Telecom & Digital World Magazine Sunday25/03/2007 G Issue 201
ريبورتاج
الأحد 6 ,ربيع الاول 1428   العدد  201
 

مرآة حمام تظهر حركة الأسهم.. أطرف المعروضات
حضور عربي متواضع بمعرض (سيبيت) لتقنية المعلومات

 

 

اختتمت مؤخراً فعاليات معرض (سيبيت) لتقنية المعلومات والاتصالات الذي عقد في مدينة هانوفر الألمانية في الفترة ما بين 15 -21 مارس - آذار الجاري. ويعد هذا المعرض أهم المعارض العالمية في مجال الكمبيوتر والاتصالات والتقنيات الرقمية، فهو ما زال يجذب عدداً كبيراً من العارضين والزوار. ويتوقّع أن يشارك في معرض هذا العام أكثر من 6000 عارض من 77 دولة. وتملك القارة الآسيوية نصيب الأسد من عدد العارضين، لأنها تشارك بأكثر من 1600 عارض هذا العام. ويلاحظ أن دول شرق أوروبا قد بدأت في اقتحام السوق الإلكترونية بتقدم عدد كبير من شركاتها لحضور المعرض وتضاعفت المشاركة البولندية والروسية هذا العام. ونظراً لاكتساب روسيا أهمية متزايدة كدولة منتجة ومستهلكة لتكنولوجيا المعلومات، فقد اختارتها إدارة المعرض لتكون شريكة المعرض الرئيسية لهذا العام. وفي هذا الإطار تقول الجمعية الألمانية لتكنولوجيا المعلومات إن أكثر من عشرة آلاف فرصة عمل ألمانية في هذا القطاع تعتمد على الصادرات لروسيا. ومن ناحيتها تدعم الحكومة الروسية تخصيص مناطق صناعية لهذه التقنيات، ويؤكّد وزير الاتصال الروسي ليونيد ريمان أن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات ستكون مورد الثورة الرئيسي لروسيا.

تعد المشاركة في معرض سيبيت من الضروريات المهمة لكثير من الشركات الطامحة للدخول إلى ميدان العالمية، ومن هذا المنطلق تشارك العديد من الدول العربية بشكل دوري في معرض سيبيت (CeBIT) وقد أدركت بعض الشركات العربية مدى أهمية هذا المعرض لمواكبة التطور التي يشهده قطاع الاتصالات العالمي. وفي هذا الإطار تبدي الدول العربية اهتماماً متزايداً به من سنة إلى أخرى. ولتحقيق هذه الغاية قامت مجموعة سيبو السويسرية بفتح باب المشاركة أمام بعض الشركات العربية الصغيرة للمشاركة في المعرض. وفي القاعة الرابعة في المعرض اجتمعت عدة شركات من دول مختلفة في جناح خاص بالمجموعة السويسرية سيبو، أو البرنامج السويسري لدعم الاستيراد، وهو برنامج يدعم الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم في الدول النامية ليساعدها على تصدير منتجاتها للسوق الأوروبية. ومن بين الشركات التي جاءت في هذا الإطار شركة الطارق للنظم والمشاريع من فلسطين.

كذلك لم يعد حضور الشركات العربية فعاليات المعرض من باب الرغبة بالاطلاع على مستجدات قطاع المعلوماتية. فخلال السنوات الأخيرة تطور هذا القطاع في العديد من الدول العربية التي برزت فيها شركات رائدة على هذا الصعيد. وقد أثبت العديد منها قدرته على الحضور في الأسواق العالمية من خلال برامج وخدمات متنوّعة. ويبرز من بينها الخدمات التعليمية والبنكية والمكتبية والعلمية. وتستغل الشركات العربية المعنية حضور المعرض لعرض برامجها وخدماتها بغية توسيع دائرة زبائنها وشركائها. ومن خلال الندوات والمؤتمرات التي يشهدها تستطيع الاطلاع على آخر تطورات قطاع المعلوماتية بغية الاستفادة من ذلك في تطوير أعمالها. وعلى صعيد آخر تسعى هذه الشركات ومعها الوفود ورجال الأعمال والمستثمرين العرب لاستغلال فعاليات المعرض من أجل جذب المستثمرين للنشاط في المنطقة العربية من خلال تشجيعهم على إقامة المشاريع المشتركة.

دعاية ناجحة

وتدعم المجموعة السويسرية الشركات بتوفير المكان للعرض وبالتكفل بمصاريف الإقامة، كما تأخذ على عاتقها إقامة الكثير من الحفلات والفعاليات الجاذبة للزوار، وهو ما يجعل المشاركة من خلاله أفضل كثيراً بالنسبة للشركات الصغيرة. وهذا ما شجع الشركة الأردنية اسكادينيا للبرمجة للتواجد في جناحها، حيث يرى بعض المشاركين في المعرض أن الدعاية والأنشطة التي يقوم بها برنامج سيبو تسهل لهم عمليات الاتصال بالشركات المختلفة، كما أن حجم الجناح كبير ومُقام بطريقة جذابة. ولا سيما أن مكان إقامة الجناح في القاعة الرابعة من المعرض، حيث وجود أجنحة الشركات الكبرى، يزيد من إمكانية عقد الاتفاقات مع الشركات الأخرى. ويعد التسويق لمنتجات الشركات العربية المشاركة في المعرض، إضافة إلى تصدير خدمات البرمجة الهدف الأكبر الذي تضعه هذه الشركات نصب أعينها، وعلى وجه الخصوص تلك المشاركة في إطار جناح سيبو.

مكسب متبادل

أما شركة اي نولدج - تكنولوجيا المعرفة، وهي شركة مساهمة مصرية تصدر خدمات البرمجة وتقدم حلول التعليم الإلكتروني، فتشترك في إطار برنامج مماثل تموله وزارة الخارجية الهولندية وهو مركز دعم الصادرات من الدول النامية المعروف ب(سي.بي.ايه). وقد اختار المركز الهولندي الشركة المصرية لتمثّل مصر في هذا المعرض، وهو ما يشكّل فرصة لها للتطور، حيث إنها شركة صغيرة قائمة على تصدير خدمات البرمجة بمستوى جيد، وشركة سي بي أيه تساهم في تنمية قدراتها لنصبح أكثر قدرة على التصدير، من خلال تشجيع حضور المعارض العالمية وغيرها من أنواع الدعم.

وفي هذا الإطار، يرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن هذه الفائدة متبادلة، حيث إن هناك حاجة أوروبية لخبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات، كما أن هناك بالمقابل حاجة من قبل شركات دول العالم الثالث للتطور، التي يملك بعضها القدرات البشرية ذات الكفاءة العالية، وقدرتها الرئيسية هي تصدير الخدمات بتكلفة أقل. فهم يبحثون عنا كما أننا نبحث عنه، فالمصالح متبادلة. والجدير ذكره أنه لا يتجسد الاهتمام العربي بمشاركة أعداد من العارضين وحسب. فقد حضرت أيضاً العديد من الوفود الرسمية إضافة إلى عدد مهم من رجال الأعمال المهتمين بقطاع الاتصالات والمعلوماتية والاستثمار فيه.

أبرز المعروضات

ويمكن تلخيص ما قدّمه سيبيت هذا العام لزائريه من منتجات بهاتين الصفتين: الأفضل شكلاً والأسرع في الوصول إلى الهدف. فمعظم التقنيات المقدّمة ليست جديدة تماماً، لكنها تعد بمثابة تحسين لتقنيات عرضت في الأعوام الماضية. ومن أهم ما قدّمه العارضون هذا العام التلفاز ذو الدقة العالية الكاملة أو Full HD، والذي تصل دقة صورته إلى1920X 1080)، حيث جذب الشاشات العملاقة المسطحة الجماهير خاصة من الشباب. لكن هذه الأجهزة بالطبع لا تصلح إلا في حالة توافق تقنية المعلومات المرسلة مع تقنية أجهزة الاستقبال سواء الإرسال التلفزيوني أو جهاز دي في دي عالي الدقة أيضاً. أما فيما يخص البث التلفزيوني على الهواتف الجوالة، فقد كانت تقدّم للمستهلك حتى الآن صوراً دون المستوى، لكن بعض الشركات سعت إلى إعطاء هذه التقنية فرصة جديدة خلال المعرض. وقد ساعد الموديل الجديد للهواتف الجوالة في الوصول إلى هذا الهدف.

فهذا الجيل الجديد من الهواتف يعتمد على تقنية الHSDPA، والتي تبشّر بالوصول إلى سرعة استقبال تصل إلى 7.2 ميجابيت في الثانية، سيحسن استقبال البث التلفزيوني عبر الهواتف الجوالة بشكل كبير. وفي الصدد قدمت شركة فودافون نموذجاً لشبكة تعمل بهذه التقنية خلال المعرض. أما بالنسبة للأطفال والشبيبة، فجذبهم الجيل الثالث من البلاي ستاشين Play Station 3 بتقنية البلو راي والذي تقدمه شركة سوني، وخصوصاً أن ثمنه يعتبر معقولاً. كذلك تقدم لهم شركة توشيبا جيلاً جديداً من الألعاب على أقراص (ال دي في دي) عالية الدقة HD-DVD.

كما تمكن زائر معرض (سيبيت) للتكنولوجيا هذه السنة من الاطلاع على آخر الاختراعات الغريبة والطريفة التي يمكن أن تغيّر حياته كمرآة الحمام التي تظهر حركة سوق الأسهم أو السيارة التي تتجاوب مع صوت سائقها.

والآن بات بوسع أي شخص أن يسأل مرآة الحمام عما إذا كان أصبح ثرياً. فقد طورت شركة أد نوتام الألمانية مرآة للحمام يمكن استخدامها إلى جانب الأغراض الاعتيادية في متابعة تذبذب الأسهم في وول ستريت أو في أي بورصة عالمية بفضل نظام إلكتروني متطور يربط هذه المرآة بحركة البورصة. أما محبو الرقصات الفلكلورية البافارية فبات بإمكانهم من خلال سروالهم القصير التقليدي الاتصال بالعالم مع تزوّد حمالات هذه السراويل بلاقطات للصوت وأرقام تخفي تحتها نظاماً هاتفياً متكاملاً. هذا السروال يتيح لمرتديه أن يجري اتصالات في أي وقت كان دون أن يتخلى عن عراقة المظهر التقليدي للسروال أو يشوهه بإكسسوارات من عصرنا الحديث. أما للذين سئموا من نادلي المطاعم البطيئين فتقترح جامعة راتسينبون على زائري المعرض شاشة تفاعلية تمكن رواد المطاعم من تأكيد اختيارهم للطعام واطلاع المطبخ عليه على الفور بحيث لا يضطرون إلى انتظار النادل والمعاناة من الجوع إلا أن ذلك سيجعلهم يضحون ربما بدفء التواصل الإنساني.

ولمدمني الهواتف الجوالة الذين غالباً ما تنتهي اتصالاتهم بصداع وألم في الأذن وببطارية فارغة في جهازهم طورت شركة اوربن تول النمساوية لهم وسادة حديثة تخفي هاتفاً في داخلها يسمح لليدين بأن تكونا حرتين وللرأس بان يرتاح... ولا خوف من بطارية تنضب. كما أن محبي الثرثرة بات بإمكانهم التحدث مع سياراتهم، إذ عرض المعهد الألماني للأبحاث حول الذكاء الاصطناعي في (سيبيت) سيارة رياضية من طراز (بي أم دبليو) يمكنها أن تفهم بعض الأوامر الصوتية من سائقها وأن تتجاوب معها على الفور.

ومن هذه الأوامر (أشعر بالحر) (أريد أن أسمع هذا الألبوم) (أرني الطريق حتى محطة الوقود المقبلة). إلا أن السيارة الألمانية تفهم فقط لغة بلدها واللغة الإنكليزية وهي تتطلع إلى تعلم المزيد من اللغات. من جهته أخذ معهد فرونهوفر بعين الاعتبار ظاهرة ارتفاع عدد المسنين في المجتمع فقدم نموذجاً ل(الشقة الذكية) التي تبدو شديدة الانتباه لاحتياجات كبار السن ورفاهيتهم. فإذا نسيت الجدة عصاها في المنزل ستسمع من الآن فصاعداً صوتاً عبر مكبر للصوت يذكرها بأخذها، أما إذا لم تستجب فسوف يتم طلب سيارة إسعاف بشكل تلقائي. أما الأكواب في هذه الشقة فيمكنها تذكير المسنين بوجوب شرب الكثير من الماء خاصة في أوقات الحر الشديد فيما سيتمكن البراد من التأكد من عدم انتهاء مدة المنتجات الطازجة كالحليب واللبن.

أنشطة وفعاليات

ورغم أن معرض سيبيت ركَّز على شرائح الجرافيك والهواتف الجوالة وأجهزة التليفزيون والكمبيوتر المحمول المزوّدة بأحدث التقنيات، إلا أنه احتوى أيضاً على قدر كبير من الأنشطة والفعاليات التي جذبت اهتمام الزائرين.

إنه لم يقتصر على الشركات العارضة وواجهات العرض فحسب، بل سيتضمن أنشطة وفعاليات أخرى كثيرة. حيث تضمن برنامج المعرض ندوات ومحاضرات وعروضاً خاصة، فنظم مركز مؤتمرات هانوفر بالتزامن مع المعرض مؤتمراً عن مستقبل وسائل الإعلام، وركز بصفة خاصة على تأثير التقنية الرقمية على صناعة الإعلام. كما ضم المعرض مساحة مخصصة للتسوّق موزعة ما بين صالات عرض 19 و23 و16 و17 ، حيث أمكن للزائرين شراء الهدايا التذكارية التي تميّز مدينة هانوفر. ورغم أن المعرض أغلق أبوابه كل يوم في السادسة مساء، إلا أن كثيراً من الشركات العارضة نظمت احتفالات استمرت حتى العاشرة مساء. كما نظّمت شركة ميسه إيه.جي المنظّمة للمعرض بعض الأنشطة في قاعات الاجتماعات.

أزمة (سيبيت)!

يبقى معرض سيبيت أكبر معرض في مجال التكنولوجيا والاتصالات في العالم، وذلك على الرغم من تراجع عدد العارضين فيه إلى حد كبير عن السنوات الماضية. لكن المعرض يمر بأزمة تتضح مثلاً في تراجع حجوزات الفنادق، التي كانت في الماضي تحجز بالكامل قبل أشهر من انطلاق المعرض. كما تتضح أيضاً في تنازل الكثير من شركات الاتصالات والإلكترونيات عن حضور المعرض بسبب ما تمر به من أزمات اقتصادية مثل شركة الهواتف الجوالة بن - كيو، بالإضافة إلى المنافسة الكبرى التي يلقاها المعرض من قبل معارض أخرى انتشرت في السنوات الماضية. ومن جهتها تسعى دوماً إدارة المعرض إلى التوفيق بين ذوق الجمهور وذوق المتخصصين: فمعرض سيبيت اشتهر بتطبيقاته التي تجذب المستهلكين من كل الأعمار، كما تجذب المتخصصين الذين يحضرون من كل مكان لإجراء الاتفاقيات. لكن الكثير من الزوار أصبحوا يقبلون أكثر على معارض أخرى أكثر تخصصاً وأقرب إلى رغبتهم مثل معرض إيفا في برلين للتطبيقات الإلكترونية ومعرض فوتوكينا في كولونيا، الذي يتخصص في كل ما يخص التصوير أو معرض 3GSM بالنسبة لشركات الاتصالات. وقد يكون على إدارة المعرض إيجاد فكرة جديدة لتستمر في جذب جماهيره، حتى لا يفقد المعرض مركزه الريادي على المستوى العالمي.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة