الأحد 28 ,محرم 1430

Sunday  25/01/2009

مجلة الاتصالات والعالم الرقمي العدد 276

Telecom & Digital World Magazine Issue 276

 
موقع الجزيرة بريدنا الإلكتروني الإعلانات أرشيف الصفحة الرئيسية

رؤى

كسر حاجز الويندوز

بقلم/ هـ. ت. غورانسون - ريوجي تاكاكي(*)

مع بداية العام 2009، تبدأ شركة ميكروسوفت في استعراض جيلها التالي من أنظمة التشغيل، وهو ويندوز 7، والذي لا يميزه إلا أنه يكاد يكون نسخة طبق الأصل من كل النسخ السابقة. ولكن ما دمنا ندرك أن الألفة والاعتياد من المسائل المريحة لدى عامة الناس فلن يدهشنا أن نرى مثل هذا الركود في مجال تصميم أنظمة الكمبيوتر.

بيد أن هذا النوع من الألفة المريحة قد يؤدي أيضاً إلى عرقلة التنمية والتقدم. إن الاستخبارات العسكرية تعتمد على التحسين المستمر في وسائل الاتصال، وعلى هذا فهي من بين المجالات التي يشهد فيها تصميم الأنظمة تغييراً مستمراً. وهذه الابتكارات سوف تصب في التيار السائد في نهاية المطاف، لذا فقد نتمكن بإلقاء نظرة سريعة على التجارب الحالية من التعرف على الكيفية التي قد تبدو عليها سبل التفاعل بين أجهزة الكمبيوتر العادية في المستقبل، وعلى ما سنكتسبه من ذلك.

إن المستخدم العادي يتعامل مع التكنولوجيا في أغلب الأحوال باعتبارها واجهة تفاعلية. ونادراً ما ينتبه الناس إلى أن السمات المادية التي يفترضون أنها متأصلة في (الكمبيوتر) كانت في الواقع مجرد محاكاة لأشياء أخرى، مثل لوحة المفاتيح التي يرجع أصلها إلى الآلة الكاتبة، وشاشة الكمبيوتر التي يرجع أصلها إلى التلفزيون.

على شاشة الكمبيوتر يوجد مكتب افتراضي يرجع إلى خمسينيات القرن العشرين، حيث المستندات الورقية وخزانات الملفات وسلة القمامة. وتعرف هذه الصيغة بأيقونات النافذة والمشيرة الشبيهة بالفأر (WIMP)، والتي ظلت بفعل قوى احتكارية تشكل نموذجاً عالمياً منذ ثمانينيات القرن العشرين - وهو تاريخ قديم إذا قيس بسنوات الكمبيوتر.

لقد أصبحت هذه الصيغ من الأمور المُسَلَّم بها، تماماً كما نتقبل لوحة الأرقام في الهاتف ولوحة العدادات في السيارة، والتي تشكل أيضاً واجهة استخدام. ويبدو أنه من السهل أن ننسى أن الهواتف كانت قبل أعوام بلا لوحة أرقام أو حتى قرص دوار - إذ كان على المستخدم أن يلتقط السماعة ويطلب من عامل الهاتف أن يوصله بشخص آخر. ولم يظهر القرص الدوار على الهاتف حتى العام 1919، حين بدأت أول مجموعة من (العلماء المختصين بواجهات المستخدم) لدى شركة ويسترن إلكتريك في التفكير في الشكل الأكثر بديهية الذي ينبغي أن يكون عليه الهاتف.

عند تحسين واجهة استخدام الكمبيوتر فإن الشكل هو الأساس. ولقد رأينا نمطاً جديداً في جهاز iPhone الذي ابتكرته شركة أبل، والذي يسمح بحركات دلالية من الأصابع، ولكن في مجتمع تبادل المعلومات قد يكون إظهار المفهوم جذرياً إلى الحد الذي يجعل أغلب المستخدمين العاديين عاجزين عن إدراكه. فالتصاميم مستوحاة من العلوم الإدراكية، والفنون، بل وحتى الخيال العلمي. ومن عجيب المفارقات هنا أن هذا الميل الحديث يرجع إلى الماضي البعيد، أو إلى المفهوم الياباني التقليدي المعروف باسم Katachi، والذي عاد إلى الظهور باعتباره حركة دولية.

وتعني كلمة Katachi حرفياً (الشكل) باللغة اليابانية، ولكن المفهوم يشتمل على دلالات معقدة ليس لها وجود في لغات أخرى. فالكلمة مركبة من مصطلحين، kata بمعنى (نمط) وchi بمعنى (قوة سحرية)، وعلى هذا فهي تشتمل على ظلال دقيقة مثل (البنية التامة) و(الشكل الذي يحكي قصة جذابة).

وهذا المفهوم الخصب نابع من الثقافة اليابانية القديمة، التي استشعرت التداخل بين الشكل الهندسي والمعنى. ويحمل الرمز الصيني الذي يعني كلمة (شكل) بعضاً من نفس المنطق، ويرجع ذلك إلى استخدامه للصور الرمزية. قبل أربعة آلاف عام وضعت الصين نظاماً للكتابة قادراً على نقل المفاهيم كفكرة وصورة في نفس الوقت. وعلى ذلك فإن مفاهيم مثل (هيكل خشبي) و(جمال) كان يُشار إليها بالرموز، التي تخلق مفهوماً جديداً حين تجتمع، مثل (الشكل).

أرغمت الصين حكومات البلدان التي استعمرتها على تبني هذا النظام التصويري في الكتابة حتى يصبح بوسعها تلقي التوجيهات السياسية، ولكن التحكم في نطق الحروف لم يكن مطلوباً. وعلى هذا فقد كان بوسع الشعوب المستعمَرة أن تحتفظ بجوانب من ثقافاتها المحلية من خلال استخدام نسخ لفظية مختلفة من نفس (الكلمة) المكتوبة، وذلك لأن المعنى العام لم يكن موجوداً إلا في الشكل.

يهتم العلماء المختصون بواجهة المستخدم في عصرنا الحديث بهذا المفهوم، katachi، وذلك لأنه قادر على الكشف عن الكيفية التي يستطيع بها الشكل أن يسهل من عملية تفاعل البشر مع الآلة. ومن بين الأمثلة التقليدية حفل الشاي الذي نشأ في اليابان في أواخر القرن السادس عشر. والصيغة هنا بسيطة - مضيف يقدم الشاي مع بعض الحلوى، والضيوف يشربونه ثم يعربون عن شكرهم؛ وهذا كل شيء.

وكثيراً ما يتحير الأجانب في فهم الأسباب التي تجعل من مثل هذا الحدث البسيط أمراً يتطلب أعواماً من التدريب. بيد أن الدافع وراء هذا الفن مفهوم لدى كل الثقافات: ولنتخيل معاً مضيفاً موهوباً من أي بلد ينجح بأسلوبه السهل في إضفاء جو من الهدوء والسعادة على ضيوفه.

في حفل الشاي، صُقِلَت هذه القدرة حتى تحولت إلى مهارة تجمع بين المواد والمعنى والمزاج. وهؤلاء الذي يتمتعون بقدرة عالية يعرفون كيف يعملون على تحسين خبرة الضيوف من خلال التحضير الدقيق للأدوات، والأحاديث التأملية، والحركات الجسدية الطبيعية رغم خضوعها للسيطرة. إن الحركات البدنية تجسد المعنى المقصود من الحدث، وبهذا تتحول البيئة المحيطة بالكامل إلى مؤشر دلالي. وكثيراً ما تقدم الابتكارات الصغيرة بهذا الأسلوب في الضيافة من أجل إشعار الضيف (المستخدم) بنوع من الخصوصية الذاتية.

إن نظام التشغيل القائم على فكرة الkatachi من شأنه أن يسخر هذا التداخل بين الشكل والمعنى والبيئة. وقد يسمح لك بأن تستشعر (شكل) مفهوم ما من خلال يديك أو أصابعك. أو قد يشير إلى جدارة البيانات بالثقة استناداً إلى دقة مظهرها أو عدم جدارتها بالثقة بسبب مظهرها المشوش، وبهذا يصبح بوسعك تقييمها بمجرد لمحة. وربما تسمح لنا واجهات الاستخدام في المستقبل بالتواصل عبر حواجز اللغة من خلال غمرنا بتركيبات مجمعة من الصور - خليط بين أفلام السينما والعمارة والبريد الإلكتروني.

إن الرموز التعبيرية تمثل الفكر، ولكنها غير قادرة على نقل المعاني الدقيقة والمواقف المعقدة إلا إذا سمحت بمستويات متعددة من الفهم. وقد يكون علماء الكمبيوتر في وضع فريد يسمح لهم بتمكين نوع أكثر ثراءً من الاتصال، بل وربما التمهيد لمستقبل أكثر استقراراً كنتيجة لذلك. ولهذا السبب فلا نملك إلا أن نأمل أن يسعى المزيد من المطورين إلى استكشاف هذا الجانب (المخل بالنظام) من التكنولوجيا أثناء الأعوام القادمة.

(*) هـ. ت. غورانسون كبير علماء إيرل للبحوث العلمية، وكان كبيراً لعلماء هيئة المشاريع البحثية الدفاعية المتطورة في الولايات المتحدة. ريوجي تاكاكي فيزيائي بارز وكان رئيساً لجمعية العلوم ورئيساً لتحرير مجلة journal Forma.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2009. خاص لـ(الجزيرة)

الصفحة الرئيسية

رجوع

حفظ

طباعة

 

صفحات العدد

سطح المكتب

اتصالات

أخبارهم

ألعاب

تكنولوجيا

بانوراما

إضاءة

ريبورتاج

إصدارات

إبحار

سوفت وير

هاكرز

رؤى

بصمة الخروج

 

خدمات الجزيرة

الإعلانات

الإشتراكات

الأرشيف

البحث

جوال الجزيرة

كتاب وأقلام

المنتدي الهاتفي

الطقس

للاتصال بنا

 

اصدارات الجزيرة