم فيه بأنانية طبقة صغيرة من الخطَّاطين، الذين درّبوا على الكتابة على ألواح فخارية، وكانت هذه الألواح نادرة جداً، وتحرس بعناية فائقة من قبل جنود الملك.

وعندما اخترع الورق لأول مرة، كان هو الآخر سلعة نادرة وغالية جداً، وتحتاج لفافة بسيطة منه إلى مئات الساعات لإنتاجها. لقد كان الورق غالياً جداً؛ بحيث لم يتمكن سوى الملك من الحصول عليه، ولم يستطع معظم الناس إلا نادراً إلقاء نظرة خاطفة عليه طيلة حياتهم.

أما اليوم، فإننا لا نكاد نحس بالورق، على الرغم من أننا محاطون بعالم يطفح بالورق والكتابة، فعندما نتمشى في شارع لا نلحظ شيئاً مميزاً في الكتابات على لوحات الإعلان ولافتات الشوارع.

في كل يوم نلتقط صفائح من الورق ونخربش عليها ثم نرميها جانباً، لقد تطورت الكتابة من وسيلة اتصال كثيفة العمالة ومقدسة، يحتكرها الملوك والكتبة إلى عملية لا يكاد يلحظها أحد ومنتشرة في كل مكان.

ومع الأسف، فإن الورق هو أحد أكبر مصادر الفضلات في المجتمع الحديث، ويحتوي كله تقريباً على كتابة!!

وبالنسبة لصناعة الحاسوب، يقول فايزر: لن يكون هناك غضاضة يوماً ما في المستقبل، أن نذهب إلى البقال ونشتري ست حزم من الحاسب تماماً كما نشتري البطاريات اليوم. وفي صناعة الحاسب يستغرق وصول الفكرة من نشأتها وحتى دخولها السوق 15 سنة في المتوسط.

فالحاسب الشخصي الأول، على سبيل المثال، بُني في معامل بالو آلتو عام 1972م ولكنه لم يستأثر باهتمام الناس إلا في أواخر الثمانينات.

لقد بدأت فكرة الحوسبة كلية الانتشار عام 1988م. وقد استغرق الأمر الانتظار حتى عام 2003م، حين بدأنا نرى تأثير تلك الأفكار في حياتنا بطريقة محسوسة.

ختاماً أقول: قد يستغرق الأمر أعواماً عدة بعد ذلك قبل أن تصل إلى الكتلة الحرجة وتلهب السوق. ولكن، يمكن للمرء أن يتوقع رؤية نضوج الحوسبة كلية الانتشار بحلول عام 2010م، وهيمنتها على حياتنا بحلول عام 2020م!!

مستشار اقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية zrommany3@gmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة