الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 29th February,2004 العدد : 58

الأحد 9 ,محرم 1425

الإنترنت في حقبتها الجديدة
مخاوف من خطر تزايد المستخدمين

إعداد: طارق راشد
تتسع دائرة شبكة الإنترنت بوتيرة تصاعدية، وتمر بمرحلة انتقالية كبيرة، ومنعطف خطير في مسيرتها العملية حيث تستقبل يوما بعد يوم سيلاً هائلاً من المستخدمين الوافدين، الذين حتماً سيتركون بصماتهم الواضحة على سطح الشبكة، الأمر الذي يتطلب نقلة موازية على صعيد ثقافة التشغيل وزيادة الوعي بأسس التأمين والحماية،. ولا يسعنا حتى البدء في إحصاء المترددين على شبكة الإنترنت أوتقصي نموها، وذلك بسبب طبيعتها الفوضوية وانتشارها الواسع. وبزيادة عدد الوافدين على الإنترنت ستزداد المخاوف التي لم تشهدها الأجيال السابقة، وستتطلب الثقافة الجديدة موارد وخدمات وتقنية مغايرة لتلك التي توقعتها واستخدمتها الأجيال السابقة. ويمكننا الآن بالفعل أن نشهد تعارضا بين الثقافة الناشئة والثقافة الراسخة. وأشد الصراعات القائمة تتعلق بمشاركة الموارد، والاستغلال التجاري البحت الوشيك للإنترنت، ومشكلة جرائم الكمبيوتر المتفاقمة.
بدايات الإنترنت
لقد نشأت شبكة الإنترنت بمجهود موحد بين الحكومة والباحثين، وظلت لعشرين عاما بعدها العالم الخاص الحصري لهما في الغالب الأعم. ولقد اتخذت الإنترنت في بدايتها شكلا ما كان يعرف ب APRANET وهي اختصار (شبكة الإنترنت التابعة لوكالة مشروعات الأبحاث المتقدمة)، والتي صُمِمَت بحيث تتميز باللامركزية كي تدعم العمليات إبان الهجمات النووية. ولازالت هذه الطبيعة قائمة حتى الآن بارزة في مرونة الإنترنت على المستويين التقني والثقافي. لقد انتهى العمل ب APRANET عام 1990، وتولت مؤسسة NSFNET (مؤسسة العلوم القومية) الشبكة الأساسية. هذا واقتصر المستخدمون الأساسيون للإنترنت منذ عام 1969 على البحث أوكخبراء كمبيوتر في الجامعات أومتسللين، ومستكشفين إمكانات وحدود هذه التقنية الجديدة. وشكل هؤلاء مجتمعا متسقا له العديد من الأهداف والأخلاقيات المتشابهة. وبالإضافة إلى تجانس الإنترنت، فالحجم الصغير لها أفضى إلى شعور قوي بمجتمع ذي نسيج واحد. ولقد كان هناك صراع بين الباحثين والمتسللين حول مشاركة الموارد وسياسات الأمن والسرية، ولكن الجانبين تمكنا، في المجمل، من التعايش السلمي دون أي أضرار جسيمة.
اندماج تلقائي
وكان مستخدموالجامعات هم أحدث الوافدين على هذا الجيل القديم المزعوم ولم يكونوا منغمسين في الأبحاث على الإنترنت، فهؤلاء هم الطلبة الذين كانوا يستخدمون الإنترنت للتراسل بالبريد الإلكتروني، ومطالعة الأخبار على الإنترنت، والمشاركة في مناقشات تفاعلية على الشبكة من خلال التخاطب أومن خلال التيلنت (Telnet) أوالدردشة على الإنترنت. ولقد اندمجت هذه الفئة بصورة انسيابية مع المجتمع الأساسي. وفي الوقت الذي ظل فيه هذا المجتمع يتقاسم الأبحاث المشتركة والتوجهات التعليمية، حافظ على اتساقه وثبات ثقافته إلى حد كبير، ولعل هذه الأبحاث اتسعت رقعتها فقط في الجانب الترفيهي. ولم يتنافس هؤلاء المستخدمون مع الباحثين على الموارد اللهم إلا على الزمن النظامي، والذي صار متاحاً بصورة كبيرة في الثمانينات.
لقد شهدنا الطفرة التي أحدثها الجيل الجديد على الإنترنت منذ العام أوالعامين الماضيين فحسب. فقد بدأت الشركات في ربط أعمالها بالإنترنت ولاسيما في ظل توقعات انتقال ملكية الشبكة الأساسية التابعة لمؤسسة (NSFNET)(مؤسسة العلوم القومية) بحيث أصبحت تجيز تضمين المواد التجارية على الإنترنت.
انتشار الخدمات الحصرية
وبدأت الشبكات المحلية التي تديرها المجتمعات أوالشركات في الظهور في مدن شتى في مختلف بقاع العالم، واستقطبت أناسا معرفتهم بالكمبيوتر قاصرة وشغلهم الشاغل هوالمادة الترفيهية والمعلومات التي يستطيعون جمعها من الإنترنت. إن مزودي الخدمة التجاريين أمثال America Online وCompuserve يشرعون الآن في فتح بوابات من خدماتهم الحصرية لشبكة الإنترنت المفتوحة، بحيث يسمحون للمستخدمين بالوصول إلى البريد الإلكتروني، وأخبار الإنترنت، وقريباً أيضاً الوصول إلى خدمات بروتوكول نقل الملفات والتيلنت. لقد أدى تفشي أنظمة لوحة النشرات الحاسبية وبرمجيات بروتوكول فيدونت Fidonet إلى استقطاب العديد من المستخدمين ممن عجزوا عن الحصول على حساب من خلال الجامعة لعالم البريد الإلكتروني وأخبار الإنترنت.
وحتى هذه النقطة، أصبح أي شخص يمتلك جهاز كمبيوتر ومودم له القدرة على الوصول إلى الغالبية العظمى من هذه الخدمات الأساسية. وبدأت كثير من الولايات، مثل ولاية ميريلاند، في بذل جهود ترمي إلى توصيل كافة مواطنيها بالإنترنت، عادة من خلال أنظمة مكتباتها.
تقدم مدينة كيمبردج Cambridge، ولاية مساتشوسيتس Massachusetts، وصولا إلى الإنترنت لفترات قصيرة من الوقت في مكتباتها المحلية، وأيضا هناك العديد من مقاهي الإنترنت المتقدمة في منطقة خليج سان فرانسيسكو، وقريبا في منطقة بوسطن.
وقد تطورت شبكة الإنترنت ببطء في العشرين عاماً الماضية حيث تكيفت بصورة متأنية، فيما زاد عدد الوافدين عليها بصورة منتظمة، وغيرت من ثقافتها تجاه اهتمامات أكثر تشعباً. ولكن نتيجة للزيادة الرهيبة في أعداد المستخدمين في فترة وجيزة، من المتوقع أن يكون رد الفعل أشد وطأة، وسيتركز النقاش حول مسائل أساسية كثيرة لم تكن ذات صلة في مجتمع الإنترنت الصغير المتجانس. إن تأسيس عادات جديدة فيما يختص بهذه المسائل سيساعد على رسم معالم ثقافة الإنترنت في المستقبل.
مستقبل مخيف
الغالبية العظمى من الموارد الموجودة على الإنترنت الآن ليست مصممة للتعامل مع حجم الاستخدام المتوقع في الأشهر الستة التالية. ومن المعروف أن المواقع التي تقدم خدمات أرشيفات بروتوكول نقل الملفات ينتابها القلق بصفة خاصة حيال التدفق الهائل للمستخدمين الجدد من قبل الخدمات التجارية التي ستفتح خدمة الوصول إليها قريباً. لقد تعرض مديرو خدمة America Online لهذه النقطة في بريد إلكتروني أرسلوه لمديري النظام على اليونكس، وفيه عرضوا المشكلة الملحوظة وذكروا أنهم يطالبون بأن يقنن أعضاء خدمة America Online من مرورهم لخدمة بروتوكول نقل الملفات ويقتصرون على غير ساعات الذروة بالنسبة للمواقع ويعملون جنبا إلى جنب مع المديرين للمساعدة في التعامل مع المشاكل المعضلة.
وقد عرضوا توفير مواقع نظيرة لضمان وصول أسهل لهذه الموارد. ولكن لسوء الحظ قد لا تفي كل هذه الإجراءات بالغرض فمن المتفق عليه الآن أن مستخدمي الإنترنت سيحتاجون صبرا أكثر في المستقبل للوصول إلى المعلومات التي يبحثون عنها. وقد ظهرت مؤخرا عدة شكاوى من مستخدمي الإنترنت بسبب طغيان مستخدمي خدمة America Online على شبكة اليوسنت Usenet. وبالطبع فإن ملاحظات ملصقي الإعلانات لم يتسبب في تفاقمها خطأ أدى إلى إعادة إرسال رسائلهم ثمانية مرات. لقد تأسست المجموعات الإخبارية (مثل مجموعة alt.aolreject) بصورة أساسية بهدف إهانة مستخدمي خدمة America Online والتعبير عن الامتعاض إزاء دخولهم على شبكة اليوسنت. وبينما أصبحت الإنترنت أكثر ازدحاماً، يمكننا أن نتوقع قدرا أكبر من العداء والمنافسة على «حقوق» الدخول إلى الموارد.
حضور فاعل
وفي الوقت الذي تنتقل فيه ملكية الشبكة الأساسية التابعة لمؤسسة (NSFNET) (مؤسسة العلوم القومية) بحيث تجيز مرور المواد التجارية على الإنترنت، سنشهد حضورا تجاريا أكبر مما هوموجود بالفعل. إن أخلاقيات التعاملات التجارية على الإنترنت في الوقت الراهن شديدة الغموض. فالنظر إلى الاستخدام التجاري للإنترنت على أنه استخدام غير لائق لازال يجد صدى لدى شرائح عديدة من مستخدمي الإنترنت. والأحداث التي تقع مثل الإعلانات الضخمة التابعة لفريق محامين شركة كانتر آند سيجل Canter&Siegel أقلقت عددا كبيرا من الناس إزاء احتمالات سوء استخدام الدخول على الإنترنت.
على الجانب الآخر، نرى أن خدمات مفيدة في طريقها إلى الإنترنت، ولاسيما مع قدوم الاستمارات على الشبكة. سيشيع النشاط التجاري على الإنترنت بصورة أكبر في ظل التطورات التقنية مثل التوثيق والأموال الرقمية وغيرها.
ولكن جرائم الكمبيوتر أصبحت مشكلة ملحة بصورة أكبر في ظل تضخم عدد مستخدمي الإنترنت دون رقابة، وصار لكل من الأجيال القديمة والجديدة حاجاتها المختلفة من السرية والأمان ووجهات النظر المتباينة حيال ما يصنف ضمن جرائم الكمبيوتر.
وبينما هذا الصراع ينخر في نسيج الإنترنت، نجد الإعلام المطبوع يضخم كل قصة اختراق كمبيوتر ويرسم صورة مبالغا فيها لسلسلة الصور الإباحية على الكمبيوتر. إن الجرائم التي عادة ما ترتبط بالإنترنت بصورة عارضة يتم التشهير بها على أنها نذير بالفوضى المدمرة الموجودة على شبكة الإنترنت. وهذا التوجه حيال أخبار الإنترنت سيؤدي في نهاية الأمر إلى وتشجيع التعاون بينهم، لذا فقد كانت مشاركة الموارد تتم بصورة منتظمة ودون أدنى شكوى. وقد كان عدد المستخدمين قليلا بالقدر الكافي بحيث يستطيع المرء الحصول على الموارد التي يحتاجها دون توزيع استخدام الآخرين للإنترنت. وبطبيعة الحال، فلم يكن هناك قدر كبير من الوقت يتنافس عليه المستخدمون.
لقد بدت فكرة استغلال الإنترنت في الأغراض التجارية لعنة في نظر السواد الأعظم من المستخدمين، ولكن الشركات أخذت تعمل على بناء قاعدة لها على الإنترنت بشكل بطيء لكنه يقوم على الثقة، وسرعان ما سيمثلون جزءا كبيرا من مرور الإنترنت.
والجيل القديم يخشى سوء استغلال عشوائية الإنترنت في الإعلان. فالغالبية العظمى من الناس يعارضون الأساليب المقحمة للإعلان، مثل قوائم البريد الإعلاني والبريد الإعلاني التابع لشبكة يوسنت Usenet، أوإرسال رسائل إلى العديد من المجموعات الإخبارية كما فعلت شركة كانتر آند سيجل ،(Canter&Siege) إن الخيار الفردي لعرض المواد الإعلانية يعد أمرا مهما بالنسبة للأجيال الأقدم، ذلك أن هذه المواد ليست مقحمة، والواقع أنها توفر خدمة محببة.
إن تناقل الأخبار شفويا عامل مهم في تحديد عرض معلومات عن منتج أوخدمة ما. وقد كان معدل الجريمة أقل على شبكة الإنترنت الصغيرة القديمة، ولم يكن هناك داع لارتكاب أية جريمة، وكانت الشبكة أقل عرضة للأضرار الجسيمة.
وكانت الإنترنت مجتمعاً متسقاً، مُكَرَساً للتعاون، ولم تكن المعلومات المحفوظة على الإنترنت في مثل حساسية المعلومات التي من المتوقع أن تنتشر قريبا في أرجاء الإنترنت مثل أرقام البطاقات الائتمانية، وسجلات السائقين، والسجلات الطبية، ومعلومات التوافق، ومعلومات مالية بالغة الحساسية. إن الفعلة التي يمتعض لها أعضاء الجيل القديم كانت سوء استغلال الموارد. وقد أدرك السواد الأعظم أن أنظمتهم وحساباتهم لم تتح لها الحماية الكافية وتحملوا بعض التطفل من قبل المتسللين المتطفلين (على الرغم من أن هؤلاء المتسللين لم يعمدوا إلى تدمير البيانات). ولكن الجيل القديم استيقظ على حقيقة مؤلمة في نوفمبر 1988 عندما ظهرت دودة الإنترنت. وبينما تفشت هذه الدودة في شتى أرجاء البلاد، مدمرة العشرات من أجهزة الكمبيوتر، أدرك مجتمع الكمبيوتر أن أمن الشبكة من شأنه مساعدتهم على حماية بياناتهم ومواردهم. وعلى الرغم من أن هذه الدودة لم تكن اختراعاً ضاراً، إلا أنه كان من السهل استنباط ظهور ديدان أخرى تتسم بالتدمير.
الخصوصية والحماية
كانت العديد من الأنظمة مفتوحة ومتاحة لكل من أراد مشاركة البيانات والاطلاع على الوثائق في البدايات الأولى للإنترنت، وتمتع خبراء الكمبيوتر باستكشاف الأنظمة والعثور على مداخل لاكتساب المعرفة من هذه الأنشطة. ولم يكن هذا الاختراق للأنظمة آنذاك مصدر قلق عظيم للمستخدمين. ولكن الناس بدأوا يستشعرون أحقيتهم في قدر من الخصوصية والحماية لمعلوماتهم بمرور الوقت وسقطت مصداقية المتسللين في نظرهم وصاروا غير مرغوب فيهم. وكذلك لم تكن حوادث سرقة البيانات مصدر قلق كبير، ذلك أن هدف الإنترنت كان مشاركة البيانات لا قصرها وتحديدها، ولم يكن هناك إلا قدر قليل من المعلومات الخاصة أوالشخصية مخزنة على الإنترنت. وقد تضمن مجتمع الإنترنت الصغير مستخدمين لهم اهتمامات بحثية حقيقية في بداية الأمر، ولم يكن الفضاء السبراني مجهول الهوية كما هوالحال الآن، ولذا لم يكن هناك خوف من أي مضايقات.وسمع الجيل الجديد بالموارد اللانهائية للإنترنت وبمئات المجتمعات التي تأسست عليها.
وعكفت وسائل الإعلام في السنوات العديدة السابقة على التشدق بالعجائب التي تستطيع الإنترنت تحقيقها لمجتمعنا، وبعد أن وقع الناس فريسة هذه المغريات، تدفق آلاف منهم ممن ليس لهم علاقة لا بوكالات الأبحاث ولا بالحكومة، بهدف الوصول إلى هذه الموارد. وهذا التدفق الرهيب أدى إلى تغيير جذري في اتجاه ثقافة الإنترنت.
مستقبل التجارة الإلكترونية
إننا نشهد بداية تحويل الإنترنت إلى ميدان تجاري، الأمر الذي يمثل توجها يحيد عن التوجهات القديمة دون شك، ذلك أن الأنشطة التجارية كانت محل امتعاض المستخدمين لسنوات عديدة. والآن نجد أن مستخدمي الإنترنت يطالبون بالخدمات التجارية، ومعلومات حول المنتجات، فيما تطالب الشركات بالوصول إلى العملاء على الإنترنت. ليس من الواضح بالنسبة لنا مُراد الجيل الجديد من مستخدمي الإنترنت فيما يختص بشكل الإعلانات، ففي غضون العام المنصرم شهدنا مثالا مرعبا لاحتمالات سوء استغلال الإنترنت من قِبَل المعلِنين التابعين لفريق محاميي شركة كانتر آند سيجل Canter&Siegel.
فقد بدت الرسالة التي نشروها إلى كافة المجموعات الإخبارية على وجه التقريب عدوانية وغير ملائمة على الإطلاق، ولكن الاثنين (أي كانتر وسيجل) يصرحان أنهما اعتبرا أن هذا الإعلان أصاب نجاحا، وأنهما على استعداد لتكرار هذه التجربة. هل هذا هونوع الإعلانات التي تود الأجيال الجديدة تلقيها؟ هل نود أن تعج صناديق بريدنا الوارد بالبريد الإعلاني وأن تزدحم تنقلاتنا على الإنترنت بالإعلانات؟
اتساع الشبكة
سيرتفع معدل الجريمة بسبب زيادة عدد رواد الإنترنت وزيادة تعاملاتنا التجارية الإلكترونية، ووقتها سيحتاج الناس إلى قدر كبير من الحماية. إن الإنترنت تعمل بشكل عشوائي في الوقت الراهن حيث يجوب مديرو الأنظمة ومسؤولو الحكومة حدودها.
ولكن قد تدعوالحاجة إلى قدر أكبر من الحماية على الإنترنت بالرغم من الحماية القائمة بالفعل. سيتم تقنين الوصول إلى مواقع الإنترنت إلى حد بعيد وسيدرج اختراق أجهزة الكمبيوتر تحت قائمة الجرائم الخطيرة التي يعاقب عليها القانون، بسبب وجود معلومات شخصية كثيرة على الإنترنت في المستقبل. لقد أبدى عدد كبير من الناس استعدادهم للسماح للحكومة بتثبيت برمجياتنا الواقية، ولكن ثمة جدلا حديثا نشأ حول القدر المسموح به من معلوماتنا للحكومة. لقد ضخمت صورة جرائم الكمبيوتر من قبل وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة، ولاسيما الجرائم المتعلقة بالمتورطين في قضايا غير أخلاقية أومروجي المواد الإباحية. أعتقد أن هذا النوع من التقارير يضر بمستقبل الإنترنت، ذلك أنه ربما استتبع سن قوانين صارمة بشكل غير عادي على الفضاء السبراني.
وسيزداد تنوع وتشعب الإنترنت حتى تكاد تعكس العالم الخارجي حيث أنها تنمولتشمل شريحة عريضة من سكان العالم، ولقد بدأنا في استشعار انهيار في الخصال المتسقة للوضع الاقتصادي والخلفية التعليمية. هناك مقاهي للإنترنت في منطقة خليج سان فرانسيسكوتقدم خدمة الوصول لمواقع الدردشة على الإنترنت بتكلفة زهيدة، وهذه الخدمة تشعر المستخدمين بجو اجتماعي وأسري. وكذلك نجد أن أنظمة المكتبات المحلية توفر خدمة الوصول إلى الإنترنت. إن مشروع سيلور التابع لولاية ميريلاند (Maryland Sailor project) يعد مثالا جيداً فهذا المشروع يوفر وصول جوفر Gopher في المكتبات ومن خلال الاتصال المجاني، وستبدأ المكتبات الفردية في عرض خدمة الوصول الشامل المزودة بالبريد الإلكتروني، وبروتوكول نقل الملفات وبروتوكول التيلنت Telnet.
صراعات محتملة
وبحلول البنية المعلوماتية التحتية القومية، قد يصبح الدخول إلى الإنترنت شائعا شيوع المكالمات الهاتفية. ولن تقتصر الإنترنت على كونها لعبة مفيدة وأداة لمجتمعات البحث وستتحول إلى حقيقة بسيطة من حقائق الحياة، ونقطة وصول لثروة من المعلومات وملتقى مجتمعات متفرقة. ويمكننا أن نتنبأ بحدوث صراع في هذا العالم الناشئ نتيجة تباين الاحتياجات والرؤى الخاصة بالإنترنت.
هناك اتجاه قديم يجعل من الصعب تحقيق الانسجام بين الأجيال القديمة والحديثة وذلك هوسلوك المستخدمين الأكثر خبرة تجاه غير الخبراء بالإنترنت على الشبكة.
كان المرء يتوقع في الماضي أن يكون المستخدمون الآخرون ملمين ببيئة الكمبيوتر إلى حد ما. وجرت العادة على السخرية من الذين يسألون أسئلة كثيرة وتقريعهم. الآن على الإنترنت أن تتعامل مع جمهور غفير من المستخدمين ذوي الخبرة المتدنية بالكمبيوتر الذين سيطرحون آلاف الأسئلة أثناء استكشافهم للعمليات المعقدة للإنترنت. والناس يترددون على الإنترنت وفي أذهانهم آمال عظيمة حيال الموارد الشاسعة المتاحة لهم، وهم يستغلونها بالفعل.
جيوش المتطفلين
ليس كل المواقع لها القدرة على مواكبة الزيادة في المرور بالطبع، لاسيما في الوقت الذي فتحت فيه خدمات أمثال Compuserve وAmerica Online أبوابها للإنترنت على مصراعيها. لقد صرح روبرت هيرش التابع لشركة America online في رسالة بعث بها إلى مديري نظام بروتوكول نقل الملفات أن الشركة ستطلب تخفيف ضغط مرور الأعضاء عليها وترحيله لغير ساعات الذروة وأنها ستتعاون مع المديرين من أجل حل المشاكل المعضلة، من خلال توفير مواقع محلية نظيرة لمستخدمي خدمات شركة America Online ولمستخدمي شبكة الإنترنت. وعبر أحد مستخدمي الإنترنت من جامعة مساتشوسيتس عن مخاوفه في رسالة بعث بها إلى المجموعة الإخبارية alt.aolsucks قائلاً : إن الأفعال الطائشة التي يقوم بها مستخدموخدمات AOL من شأنها تهديد الوصول إلى الإنترنت وإتاحة المواقع المتخمة والمقيدة بالفعل، وهؤلاء الذين يعتمدون على الإنترنت من أجل استعادةمشاركة وتبادل المعلومات بطريقة شرعية سيجدون أنفسهم غرقى في بحر من المتطفلين، والمهووسين بالأمور غير الاخلاقية، هؤلاء لديهم قناعة بأن تقنية التيلنت مرادفة ل(الطرق السريعة للمعلومات). إن الجيل القديم ينظر إلى الأجيال الجديدة على أنها مستنفدة للموارد ويكره الزيادة المطردة للمستخدمين. والصراعات في عالم استغلال الإنترنت في الأنشطة التجارية لا مناص منها، فالفلسفة القديمة كانت ببساطة معارضة للأنشطة التجارية على شبكة الإنترنت التي كان الهدف من وجودها أغراض الأبحاث فحسب.
سوق الإعلانات
الأجيال الجديدة تنظر إلى الإنترنت على أنها مركز للعديد من الخدمات والعمليات، ولذا سيحتاجون لقدر كبير من تحويل الإنترنت إلى الأغراض التجارية.
إن تحويل الإنترنت إلى الأنشطة التجارية يَعِدُ بتقدم أكبر في مجال التقنية واستثمار أكثر في الإنترنت. والجيل القديم مُكره على قبول فكرة تحويل الإنترنت إلى سوق تجاري، ولم يكن هناك احتجاج قوي على ظهور مواقع الإنترنت التجارية.
وأهم ما في الأمر أن الجيل القديم يخشى تطفل الإعلانات، ولكن هذا الأمر قد يصبح مألوفا في ظل انضمام الناس للإنترنت من خلال مزودي الخدمات التجارية، ويصلون إلى الخوادم التجارية.
وبالإضافة إلى إدارة الموارد والاستخدام التجاري، فالجانب الذي يحتل اهتماما يفوق الناحيتين السياسية والقانونية هوما يعرف بجرائم الإنترنت. لقد اعتاد الجيل القديم على شبكة تشوبها الفوضوية وبعضهم يود لويواصل الاستمتاع بهذه التجربة في ظل الحرية، ولكن المستخدمين الجدد يطالبون بتوفير الحماية التي تشبه تلك التي نتمتع بها في العالم الواقعي. ويسود اعتقاد بأن الحاجة لتوفير الحماية لها ما يسوغها، وذلك بسبب الطبيعة التوسعية المتغيرة للإنترنت.
فالاختراق لأغراض استكشافية فحسب سيصبح مكروها. وبينما تزداد أهمية صفقاتنا على الإنترنت، نبدأ في التفكير من منطلق أن هوياتنا على الإنترنت امتداد لأنفسنا في عالم الفضاء السبراني، وانتهاكات الخصوصية، وسرقة البيانات وغير ذلك من الجرائم التي ستصبح أكثر خطورة.
هويات على الشبكة
سنقضي وقتا أطول على الإنترنت نتولى فيه مراسلاتنا التجارية، ونشتري المنتجات، وننشر المعلومات، ونتفاعل مع الآخرين. ومن خلال هذه الأنشطة نكتسب هويات على الإنترنت ستكون على درجة من الأهمية تعادل أهمية هوياتنا في العالم الفعلي.
وسنحتاج إلى أشكال سهلة متاحة من التوثيق لهويات الناس، ربما من خلال توقيع رقمي. هل سنكون في حاجة إلى ضمان أن الناس لهم هوية واحدة على الإنترنت؟ قد يبدوذلك متسقا مع المنطق في بداية الأمر، كما هوالحال في العالم الواقعي حيث أن لكل منا هوية واحدة تصدرها لنا الجهات الرسمية لأغراض قانونية ومالية. ومع ذلك فأنا أعتقد أن فرض قدر مفرط من القيود على عالم الفضاء السبراني سيبوء بالفشل، ذلك أن العادة جرت على التحايل على الحلول التقنية للسلطات المعنية بهدف الوصول إلى حرية حركة أكبر. ولعل هذه القيود تصيب نجاحا في عالم الأعمال، ذلك أن الصفقات الجيدة تستدعي توثيق الهوية. وستصبح الإنترنت مدعومة بصورة متزايدة من قبل الخدمات التجارية، وتتحول العديد من الموارد المتاحة لنا الآن بالمجان إلى خدمات تجارية وذلك بسبب عجز هذه الموارد عن خدمة هذا الكم الهائل المتزايد من المستخدمين دون تمويل مستمر. ومن المتوقع أن تشيع الإعلانات على الإنترنت، غير أننا نتمنى أن تظل هذه الإعلانات بعيدة عن الأنظار. ونخشى أنه كلما أتيحت معلوماتنا الشخصية على الإنترنت، لن يقاوم المسوقون فرصة استغلال هذه المعلومات لمصلحتهم الشخصية من خلال استهدافنا لترويج منتجات خاصة. وسيتم تشكيل فريق شرطة للفضاء الإلكتروني في المستقبل.
جدران شاهقة في الفضاء
نتصور أن تتفق كافة الدول فيما يخص السلوكيات غير القانونية التي يمكن أن تمارس على الإنترنت على المستوى الدولي بشكل لا يختلف عن القانون الملاحي الحالي. وسنرى أن أكثر مناطق الإنترنت سيطرة وحماية هي منافذ دخول المستخدم إلى الإنترنت، وسترتفع الجدران في الفضاء السبراني، ويتم إخفاء المعلومات وفرض قيود مشددة عليها. وسنظل نشهد المتسللين وهويتفننون في أساليب الاختراق على الإنترنت، فيبتكرون طرائق للتحايل على حواجزنا التكنولوجية، وقد تزداد خطورتهم بسبب زيادة كم المعلومات الحساسة على الإنترنت. كما سيتم إضفاء طابع مثير لقصص الجريمة الموجودة على الإنترنت بسبب الخوف من الفضاء السبراني وسوء فهمه، وبسبب الأهمية المتزايدة للحماية على الإنترنت.
إن تنوع الثقافات الناشئة سيتجزأ إلى مجتمعات لها نفس العقلية، فالمعلومات على الإنترنت تستهدف خدمة مصالح الناس لا توحيد المصالح المتعددة. ولذا، فجل الخوف من أن التفرقة بين الأجيال الأقدم والأجيال الحديثة ستتعزز حيث ستبني كل ثقافة جزءا خاصا بها من الفضاء السبراني، وسيكون التواصل ضعيفا بين هذه الأجزاء من الناحية الثقافية.
وفيما نتقدم صوب عصر المعلومات، سينتقل الجميع إلى الفضاء السبراني، بنفس الطريقة التي تبنى بها الناس الهواتف وقاموا بتشغيلها في منازلهم ومكاتبهم، ولذا فإن ثقافة الإنترنت ستشرع في نسخ العالم الواقعي ومحاكاته في تحيزاته وطبقيته وتنوعه وفرصه. هذا وستزداد القيود وستقام الجدران، وستكون هناك قوانين وشرطة محلية لتطبيق هذه القوانين ومراقبة الأمن في نطاق سلطتها.إن النقلة التي نشهدها لعلها تماثل تلك التي مررنا بها من الأمية إلى محوها منذ عدة مئات من السنين.ولقرون عديدة بعد أن بدأت الكتابة، كانت هذه المهارة حكرا على الصفوة المتعلمة .

..... الرجوع .....

العنكبوتية
دنيا الاتصالات
ستلايت
وادي السليكون
هاي تك
الالعاب
تعليم نت
بورة ساخنة
دليل البرامج
اطفال كوم
نساء كوم
اخبار تقنية
الابداع العلمي
التجارة الالكترونية
الرسوم المتحركة
الرياضة نت
قواعد البيانات
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved