الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 25th June,2006 العدد : 168

الأحد 29 ,جمادى الاولى 1427

يثير أفكاراً حول تحويل عملاق البرمجيات إلى خدمات الويب وصناعة الإعلانات
خليفة بيل جيتس في (مايكروسوفت)..مَن هو.. وكيف يفكر ؟

* إعداد محمد يوسف
أزمتها حامية، وتلتهب يوماً بعد يوماً.. أسهمها تعرضت لضربة (خفيفة)، لكنها هزت التوقعات المتفائلة.. ابتكاراتها شحيحة، ونموها يسير سير السلاحف.. شركات الإنترنت الجديدة تنتج وتطور منتجات وخدمات أفكارها بسيطة جداً، لكن نتائجها ليست بسيطة على الإطلاق.. المستثمرون فقدوا اهتمامهم، وتقارير وول ستريت بردت إيمانها بها.. ثم قبل كل هذا وذاك، قرر بيل جيتس التنحي جانباً، والتوقف عن مباشرة المهام اليومية التي اعتاد عليها في (مايكروسوفت) لمؤسسته الخيرية المعروفة باسم (مؤسسة بيل ومانديلا جيتس)، وسوف يستمر هذا القرار حتى عام 2008م.
تلك باختصار أبرز التحديات التي تواجه عملاق البرمجيات (مايكروسوفت).
هل تعيش (مايكروسوفت) أزمة بقاء، أم أن الأزمة في (الريادة) التي قد تنتقل، لسبب أو لآخر، إلى اسم أو ملعب آخر، أم أن الأمر برمته مجرد زوبعة في فنجان؛ أقصد في وادي السيلكون؟ تفاصيل الإجابة عن هذا السؤال الفضفاض تحكيها لنا قصة استقطاب واحد من ألمع (الأدمغة) في سياتل إلى كتيبة (مايكروسوفت) التي تحارب، الآن، على أكثر من جبهة، في وقت واحد، في معركتها الضارية؛ للاحتفاظ بريادتها في صناعة البرمجيات.. اسمه (راي أوزي)، ويتحدثون عنه بوصفه خليفة بيل جيتس في (مايكروسوفت).. فمن هو راي أوزي هذا؟ ولماذا استقطبته (مايكروسوفت)؟ ومن أين جاء؟ وما المهمة المستحيلة التي ألقيت على كاهله؟ وهل سينجح؟ وهل هو (جيتس جديد) مستنسخ من جيتس القديم؟ وكيف يفكر؟ وما رأيه في (مايكروسوفت) بعد هذا العمر الطويل من الريادة والهيمنة والنجومية؟ وهل يعمل هذا الوافد الجديد على ردّ الشيخوخة عن كاهل (مايكروسوفت) التي لم تدخل بعدُ العقد الرابع من رحلة العمر؟
(الرجل الجديد) في (مايكروسوفت) له قصة، تفاصيلها مثيرة، كاشفة، وتعطينا صورة دقيقة عن الوجهة الجديدة ل(مايكروسوفت)، إلى أين تتجه، ومن يقود الدفة الآن.
في يونيو من العام الماضي، استدعى ستيف بالمر، الرجل الثاني إدارياً بعد جيتس، 15 مديراً من كبار المديرين التنفيذيين في (مايكروسوفت)، للاجتماع بهم في بيت ريفي يرجع تاريخه إلى القرن التاسع عشر، ولا يبعد عن مقر الشركة إلا بضعة أميال. كان موضوع الاجتماع عاجلاً، ساخناً، لا يحتمل أي تأجيل أو تباطؤ من جانب المدعوين إلى الاجتماع. ما الموضوع؟ ياهو، وجوجول، وكل هذه الشركات الصاعدة بقوة الدفع الذاتي، ثم هذه القاعدة الهادرة من العملاء على سطح المعمورة، ثم تلك الأرباح التي تتراقص في الأفق من منتجات وخدمات فكرتها بسيطة ونتائجها خطيرة، ثم ذاك الحماس الذي ينبعث من قرارات المستثمرين، ويوصي بالابتعاد عن (اللعبة) التقليدية لبيع البرمجيات (هذه اللعبة حققت ل(مايكروسوفت) الريادة والهيمنة التقنية والمالية على مدار تاريخها لأكثر من ربع قرن). إذاً، ما حكاية هذه اللعبة الجديدة التي يقبل عليها المستثمرون الجدد؟
باختصار.. هي نشر البرمجيات على الإنترنت، والاعتماد على بيع خدمات مدعومة في المقام الأول بالعوائد التي تدرها إعلانات الإنترنت وخدمات الويب، مثل خدمة البحث على شبكة الإنترنت، أو المشاركة في الوسائط المتعددة، وتحديداً ملفات الصور والموسيقى. لعبة جديدة تماماً، وقواعدها تختلف كل الاختلاف عن القواعد المتبعة في صناعة البرمجيات التقليدية. وهذا بالفعل ما يثير قلق (مايكروسوفت)، وربما حنقها.. منْ يدري؟ فبدائل الويب الجديدة بدأت بالفعل في الوصول بحالة القلق لدى (مايكروسوفت) إلى مرحلة نفاد الصبر وفقدان الأعصاب، وبدأت تفرض الكثير من التكهنات وعلامات الاستفهام التي لا يملك أحد، داخل (مايكروسوفت) أو خارجها، القدرة على القطع بإجابتها.
مثلاً: هل (مايكروسوفت) على وشك التخلي، قسراً لا اختياراً، عن القمة؟ إن كانت الأمور تسير في هذا الاتجاه، فما العمل لإنقاذ الموقف والبقاء على رأس الهرم؟ هل يتعين على (مايكروسوفت)، مثلاً، التحول إلى صناعة الإعلانات، واعتمادها واحداً من موارد الدخل في كل أفرع الشركة وأذرعها؟ أسئلة مصيرية، لا شك، وسترسم، حتماً، مستقبل (مايكروسوفت)، ومستقبل صناعة البرمجيات برمتها، خلال العقد المقبل.
نقلة نوعية كبيرة
في هذا الاجتماع الطارئ الذي عقده بالمر مع أرفع مديري (مايكروسوفت) التنفيذيين، وجد المجتمعون أنفسهم إزاء تحدٍ لم يواجهوا مثله من قبل: لا بد من الخروج بقرارات فارقة للإجابة عن هذه الأسئلة المصيرية.
ورغم الشكوى من برودة المكان، ورداءة الطعام، والجلوس على طاولة لامية الشكل داخل غرفة صغيرة ضاقت بالجالسين على الطاولة، ظل المجتمعون 14 ساعة، في جلسة متقشفة خالية من أي أثر للرفاهية أو الراحة، يتعاطون موضوعات غاية في الحساسية والملل والصعوبة، مثل: ما أفضل نماذج تحقيق العوائد؟ ما اتجاهات العملاء الجديدة؟ ماذا عن مستقبل الإنترنت؟ حجم الفرصة التي تخلقها صناعة الإعلانات؟ وأخيراً، وأهم من كل هذا، كيف نغيرها، (مايكروسوفت) الأم هذه؟ شيئاً فشيئاً. وبعد شدّ وجذب، اتفق المجتمعون على بدهية أرهقت أذهانهم وألسنتهم من كثرة الكلام والشرح: (مايكروسوفت) تحتاج إلى نقلة نوعية كبيرة.. كبيرة جداً. ويتذكر أحد الذين شاركوا في هذا الاجتماع الطريقة التي عرض بها بالمر هذه البدهية، ويقول: (في نهاية الاجتماع، وقف بالمر. كان واضحاً كل الوضوح فيما قاله. مشى في الغرفة، ثم قال لنا: إن كان لدى أي منكم مشكلة أو أمر ما يودّ عرضه على طاولة الاجتماع، فليفعل الآن دون تردد).
لكن منْ كان قائد الخطة الاستراتيجية التي تمخضت عن هذا الاجتماع؟ ليس بالمر، وجيتس ذاته لم يحضر هذا الاجتماع، على أهميته وحساسية توقيته. القائد كان راي أوزي، بل ترأس هذا الاجتماع الفارق في تاريخ (مايكروسوفت) ولم يكن قد مضى على
ترأس راي أوزي هذا الاجتماع الفارق في تاريخ مايكروسوفت ولم يكن قد مضى على انضمامه للشركة أكثر من شهرين . لكن جيتس كان قد منح هذا العضو الجديد كل ثقة في تشخيص حالة "اللاسقوط واللارتفاع" التي تمر بها مايكروسوفت
انضمامه إلى الشركة أكثر من شهرين. لكن جيتس كان قد منح هذا العضو الجديد كل ثقة في تشخيص حالة (اللا سقوط واللا ارتفاع) التي تمر بها (مايكروسوفت)؛ فمن اللحظة الأولى التي وضع فيها أوزي (سيرته الذاتية تقول إنه في الأساس مبرمج، وصاحب برنامج (لوتس نوتس)، أحد أكبر الإنجازات التاريخية في صناعة البرمجيات، والمنافس القديم ل(مايكروسوفت) أوتلوك) قدمه داخل أروقة (مايكروسوفت)، وهو يحظى بثقة استثنائية من جانب جيتس، بل صار نائبه الذي يحل محله في اتخاذ كل القرارات الاستراتيجية التي تخرج من وقت لآخر لتحدد مصير (مايكروسوفت). وبعد هذا الاجتماع، اتسعت دائرة المسئوليات الملقاة على عاتق أوزي. هذا الرجل، بشعره القطني، والبالغ من العمر خمسين عاماً، والمعروف بين زملائه بصوته الخافت، صار رأس الحربة في معركة التحول التي تخوضها (مايكروسوفت) الآن مع نفسها.
نمو متكلس
وصل أوزي، إذاً، (مايكروسوفت) في وقت شدة، في وقت أزمة تأخذ بخناقها من كل جانب؛ فإلى جانب متاعب المنافسة المعتادة، تتعرض الشركة لموجة من المواقف المحرجة التي تهز سمعتها، وتعرضها للانتقاد في بعض الأحيان، والشماتة في أكثر الأحيان. خذ على سبيل المثال تأجيل ميعاد تدشين الإصدارات الحديثة من ويندوز وأوفيس لأكثر من مرة (آخر كلام حتى الآن نهاية 2007).
أما الأكثر إحباطاً وإثارة للقلق فيأتي من أسعار أسهم الشركة التي أصيبت بحالة من التكلس منذ عام 2002؛ فأكثر التقارير، إن لم يكن كلها، الصادرة عن شارع المال والأسهم الأشهر (وول ستريت) لم تعد تقتنع أو تؤمن بأن (مايكروسوفت) أقوى شركة في سوق الأسهم، أو أنها (الصفقة الرابحة) على حد الوصف الذي كان يطلقه المعلقون الماليون على (مايكروسوفت) في وقت من الأوقات.
صحيح أن الشركة ما زالت تواصل جني الأرباح، وتزداد أرباحها بنسبة 33 في المئة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ووصلت أرباحها في عام 2005 إلى 12.3 مليار دولار أمريكي، بصافي ربح بلغت نسبة نموه 31 في المئة، إلا أن عوائد العام الماضي لم تزد على 39.8 مليار دولار أمريكي، أي أنها لم تزد إلا بنسبة 8 في المئة فقط. هذا التكلس في النمو جعل المستثمرين يتجهون شطر (جوجول) التي حققت أرباحاً وصلت إلى 6.1 مليار دولار أمريكي، وهي أقل مما حققته (مايكروسوفت)؛ إلا أن هذه الأرباح تحققت بزيادة نمو بلغت نسبتها 92 في المئة! كما أن جوجول تعد، كما يرى كثيرون، أبرز وأنشط لاعب في جيل صناعات الإنترنت الناهضة بقوة الآن، وتسير بخطى رشيقة جداً في سوق المعلومات وسوق الأسهم، على حد سواء. وإلى جانب معضلة النمو المتكلس هذه، تواجه (مايكروسوفت) إشكاليات استراتيجية تمسّ جوهر صناعتها بشكل عام، منها، مثلاً لا حصراً، كيفية الدفاع عن موقفها في معركتها مع صناعة برمجيات المصدر المفتوح open-source software والتي خرجت عن حدود الولايات المتحدة، ووصلت إلى أماكن أخرى من العالم، أوروبا تحديداً (لا داعي لأن نخوض في تفاصيل قضية الاحتكار المرفوعة من جانب الاتحاد الأوروبي على (مايكروسوفت)؛ فهذه قصة أخرى).
هناك أيضاً إشكالية التوصل إلى استراتيجيات تمكن (مايكروسوفت) من إثبات فشل المزايا والمكاسب التي تحققها شركات الإنترنت، وعلى رأسها جوجول وياهو، في كل منتج أو خدمة جديدة تطورها تلك الشركات؛ فالعملاء الذين يستخدمون البرامج المنشورة على الإنترنت يمكن ترضيتهم وتهدئة
مخاوفهم من خلال إتاحة شفرة المصدر الخاصة بتلك البرمجيات على شبكة الإنترنت بصورة مركزية، مع تحديثها باستمرار.
أما (مايكروسوفت)، وعندما تبدأ في إدخال أي تغيير أو تحديث على منتجاتها من البرمجيات، تضطر في أكثر الأوقات إلى توزيع شفرة المصدر على مئات الملايين من مستخدمي الكمبيوتر الشخصي الذين يعيشون على نظم التشغيل والبرمجيات التي تطورها وتنتجها (مايكروسوفت). ولعل هذا هو السبب الحقيقي الذي يجعل (مايكروسوفت) مقلة إلى حدّ الشح في تطوير المنتجات الجديدة فمثلاً، (ويندوز فيستا) المزمع إطلاقه في نهاية 2006 يعد أحدث منتجات (مايكروسوفت) منذ إطلاق (ويندوز إكس بي) في نهاية 2001م.
هل نقول إن إيقاع التطوير والتجديد في منتجات (مايكروسوفت) يمشي مشية السلاحف؟ ربما. ديك لابمان، رئيس مختبرات الأبحاث في هيوليت باكارد وأحد الذين خدموا في صفوف (مايكروسوفت) فترة طويلة تمتد لعقدين تقريباً، له رأي دال في مسألة إيقاع (مايكروسوفت) في تقديم الجديد. يقول لابمان: (أنا لا، ولن، أقلل من شأن الفريق الذي يعمل في (مايكروسوفت)، لكن حتى هذه اللحظة، يبدو أن إيقاع التغيير داخل (مايكروسوفت) يسير ضد مصلحتهم).
بالطبع، جيتس وبالمر يكرهان أشد الكره سماع مثل هذه الأقاويل، فما بالك بمناقشتها، لكن مع تزايد ترديدها من هنا وهناك، من الأعداء والأحباب، الأصدقاء والمنافسين، الشامتين والصامتين، وجد جيتس نفسه إزاء معركة بقاء، وتحديداً، البقاء في قلب أضخم الصناعات على ظهر
الأرض. بالمر مثله تماماً، لا يريد أن يتنازل عن فكرة أن (مايكروسوفت) هي الأولى والأخيرة في صناعة البرمجيات وسوق المعلومات، في الماضي والحاضر والمستقبل، ولهما كل الحق في ظنهما، أياً كانا. ولجيتس أيضاً كل الحق في أن يشعر بالملل والحنق من نمو فكرة كهذه في رؤوس كثيرين، فكرة أن جوجول أمست، حالياً، (قائدة الفكر) أو (العقل المدبر) لعصر الإنترنت، كما كانت (مايكروسوفت) في وقت ما (قائدة الفكر) و(العقل المدبر) لعصر المعلومات.
والخبراء، في أكثر من مكان، يؤكدون أن الأوان أوان (إنترنت)، لا أوان (معلومات)، وشتان بين الاثنين. بالمر، من جانبه، يعتبر كل هذه التحليلات مجرد تخاريف أو أحلام يقظة صادرة عن مراهقين نزلوا الملعب قبل الأوان. يقول: (نحن أصحاب السبق في قيادة الميدان، على الأقل بحق تاريخ الميلاد. ولدينا أكبر حصة من كعكة التكنولوجيا. ولدينا خبرة أطول وأعرض). فهل من شكاك؟ لا. لكن.. وماذا بعد؟
عليكم بالويب
أوزي يرى أن ال(بعد) تلك تكمن في تحويل كل شيء إلى وعلى الويب.(عليكم بالويب)، إن جاز التعبير. فمن أجل تشبيك خطوط الإنتاج في (مايكروسوفت)، سواء إنتاج برامج الشركات أو برامج الأفراد أو وحدات (إكس بوكس)، بهذه الموجة القوية المسماة صناعات الإنترنت، والمتنامية يوماً بعد يوم، لابد من ترحيل كل شيء على الويب. (واببوا كل شيء) webify everything، تلك كانت الصيحة الأولى التي أطلقها أوزي. يقول: (أي شيء تقوم به في (مايكروسوفت) يجب أن يكون له وجود تجاري على شبكة الويب).
وفي حين أن صناعة البرمجيات التقليدية تعتمد كلية على الموارد المتاحة على المحرك الصلب داخل الكمبيوتر الشخصي، ستعتمد هذه الموجة الجديدة في صناعة البرمجيات على (السحاب) (كلمة السحاب cloud هي المصطلح المتداول داخل (مايكروسوفت) للإشارة إلى شبكة الإنترنت).
لقد بدأت (مايكروسوفت) فعلاً في العمل على هذه الموجة؛ فهي تخطط لتطوير مجموعة من التطبيقات التي يمكن تشغيلها على منصات متنوعة، تماماً مثل فكرة تشغيل ويندوز وأوفيس، وبرامج أخرى من شركات غير (مايكروسوفت)، على الكمبيوتر الشخصي.
وكانت (مايكروسوفت) قد أخذت أول خطوة جريئة في هذا الاتجاه في نوفمبر العام الماضي، عندما دشنت الموقع الخاص بخدمة (ويندوز لايف) Windows Live، وهو موقع يحوي خدمة البحث الجديدة من (مايكروسوفت)، فضلاً عن تقديم خدمتي الأخبار والبريد الإلكتروني.
وعلى الرغم من تأكيد (مايكروسوفت) على استمرارها في بيع البرمجيات بالصورة التقليدية التي نعرفها عنها، يرى أوزي أن هذا التحول الجديد (واببوا كل شيء) سيفرخ صناعة إعلانات ضخمة جداً. من هنا، ستظهر الإعلانات في كل موقف تستخدم فيه خدمات (مايكروسوفت) على الإنترنت؛ بل إن الإعلانات تظهر الآن بالفعل في منتج البحث الذي تطرحه (مايكروسوفت) على الإنترنت.
ما معنى هذا؟ معناه أن (مايكروسوفت) تفكر بطموح عال جداً، وبدأت تضع آمالها المستقبلية في صناعة الإعلانات على الإنترنت، بل بصورة خيالية قد تبدو بعيدة عن حقائق الواقع بعض الشيء، أو على أقل تقدير قد يتنافي هذا الطموح والأمل الكبيران في صناعة الإعلانات مع حقائق (مايكروسوفت) على أرض الواقع. مثلاً، صناعات الإنترنت الجديدة التي تعتمد في جني أرباحها على الإعلانات تكلفتها باهظة جداً، وصناعة البرمجيات اعتمدت، على مدار تاريخها، على كفاءة التكلفة effective cost، بلغة الاقتصاديين، فهي صناعة تقوم على رؤوس الأموال ذات التكلفة المنخفضة.
في المقابل، لكي تنشر خطاً إنتاجياً على شبكة الويب، يتعين على (مايكروسوفت) تأسيس شبكة كونية من مزارع الخوادم server farms، وهذه البنية وحدها تحتاج إلى ميزانيات (مذهلة)، على حد قول أوزي. فهل لدى (مايكروسوفت) الاستعداد لأن تعمل بعقلية الإنفاق السخي على مشاريع جديدة في صناعة جديدة؟ إن نعم، فهذا يعني أن (مايكروسوفت) ستضطر إلى إخراج كل الأرباح التي طالما جنتها واحتفظت بها في خزانتها (35 مليار دولار حتى آخر ربع مالي)، وتضخها للإنفاق على هذا الاتجاه الجديد؛ فهل تفعلها مايكروسوفت؟ لا يملك أحد دقة الرد.
مخاطرة أخرى تتعلق بهذا التحول الكبير المرتقب في (مايكروسوفت)، ألا وهي أن الشركة طالما راهنت على الاحتفاظ بريادتها، على مدار تاريخها (31 عاماً)، على أربعة تحولات أو إنجازات كبرى فقط:
1- تدشين نظام التشغيل الرسومي (ويندوز) بعد تطويره على نحو يحاكي نظام التشغيل ماكنتوش، وكان ذلك عام 1990.
2- أعلن جيتس في ديسمبر 1995 عن أهمية الإنترنت، الأمر الذي أعطى مستعرض الويب (نتسكيب) دفعة قوية لأن ينافس (مايكروسوفت إنترنت إكسبلورر).
3- كشفت (مايكروسوفت) النقاب عن مبادرة طموحة باسم (نت دوت) Net؛ لمساعدة عملائها على تطوير وبناء برمجيات جاهزة على شبكة الويب.
4- تعلن (مايكروسوفت) عن استراتيجية جديدة مرتقبة تعمل على الجمع بين خدمات الإنترنت والمنتجات الرئيسية ل(مايكروسوفت)، ثم تحقيق الأرباح من الإعلانات.
كل هذه التحولات المحورية في تاريخ (مايكروسوفت) لا تضمن لنفسها النجاح السهل الخالي من العقبات والتحديات. خذ على سبيل المثال التحول الرابع (واببوا كل شيء)، الذي يواجه عقبة ثقيلة، ألا وهي إحداث تحول جذري في استراتيجيات الشركة وثقافتها في العمل، فناهيك عن أسبقية شركات أخرى، مثل (ياهو) و(جوجول) و(إي باي)، في هذا المضمار الجديد، تواجه (مايكروسوفت) مهمة صعبة للغاية تتمثل في تغيير استراتيجياتها وثقافتها؛ فهذه الأشياء لا تستجيب لعوامل ومطالب التغيير بسهولة في أي شركة عادية، فما بالك ب(مايكروسوفت)؟!
طلعة شمس
لنعد إلى الرجل الجديد في (مايكروسوفت)، راي أوزي. ماذا حدث بعد انضمامه إلى (مايكروسوفت)؟ دبت حالة من الأمل والثقة بالنفس في كبار المديرين التنفيذيين، وعلى رأسهم ستيف بالمر. فرغم أنه معروف عن بالمر احتجابه عن الموظفين، وعدم ظهوره أمامهم إلا كطلعة الشمس في القطب الشمالي، لم يكد يمرّ يوم أو يومان على انضمام أوزي إلى أكبر مصنع للبرمجيات في العالم، حتى أصيب بالمر بحالة من السعادة والفرح، حالة جعلته يطل على زملائه من أبواب مكاتبهم، ويحدثهم ويثرثر معهم في هذا الحدث الجلل، أصابته حالة من النشوة والانفعال، فأخذ يسهب في الحديث عن عبقرية الوافد الجديد، وعن عظيم دهشته من نجاح (مايكروسوفت) في استقطابه للعمل ضمن صفوفها.
أخذ بالمر يردد مراراً وتكراراً على أسماع زملائه أنه كان متأكداً من أن أوزي أفضل من يناسب المنصب الذي يشغله حاليا، بل واعترف بأنه طالما تمنى استقطاب أوزي منذ 23 عاماً! أما جيتس فقد قال بالحرف الواحد: (لأكثر من عقد، ونحن نقول لو أن بنا رغبة في استقطاب شخص ما إلينا.. فلن نتمنى أن ينضم إلينا سواه، أوزي).
حاز أوزي احتراماً منقطع النظير من جانب موظفي (مايكروسوفت)، خاصة من حيث فهمه للجوانب الفنية الدقيقة في صناعة البرمجيات. ولهذا المكسب أهمية؛ لأن بيئة التنافس داخل (مايكروسوفت)، من فرط شدتها وضراوتها، لا تجعل أحداً يقر بأهلية أو تفوق شخص على ثان. بمعنى آخر، من الصعب للغاية أن تنال شهادة الكفاءة والاستحسان من العاملين في (مايكروسوفت). هل هو التمكن والثقة التي لا حد لهما؟ هل هو غرور العبقرية وغطرسة الريادة؟ لا أحد يدري. لكن مع أوزي، ومن أول لحظة لدخوله مقر الشركة، كان الموقف مختلفاً. يقول عنه أحد المديرين التنفيذيين: (مع راي، يبدو الأمر كأنه يعمل مع فريق (مايكروسوفت) منذ زمن بعيد). هذا الغزل والاحترام الاستثنائيان من جانب فريق (مايكروسوفت) يعود بتاريخه إلى ثمانينيات القرن الماضي، حين شرع أوزي في العمل على برنامج (لوتس نوتس)، الأداة الفارقة في عالم الاتصالات عبر الشبكات الداخلية للشركات، والسبب الحقيقي وراء الدفع بنظام ويندوز إلى استنفار كل طاقاته للوصول إلى ما وصل إليه الآن. ويقول جيتس، في معرض شهادته على عمق خبرات الوافد الجديد الفنية، إن أوزي كان أفضل من أعطى (مايكروسوفت) تقييماً دقيقاً عن ويندوز.
من أين أتى هذا الاحترام؟ بعد فترة وجيزة من شراء (شركة آي بي إم) برنامج (نوتس) من أوزي، ترك أوزي العمل في (آي بي إم)، وأسس شركة (جروف نتوركس)، التي اتبعت منهجاً يعتمد بصورة مركزية على الإنترنت في مد أواصر التعاون والاتصال، لا داخل مكاتب شركته الجديدة فحسب، بل وخارجها.
وبعد محاولات مستميتة من جانبها لشراء شركة (جروف)، نجحت (مايكروسوفت) في الظفر بها، واشترتها من أوزي في مارس الماضي، وباعها لهم أوزي في صفقة لم يعلن عن قيمتها حتى اللحظة (هذا التكتم تم باتفاق الطرفين، البائع أوزي والمشتري مايكروسوفت)، وتحولت البرامج التي كانت تنتجها (جروف) إلى جزء من إصدار عالي المستوى من أوفيس.
قبل انضمامه إلى (مايكروسوفت)، حضر أوزي بصورة استثنائية الاجتماع الذي عقده كبار المديرين التنفيذيين، وعددهم 101، في (مايكروسوفت)، والذي دارت فعالياته في المنتجع الفاخر (سيماهومو) على ساحل واشنطن، بالقرب من كندا.
في لقائه مع كبار العقول الإدارية في (مايكروسوفت)، قال أوزي إن كل ما يحتاج إليه هو (أن يفهم إلى أبعد حد ثقافة العمل في (مايكروسوفت)). وكان هناك، بالطبع، جوانب وأمور كثيرة يتعين على أوزي ملاحظتها وفهمها؛ ففي أول برنامج من برامج هذا الاجتماع، خاض أوزي تدريبياً، لمدة يومين، على طرق بناء فرق العمل. في هذا التدريب، يتم تقسيم التنفيذيين إلى مجموعات، كل مجموعة تتشكل من ست أو سبعة أعضاء. وتحصل كل مجموعة على حقيبة صغيرة تحوي قطعاً لبناء وحدة حوامة من طراز (مارس) تعمل بالبطارية. التحدي: ابنِ هذه الوحدة في أسرع وقت، ولكن بأقل عدد ممكن من القطع. بالطبع، لم يفز في هذا التحدي إلا الفريق الذي ضم في صفوفه... جيتس.
في اليوم التالي من هذا التدريب، كلف بالمر المشاركين في الاجتماع بعمل جلسات قصف ذهني حول جملة موضوعات تمس مستقبل (مايكروسوفت) وطريقة عملها. مثلاً: ما أفضل استراتيجية يمكن اتباعها لتجديد الدماء، والارتقاء باستراتيجيات التعامل مع العملاء؟ في هذه المهمة، تم وضع جيتس وأوزي وبعض التنفيذيين الآخرين الخبراء في التقنية داخل مجموعة كلفت بمهمة محددة، هي تعريف (جوهر مايكروسوفت)، أي تعريف الأشياء التي تنفذها (مايكروسوفت) ببراعة تفوق الشركات الأخرى، ثم استخدام هذه الأشياء في كل خطوط الإنتاج الأخرى داخل (مايكروسوفت).
لم يحبذ أحد مثل هذه الفكرة، خاصة أن كثيرين قد يشعرون بنوع من الاغتراب وعدم الألفة مع هذا الجوهر الذي يحدده شخص آخر، ويرى أنه هو جوهر (مايكروسوفت). فهم أوزي ثقافة العمل في (مايكروسوفت)؛ هضمها. يقول: (كانت هذه أول فرصة تسنح لي كي أرى عن قرب كيف يتصل العاملون في (مايكروسوفت) بجيتس).
الأقوياء والأذكياء
حتى داخل (مايكروسوفت)، بيل جيتس هو بيل جيتس، أغنى رجل في العالم؛ فعندما يسير في أي من مباني الشركة، يتوقف الجميع عن الحركة والكلام.
يقول دان لوين، أحد من شغلوا منصب نائب الرئيس وتعامل عن قرب مع جيتس لخمس سنوات: (حين يكون لديك قادة أقوياء، تجد قوتهم قد انعكست سلباً على من حولهم، حتى الأذكياء، حيث يحول الأقوياء الأذكياء إلى تابعين، وربما يتوقف الأذكياء عن العمل والتفكير بذكاء).
مرة أخرى، الأمر مختلف مع أوزي؛ إذ تؤكد شواهد كثيرة أنه يستطيع الإقدام على فعل أشياء لم يعد في مستطاع جيتس ذاته القيام بها، ليس فقط على مستوى صياغة وتطوير الاستراتيجيات، ولكن على مستوى التنفيذ والنزول إلى (أرض المعركة مع الجنود) والعمل معهم يداً بيد؛ لذا، يتحدث كثيرون داخل (مايكروسوفت) عن شخصية أوزي بروحها الودودة، وعن تبسطه في الحديث، والكلام لفترات طويلة مع المبرمجين العاديين داخل (مايكروسوفت)، حتى ولو بجوار ماكينة تصنيع القهوة، وقد يأخذهم الكلام للحديث عن استراتيجيات الأمن، أو أي موضوع آخر، حتى وإن كان لعبة التاروت. يقول عنه بليك إيرفينج، رئيس منتجات اتصالات الإنترنت في إدارة (إم إس إأن): (أوزي لديه القدرة على التأليف بين الناس، وعلى نحو لا يجيده الآخرون على الإطلاق، إنه موحد عظيم بين كل أفرع الشركة وإداراتها).
في ختام الاجتماع في منتجع (سيماهومو)، اتفق المجتمعون على تبني فكرة تعريف (جوهر مايكروسوفت)، لكن على غرار ما يحدث في كبريات الشركات التي تسعى إلى تغيير جذري، أصيبت الفكرة، ومبادرة التغيير بأكملها، بمرض التأجيل والتعليق حتى إشعار آخر. بعدها، عين بالمر عدداً من المديرين التنفيذيين لترتيب عقد اجتماع أكبر يضم كبار العاملين في أقسام البحث والتطوير R&D في (مايكروسوفت)، لمناقشة فكرة التغيير في الشركة، وفكرة تعريف (الجوهر) وتحديده. وفي أول جلسة لترتيب هذا الاجتماع الكبير، اكتشف بالمر أن الموظفين العاديين يرفضون فكرة الاجتماع من الأساس، وخلصوا إلى أن تطبيق فكرة إعادة تعريف (جوهر مايكروسوفت) سوف يضعها على المحك، مغامرة، وتحتاج إلى الدراسة المتأنية قبل تعميم الفكرة على كل موظفي (مايكروسوفت).
كانت الغرفة غارقة في الصمت، ولم يدر أحد كيف يمكنه المبادرة بالكلام. وتوصل بالمر إلى فكرة؛ قال بالمر في تلك الجلسة: (الكل مشغول حتى أذنيه. لكن لدينا هنا شخص واحد يمكنه مساعدتنا.. إنه أوزي! فهو يفهم هذه الأمور بصور واضحة جداً، ويعرف جيداً ما نحتاج إليه). وفعلاً، أوكل بالمر لأوزي مسئولية تحديد جوهر الشركة، ليس فهذا فحسب، بل وتحديد (الروح والفلسفة) التي سيتعلق بهما مصير الشركة.
يعلق أوزي على تفويضه بهذه المسئولية الكبيرة، ويقول: (لحظة تلقي هذا التكليف، أصابني شيء من القلق والتوتر)، لكن أكثر القادة في (مايكروسوفت)، وعلى رأسهم جيتس، يستحسنون الطريقة التي يتعامل بها أوزي مع التحديات الفنية التي تواجهها (مايكروسوفت). يقول كيفن جونسون، رئيس وحدة ويندوز و(إم إس إن): بدأ أوزي ب(العميل). أخذ ينظر للأمور من الخارج للداخل، لا من داخل التكنولوجيا أو من داخل (مايكروسوفت) ثم للخارج. ويقر كثيرون من كبار المديرين التنفيذيين بأن (مايكروسوفت) اعتادت أن تأخذ بمنهج معاكس لرؤية أوزي، حيث تبدأ بالتركيز على الإمكانات الفنية، ولا تلتفت إلى احتياجات العملاء إلا في مراحل متقدمة جداً من عملية تطوير منتجاتها. وعلى حد وصف أحد التنفيذيين في (مايكروسوفت): (عملاؤنا يشترون منتجاتنا وهي على أعلى مستوى من التكامل فيما بينها، إلا أننا نبني هذه المنتجات بطريقة لا تتكامل مع منتجات الشركات الأخرى).
أنفق أوزي أسابيع عدة وهو يفكر في الإشكاليات التي تثقل كاهل (مايكروسوفت). تحدث مع جيتس، ودوّن الكثير من الأفكار، بعدها أعد مذكرة من 15 صفحة حول فكرة تقديم خبرة حوسبة متكاملة وخالية من الإشكاليات الفنية للعميل. جاء في مقدمة المذكرة: (الفرضية المطروحة هنا في هذه المذكرة لا تتعلق بمبادرات كبيرة مهمة، بل ترمي إلى توحيد القوى، دمج القوى، شحذ القوى؛ لتطوير أكبر المبادرات في تاريخ الشركة).
تكتيكات التغيير
اجتمع جيتس وبالمر وأوزي، ومعهم ثلاثة من كبار القادة في (مايكروسوفت)، وذلك لتخطيط تكتيكات التغيير. كان من الضروري الحصول على آراء الآخرين في خطة التكتيكات تلك؛ إلا أن بالمر طلب من جيتس عدم حضور جلسات النقاش، خاصة أنه لاحظ أن المجتمعين يحجمون عن الإدلاء بآرائهم في حضور جيتس.
بدأ أوزي أول اجتماع في هذه الجلسات بالحديث عن نمو الإنترنت، وأوضح حقيقة نمو أعداد الأجهزة المتاحة الآن في أيدي المستخدمين، وتنوع الطرق التي يتفاعل بها الناس الآن مع التكنولوجيا، وتحدث أيضاً عن نمو اتصالات النطاق العريض broadband، والنمو السريع السرطاني لإعلانات الويب، ثم تحدث أخيراً عن التحديات التي تواجهها (مايكروسوفت) من منافسين مثل (جوجول) وآخرين.
تألق الرجل في حديثه، وابتعد عن الصدام في الرأي، وتجنب النقد اللاذع للأخطاء التي وقعت فيها (مايكروسوفت) في الماضي. ومع تغيب جيتس عن هذا الاجتماع، خاض المجتمعون، كما يقول أوزي، (حالة من التطهير جعلتهم يفضون بكل ما لديهم من تعليقات وآراء حول الجوانب السلبية في استراتيجيات الشركة وأمورها الفنية والإدارية والهيكلية).
توالت القصص، والتعليقات والشروح، وتباينت الآراء حول استراتيجية التوجه نحو الخدمات؛ البعض قال إن الوقت لم يحن بعد للتفكير في تغييرات كبيرة من هذا النوع، خاصة أن هناك الآلاف في الشركة ما زالوا يواصلون عملهم على مدار الساعة من أجل إنهاء المشاريع التي بين أيديهم، وتحديداً مشاريع تطوير ويندوز وأوفيس. آخرون تحدثوا، بحماس وانفعال شديدين، عن وجاهة فكرة نسج منتجات (مايكروسوفت) بكل هذه الإمكانات التي تتيحها الإنترنت في الوقت الراهن. وطالت ساعات الاجتماع، أملاً في التوصل إلى إجماع في الرأي. بعد هذا الاجتماع بفترة وجيزة، عقد بالمر سلسلة من الاجتماعات الأسبوعية (على مدار ثمانية أسابيع)، كل منها يستمر نصف يوم كامل، واضطر المديرون التنفيذيون إلى إعادة جدولة أجنداتهم، وتولى أوزي وضع الأجندة الرئيسية لتلك الاجتماعات، بل تولى رئاستها وإدارتها. وخصص كل اجتماع أسبوعي لمناقشة جانب محدد من استراتيجية التغيير: ما الشكل الذي ينبغي أن يظهر على واجهة المستخدم الرسومية؟ ماذا عن المعمار الفني؟ يتذكر أوزي هذه المناقشات، ويقول: (كان هناك خلاف في الرأي قوي) حول نموذج العمل القائم على عوائد الإعلانات في مقابل النموذج القائم على رسوم المعاملات العائدة من التراخيص التقليدية لاستخدام منتجات (مايكروسوفت). ويضيف: (من الواضح أن إعلانات الإنترنت، خاصة في مجال المستهلكين، هي المحرك الاقتصادي الجديد)، لكن، كما يشرح أوزي، (كيفية تطبيق واستخدام هذا المحرك الجديد في مجال سوق الشركات، لم تكن واضحة بنفس الدرجة).
بات حماس (مايكروسوفت) تجاه نموذج إعلانات الإنترنت محسوساً في كل أنحاء الشركة. وبحسبة بليك إيرفينج، رئيس شبكة (مايكروسوفت) (إم إس إن)، يبلغ حجم الأموال المنفقة على الإعلانات سنوياً، في جميع أنحاء العالم، نحو نصف تريليون دولار أمريكي، في حين أن عوائد صناعة البرمجيات لا تزيد على 120 مليار دولار أمريكي تقريباً. ويواصل إيرفينج حسبته قائلاً: (3.6 في المائة فقط من عوائد الإعلانات تنفق على إعلانات الإنترنت)، هذا على الرغم، كما يقول، من (أن حصة الإنترنت من المشاهدة الإعلامية، ضمن وسائل الإعلام الأخرى كالتلفاز والصحافة وغيرهما، تصل إلى 20 في المائة تقريباً). لذا، فإن كل المطلوب هو الدفع بنسبة ال 3.6 في المائة تلك كي تتناسب مع هذه الفرصة المتمثلة في نسبة ال 20 في المائة. وعلينا أن نسعى قدر طاقاتنا، والكلام لإيرفينج، لأن يكون ل(مايكروسوفت) أكبر نصيب من هذه الكعكة الجديدة، كعكة الإعلانات.
تغييرات هيكلية
في منتصف سبتمبر الماضي، أعلن بالمر عن حركة ترقيات وتغييرات هيكلية، كانت الأكبر من نوعها في تاريخ الشركة؛ تم تعيين أوزي في منصب (رئيس التكنولوجيا الأول) Chief Technology Officer. الأهم من هذا، تم ضم ويندوز و(إم إس إن) إلى مجموعة جديدة باسم (خدمات ومنتجات المنصة)، وترأسها كيفن جونسون. كان الجمع بين (إم إس إن) وكل منتجات ويندوز في وحدة عمل واحدة أحد أكبر التغييرات الهيكلية في تاريخ الشركة على مدار السنوات العشر الماضية. كان ذلك بمنزلة أول إشارة صريحة تنبئ عن توجه (مايكروسوفت) أخيراً صوب الإعلانات والإنترنت، أو إن شئنا الدقة، إعلانات الإنترنت.
انتقل أوزي وفريقه إلى الجناح الذي يضم مكتبي جيتس وبالمر، وهو من أكثر أجنحة مجمع (مايكروسوفت) تشديداً على الإجراءات الأمنية، ويشغل أعلى طابق في إحدى البنايات التي يحويها المجمع المقام على مساحة 226 إكر. طلب بالمر من جونسون التعاون بصورة وثيقة مع أوزي، ويتولى عنه إدارة التدخلات الهيكلية التي يتعين على أوزي القيام بها. لكن قبل الشروع في مهمات العمل الرئيسية تلك، كان جونسون قد أنفق عامين ونصفاً على إدارة مبيعات (مايكروسوفت)، وهي مهمة فرضت عليه التحدث مع العملاء بصفة يومية؛ لذا، كان من أشد المؤيدين لفكرة أوزي بالتركيز على احتياجات المستخدمين عن تطوير أي منتج جديد داخل مختبرات (مايكروسوفت). وعلى الفور، تشكلت بين الاثنين، أوزي وجونسون، (رابطة عمل)، ورغم قوتها وسلاستها، إلا أنها لم ترق إلى رابطة العمل التي تجمع بين بالمر وجيتس، والتي وصلت حد إكمال كل منهما كلام الآخر حتى قبل أن ينطق به!
وفي نفس الفترة تقريباً، أقدم بالمر على خطوة جديدة كبيرة؛ حيث نجح في استقطاب كيفن ترنر من (وول مارت)، وعينه في منصب مسئول التشغيل الجديد في (مايكروسوفت) chief operating officer (لم يكن هذا المنصب موجوداً في (مايكروسوفت) حتى 2002).
كانت النقاشات الحادة التي دارت حول استراتيجيات التغيير داخل (مايكروسوفت) قد أقنعت بالمر بالتخلي عن منهج الإدارة اليومية لمهام العمل والتشغيل في الشركة، الأمر الذي جعله يفكر جدياً في تعيين خبير بأمور التشغيل تلك، فكان قرار استقطاب وتعيين ترنر في هذا المنصب، والأخير بدوره واحد من ألمع الأسماء الإدارية في الولايات المتحدة، خاصة أنه شغل منصب رئيس نادي (سام) التابع ل(وول مارت)، ثم مسئول المعلومات CIO في وول مارت.
هل جننت؟
وفي اليوم الأول من نوفمبر الماضي، ظهر جيتس وأوزي معاً في مؤتمر صحفي في سان فرانسيسكو، وأعلن الاثنان عن مجموعة من المنتجات والخدمات، خمرها أوزي وفريقه وراء الكواليس؛ فبعد ستة أشهر من العمل في حيطة وتكتم شديدين، ظهر (الجوهر) الجديد ل(مايكروسوفت)، مجسداً في خدمة (ويندوز لايف). لكن قبل يومين بالتحديد من كشف النقاب عن هذه الخدمة الجديدة، أرسل جيتس وأوزي مذكرتين إلى أهم 100 مدير تنفيذي ومسئول تقني في (مايكروسوفت). في هذه الأيام، كان جيتس قد بلغ الخمسين عاماً. وفي هذا المنعطف من تاريخ حياته، تخلى عن مهمة لم يسبق له من قبل أن فوضها إلى أي كائن في (مايكروسوفت)، ألا وهي مهمة رسم الاستراتيجية العظمى للشركة grand strategy؛ تركها لأوزي بالطبع. المذكرة التي أرسلها جيتس كانت من صفحتين، وهي في الأساس رسالة غلاف أرفقت مع مذكرة أوزي التي اشتملت على سبع صفحات حول رؤيته لتثوير (مايكروسوفت). كتب جيتس على رسالة الغلاف (تغيير البحر الهادر يدهمنا)، وكتب عليها أيضاً أنه يتوقع أن تنال مذكرة أوزي نفس الأهمية والشهرة التي نالتها المذكرة التي كتبها بنفسه عام 1995، وكانت بعنوان (الإنترنت.. موجة المد)، والتي أفضت إلى إعادة تغيير وجهة الشركة بما يؤهلها لمنافسة مستعرض الويب (نتسكيب)، المنافس الذي أزعج (مايكروسوفت) في ذاك الوقت، مثلما هو الحال الآن مع المنافس (جوجول).
بعد هذه المذكرة التاريخية، عام 1995، نجحت (مايكروسوفت) في أن تجعل من مستعرضها (إنترنت إكسبلورر) المستعرض القياسي على الإنترنت. لكن المذكرة الفارقة الجديدة كتبها أوزي بنفسه، بخوف وأنامل مرتعشة، كما وصف. يقول: في المرة الأولى من عرضي لتلك المذكرة على جيتس، توقعت أن يقولها لي على الفور: (هل جننت؟ ما هذا الذي كتبته). لكنه لم يقلها، بل على العكس، استحسن المذكرة، وقال لي: (لا، إنها جيدة فعلاً، وأظن أنه يلزمنا علينا أن نشدد على هذه النقطة وتلك). وكالعادة، تسرب أمر المذكرة خارج جدران (مايكروسوفت)، واستشرف فيها مجتمع المبرمجين ودوائر صناعة البرمجيات على الإنترنت، تغييراً جذرياً في ثقافة (مايكروسوفت)، وهو تغيير سيفضي بدوره إلى تغيير أكبر وأكثر عمقاً في صناعة البرمجيات على مستوى العالم.
في مدونته الإلكترونية اليومية، كتب ديف وينر، أحد أشهر المبرمجين ومفكر البرمجيات وفيلسوفها الأشهر في العالم: (أحد الأشياء التي تذكر بشأن ثقافة (مايكروسوفت)، حتى بعد كل هذه السنوات، أن لها جوهراً يحكم قوامها من الداخل.. وأن لديها الاستعداد لأن تتغير من أجل الفوز؛ فطوبى لهم). وبعد نشر المذكرة على الإنترنت بأيام، انهمرت الرسائل من موظفي (مايكروسوفت) على أوزي، وأشادوا بالمذكرة صنعاً وتفكيراً وتطويراً.
حانت أصعب ضربة في التغيير المرتقب، ألا وهي إعادة شحذ همة وخيال 70.000 موظف في (مايكروسوفت)، ودفعهم إلى مضمار التغيير رغم كل التحديات والمصاعب القائمة داخل الشركة وخارجها؛ فالكثير من الخدمات الجديدة التي طورت الشركة أفكارها، وتسعى لتنفيذها، تتقاطع حد التصادم مع العديد من المهام التي تقوم بها فرق العمل في الشركة حالياً، وبالتالي هناك حاجة ماسة إلى نوع من التعاون الوثيق لاجتياز هذه المرحلة الحرجة، هو تعاون لم تعتده ثقافة الشركة في عصورها الماضية، كما يقول أكثر المديرين التنفيذيين فيها. الخوف، هنا، مرده التوتر والفوضى.
أجرأ خارطة عمل
هناك أيضاً حالة القلق التي أثيرت في كل أرجاء الشركة، خاصة بعد تنامي قوة وحدة (إم إس إن) في عصر الخدمات؛ فقد اعتاد العاملون في (مايكروسوفت) النظر إلى هذه الوحدة على أنها (زائدة) لا حاجة إلى العمل بها؛ فغدت الآن عصب الأعمال المرتقب داخل (مايكروسوفت).
انقلبت الأوضاع، إذاً، رأساً على عقب. وبالطبع، يشعر، الآن، العاملون في هذه الوحدة بنوع من الفخر والاعتزاز بعد سنوات من التهميش وعدم الاهتمام. يقول إيرفينج، الذي يترأس هذه الوحدة، إن الفرق العاملة في (إم إس إن) تعمل على 20 مشروعاً جديداً، وكلها سيزاح عنها الستار بنهاية العام الجاري، (في تقرير مراجعة تخطيط أعمال الوحدة، ألقى جيتس وبالمر نظرهما على خريطة الطريق في التقرير، وقالا إنها أجرأ خريطة شاهداها حتى الآن).
ومن بين الخدمات الجديدة التي شرعت (مايكروسوفت) في تدشينها ونشرها بالفعل، خدمة البريد الإلكتروني لمؤسسات العمل الكبيرة. تكمن فكرة هذه الخدمة في الاستعانة بمزارع الخوادم الخاصة بخدمة (ويندوز لايف) في استضافة خدمة بريد إلكتروني تغني الشركات ومؤسسات العمل الكبيرة عن حاجتها إلى تركيب وتشغيل خوادم خاصة لخدمة بريدها الإلكتروني. يقول أوزي: (نستطيع أن ننجز هذه المهمة من وجهة نظر اقتصادية، خاصة إن أخذنا في الاعتبار هامش التكلفة اللازم لاستضافة خدمة البريد الإلكتروني داخل البنية التحتية الخاصة بنا). إلا أن هذه الخدمة لا تقارن حجماً بالخدمة التي تسعى (مايكروسوفت) إلى تطويرها لتلبية حاجة المستخدمين ممن يستخدمون ملفات الفيديو عالية الوضوح، وملفات الوسائط المتعددة الأخرى بتعقيداتها الفنية واحتياجاتها إلى مساحات تخزينية عالية.
يقول أوزي: (لدي على مكتبي ملف ورقي من 300 صفحة يعرض أماكن شبكات الاتصالات ومحطات الطاقة الكهربائية في كل دول العالم. فقط تصور الأماكن التي يوجد بها كل تلك طواحين الهواء والسدود المائية ومصادر الطاقة الطبيعية الأخرى، في شتى أنحاء العالم، وستعرف أين تقع مزارع الخوادم الخاصة ببنيتنا التحتية).
وعلى الرغم من أن كلامه هذا عام، ولا يشير بالتحديد إلى حجم أو أماكن تلك المزارع، يقول أوزي إنه ما زال مندهشاً من حجم الأموال التي تنفقها (مايكروسوفت) على هذه المزارع، ويرى أن تكلفة تأسيس البنية التحتية لخدمات الويب التي تنوي (مايكروسوفت) في تطويرها، ستكون أكبر عائق يحد من عدد اللاعبين في هذه الصناعة الجديدة؛ (الناس القادرون على تأسيس بنية تحتية لخدمات قابلة للاستخدام هم فقط أصحاب الشركات التي لديها الإرادة والقدرة على استثمار أموال هائلة، أقول: أموال هائلة). التفكير هنا بالمليارات، عدة مليارات. ويتساءل: (منْ لديه هذه القدرة؟ شركة مثل إيكسون عندها الأموال التي تمكنها من فعل ذلك، لكن هل لديها الكوادر الفنية لتنفيذ المشروع؟). أما (مايكروسوفت)، كما يؤكد أوزي، فسيكون لديها عدد ضخم جداً من المشروعات التي تسوغ كل هذه الاستثمارات التي تنوي رصدها وضخها.
وترى (مايكروسوفت) أنها ملزمة بتحقيق السبق، قبل (ياهو) و(جوجول)، في مجال تقديم خدمات شاملة لمؤسسات العمل على شبكة الويب؛ فمن وجهة نظر (مايكروسوفت)، ما زال المنافسون يركزون على المستهلكين الأفراد، رغم الزعم السائد في وادي السيلكون بأن (جوجول) بصدد تدشين خدمات البريد الإلكتروني لمؤسسات العمل في القريب العاجل، مستغلة في ذلك البنية التحتية التي أسستها لخدمة (جي ميل) Gmail (هناك شائعات حول امتلاك جوجول مليون وحدة سرفر، منتشرة في جميع أنحاء العالم، وبحسب مصدر مطلع، تعد جوجول أكبر مستهلك للطاقة الكهربائية في واحدة من أكبر الولايات الأمريكية. أما من جانب (جوجول) ذاتها، فلا تعليق).
من جهة أخرى، تخطط (مايكروسوفت) لاستخدام مزارع الخوادم في توفير أحجام كبيرة جداً من سعات تخزين البيانات الرقمية على الإنترنت. والمستفيد؟ أي فرد، بل حددت اسماً لخدمة مستقبلية اسمها (لايف درايف)؛ أي المحرك الحي.
بهذه الخدمة، سيكون باستطاعتك الوصول إلى كافة ملفاتك، أفلام أو موسيقى أو بيانات محاسبية أو مؤتمرات فيديو بدرجات وضوح عالية أو أي ملفات أخرى، أياً كان حجمها، بل تصل إليها من أي جهاز كمبيوتر؛ لأنها ستكون مخزنة على الإنترنت.
لدى جوجول، كما يقال، خطط شبيهة بتلك؛ فقد تسربت مذكرة من جوجول، ونشرت في أحد مواقع المدونات، في مارس الماضي، وتحدثت عن جهود جوجول الرامية إلى توفير خدمة (تخزين 100 في المائة من بيانات المستخدم)، وورد فيها ذكر لمشروع التخزين على الإنترنت، واسمه (جي درايف)، وإن لم تعلن جوجول عن تفاصيل هذا المشروع بعد.
ويرى أوزي، في مقولة تواضع تليق بأصحاب الرؤى في العمل، أنه لم يحن الوقت بعدُ لكي تظهر آثار التغييرات التي أحدثها في (مايكروسوفت)؛ فالإصدارات الجديدة المرتقبة من ويندوز وأوفيس تم العمل عليها والبدء فيها قبل الحديث عن أي خطة لتغيير وجهة الشركة. والأهم من هذا، أنه لا يوجد ضمان على أن بصمات أوزي، حتى بعد ظهور نتائجها وآثارها واضحة للعيان، سيكتب لها النجاح؛ فجل خبرته العملية قبل الانضمام إلى (مايكروسوفت) تتركز في عمله مطور برمجيات خاصة في مؤسسات العمل، لا برمجيات المستهلكين، والثانية تعد الآلة التي تعتمد عليها مبيعات الشركة، وليس لديه حتى خبرة في صناعة الإعلانات، لكن إذا كتب لخططه النجاح، فسيكون الدور الذي لعبه شبيهاً، من الناحية التاريخية، بالدور الذي مارسه من قبل جيتس في مسيرة (مايكروسوفت) التاريخية: رسم الاستراتيجيات الكبرى، ثم مساعدة الآخرين على تنفيذ تلك الاستراتيجيات، والعمل عليها ليل نهار.
إلى الظل
السؤال الحرج الآن هو: هل تنامي الدور الذي يمارسه أوزي داخل (مايكروسوفت) يعني، في المقابل، انزواء اسم جيتس في الظل؟ طرحوا هذا السؤال على جيتس، وردّ الآخر بدوره، وقال: (الصورة الكبيرة هنا في (مايكروسوفت) لا تعطيك انطباعاً بأن العمل الذي يدور هنا عمل فردي)، ثم شرح هذا الرد، قائلاً إن هناك خمسة أشخاص يعتبرهم مسؤولين عن تخطيط وإدارة مهمة التثوير في (مايكروسوفت)، أولهم هو نفسه، وثانيهم أوزي (الثالث ديفيد فاسكيفيتش، الرابع كريج موندي، ثم خامسهم ريك رشيد، رئيس أبحاث (مايكروسوفت))، لكنه يؤكد: (التحول الاستراتيجي تجاه قطاع الخدمات لم يكن ليحدث لولا استقطابنا راي أوزي الذي استجمع مكونات هذه الخطة ودفع بها صوب التنفيذ). أما مهمة جيتس، بلسانه وبصريح كلامه، فهي استشراف المشهد العام للشركة، واتخاذ القرارات المصيرية، بعيدة الأمد، مثل: أنواصل الاستثمار في الكمبيوتر اللوحي tablet PC أم نتجه نحو هاتفية الإنترنت Internet Telephony؟ وفي مهمته لإعادة تشكيل (مايكروسوفت)، يدرك أوزي جيداً أن كل إيماءة تحدث داخل جدران الشركة تخضع لإشراف ورقابة ميكروسكوبية؛ لذا، فإنه يعمل بنصيحة أسداها إليه ذات مرة صديق له يعمل في إحدى شركات التقنية. النصيحة كانت (اجعله حقيقياً). تلك هي حقيقة المهمة التي يسعى إليها أوزي، أن يكون الشيء (حقيقياً)؛ فهل سيكتب له النجاح، ويضع الوافد الجديد بصمته التاريخية في صفحة (مايكروسوفت)، كما فعل رئيسه من قبل بيل جيتس؟ سؤال وحدها الأيام كفيلة بالرد عليه.
 
العنكبوتية
الاتصالات
الالعاب
أمن رقمي
قضية تقنية
دليل البرامج
أخبار تقنية
ملف
دكتور .كوم
منوعات
سوق الانترنت
حاسبات
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved