الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 19th October,2003 العدد : 43

الأحد 23 ,شعبان 1424

متى تصبح نصف مجتمع التكنولوجيا والكمبيوتر!؟
المرأة العربية ومعوقات الاستفادة من التقنية
الأمهات يتعلمن الكمبيوتر من أجل إعداد أجيال مستنيرة
العادات والتقاليد من أسباب عدم انخراط المرأة في مجال صناعة الكمبيوتر

إن فكرة تقاسم المرأة الدور في قيام المجتمع مع الرجل ووقوفها معه جنباً إلى جنب من أهم السمات الحضارية والتقدمية في مجتمعاتنا وكافة مجتمعات العالم الحديث. وقد تبدو هذه الفكرة قديمة لأنها أصبحت عرفاً تجري عليه هذه المجتمعات حسب أعراف وقوانين كل مجتمع على حدة، فمنذ قديم الأزل كانت المرأة تقف جنباً إلى جنب بجوار الرجل حتى أنها كانت تعمل معه يداً بيد. وعندما تطور المجتمع الإنساني، بتطور الوسائل التي يستعين بها الناس على قضاء حوائجهم وأمور حياتهم ظلت المرأة محتفظة بمكانتها ودورها، فنجدها مثلاً تتقاسم العمل على معظم المخترعات الحديثة مع الرجل، فعند ما ظهر ما يسمى بالثورة الصناعية في أوروبا اختص الرجل لنفسه التعامل مع الآلات والمعدات التي كانت قائمة على اكتشاف الفحم كمادة للوقود ومن ذلك اختراع القطار وكثير من الآلات المختلفة التي أثرت الحياة في ذلك الوقت.
في نفس الوقت كانت آلات الخياطة وطرق الحياكة الجديدة من أهم تجليات تلك الثورة. تلك الاختراعات التي تخصصت المرأة في التعامل معها والإنتاج عليها من أجل إعانة الرجل على مسؤولياته، ومن أجل مسألة إثبات الذات أيضاً.
أخذ العالم بعد ذلك في التطور والتقدم وأخذت المرأة أيضاً في كل مراحل هذا التطور في المحافظة على دورها ومكانتها في المجتمع، ومن أجل المحافظة على تلك المكانة أخذت المرأة تحذو حذو الرجل أنى ذهب، وتلاحقه كلما ظهرت مجالات جديدة في الحياة مثل الطب والعلوم والفن حتى وصلت المرأة للفضاء. وبالرغم مما ذكرناه عن هذا الدور الذي تلعبه المرأة إلا أننا لا ينبغي أن نغفل حقيقة ما قد تخفى على أحد منا. ذلك أن الاختراعات والتطورات الجديدة في كل عصر ومرحلة من المراحل التي مرت بها البشرية كانت مسجلة بأسماء مخترعيها من الرجال في أغلب الأحيان ولم يكن هناك من الاختراعات ماسجل بأسماء مخترعات، حتى القوانين المهمة في الحياة العلمية باختلاف المجالات والدراسات كانت من صنع علماء رجال، فهذا قانون نيوتن وذلك قانون أرشميدس وهكذا، طبعاً مع الاحتفاظ بالاستثناءات التي تحدث في كل مجتمع والتي تظهر فيها المرأة كمخترعة عظيمة، ولكن ما أرمي إليه هو أن المرأة كانت في أغلب الأحيان تقف مقام المستفيد والمستهلك لما يخترعه الرجل ويقدمه للبشرية، حتى ماكينات الخياطة وبقية الأدوات التي هي من عمل المرأة في المقام الأول وضمن أهم اهتماماتها كانت من صنع الرجل.
إذا كانت هناك استثناءات ما بالنسبة لمشاركة النساء في ركب التطور والحضارة التي حظيت بها البشرية سابقاً فما هو الحال الآن؟ وماذا عن دور المرأة في هذا العصر الجديد، عصر التكنولوجيا والاتصالات؟ في ما يسمى عصر المعلومات هل بقيت المرأة على حالها كمستغلة للإمكانات والتطورات التي يقدمها لها الرجل لتستفيد منها وتكتفي فقط بتعلمها واكتساب الخبرة في استخدامها، أم أن المرأة قد دخلت مجال الابتكار والتطوير لتنتج للعالم وشاركت بفاعلية في تشكيل هذا العصر ورسم سماته؟.
والحقيقة أن الباحث في هذا الشأن سوف يدهش من أن المرأة ظلت كما هي ولم تتغير سياستها التي تتبعها في كل مراحل التطور التي مرت بها البشرية، ذلك أنه حتى في هذا العصر وهذا المجال لم تنبغ المرأة كمخترعة أو كباحثة تدفع بركب التقدم نحو الأمام بعيداً عن الرجل لكي تخرج من عباءته وتقدم للبشرية ما يحسب لها.
ويتضح هذا بشكل كبير إذا ما بحثنا عن المرأة في مجال الكمبيوتر والتكنولوجيا.
إن الإحصاءات والدراسات تؤكد أن الفارق بين إسهامات الرجل والمرأة في هذا المجال يعتبر كبيراً للغاية، حيث لا نجد هناك أسماء لامعة لهن خاصة في مجال البرمجة والتقنيات الأخرى، بل والأسوأ من ذلك أن معدلات الدارسات من البنات والسيدات لمجال صناعة الكمبيوتر والتكنولوجيا عامة أخذ يتراجع العام تلو الآخر منذ عام 1986 وحتى الآن، وذلك على مستوى العالم أجمع، أما أحسن الحالات في تلك الفترة فكانت استقرار معدل الأعداد المنخرطة في هذا المجال عن طريق الدراسة الأكاديمية العادية، ناهيك عن التخصص فيه عن طريق دراسات ما بعد الدراسة الجامعية.
ولكي ندرك مدى التراجع عبر السنوات الماضية في هذا الشأن دعونا نطلع على بعض الأرقام الإحصائية فمثلاً، كانت نسبة المتخرجات من النساء في عام 1986 في الولايات المتحدة حوالي 36% من الدارسين لمجال الكمبيوتر والتكنولوجيا الصناعية، وبعد مرور 10 سنوات أي في عام 1996 انحدرت النسبة إلى 27% من الدارسين الحاصلين على البكالوريوس، أما نسبة المتخصصات واللائي استكملن دراستهن ما بعد المرحلة الجامعية فنسبة الحاصلات على درجة الدكتوراه في هذا المجال لم تتعد 15% من الدارسين.
أما بالنسبة لمجال العمل، فإن النسبة تعتبر ضئيلة أيضاً بالنسبة للسيدات اللواتي يعملن في مجال الكمبيوتر ويشغلن مناصب قيادية وتنفيذية كبرى، فعلى سبيل المثال، تشكل النساء 10 ،6 بالمائة فقط من طبقة التنفيذيين في شركة فورشن مقارنة ب 11 ،1 بالمائة في الشركات التي لا تعمل في مجال الكمبيوتر، وهناك 8 ،4 بالمائة فقط في أعضاء مجالس إدارات تلك الشركات من النساء مقارنة ب 9 ،5 بالمائة في مجالس إدارات الشركات التي لا تعمل في مجال الكمبيوتر، لعل هذه النسب المطروحة تعكس جانباً من الصورة التي أصبح عليها السيدات المنشغلات بعلم وصناعة الكمبيوتر في العالم ككل. والمدهش بالنسبة إلى هذه الصناعة الجديدة أنها ليست كسابق الصناعات التي يحتاج فيها الإنسان إلى قوته وبالتالي يمكن أن تنحاز هذه الصناعة إلى الرجال دون النساء. أما أسباب هذا الانحدار والتراجع فترجع إلى عدة أسباب، منها إن لم يكن أهمها على الإطلاق انشغال المرأة بمجالات أخرى غير هذا المجال، فالكثير من النساء حول العالم يفضلن الاشتغال بالتخصصات الأكثر سهولة أحياناً مثل شؤون التعليم والمجالات الاجتماعية وكافة العلوم الإنسانية، وربما كانت هذه التخصصات أقرب إلى طبيعة تكوين المرأة وشخصيتها، وإذا كانت المرأة تقحم نفسها في بعض العلوم المهمة والصعبة مثل الطب وغير ذلك فإن الأمر في النهاية لا يحتاج منها الابتكار والاختراع وإنما دراسة واستيعاب الأمور التي تم اكتشافها من قبل، ومن ضمن الأسباب أيضاً أن الكثير من النساء قد يشتغلن، خاصة في الدول الفقيرة والدول العربية، بأعمال أخرى منها الانشغال بالمنزل ومسؤوليات تربية الأطفال وتحمل مسئوليتهم، هذا بالإضافة إلى بعد النساء في أغلب هذه الدول عن هذا المجال. وبالفعل فإن الكثير من السيدات في مختلف دول العالم غير المتقدمة لا يزلن يعتبرن حتى استخدام أجهزة الكمبيوتر والتعامل مع معطيات العصر الجديد أمراً بعيد المنال وشديد الحداثة. وبالتالي فالأمر شبه مستحيل في نظرهن أن تصبح إحداهن من المبرمجات أو المطورات في أنظمة التشغيل الخاصة بأجهزة الكمبيوتر مثلاً. وإذا كان استخدام مثل هؤلاء الأفراد للأجهزة الصغيرة مثل أجهزة الهواتف الخلوية فإن الاستخدام يقتصر في هذه الحالة على إجراء المكالمات الهاتفية فقط دون الاستفادة ببقية مايقدمه الجهاز من خدمات وإمكانيات. وليس ذلك إلا بسبب عدم الاطلاع على والتعرف على هذا المجال، لأن الأمر في النهاية لا يعنيهن كثيراً.
وللإنصاف فإنه ليس كل الرجال يستفيدون من كل الخدمات التي تقدمها لهم التكنولوجيا الجديدة، لكن المقصود أن نسبة الرجال إلى النساء توضح فارقاًكبيراً بين مستوى التعامل ومستوى الثقافة الإلكترونية وثقافة العصر. إن المقصود هو تلك الثغرة الكبيرة التي تتعلق بالجنس والتي تستمر في مجال صناعة التكنولوجيا الراقية لتترك العديد من الرجال والنساء في حيرة من أمرهم، ففي آخر الأمر نجد أن أجهزة الكمبيوتر ما هي إلا صناعة جديدة ليس لها أرث تاريخي من التحيز لجنس عن الآخر. فالبرمجة في النهاية تحتاج إلى العقول للنجاح وليس للعضلات.
ابتعاد المرأة يبدأ في الصغر
تقول كارول بارتزل، المديرة التنفيذية بإحدى شركات برامج الكمبيوتر: لقد انتقلنا من العصر الزراعي إلى الصناعي ومن ثم إلى عصر المعلومات، فهذا هو الوقت الذي يتعين فيه على النساء أن يصلن إلى ما يريدنه. فجذور التمييز بسبب الجنس في مجال التكنولوجيا الراقية عميقة، حيث تبدأ منذ الطفولة، عندما تواجه الفتيات عالم العاب الفيديو المصممة تقريبا حصريا للصبيان، ويحتد هذا الأمر خلال فترة المراهقة عندما تترك معظم الفتيات الفصول الدراسية المخصصة لمادة الكمبيوتر وبذلك يتم حرمان شركات الكمبيوتر من موهبتهن. ويستمر ذلك خلال البلوغ عندما تواجه المبرمجات والمهندسات السقف الزجاجي الذي يعوق النساء من المشاركة في مثل هذا المجال، وبالتالي فإن هذا المجال يظل غير مألوف بالنسبة للنساء من بادئ الأمر. وعلاوة على ذلك، فإن العديد من النساء في مجال الكمبيوتر يذكرن أنهن يواجهن سقفا زجاجيا بشكل غير رسمي أو قيدا غير مرئي يحد من جهودهن للتقدم للأمام، فمثلا، تقول الين ايزاكس وهي مهندسة تعمل لدى شركة سيليكون فالي أن الأمر استغرق وقتا أطول بكثير لها مقارنة بزملائها الرجال لكي تتم ترقيتها.
وتضيف ايزاكس: «تعين عليّ العمل بشكل شاق للحصول على الترقية التي شعرت أنني كان يجب أن احصل عليها منذ سنة بينما يحصل الرجال على الترقيات وهم لا يستحقونها».
وتقول الين سبيرتس، وهي خريجة معهد ماستشوستس للتكنولوجية وعملت لدى قسم الأبحاث بشركة مايكروسوفت أن الغرباء كانوا يفترضون عادة أنها أمينة مكتبة، وحتى وإن حاولت الشركات أن تعامل موظفيها الرجال والنساء بشكل متساوٍ، فهناك أجزاء من ثقافة التكنولوجية الرفيعة التي تفرض تحديات إضافيةعلى النساء، فمع دورات التطوير السريع لمنتجاتها واختراق الشركات الجديدة، تتطلب هذه الصناعة ساعات طويلة من العمل من موظفيها حيث اصبح العمل لمدة 64 ساعة أسبوعيا شيء عادي. فالكثير من المبرمجين الشباب يعملون حتى الساعة الثالثة صباحا ويصبح طعامهم الوحيدة البيتزا ثمينامون على أرضيات المكاتب.
وغالبا لا يمكن تجنب ساعات العمل الطويلة بسبب الأوقات النهائية التنافسية والحاجة لحل مشاكل في برامج الكمبيوتر في آخر لحظة. إلا أن بعض النساء يقلن أن الساعات الطويلة ما هي إلا نوع من الرمز لهذه الصناعة، فساعات العمل الطويلة والأعمال الطارئة في آخر لحظة تفرض عبئا على النساء اللواتي مازلن مسؤولات عن تربية الأطفال وتحضير طعام العشاء لهم. وعلاوة على ذلك، فإن التطور السريع في مجال التكنولوجيا حيث تعمل الأجيال الجديدة من الرقائق الدقيقة على قلب هذه الصناعة رأسا على عقب كل 18 شهرا تجعل من الصعوبة على النساء أن يبقين على علم بالتطورالسريع إذا حصلن على إجازة عائلية طويلة.
وفي هذا الإطار يقول المسؤولون في هذه الصناعة أن التطور السريع في هذا المجال يمكن أن يكون محبطا للموظفين الذين يتحملون مسؤوليات عائلية، رجال كانوا أم نساء.
ومن ناحية أخرى، وبالرغم من العزلة والعقبات، تقول معظم النساء في مجال الكمبيوتر أن السعادة تتجاوز الإحباط بشكل كبير، فبالنسبة لهن تعتبر البرمجة نوع من حل المشاكل الفكرية حيث إنهن يجدن عملهن ممتعا ومثيرا ومبتكرا. وفي هذا الإطار تقول شيرل روت، مديرة البيتزا ثمينامون على أرضيات المكاتب.
وغالبا لا يمكن تجنب ساعات العمل الطويلة بسبب الأوقات النهائية التنافسية والحاجة لحل مشاكل في برامج الكمبيوتر في آخر لحظة. إلا أن بعض النساء يقلن أن الساعات الطويلة ما هي إلا نوع من الرمز لهذه الصناعة، فساعات العمل الطويلة والأعمال الطارئة في آخر لحظة تفرض عبئا على النساء اللواتي مازلن مسؤولات عن تربية الأطفال وتحضير طعام العشاء لهم. وعلاوة على ذلك، فإن التطور السريع في مجال التكنولوجيا حيث تعمل الأجيال الجديدة من الرقائق الدقيقة على قلب هذه الصناعة رأسا على عقب كل 18 شهرا تجعل من الصعوبة على النساء أن يبقين على علم بالتطورالسريع إذا حصلن على إجازة عائلية طويلة.
وفي هذا الإطار يقول المسؤولون في هذه الصناعة أن التطور السريع في هذا المجال يمكن أن يكون محبطا للموظفين الذين يتحملون مسؤوليات عائلية، رجال كانوا أم نساء.
ومن ناحية أخرى، وبالرغم من العزلة والعقبات، تقول معظم النساء في مجال الكمبيوتر أن السعادة تتجاوز الإحباط بشكل كبير، فبالنسبة لهن تعتبر البرمجة نوع من حل المشاكل الفكرية حيث إنهن يجدن عملهن ممتعا ومثيرا ومبتكرا. وفي هذا الإطار تقول شيرل روت، مديرة هندسة برامج الكمبيوتر بشركة هيوليت باكارد: «لقد كنت مغرمة دائماً بحل المسائل ولكنني كنت معجبة أيضا بقراءة الكتابات الجيدة ولذلك فإن برامج الكمبيوتر تمثل الأمرين معا».
وبالنسبة لبعض النساء، يعتبر مجال الكمبيوتر جواز السفر إلى الاستقلال المادي، وبالنسبة للأخريات يقدم لهن استقلالا نفسيا هاما، فمثلا تقول كاثيكوزيل وهي مبرمجة للوسائط المتعددة في لوس أنجلوس «لقد نشأت في بيت ينظر إلى النساء على أنهن غبيات»، وبالنسبة لي لكي اعمل في مجال الكمبيوتر والبرمجة فإن ذلك يعني انه يمكنني تحقيق شيء فعلا، إلا أن العديد من النساء في هذه الصناعة يقلن أن هناك في الحقيقة حواجز تمنع هن من الحصول على فرصة وريادة متساوية. ويبدأن بالمشكلة الشائعة وهي انه ليس هناك شابات بعدد كاف يمتلكن المهارات الكافية ويتخرجن من الجامعات وبعد ذلك ينضمون لهذه الصناعة. فبينما حصلت النساء على 8 بالمائة إلى 38 بالمائة من الدرجات الجامعية في مجال الطب من عام 1970 إلى عام 1993، إلا أن عدد درجات الدكتوراه التي حصلت عليها النساء لم تتعد ال 17 بالمائة. كما أن عدد النساء اللواتي حصلن على درجة جامعية ودرجة الماجستير في علوم الكمبيوتر تراوحت من 18 إلى 19 بالمائة.
فهذه الأرقام المنخفضة تعني أن شركات الكمبيوتر لديها عدد قليل من النساء الفنيات لكي تقوم بالاختيار منهن عندما تبحث عن نائب الرئيس القادم لديها، كما أن ذلك من الممكن أن يكون له تأثير سلبي على أولئك النساء اللائي اخترن اختراق هذه الصناعة، فالمهندسات والمبرمجات يجدن أنفسهن غالبا الإناث الوحيدات في مجموعة عملهن. وتعتاد العديدات على هذا الأمر، بينما تجد الأخريات أنهن وحيدات بشكل منخفض المستوى ومزمن.
تقول دبي هاملتون، مهندسة تصميم برامج كمبيوتر بشركة هيوليت باكارد: «نقوم بالاجتماع في الكافتيريا حيث تمتلئ الغرفة عن آخرها وأكون أنا المرأة الوحيدة». ومن ناحية أخرى فإن المجتمع غالبا ما يعطي رسالة ضمنية للفتيات أن مجال الكمبيوتر ليس مقصدا لهن وينطبق ذلك على المنشورات وبرامج التلفزيون الشهيرة التي تتناول الرجال دائما على انهم هم من يعملون في هذا المجال، الأمور تتحسن وبغض النظر عن العقبات المستمرة، هناك علامات بأن الوضع الخاص بالنساء في هذا المجال قد بدأ بالتحسن.
فالنساء أنفسهن في العالم الغربي بدأن ببذل المزيد من الجهود النشطة لمساعدة بعضهن البعض، ففي شركات مثل أبل، صن وميكروسوفت، قامت النساء بتكوين مجموعات دعم داخل الشركة، وعلى شبكة الإنترنت تم إنشاء منتدى للنساء الفنيات يضم الآن حوالي 2000 عضوة.
ومن ناحية أخرى، قامت بعض الشركات بزيادة عدد الموظفات الفنيات لديهم حيث إن تلك الشركات استنتجت انه حتى يتم تحقيق الحلم الطويل المدى لجعل أجهزة الكمبيوتر شائعة وسهلة الاستخدام مثل أجهزة التلفزيون ومحمصات الخبز، فإنهم بحاجة لمهندسين بنفس تنوع البيوت الأمريكية.
أيضاً وعلى سبيل المثال، تقوم شركة هيوليت باكارت برعاية مؤتمر سنوي لموظفيها الفنيين من النساء حضره حوالي 2700 امرأة العام الماضي، بينما أن شركة صن ميكرو سيستمز بصدد إقامة أول معرض توظيف لها يهدف لتوظيف النساء والأقليات.
ولكي تتم الاستفادة بشكل كامل من النساء اللواتي يتم توظيفهن في مجال الكمبيوتر، يتعين على هذه الصناعة أن تتجاوز حدود التوظيف وتدخل في مجالات أخرى مثل كيفية تعامل النساء والرجال وما الذي يجعل الموظف تنفيذي مثالي أو كيف يمكن للعمل في التكنولوجية الراقية أن يتعايش مع الحيا ةالعائلية بشكل أفضل.
وتقول كارولين ليتون التي تترأس مجموعة يطلق عليها الشبكة العالمية للنساء في مجال التكنولوجية: «إن الأشياء تتحسن، ولكنها ليست بالمستوى الذي توقعناه، حيث إن الرجال في المناصب العليا لا يزالون يميلون للتوظيف وفقا لمنظورهم بينما لا تلتزم الشركات بتغيير هذا الوضع».
وتضيف تريش ميلينز وهي مهندسة سابقة لدى شركة مايكروسوفت وكانت تعمل في قسم الموارد البشرية بالشركة: «إن توظيف الأشخاص شيء والحفاظ عليهم وتطوريهم شيء آخر، فهذا موضوع إنساني وهذه الصناعة ليست معتادة على التعامل مع الأمور الإنسانية، فهم لا يتعاملون معها ولكن يتعاملون مع التكنولوجية لأنها آمنة».
الفئات الأعلى دخلاً
جدير بالذكر أن الوظائف في هذا المجال تعد من الوظائف المرموقة والمربحة جداً وذلك على مستوى العالم أجمع، فطبقاً لدائرة العمل بالولايات المتحدة سيشكل علماء الكمبيوتر ومحللو النظم اثنين من أربع فئات وظيفية هي الأعلى والأسرع من حيث النمو اعتبارا من الآن حتى عام 2005، فصناعة الكمبيوتر تقدم افضل الرواتب حيث يصل متوسط الراتب بشركات وادي السيليكون لبرامج الكومبيوتر إلى 61 ،1000 دولار، فأجهزة الكمبيوتر قامت بتحويل سلسلة كبيرة من المهن الأخرى بما في ذلك أعمال السكرتارية التي تستخدم ملايين من النساء، وكلما يتم القيام بمزيد من العمل من خلال الشبكات الإلكترونية مثل الإنترنت، تصبح تكنولوجية الكمبيوتر جزءاً رئيسياً من كافة الصناعات تقريبا بدءا من الأعمال المصرفية إلى نشر الكتب، وحذرت بولا هاوثورن، نائب رئيس تطوير المنتج بشركة اليسترا انفورميشن تكنولوجيز وهي شركة صغيرة بمدينة اوكلاند تقوم بتصنيع برامج قواعد البيانات «إذا لم نقم كمجتمع بالسماح للنساء أن يصعدن في هذه المهنة بالغة الأهمية والتي قد تصبح المهنة المسيطرة خلال القرن القادم، فإننا بذلك نجعلهن في المرتبة الثانية دائماً».
المرأة وشبكة الإنترنت
أصبح وضع شبكة الإنترنت هاما بلا شك بما تحمله إلينا من جديد وما تقدمه من خدمات في مجالات مختلفة، وفي حين أن أغلب الخدمات التي يحتاجها الفرد قد أصبحت متاحة على الشبكة العنكبوتية بدءا بالتسوق والبيع والشراء بالإضافة إلى الترفيه والتسلية والاتصال بالآخرين، ونهاية بالاتصال بالدوائر الحكومية وما إلى ذلك من أجل استفسار عن خدمة ما أو عن كيفية إبرام أحد الأمور المتعلقة بالفرد وحتى الاطلاع على نتائج الشهادات الدراسية عن طريق المواقع الخاصة بذلك، وكلما تقدم العالم تكنولوجياً زاد ارتباط الإنسان بهذه الشبكة التي لا غنى عنها الآن، في ظل هذه الظروف ترى ما هو حال المرأة وتعاملها مع شبكة الإنترنت؟.
يبدو أن حجم تعامل المرأة مع شبكة الإنترنت يعكس نفس الصورة التي نراها في كافة مجالات الكمبيوتر الأخرى. ذلك أن الدراسات تؤكد أن نسبة النساء اللواتي تتصفحن الشبكة بشكل مستمر تعتبر أقل من نسبة الرجال، وفي إحدى الدراسات جاء أنه بالرغم من أن نسبة المستخدمات للإنترنت في الولايات المتحدة قد بلغت 51 ،7% من إجمالي المستخدمين إلا أن الرجال يعتبرون أكثر مداومة على تصفح الإنترنت، كما أنهم يقضون وقتاً أطول في عمليةالتصفح واستعراض عدد صفحات أكثر.
حيث جاءت الأرقام الإحصائية لتبين أن متوسط دخول الرجال على الشبكة في فترة شهر قد بلغ 20 جلسة واستمر بقاؤهم على الشبكة لمدة تتجاوز ال 10 ساعات و24 دقيقة استعرضوا خلالها 760 صفحة، أما بالنسبة للنساء فجاءت الأرقام كالتالي: 18 جلسة استغرقت 8 ساعات و56 دقيقة استعرضن خلالها 580 صفحة. كما يستمر التفوق بالنسبة للسيدات على الرجال في مسألة التعامل مع الشبكة في خارج الولايات المتحدة: ففي آسيا بلغ عدد المستخدمات للإنترنت في كوريا الجنوبية حوالي 45% من عامة المستخدمين، ويليها السيدات من سكان إقليم هونج كونج الصيني بنسبة 44% من المستخدمين، بيمنا تأتي سنغافورة وتايوان بنسبة 41 و42%.
ولا يعني تفوق السيدات في مجال الإنترنت على الرجال أو تزايدها أي مؤشر جيد حيث إن تزايد المستخدمين للإنترنت لا يعني ازدياد الخبرة، ففي أمريكا لاتتعدى خبرة المرأة المستخدمة للإنترنت أكثر من 2 أو 3 سنوات، وفي المقابل فإن خبرة الرجال قد تصل إلى سبع سنوات أو أكثر. أما في خارج الولايات المتحدة فقد أصبحت المسألة منتشرة بصورة جعلت الحكومات تبدأ في التحرك تجاه حل هذه المشكلة. ففي إنجلترا أقيم صندوق نقدي مخصوص لتمويل المشروعات والأفكار التي تهدف لجذب السيدات إلى مجال الكمبيوتر وصناعة التكنولوجيا. كما يهدف الصندوق إلى توفير الوظائف المريحة نسبياً للعاملات والتي تسمح لهن بدراسة أو ممارسة مجال الكمبيوتر والانخراط فيه بشكل أكثر كثافة.
الإنترنت والمرأة العربية
وإذا كان هذا هو حال المرأة في العالم ككل فما هو الحال بالنسبة إلى المرأة في العالم العربي، أعني إلى أي حد تتعامل المرأة العربية مع الشبكة العنكبوتية؟.
إن واقع السيدات في العالم العربي بل وواقع الحياة الاجتماعية في هذه البلاد ليوحي بما يمكن أن يكون عليه الوضع. إن التعامل مع شبكة الإنترنت لا يزال يشكل هاجساً مخيفاً بالنسبة لكثير من النساء في العالم العربي وفي بعض الأحيان بالنسبة للرجال أيضاً، فالكثير من الناس وخاصة النساء ينظرن لشبكة الإنترنت على أنها تلك القناة المليئة بكل ما هو مخالف وكل ما هو ممنوع وكل ما هو مغاير للمعايير والأسس التي تربين عليها. ناسين بذلك ما لها من فوائد كبيرة قد تفيدهم حتى في زيادة صلابة عقيدتهم، إنها فكرة كون الشيء سلاح ذو حدين، ولذلك يغفل المجتمع العربي فئة كبيرة من فئاته والتي ينبغي أن تكون مسلحة بسلاح العصر الحديث وعلى دراية بكيفية التعامل معه والاستفادة منه.
أيضاً هناك نقطة أخرى تؤثر في مسألة دخول المرأة العربية في هذا المجال والمشاركة فيه بفاعلية، وهي المستوى المادي. فلا يزال هناك الكثير من البلدان التي لا تصل إلى المستوى المادي المطلوب والذي يسمح لها بتعليم كافة فئات الدارسين هذه الصناعة وتثقيفهم كما يجب. وهذا ما يجعل النساء في سن الدراسة يتجهن إلى التخصص في مجالات أخرى بعيداً عن الكمبيوتر، ناهيك عن أن الناحية المادية قد تدفع رب العائلة مثلاً للتحكم في دخول أحد أولاده في مجال معين أو لا، والغالب ما زال يفضل الرجال مما يضفي طابعاً من التفرقة الجنسية الحميدة غير المضرة على المستوى القريب. بالرغم من ذلك، هناك بعض الدول بدأت في أخذ الخطوات الجادة من أجل دفع فئات السيدات في مجتمعها إلى هذا المجال وصناعته. الأمر الذي يبشر بمستقبل جيد ودماء جديدة في هذا المجال. لا يجب أن ننسى ونحن نتحدث عن المرأة وأهمية مجال الصناعة الإلكترونية والكمبيوتر بالنسبة لها أن نتحدث عن أثر اكتسابها لتلك الخبرات في تربيتها لأطفالها، فإذا كانت هذه هي مقتضيات العصر الجديد وأولى مبادئه، فمن سيلقن هذه المبادئ للأطفال من بنين وبنات؟، بل وكيف ستلقنها لهم وهي لم تتعرف عليها ولم تمارسها قط؟. ولذلك فإن عدم سعي القائمين على تعليم المرأة لجذب انتباه الدارسات والمتخرجات أيضاً إلى هذا المجال فسوف يفقد المجتمع الكثير من طاقاته المنتجة ليس من البنات فحسب ولكن من الشباب أيضاً.

..... الرجوع .....

العنكبوتية
دنيا الاتصالات
وادي السليكون
الالعاب
الركن التقني
الامن الرقمي
تعليم نت
بورة ساخنة
قضية تقنية
دليل البرامج
اقتصاد الكتروني
اطفال كوم
نساء كوم
الطب والتقنية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved