Telecom & Digital World Magazine Sunday28/01/2007 G Issue 193
هاكرز
الأحد 9 ,محرم 1428   العدد  193
 

(اللص الذكي)
أشهر مخترقي الشبكات في العالم

 

 
* اعداد: جهاد كرمول

نسلط الضوء في هذا الأسبوع على واحد من أشهر المخترقين على مستوى العالم، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق، الذي كانت له صولات وجولات في عالم الاختراق، حتى وصل الأمر لحد مطاردة وكالة الاستخبارات المركزية إف بي آي الحثيثة له، وقد نجح لمدة ثمانية عشر عاماً في اختراق عشرات المؤسسات، بدءاً من شركة الهاتف المحلية لمدينته، وصولاً إلى البنتاجون.

كان كيفين ماتينيك أحد المخترقين الذين قد بدؤوا أول خبراتهم في الاختراق مع المقاسم الهاتفية، والاستماع للمكالمات، وخاصة مكالمات المتنفذين والأغنياء وأصحاب السلطات، وهذا ما خلق شعوره بالتفوق.

في بداية الثمانينيات وبالتحديد عام 1981م تمكن كيفن واثنان من أصدقائه من الدخول خلسة، إلى المركز الرئيسي لشركة الهاتف في مدينة لوس أنجلوس، ووصلوا إلى الغرفة التي تحتوي على الكمبيوتر الذي يدير عمليات الاتصال، وأخذوا كتب التشغيل الخاصة به، وقوائم وسجلات تتضمن مفاتيح السر لأقفال الأبواب، في تسعة مراكز أساسية تابعة لشركة الهاتف في المدينة، وعند اكتشافهم قضت المحكمة بسجنه ثلاثة أشهر في سجن الأحداث بتهمة السرقة، وتدمير بيانات عبر شبكة كمبيوتر.

كانت محاولات مركز الخدمة الاجتماعية لتطوير خبراته في مجال الكمبيوتر، والاستفادة منها بشكل شرعي حثيثة، لكن النتيجة جاءت سلبية، إذ سعى كيفن إلى تعلم أمور مختصرة، وحيل تساعده على ممارسة هوايته باختراق شبكات الكمبيوتر وهو ما أدى لاعتقاله ثانية عام 1983 من قبل شرطة جامعة شمال كاليفورنيا، بعد ضبطه يحاول استخدام كمبيوتر الجامعة لاختراق شبكة ARPA net للوصول من خلالها إلى البنتاجون وحكمت المحكمة عليه بستة شهور تدريب في إصلاحية للأحداث، في كاليفورنيا. وبعد سنوات اعتقل مرة ثالثة، بسبب العبث بكمبيوتر حسابات لإحدى الشركات، و بقي رهن الاعتقال لمدة سنة كاملة دون محاكمة، بسبب اختفاء ملفه من مركز الشرطة لسبب مجهول.

احتياطات ذكية

في عام 1988 استحوذت عليه فكرة الحصول على نسخة من نظام التشغيل الخاص بالMini Computer لشركة ديجيتال، وذلك من خلال اختراق شبكة (ايزي نت) الخاصة بالشركة. ومن أجل ذلك كان يذهب مساء كل يوم إلى مقر عمل صديقه الذي يعمل في قسم دعم البرامج في إحدى شركات الكمبيوتر. وكانا يحاولان لساعات طويلة، الدخول إلى مختبرات شركة ديجيتال، التي اكتشف المسؤولون فيها تلك المحاولات، لكنهم فشلوا، وبالرغم من كل الجهود التي بذلوها، في تحديد الجهة التي تقوم بهذه المحاولات. ولم يكن منهم إلا أن استعانوا بالشرطة المحلية ومكتب التحقيقات الفيدرالي اللذين عملا بالتعاون مع خبراء ديجيتال، لأيام عديدة على تتبع مصدر محاولات الاختراق، بدون التوصل إلى نتيجة، لأن كيفن كان قد اتخذ احتياطات ذكية، لمنع اكتشافه، وذلك باستخدم جهازي كمبيوتر، الأول يحاول عن طريقه اختراق الشبكة الخاصة بالشركة، والحصول على نظام تشغيل، والثاني يراقب مركز مؤسسة الهاتف، ويتتبع المحاولات الرامية لاكتشافه مما كلف المسؤولين في شركة ديجيتال الكثير من الوقت، في مراقبة أجهزة الشركة، وتطبيق إجراءات جديدة للحماية، وكلفهم ذلك مئات آلاف الدولارات.

عملية كهذه لا تعجز مكتب التحقيقات الفيدرالي لكشفها بسهولة من خلال تتبع الهاتف الذي يتصل منه، ولكن اختراق كيفين لشبكة الهاتف، مكنه من العبث ببدالتها، وتضليل المحققين. وهذا ما حدث عندما توجهوا مسرعين إلى الشقة التي توصلوا إلى أن محاولات الاختراق تجري بواسطة الهاتف الموجود فيها، ليكتشفوا أنهم كانوا مخطئين، وكادت هذه الجهود تذهب أدراج الرياح، لولا وشاية شريك كيفين به.

أحيل كيفن إلى محكمة لوس أنجلوس، بتهمة سرقة برامج تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، وتسببه في خسارة شركة ديجيتال أكثر من 200 ألف دولار، صرفتها لتبقيه بعيداً عن أجهزتها، وجد بعدها مذنباً في قضية استخدامه الكمبيوتر لسنوات طويلة للاحتيال، وحصوله على كلمات السر للعديد من أجهزة الشركات بشكل غير شرعي.

كانت تلك المرة الخامسة التي يدان فيها كيفن بجرائم تتعلق بالكمبيوتر، لكن قضيته هذه المرة أثارت اهتمام الرأي العام في أمريكا، بسبب غرابة الحكم الذي صدر بحقه. فقد حكم عليه بالسجن سنة واحدة، وستة شهور معالجة من (إدمان اختراق نظم الكمبيوتر عبر الشبكات)!!!.

في ديسمبر من العام 1992، تلقى قسم الآليات بكاليفورنيا اتصالاً عبر الكمبيوتر، يطلب فيه صاحبه الحصول على نسخ من شهادات رخص القيادة للمتعاونين مع الشرطة. واستخدم المتصل شيفرة تظهر أنه مخول قانونياً بالاطلاع على تلك الوثائق، وطلب إرسالها بالفاكس إلى عنوان في إحدى ضواحي لوس أنجلوس. استشعر مسئولو الأمن ريبة في الطلب، ففحصوا الرقم المطلوب إرسال النسخ إليه، فتبين أنه محل لتقديم خدمات التصوير والفاكس. وقرروا إرسال المطلوب، لكنهم أرسلوا قبل ذلك عناصر من الأمن إلى المحل، لمعرفة الشخص الذي يطلب هذه المعلومات، وهدفه من وراء ذلك. وقفوا على باب المحل ينتظرون الإمساك به، ولم ينتبهوا إليه إلا بعد خروجه حاملاً الأوراق، وعندما شعر بهم، هرب راكضاً عبر إحدى الحدائق القريبة. وركضوا خلفه، فسقطت الأوراق على الأرض، وتوقفوا لالتقاطها، فتمكن من الهرب. ووجد مسئولو الأمن عند فحص الأوراق لاحقاً، أنها تحمل بصمات كيفن، ليكتشفوا أنه ما زال يمارس نشاطه.

جعلت هذه الحادثة، ونجاته من المطاردة، وما كتبته الصحف عنه، من كيفن لصاً ذكياً، ومثيراً للإعجاب، بل إن أحد الصحفيين ويدعى ماركوف، جعل أخبار كيفن شغله الشاغل، وأخذ يلتقط كل كبيرة وصغيرة عنه، ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي، إلى تعيينه مستشارها في عمليات مطاردة كيفن.

اللص البطل

وبعد سلسلة من حوادث الاختراق المثيرة، والملاحقة المثابرة لكيفين ميتينك تم اعتقاله ووضع في السجن دون محاكمة، إلى أن صدر عليه حكم في 27 يونيو عام 1997 بالسجن لمدة اثنين وعشرين شهراً، لكن كيفن كان حينها أمضى مدة الحكم وزاد عليها أربعة شهور، ومع ذلك لم يطلق سراحه حتى الآن، بانتظار محاكمات أخرى. تتمثل حجة المحققين، في أنه خطر جداً لدرجة أنه قادر باتصال هاتفي واحد، على وضع البلاد في حالة استنفار قصوى، استعداداً لحرب عالمية ثالثة، بفضل قدرته على اقتحام أخطر المواقع، عبر شبكات الكمبيوتر والهاتف.

هذه المعاملة القاسية التي يتلقاها كيفن، إضافة إلى حرمانه من حقوق لا يحرم منها، عادة، أخطر المجرمين، زادت عدد المتعاطفين معه، الذين يطالبون بالإفراج عنه فوراً، كما جعلت منه بطلاً في نظر الكثيرين في الولايات المتحدة. وشكل البعض جماعات للدفاع عنه، وقالوا إنه ليس مجرماً، وإنه لم يبع المعلومات والبرامج التي كان يستولي عليها، بل كان يستخدمها لزيادة قدراته، فقط.

انظر موقعه http://www.kevinmitnick.com/

(مصائب قوم عند قوم فوائد)!

ففي الوقت الذي يقبع كيفن ذليلاً، خلف قضبان السجن، يعاني الفقر والحرمان، يجني بعض الكتاب الذين تناولوا سيرة حياته ملايين الدولارات. ويعد كتاب Takedown، الذي اشترك في تأليفه الصحافي ماركوف والخبير شيمومورا، أشهر هذه الكتب، ويجري تحويله حالياً، إلى فيلم أمريكي، ربما نراه قريباً على الشاشة الكبيرة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة