الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 26th March,2006 العدد : 155

الأحد 26 ,صفر 1427

تقنية الصورة !!!
* إعداد : د. زيد بن محمد الرماني
نحن نعيش في عصر الصورة، والصورة ليست الآن بألف كلمة كما يقول المثل الصيني، بل بملايين الكلمات، وأصبح للصورة ارتباط بمجال الوسائط والميديا، وارتباط بعالم التربية والتعليم والأخلاق والخيال والإبداع. إن عالم الصور عالم خصب متعدد الأبعاد، متنوع المجالات، وهو عالم يشتمل على جوانب إيجابية كثيرة، وجوانب سلبية عديدة أيضاً.
وهذا ما جعل عدداً من المفكرين والباحثين يتحدثون عن التأثير البالغ للسينما والتليفزيون والإنترنت، خاصة من خلال ماتعرضه من أفلام عنيفة أو خليعة، في سلوك الأطفال والمراهقين، بل الكبار أيضاً.
أما بعض المفكرين الآخرين فقد اهتم ببعض التأثيرات السلبية لعصر الصورة في أنشطة القراءة أو في التفاعل الإنساني الحميم بين البشر أو في بعض عمليات التفكير والإبداع. وهكذا، فإن لعصر الصورة هذا، الذي سمَّاه المفكر الفرنسي جي ديبور مجتمع المشهد أومجتمع الفرجة أو العرض أو الاستعراض، الكثير من جوانبه الإيجابية والسلبية.
فاليوم، نحن محاطون بالصور، ففي كل زاوية نتلفت إليها تواجهنا الصور، الصور موجودة في كل مكان في البيت، حيث نجد التليفزيون والفيديو، وفي الشارع وملاعب الكرة ووسائل المواصلات، حيث الإعلانات الثابتة والمتحركة، المضيئة وغير المضيئة لقد أصبحنا نعيش فعلاً في حضارة الصورة كما قال ريتشارد كيرني ولم يعد ممكناً أن نفكر في كثير من أمور حياتنا السياسية والاقتصادية والتربوية والترفيهية من دون أن نفكر في الصور.
إن يومنا مزدحم بالأخبار السياسية التي تتدفق عبر أجهزة التلفزيون، من خلال النشرات الإخبارية والبرامج الحوارية والصحف اليومية، وهناك كذلك أخبار المال والاقتصاد.
لقد أصبح عالم النفس البشرية عالماً تشغله صناعة الصورة إلى حد كبير.
يقول الدكتور شاكر عبدالحميد في كتابه (عصر الصورة): أظهرت بعض الإحصاءات الحديثة أنه منذ ظهور التليفزيون المتعدد القنوات في الولايات المتحدة لم يشاهد نحو 50% من الأطفال الأمريكيين تحت سن الخامسة عشرة برنامجاً واحداً منذ بدايته حتى نهايته.
إن هذا يدل على وجود حالة من حب الاستطلاع البصري الشديدة التي جعلت هؤلاء الأطفال يتحولون دائماً من قناة إلى أخرى هروباً من الملل، وبحثاً عن الجديد الذي قد يكون موجوداً في قناة أخرى غير التي يشاهدونها.
إن هناك فرقاً جوهرياً بين صور اليوم وصور الماضي، ذلك لأن صور اليوم تسبق الواقع الذي يفترض أنها تمثله بينما كانت صور الماضي تجيء تالية للواقع ومتوقفة عليه.
لقد أصبح الواقع صورة شاحبة من الصورة، إن الصورة هي الأساس، وليس الواقع، والصورة أصبحت تسبق الواقع وتمهد له، الصور تحدث أولاً ثم تحدث المحاكاة لها في الواقع. لم تعد الصورة محاكاة للواقع، بل أصبح الواقع أشبه بالمحاكاة للصور، ويُلحظ هذا في سلوك الشباب الذين يحاكون سلوك لاعبي الكرة وما يرونه في الأفلام والمسلسلات، وفي محاكاة الأطفال سلوك بعض الشخصيات الخيالية في برامج الكرتون وألعاب الفيديو.
وفي مجال الاقتصاد، أحياناً ما نجد في مجتمع الاستهلاك إنتاجاً مستمراً للسلع يجري تحت وطأة الحضور الخاص والشهرة الخاصة لماركة أو علامة تجارية معينة وتحت الإغواء الخاص بالإعلانات المصاحبة لهذه الماركة أو العلامة.
ولقد أصبح الاستعراض خلال السنوات الأخيرة أحد المبادئ المنظمة للاقتصاد والسياسة والمجتمع والحياة اليومية.
وينشر الاقتصاد القائم على أساس الإنترنت العروض بوصفها وسيلة للتشجيع والإنتاج وللتوزيع وبيع السلع وتتدفق العروض بغزارة عبر ثقافة الميديا المتقنة تقنياً لجذب انتباه المشاهدين.
وقد أصبحت الوسائط المتعددة (المالتي ميديا) الجديدة التي توالف بين الإذاعة والراديو والسينما والأخبار التلفزيونية وبرامج التسلية، أصبحت أعمالاً لافتة للانتباه بدرجة كبيرة، مما عمل على تكثيف ثقافة الميديا.
في كتابه (ميديا الاستعراض) يبني كيلفر تصوراته على أساس الأفكار التي قدمها ديبور في كتابه (مجتمع الاستعراض) والقائلة إن الاستعراض يوحد ويفسر تشيكلة كبيرة من الظواهر. وقد استمر مفهوم ديبور الذي ظهر خلال ستينات القرن الماضي يدور وينتشر عبر الإنترنت وعبر مواقع أكاديمية وثقافية فرعية عديدة حتى اليوم إنه مفهوم يصف مجتمع الميديا ومجتمع الاستهلاك المنظم حول الإنتاج والاستهلاك للصور والسلع والأحداث المعروضة.
فمع دخولنا الألفية الثالثة أصبحت الميديا مجالاً مذهلاً من الناحية التقنية، كما أنها أصبحت تؤدي دوراً يتزايد يوماً بعد يوم في حياتنا اليومية، لقد أصبحت عروض ثقافة الميديا عروضاً تخلب عقول الناس، وتغويهم وتدمجهم في مجتمع الاستهلاك الزاخر بعلامات منهمرة خاصة بعالم جديد من الترفيه والمعلومات والاستهلاك بشكل مؤثر على نحو عميق في التفكير والسلوك.
جدير بالذكر هنا قول ديبور إن العرض هو اللحظة التي يحتل فيها الاستهلاك الحياة الاجتماعية ويؤكد هذا قول مايكل وولف إنه في اقتصاد الترفيه، يمتزج العمل بالتسلية بحيث يصبح عامل الترفيه أحد الجوانب المهمة في الأعمال التجارية.
فمن خلال جعل الاقتصاد مسلياً ومرفهاً، أصبحت أشكال الترفيه كالتليفزيون وحدائق الملاهي وألعاب الفيديو وغيرها من القطاعات الرئيسة في الاقتصاد الوطني لبعض الدول.
ولذا، ففي عالم المال والأعمال الجديد أصبح لعامل المتعة والبهجة قيمة ترجيحية بالنسبة لبعض المنتجات على بعضها الآخر، وهكذا أصبحت المؤسسات الكبرى تسعى من أجل إضفاء البهجة والتسلية والترفيه على إعلاناتها وعلى بيئة العمل وكذا على المواقع الإعلانية التجارية الخاصة بها أو على مواقع الإنترنت، وهكذا أصبحت هناك شركات تستخدم حيوانات وتكملة كالقطط والكلاب والضفادع، إذ أصبح الإعلان عن المنتجات يشبه ما يحدث في مدينة الملاهي من مسرح ودهشة وتسلية.
ختاماً أقول: كي تنجح المؤسسات التجارية في الأسواق العالمية التي يتنازعها المنافسات المستمرة، ينبغي أن تعرض وتدور صورتها واسم ماركتها، لتمتزج التجارة بالإعلان في تعزيز عروض الميديا.


عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام

..... الرجوع .....

العنكبوتية
الاتصالات
الالعاب
الامن الرقمي
قضية تقنية
دليل البرامج
اخبار تقنية
جديد التقنية
معارض
برمجة
منوعات
حاسبات
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved