الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 27th November,2005 العدد : 140

الأحد 25 ,شوال 1426

تقنية المعلومات والمعرفة المعولمة!!!
* إعداد: د. زيد بن محمد الرماني *
إنَّ المعلومات والمعرفة لا تعترفان بحدود سياسية سيادية للدولة، فالسمة الأساسية للاقتصاد الدولي المعاصر هي دولنة الاقتصاد international alzation of Economies، أي أنه أصبح من الصعب ترسيم حدود الاقتصاد الوطني.
هناك تشابك هائل بين الاقتصادات، خاصة أن معظم السلع المركبة تنتج مجزأة في مناطق شتى. وتوازى مع هذه ما أطلق عليه عولمة الأسواق Globalzation of Markets التي أصبحت متشابكة إلى حد كبير.
لقد كان آدم سميث يؤمن بأن العاداتْ التي أنشأتها الرأسمالية سوف تنتشر إلى بقاع الأرض بسبب تفوقها في إيجاد ثروة الأمم.
وكان كارل ماركس يؤمن بأن الرأسمالية سوف توحد العالم في سوق واحد كبير، بعد أن تدك السلع المتداولة في التجارة الدولية.
وقد تبعهما في هذا الإيمان واليقين مئات، بل وآلاف من أساتذة الاقتصاد وأنصار وتلاميذ العلوم الاجتماعية طوال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين.
وصار هؤلاء يمثلون تياراً عريضاً في الفكر السياسي والاجتماعي، وذلك بغض النظر عن موقفهم من الرأسمالية.
فقد صارت فكرة أن الرأسمالية قادرة على التوحيد الاقتصادي للعالم كله، ليس مجرد نظرة علمية، وإنما أصبحت نوعاً من الاعتقاد التنبئي بما يجعلها لدى الكثيرين في صف واحد مع اليقين.
بيد أنه حتى أنصار مدرسة سوق واحد حتمي في كوكب الأرض، بتأثير وضغط الرأسمالية، لم يدر بخيالهم المدى المذهل الذي تتحقق به تنبؤاتهم، ونحن في أوائل القرن الواحد والعشرين. فالسلعة صارت لها قوة عجيبة وقدرة فريدة على النفاذ عبر الحدود، واختراق الأسوار، والانتشار حتى في الثقوب الصغيرة.
ومن الناحية العلمية لا نستطيع أن نتحدث عن كوكب اقتصادي أرضي واحد بعد، فلا يزال هناك تعدد في النظم الاقتصادية، حتى بعد انهيار الاشتراكية كنظام منافس ومناقض للرأسمالية.
فهناك تكتلات تتصارع حول الامتيازات داخل وخارج نطاقاتها السياسية والاقتصادية بوسائل لا يرضى عنها أساتذة الاقتصاد والرأسمالي. وهناك حدود كثيرة بين الأمم والأقاليم والثقافات تجزئ الاقتصاد العالمي وتشوش كثيراً صورة توحده.
فعلى المستوى الاقتصادي هناك عولمة أو كوكبة للسلع، ولكن هناك عملية موازية لإعادة إنتاج الفقر والثروة، وهو ما يترتب عليه تضاعف الحرمان في مناطق كثيرة من العالم.
وعلى المستوى الاتصالي، أدت ثورة التقنية المعاصرة إلى جعل العالم قرية اتصالية صغيرة. وعلى المستوى السياسي، يتحدث بعض السياسيين عن نظام عالمي جديد.
في ظل هذا كله، لا يمكن أن تكون الكوكبة الاقتصادية عملية إيجابية، بل هي بتأثير الرأسمالية عملية حافلة بالتوترات والمتناقضات.
من هذا المنطلق، يمكننا أن نرى عملية توسع مجال الحركة للموارد الاقتصادية المادية، التي تؤدي إلى تنميط متزايد لشروط المبادلات الدولية، أي حركة السلع، التجارة السلعية، حركة التقنية، وحركة رأس المال، أي تجارة الائتمان الدولي.
يقول د. محيي مسعد في كتابه (ظاهرة العولمة): لقد خلط الاقتصاديون بين الوطنية الاقتصادية وفكرة أفول النزاعات الوطنية، بما أدى بهم إلى التنبؤ بنهاية عصر المدرسة الوطنية عموماً، في مجال الاقتصاد بصفة خاصة. وبدت لهم الكوكبة الاقتصادية نقيضاً للوطنية الاقتصادية على كل المستويات، بالنسبة لكل الأمم والشعوب. والواقع، أن نبوءة اضمحلال الوطنية ظهرت منذ بداية الخمسينيات، ومع ذلك فالظاهرة الواضحة على نحو متزايد هي التأكيد المضاعف على الوطنية وعلى سلطة الدولة وسيادتها.
لقد ارتبطت الوطنية الاقتصادية في الماضي باستخدام الأدوات الإدارية والسياسية لتحقيق المصالح الاقتصادية الوطنية، وأهم هذه الأدوات هي سياسة الحماية التجارية، وضمان السيادة الوطنية على الثروات الطبيعية، والإجراءات التقليدية الخاصة بالاستثمارات الأجنبية ونقل التقنية.
إنه من غير الممكن توظيف هذه الأدوات والإجراءات التي مثلت الشكل الأساسي للوطنية الاقتصادية في عقدي الستينيات والسبعينيات إلا إذا رغبت الدولة في عزل نفسها عن الاقتصاد العالمي، وهو أمر ثبت أنه يضر أكثر مما ينفع.
إن الوطنية الاقتصادية يمكن أن تضمحل في الظروف الجديدة للنظام العالمي، خاصة جانبه الاقتصادي، إلا إذا استطاعت الأمم والدول الوطنية أن توجد أشكالاً جديدة لتعظيم مصالحها الوطنية والاقتصادية، وهذا هو التحدي الذي يواجه العالم الثالث عامةً، والوطن العربي خاصة. فجوهر الوطنية الاقتصادية يمكن أنْ يستمر حتى في الطور الجديد لتطور الاقتصاد الكوكبي المعولم. ولكن.. كيف تنجح الأمم، خاصة عالمنا العربي والإسلامي، في تحسين موقعها التوزيعي في إطار عملية العولمة الاقتصادية؟!. إن جوهر المنافسة التوزيعية هو التسابق حول الحصول على فرص أفضل للنمو الاقتصادي. والقلب المحرك لغرض النمو الحقيقي للاقتصاد الوطني هو البشر من ناحية، والتقنية من ناحية أخرى.
ومن ثم، فينبغي وضع استراتيجيات نمو وتطور جدية في العالم العربي، ترتكز أساساً على مفهوم التنمية البشرية، فالفوارق بين تنافسية وانتاجية الأمم ومعدلات تطورها متفق مع الفوارق في المستويات المتحققة للتعليم والصحة وتدريب وتنظيم القوى العاملة.
إن الوطن العربي يحتاج بصورة حاسمة من أجل تأمين مستقبله الاقتصادي والسياسي إلى التركيز على التنمية البشرية، حيث صارت معظم الدول العربية، خاصة الأقل غنى، من بين أقل دول العالم إنجازاً في مؤشرات التعليم والصحة والحقوق الإنسانية للسكان، كما يظهر بوضوح من تقارير التنمية البشرية السنوية الدولية.
ختاماً أقول: إنَّ من اللازم في الدول العربية أن تتم عملية كبيرة لإعادة صياغة دور الدولة، حيث تركز على التنمية البشرية.
وقد آن أوان ذلك!!.


* المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية

..... الرجوع .....

السوق المفتوح
العنكبوتية
وادي السليكون
الالعاب
بورة ساخنة
قضية تقنية
دليل البرامج
اخبار تقنية
جديد التقنية
الحكومة الالكترونية
منوعات
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved