Telecom & Digital World Magazine Sunday26/08/2007 G Issue 222
إضاءة
الأحد 13 ,شعبان 1428   العدد  222
 
الآثار المتوقعة للروبوت على حياة البشر

 

 

03.تحل

* إعداد - أشرف البربري

منذ فجر البشرية ظل الإنسان ينتظر ظهور كائنات أو مخلوقات تسير على الأرض ويمكنها أن تتحدث إليه. وطوال آلاف السنين كانت الأنظار تتجه إلى العوالم الخارجية حيث الكواكب والمجرات التي تملأ الفضاء انتظاراً للقادم من بعيد، وظل السؤال: تُرى مَن هو المخلوق الذكي الذي يمكنه السير في الطرقات ويمكن للإنسان أن يتواصل معه؟ المفاجأة هي أن هذا المخلوق لن يأتي من الكواكب الأخرى، وإنما من معامل أبحاث العلماء في مجال الذكاء الصناعي والإنسان الآلي (الربوت)؛ فهذا المخلوق الذي طال انتظاره سيكون من صنع البشر أيضاً؛ فهناك محاولات جادة بالفعل لتطوير إنسان آليّ مزود بقدرات الذكاء الصناعي التي تتيح له التواصل مع البشر، وربما احترام قواعد التعامل، ولكن الأمر سيحتاج - بالتأكيد - إلى قواعد جديدة للتعامل. كانت هذه هي الخلاصة التي توصلت إليها شبكة أبحاث الإنسان الآلي الأوروبية وأصدرتها تحت عنوان (خريطة طريق أخلاقيات الإنسان الآلي) الربيع الماضي؛ فمن المنتظر في لحظة ما من القرن الحادي والعشرين أن يظهر جيل من الإنسان الآلي يتمتع بقدر من الذكاء الذي يتيح له تكوين مجتمعات خاصة به ويتم التعامل معه باعتباره سلالة أو فصيلة من فصائل (الأحياء) على كوكب الأرض.

وقد توصلت المجموعة البحثية الأوروبية إلى خلاصة تقول إن هذه اللحظة التي سيظهر فيها هذا الجيل من الإنسان الآلي سوف تكون بداية لكم كبير من (المشكلات الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية). وبالنسبة للبعض فإن ما توصلت إليه شبكة أبحاث الإنسان الآلي الأوروبية ليس أكثر من مجرد افتراض خيالي أو كتاب جديد من كتب الخيال العلمي التي تتحدث عن تعامل الإنسان مع الإنسان الآلي. ولكن في المجتمعات الغنية بالإنسان الآلي، وبخاصة اليابان وكوريا الجنوبية اللتين تسعيان إلى وجود إنسان آلي في كل بيت بهما بحلول 2013 بدأ الباحثون بالفعل دراسة الآثار المحتملة للإنسان الآلي على مجتمعاتهم.

وفي الولايات المتحدة شكل عضو مجلس النواب الأمريكي الديموقراطي عن ولاية بنسلفانيا مايك ديولي والعضو الجمهوري عن ولاية تينسي، زاك وامب، لجنة في الكونجرس لدراسة قضية الإنسان الآلي وتطوره باعتباره (التكنولوجيا الأولى في القرن الحادي والعشرين).

ويقول بيل جيتس امبراطور صناعة برامج الكمبيوتر في العالم ورئيس شركة مايكروسوفت الأمريكية العملاقة إن صناعة الإنسان الآلي الآن تذكره بصناعة الكمبيوتر منذ 30 عاماً عندما أسهم في تأسيس مايكروسوفت لتصبح أكبر شركة لإنتاج برامج الكمبيوتر في العالم في الوقت الذي كانت المؤشرات تقول إن الكمبيوتر سيكون عنصراً أساسياً في الحياة اليومية للجميع.

وقد أصبح الإنسان الآلي الذي أنتجته وكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا) لدراسة كوكب المريخ أكثر تعقيداً في الوقت نفسه الذي بدأت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) تطوير جيل جديد من العربات المصفحة التي تعمل بالإنسان الآلي وغير ذلك من الأسلحة التي تعمل أيضاً بالإنسان الآلي لكي يتم استخدامها في المعارك بحلول عام 2015 وفي وقت سابق من العام الحالي بدأ الجيش الأمريكي استخدام أول مدفع يعمل بالإنسان الآلي في العراق ليعمل مع وحدات إزالة الألغام.

وفي حين يمكن للجنود التحكم في الآلات عن بُعد فإن الجنود الآليين سوف يعملون بحرية أكبر فيما يمكن تسميته التحكم الذاتي. ليس هذا فحسب بل إن الإنسان الآلي فيما بعد يمكن أن يتصرف وفقاً لمعايير أخلاقية في أرض المعركة مقارنة بالجنود البشر.

وعلى سبيل المثال هل سيكون اشتعال الحرب في هذه الحالة قراراً أسهل إذا كان من سيخوضها من الجنود الآليين وليس من الجنود البشريين الذين يعودون إلى بلادهم في توابيت؟ وهل ستكون هناك قواعد جديدة للاشتباك عندما يكون الجنود آليين؟ إحدى النظريات المقترحة تقول إنه سيكون مسموحاً للإنسان الآلي فقط بمواجهة إنسان آلي في ساحة المعركة، وأن القيام بالقتل سيكون مهمة العنصر البشري فقط. كما أن الإنسان الآلي الذي يتخذ ملامح بشرية سوف يقدم فرصاً جديدة. ويمكن لمثل هذا الإنسان أن يقوم بمهام الإنقاذ والدوريات ومساعدة المعوقين.

وقد أظهرت بعض التجارب أنه يمكن بالفعل إقامة علاقة جيدة بين البشر والإنسان الآلي حتى أصبح السؤال: هل يمكن أن يأتي اليوم الذي يمكن لأحد الأشخاص أن يفضل صداقة أو مرافقة إنسان آلي على صداقة البشر العاديين؟ وهناك سؤال آخر هو: على مَن ستقع المسؤولية والحساب إذا ارتكب إنسان آلي خطأً أو سبّب ضرراً لأحد؟

وإذا كان يمكن للعلاقة أن تتوثق إلى هذا الحد بين البشر والإنسان الآلي فهل يمكن أن تترتب حقوق قانونية لمثل هذا الإنسان الآلي في المستقبل بما في ذلك وراثة الإنسان العادي الذي يعيش معه؟ وهل يصدر الكونجرس الأمريكي قانون (الحريات المدينة للإنسان الآلي بحلول 2037)؟

وهنا نتصور أنه عندما يحصل الإنسان الآلي على حقوقه فربما تزداد فرص حصول الإنسان العادي على حقوقه... وأخيراً نقول إن عالم المستقبل ربما يكون عالم البشر الآليين.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة