Telecom & Digital World Magazine Sunday25/02/2007 G Issue 197
وادي السليكون
الأحد 7 ,صفر 1428   العدد  197
 

من مراقبة النمل إلى الكومبيوتر
البشر يحاولون توقع العاصفة

 

 

عام 350 قبل الميلاد كتب تلميذ ارسطو الاغريقي ثيوفاريس: (عندما يحمل النمل طعامه إلى اعلى الجبل، ينزل المطر، وعندما يحمل طعامه إلى اسفل الجبل، يصفو الجو). ورصد العرب أياماً محددة في شهر تشرين الأول، واعتبروا كل ساعة منها مماثلة لوضع الطقس في يوم كامل من فصل الشتاء، ويطلق عليها اللبنانيون اسم (البواحير). واستمر البشر في محاولة توقّع هطول المطر وحصول العواصف إلى ان بدأت الجيوش بدخول ميدان التوقعات فاصبحت المسائل أكثر جدية. لقد أدخلت الجيوش إلى مجال رصد الطقس أحدث الوسائل وأنفقت على الدوائر المختصة في مراقبة الطقس مبالغ طائلة.

توقع العاصفة

من جهة أخرى دفعت التغيرات المناخية العالمية ومشكلة الأوزون والتصحّر والأعاصير المدمّرة العلماء من مختلف أقطار العالم إلى البحث عن أي وسائل حديثة لمساعدتهم في أبحاثهم ومساعيهم لمساعدة الناس في الكوكب. وفي هذا الإطار تمكنت المعلوماتية المبنية على تكنولوجيا الاتصالات والكومبيوتر والأنظمة الرقمية والبرامج التطبيقية من ممارسة دور متزايد وخصوصا في مجال رصد نتائج التغيرات المناخية، وتحديدا تغير معالم الطبيعة في الكوكب. لكن الدور الأبرز الذي يوليه العلماء اهتماما خاصا لدى الأنظمة المعلوماتية هو رصد العواصف وتوقعها. فالعواصف تهدد البشر وتتسبب بحصول وفيات وتشرد وأمراض وسواها من التأثيرات غير المرغوبة. ونتيجة للتطور الهائل في مجال الكومبيوتر وبرامجه فقد بات ممكنا اليوم توقع حصول العواصف أو بالأحرى حركة العواصف وتشكلها قبل أيام من حصولها. وساهم هذا التطور في مساعدة السكان من جهة، وتسهيل حركة النقل الجوية، البرية والبحرية من جهة أخرى. ونظرا إلى أهميتها لامست تجارة دراسة الطقس وتوقعاته في الولايات المتحدة عام 2005 حدود المليار دولار، وعملاء هذه التجارة هم مثل الشركات الزراعية وشركات الملاحة والطيران والسفر والتزلج والتنقيب عن البترول وقطع الاخشاب وغيرها.

دور الجيوش

يقول البعض ان التنبؤ بالطقس ما كان ليتقدم إلى وضعه الحالي، لولا مساهمة فنيين عسكريين اميركيين في هذا المجال، بسبب اهمية الطقس في الحروب. وقد أسس سلاح الاشارة في الجيش الاميركي عام 1882م، (خدمة الطقس الوطنية)، التي ظلت تدير حتى اليوم تنبؤات الطقس في اميركا وفي باقي العالم. كما حاول جون فنلي، الخبير الفني العسكري الاميركي في ذلك الوقت معرفة خط سير العواصف، وخصوصاً (التورنيدو). لكن مسؤولين في ولايات اميركا الوسطى، مثل كنساس، التي اجرى فيها ابحاثه، خافوا من اثبات ان مناطقهم مهددة بالعواصف، لأن ذلك سيقلل هجرة الاميركيين نحو الغرب ليحلوا مكان الهنود الحمر. وجمّد العسكريون المشروع. ومضت 60 سنة قبل العودة إلى الابحاث. ولاحقاً تحولت (خدمة الطقس الوطنية)، التي اسسها العسكريون قبل 120 عاما، إلى (ادارة المحيطات والفضاء الخارجي) NOAA. وهي موجودة في مبنى طقس العالم World Weather في كامب سبرنغ - ولاية ماريلاند. وتملك اكبر كومبيوتر في العالم لمعالجة معلومات الطقس والتنبؤ به وتنسق NOAA مع (منظمة الطقس الدولية) التابعة للامم المتحدة لجمع المعلومات ودراستها وتوزيعها.

مراكز الرصد

تعمل اليوم حول العالم عشرات الشبكات المؤلفة من الأقمار الاصطناعية ومراصد للفضاء الداخلي للأرض مع رادارات ومراكز التدقيق بالحرارة وأجهزة موزعة على الطائرات، إضافة إلى مراكز رصد كميات المياه الهاطلة. مهمات هذه المنظومات تتنوّع بتنوّع اهتماماتها، فهناك العسكري، والخاص بنقل البضائع، وغيرها محدد مثلا بمراقبة ذوبان الثلج في القطبين. لكن المهم في كل هذه الشبكات: الخدمة التي تقدمها للبشر. ولولا وجود هذه الشبكات لربما حصلت كوارث كبرى وأدت إلى وفاة المئات أو ربما الآلاف من البشر. ويكفي ان نعلم ان مراكز رصد العواصف في الولايات المتحدة استطاعت ومنذ أعوام ان تحذر سكان الولايات من الأعاصير المحتملة او المتنقلة وتوجيههم إلى الأماكن الأكثر أمنا.

(المتنبي) الرقمي

في كل هذه الشبكات ثمة دور محوري متنام لجهاز الكومبيوتر وشبكات الاتصالات. فالحاسب هو المؤهل الوحيد لاستقبال المعلومات الهائلة من كل مراكز الرصد والمراقبة الجوية في العالم عبر الأقمار الاصطناعية. ويشهد الكمبيوتر الموجود في مبنى (طقس العالم) على أهمية المعلوماتية في معالجة البيانات التي تأتي من مئات المصادر، وعلى فاعلية انظمة المعلومات في تقديم تقارير دقيقة تتنبأ بالأحوال الجوية حول العالم.

وتقول مصادر في (المنظمة العالمية للأرصاد الجوية) أن ثمة أهمية متزايد لخدمة إدارة البيانات الخاصة برصد الأحوال الجوية. وتضيف المنظمة في أحد تقاريرها ان سبب إنشاء مركز إدارة البيانات يعود إلى أهمية تأمين نظام متكامل لإدارة البيانات بحيث يكون قادراً على توفير بيانات ونتائج وتقارير بمستوى رفيع من الجودة، تشمل كل عمليات الرصد في مجال الأرصاد الجوية والبحرية والرصد الأوقيانوغرافي.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة