Telecom & Digital World Magazine Sunday26/08/2007 G Issue 222
ريبورتاج
الأحد 13 ,شعبان 1428   العدد  222
 

عالم (الشات).. مزانق وسلبيات!

 

 

*ريبورتاج - غادة إبراهيم

عالم التخاطب عبر الإنترنت (الشات) ملغوم ويزخر بكل معاني الزيف والوهم، ومع ذلك فهو نافذة جديدة يقدمها لنا العصر الحديث، لكنه في واقع الأمر عالم أليم يُضاف إلى همومنا اليومية ومشاكلنا التربوية، وكثيراً ما نغفل عن ذلك ونتهاون بالرغم مما نلمسه يومياً من جرائم وسلوكيات خطيرة ناجمة عنه! ولعالم (الشّات) عشاق كثيرون من الشباب يلجؤون إليه بغرض التسلية والتغلب على الملل في البداية، إلا أنهم يكتشفون فيما بعد أنهم وقعوا في ظلمات آفاق مخيفة يُباح فيها كل شيء وأي شيء!

فجرّاء قضاء ساعات طويلة أمام الكمبيوتر يجد الكثير من الأولاد والأبناء والشباب أنفسهم - بعد حين - وقد اغتربوا نفسياً واجتماعياً وقيمياً عن مجتمعاتهم.. وكل ذلك في غفلة تامة عن أولياء الأمور!

فماذا يحمل الشات من هموم ومشاكل؟ وهل هو عالم كله سلبيات أم فيه بعض الإيجابيات؟!

رويدا تعترف بما للشّات من مخاطر كبيرة على المراهقين والمراهقات ممن يفتقدن الرعاية والاهتمام من أسرهن، كما أن البعض يستغله للترويج لدعايات سامة لا أخلاقية.. وتضيف قائلة: (بالتأكيد يكون الشّات أحياناً سبباً لكثير من الكوارث الأخلاقية وكل هذا يتم بعيداً عن رقابة الأهل أو أجهزة الأمن).

أشعر بتأنيب ضمير!

وعلى النقيض من (رويدا) كان ل (هيا) طالبة جامعية رأي آخر وهي التي امتنعت بإرادتها عن الاستمرار في هذا الطريق وتروي دافعها لذلك: (سمعت كثيراً عن الشات من صديقاتي لذا قررت أن أخوض التجربة للاستطلاع والفضول والرغبة في معرفة خبايا هذا العالم.. وقد تحاورت مع الكثير من الشباب والفتيات، ومنهم شاب تعرفت عليه دون الإدلاء بأسمائنا الحقيقية وبالرغم من الصراحة المطلقة التي كنا نتحدث بها لكن مع ذلك كنت أشعر بتأنيب الضمير كون تربيتي تمنعني من التحدث في مثل هذه الأمور، لكن بعد فترة من التعمق في هذه الحوارات تبين لي حقيقة هذا الشاب، وكشف عن أنيابه وهددني بفضحي على الشات، الأمر الذي جعلني أنأى عن هذا العالم الزائف ولو علم الأهل بما يجري فيه من حوارات لكانت صدمتهم قاسية جداً، ولهذا السبب يجب عليهم القيام بالرقابة الدائمة للأبناء ونصحهم المستمر).

فكلام فموعد فلقاء!

وفي نفس السياق تقول (نورا - 20 عاماً): أنّ الأمر بات في منتهى الخطورة ويمس واقع الشباب والفتيات بشكل يفتقد للرقابة من الأهل والمجتمع حيث يبدأ الشباب والمراهقون من الجنسين مثل هذه العلاقات عبر الشات والرسائل الإلكترونية ومن ثم تبادل الصور وأرقام الهواتف الجوالة، بعدها يتحول الأمر إلى علاقات خطيرة.. كل هذا والأهل في غيبوبة عما يحدث - تقول نورا - وتسأل: (لماذا لا يسأل الأهل أنفسهم عن السبب الذي يجعل الابن أو الابنة تغلق على نفسها باب الغرفة لساعات طويلة وتسهر كل هذه الليالي أمام جهاز أصم؟ ولماذا يتوجه البعض إلى مقاهي الإنترنت مع أن جهاز الكمبيوتر غالباً ما يكون متوفراً لهم في المنزل)؟!

وتتابع (نورا): (طبعاً الإجابة هي (الشات) الذي يدفع بهؤلاء الشباب إلى الانفراد بأنفسهم والابتعاد عن رقابة الأسرة، لما قد يظهر على الشاشة من عبارات نابية أو تبادل صور إباحية!).

وتشدّد (نورا) على أن مثل هذه الأمور لا بد لها من رقابة صارمة من الأهل وتربية بناتهم على وجه الخصوص لأن المجتمع يغفر للشاب الكثير إلا أن الخطورة الحقيقية في سقوط الفتاة في مثل هذه الحبائل.

علاقات مزيّفة!

تؤكد (سارة) أنّ مثل هذه العلاقات - عبر الشات - مزيفة ومضيعة للوقت ولا تقدم فائدة تذكر للشباب والفتيات كما يعتقدون واهمين وتقول: (لا فائدة من هذه الدردشة والحوارات التي حلت محل المعاكسات التقليدية مع أنها أكثر خطورة وربما تستدرج الفتاة لعلاقات غير مأمونة الأمر الذي قد ينعكس عليها سلبياً ذلك أن الشباب يتداولون اسم الفتاة بمنتهى البساطة فيما بينهم كما أن معظم الفتيات يصدّقن ما يُقال لهن من عبارات معسولة!).

وتعرب (سارة) عن استيائها من اعتماد الشباب هذا الأسلوب في التعامل مع الإنترنت الذي أضحى في معظم الأحيان وسيلة للعبث والإيقاع بالفتيات والعلاقات غير السوية والدعايات الخبيثة، في الوقت الذي تمتلئ فيه الشبكة العنكبوتية بما يفيد الشباب كل في مجال تخصصه.

قضاء الوقت أم قضاء على الأسرة؟!

تستهجن (هيفاء) وهي ربة منزل لجوء بعض الزوجات إلى عالم الشات بهدف تضييع الوقت - كما تقول بعضهن - الأمر الذي يتسبب - ربّما - في هدم البيوت وتشريد الأطفال وكثيراً ما تكتشف زوجات علاقات مشبوهة لأزواجهن عبر الشات وتطلب أخريات الطلاق بسبب انشغال الزوج بهذا العالم الغريب الذي يقصده كل شخص غير قادر على التوافق مع عالمه الواقعي ولأسباب كثيرة منها خلل في التربية أو فراغ كبير أو عدم وجود هدف واضح في الحياة... وتقول (هيفاء): (بشكل عام، سمعنا عن الكثير من البيوت التي تهدمت بسبب إقبال الزوجة أيضاً على الشات وكذلك الأمر بالنسبة للفتيات اللواتي يقعن في حبائل الشباب وكذبهم، إذ يعانين من مشاكل أسرية وعدم القدرة على التوافق مع الآخرين بسبب ما تمليه عليهن تغييرات المرحلة التي ينتقلن فيها من الطفولة للنضج وهي سمات المراهقة التي تحتاج إلى رقيب رحيم وحازم في الوقت نفسه من الأهل والذين يخطئون باعتقادهم الدائم بأن أبناءهم على خير ما يرام).

رأي علم النفس والاجتماع

يقر علماء النفس في هذا المضمار أن الأبناء يعيشون حالة من الاغتراب النفسي والاجتماعي تتمثل في افتقادهم مقومات الحوار الاجتماعي والصداقة الحقيقية داخل الأسرة فضلاً عن الفراغ الذي يعيشونه.

نتيجة هذا الاغتراب المجهول يُغرقون أنفسهم في الدردشة عبر الشات، وبالرغم من أنهم يعيشون في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد إلا أن عقولهم تتسم بسمات غربية ناتجة عن عصر التكنولوجيا والانفتاح الواسع ومع غياب دور الأسرة يحدث الصراع الداخلي لديهم فيلجؤون إلى ألسنة تخاطب مجهولة دون خجل أو خوف وهذا الواقع يؤثر سلباً في حياة الشباب الاجتماعية ويدفعهم إلى الانطوائية والذاتية والتمزق.

وينبغي - في كل الأحوال - البحث عن لب المشكلة الذي يتمثل في ضرورة غرس القيم في الأبناء، وأن تبقى الأسرة مسؤولة بشكل كامل للحد من أي انحراف قد يطرأ وذلك بناءً على ما تغرسه من قيم ومبادئ.. وبالطبع لا يجب حرمان الأبناء من استخدام هذه الوسيلة التكنولوجية الحديثة في التخاطب بل حمايتهم بالتربية السليمة والأسس الأخلاقية الثابتة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة