الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Sunday 30th July,2006 العدد : 173

الأحد 5 ,رجب 1427

آثار التوجه نحو التصنيع بمساعدة الحاسوب في المملكة العربية السعودية
* بقلم: الدكتور عمر أحمد التهامي *
* عرض: عادل حماد أبوعِزَّة
التعريف والمجالات
بعد وقت قصير من الحرب الكونية الثانية، ومع زيادة الطلب على منتجات أكثر تعقيداً، تم اختراع ماكينات التحكم الرقمي بالحاسب Numerical Control Machine -NCM لتحد بشكل فعال من الحوجة الملحة للمهارة اليدوية للعمالة اللازمة لتشغيل نظم التصنيع، ومنذ خمسينيات القرن العشرين الميلادي حدثت عدة تطورات علمية وتقنية، أثرت تأثيراً بالغاً في متعدد الأبعاد على نظم التصنيع واستراتيجياته، وكان من أبرز هذه التطورات اختراع الحاسوب الذي يشكل العمود الفقري لتطور عدة تقنيات صناعية شملت التحكم الرقمي والإنسان الآلي (ربوت) Robot والتصنيع المدعم بالحاسب CAM ونظم التصنيع المرن FMS وقد وفرت هذه التقنيات التقنيات المبنية على الحاسوب إمكانية تصنيع منتجات على شكل دفع صغيرة بتكلفة منخفضة. وبشكل مستمر أخذ الحاسوب في إزاحة أو مساعدة العامل البشري في اتخاذ القرار، ويمكن بسهولة ملاحظة التحول الذي حدث من حالة إنتاج منتجات صناعية لعدد محدود من الناس إلى حالة إنتاج ضخم لكل الناس.
وكاستجابة للنمو السريع للطلب على المنتجات الصناعية، تم تطوير عدة أساليب للإنتاج الكمي Mass Production ولكن مع ازدياد الرغبة في تنويع المنتجات الصناعية تحول الإنتاج مرة أخرى من إنتاج ضخم إلى إنتاج على صورة دفعات متوسطة أو صغيرة Patch Production وأخيراً في الثمانينات من القرن الميلادي الماضي أجبرت المنافسة العالمية الشرسة الشركات الصناعية على تبني أسلوب يقوم على الإنتاج السريع مع استخدام الحد الأدنى من الممكن من حجم المخزون من الخامات، والقطع شبه المصنعة، وهذا جعل المنافسة في عالم اليوم تعتمد على الآلية Automation مع ضمان عدم التفريط في مرونة الإنتاج في نفس الوقت.
الحل لمشكلة الآلية مع تحقيق المرونة
إن المطلوب من الآلية هو توفير الجودة العالية والأسعار المنخفضة جنباً إلى جنب مع المرونة، وكان من الواضح أن الحل يكمن في التصنيع المدعم بالحاسوب CAM على المستوى المباشر لخط الإنتاج، ولكن بالطبع على المستوى الكلي والشامل لعملية التصنيع فإن الحل يكمن في استخدام التصنيع المتكامل بالحاسب CIM . إن التصنيع المدعم بالحاسب يعد جزءاً من التصنيع المتكامل بالحاسب، حيث إن تكنولوجيا المجموعات GT ونظم التصنيع المرنةFMS تقنيات مهمة وضرورية لتطبيق نظم التصنيع المدعم بالحاسب، حيث إن تكنولوجيا المجموعات هي عبارة عن فلسفة تصنيعية يتم فيها تحديد القطع المتشابهة من مجموعة القطع المطلوب تصنيعها وتصنيعها إلى ما يسمى بالأُسر Families ، وذلك للاستفادة من مزايا تشابهها من ناحيتي التصنيع والتصميم، ليكون المخطط الداخلي Layout لنظام التصنيع القائم على تكنولوجيا المجموعات مكون من مجموعة Group ماكينات لكل أسرة منتجات، حيث يتم تصنيع القطع المنتمية لهذه الأسرة في هذه المجموعة من الماكينات.
ويسمى التطبيق العملي لتكنولوجيا المجموعات بالتصنيع بنظام الخلايا Cellular Manufacture فإذا كان هذا التطبيق في شكل مجموعة مكونة من عدة ماكينات من نوع CNC غالباً يرتبط بينها نظام مناولة آلية متكاملة، فهذا ينتج عنه ما يسمى بنظام التصنيع المرنFMS ، وفي هذا النظام يجري التنسيق بين ماكينات التصنيع والنظم الآلية للمناولة والتخزين باستخدام نظام تحكم بالحاسب.
يمكن تعريف التصنيع المدعم بالحاسبCAM بأنه نظام التصنيع الذي يتم فيه استخدام الحاسوب لتخطيط أو إدارة أو ضبط عملية التصنيع بشكل مباشر على خط الإنتاج. أما مصطلح التصنيع المتكامل بالحاسبCIM فقد واجه صعوبة في تعريفه بالضبط وذلك منذ ظهوره في عام 1973م، ورغم أنه في منتصف الثمانينات من القرن الميلادي الماضي بدأ حماس بعض الشركات لمستقبل تطبيق هذا النظام بادياً للعيان، فإن ذلك الحماس ما لبث أن خمد بسبب التكاليف الباهظة الضرورية لاقامته ولكن مرة أخرى في التسعينات -مع نشوء فهم أكبر وأوسع لمعنى التصنيع المتكامل بالحاسب- بدأت الشركات تظهر اهتماماً جديداً بهذا النظام، ونستطيع هنا اعتماد التعريف التالي للنظام باعتباره التعريف الأفضل المتاح (التصنيع المتكامل بالحاسب هو فلسفة إدارية يتم فيها تنسيق مهام التصميم والتصنيع وربطها بشكل منطقي، وذلك باستخدام الحاسوب وتقنيات الاتصال والمعلومات).
ويجب هنا أن نشير إلى حقيقة مهمة وهي أن نظام التصنيع المتكامل بالحاسب ليس هو تقنية محددة يمكن شراؤها ولكن في الحقيقة يشكل هدفاً إستراتيجياً يمكن للشركة المعينة العمل تدريجياً من أجل الوصول إليه. ويمكن أن نلخص الفوائد المتوقعة من تطبيق نظام التصنيع المتكامل بالحاسب كما يلي:
1- تحسين الخدمات المقدمة للزبائن.
2- تحسين الجودة.
3- استغراق فترات زمنية أقل تزويد السوق بمنتجات جديدة.
4- مرونة أكبر وسرعة أعلى في التفاعل مع متطلبات السوق.
5- زيادة الإنتاجية.
6- تقليل التكلفة الإنتاجية الكلية.
عناصر الCIM :
يحتوي نظام التصنيع المتكامل بالحاسب على مستوى التجهيزات المستخدمة في المصنع على خمسة عناصر وذلك كما يلي:
1- الهندسة المدعمة بالحاسب CAE Computer Aided Engineering وهذه تشمل التصميم المدعم بالحاسب CAD وبرامج التحكم الرقمي NC ، وتخطيط عمليات التصنيع التي تمثل حلقة الوصل بين نظامي التصميم المدعم بالحاسب CAD والتصنيع المدعم بالحاسب CAM . 2- إدارة العمليات: وهذه تحكم حيازة كل المواد المطلوبة لتصنيع المنتج، وتعمل على ضمان استغلال ماكينات الإنتاج الاستغلال الأمثل وتحقيق رغبات الزبائن.
3- التصنيع المدعم بالحاسب CAM اللازم لإجراء التصنيع ومن ثم فحص واختبار القطع المنتجة.
4- التصنيع المدعم بالحاسب CAM الضروري لإجراء التجميع والفحص والاختبار وأيضاً التعبئة لمنتجات النهائية.
5- التخزين الذكي: ويشمل تخزين المواد والخامات والأجزاء والمنتجات المكتملة التصنيع وغير المكتملة واستدعائها من مخازنها آلياً.
ولتعمل هذه العناصر الخمسة كنظام متكامل فإنها ترتبط وتتكامل مع بعضها عن طريق نظام شبكة توفر الوسيلة اللازمة لإدارة المعلومات وتحقيق الاتصال بين عناصر النظام، وهذا ما يسمى بإدارة المعلومات والاتصالات.
مجالات مساهمة التصنيع بمساعدة الحاسوب
استناداً لما تم عرضه أعلاه عن مفهوم التصنيع المتكامل بالحاسب CIM بوصفه وعاء جامعاً لكل التقنيات الحديثة التي يستخدم فيها الحاسوب في التصنيع، يمكن:
* أولاً: أن نبين الطبيعة المتميزة للتصنيع بمساعدة الحاسوب كما يلي:
1- التصنيع المتكامل بالحاسوب CIM له صفة العالمية بما يمكنه من تجاوز الحدود الثقافية اللغوية، وبالتالي يمكن أن يكون جزءاً من الشبكة العالمية للمعلومات بحيث لا يكون لمحتوياته أية علاقة بالموقع الجغرافي لتطبيقه.
2- ال CIM يشجع نشر واكتساب المعلومات والمعرفة بغض النظر عن المواقع الجغرافية.
3- إمكاناته الهائلة في رفع الإنتاجية وفي نفس الوقت تفعيل وتوسيع المنتجات وتسويقها، إذ إن كل العناصر التي تكونه (التصنيع المدعم بالحاسب CAM ، إدارة العمليات، التخزين الذكي، الهندسة المدعمة بالحاسب CAE مرتبطة بشكل وثيق عن طريق إدارة متخصصة للاتصال والمعلومات، تستغل كل وسائل الاتصال الحديثة وتقنياتها من أجل تسريع وتفعيل وتصحيح علاقة نظام التصنيع مع محيطه الخارجي، فمن هذا المحيط الخارجي يتم الحصول على الخامات اللازمة للتصنيع، وإلى هذا المحيط الخارجي يتم إرسال المنتجات وتقديم الخدمات.
وأيضاً في هذا المحيط الخارجي يتم التخلص من نفايات التصنيع.
4- له صفة التعامل المباشر مع زبائنه وبالتالي تمكينهم من الحصول على المنتجات المرغوب فيها أو الخدمات بدون وسطاء، وهذا يسهل معرفة المواصفات المرغوب فيها. بالضبط من جهة الزبائن وإمكانية إشراكهم بشكل مباشر في تحديد مواصفات التصميمات لمختلف المنتجات، وأيضاً هذا له مردوده الإيجابي في تخفيض أسعار المنتجات.
5- تتميز منتجات الCIM وفكرته في التوجه نحو البرمجيات Software أكثر من التوجه نحو العتاد (أو التقنية الخشنة) Hardware .
* ثانياً: نستطيع تحديد المجالات التالية التي يمكن أن يساهم فيها التصنيع بمساعدة الحاسوب مساهمة إيجابية فيما يخص التنمية المستدامة:
1- يساهم في تحقيق البعد البيئي لتوجهه نحو البرمجيات بما يمكن أن يخفض استهلاك المصادر الطبيعية للخامات سواء من ناحية الإنتاج Production أو من ناحية الاستهلاك Consumption .
2- مساهمته في تحقيق البعد الاقتصادي وذلك برفع الإنتاجية، وتوفير البضائع والخدمات بشكل أعدل وأمثل بالنسبة للطبقات الفقيرة، لأن التصنيع بمساعدة الحاسوب يعمل على خفض التكلفة الكلية للمنتجات وبالتالي أسعار بيع هذه المنتجات للمستهلكين.
3- المساهمة في تحقيق البعد الاجتماعي من خلال الفرص التي يمكن أن يتيحها للعنصر النسائي للتوظيف، وذلك نسبة لأن التصنيع القائم على الحاسوب لا يعتمد على عمالة قائمة على قوة العضلات - وهذا لا يناسب المرأة وخصوصاً في المجتمعات المسلمة مثل المملكة العربية السعودية - بل على عمالة قائمة على المعرفة.
وهذا يمكن أن يشجع المؤسسات التعليمية العاملة في مجالي العلوم والهندسة للتوسع في توفير فرص أكثر للعنصر النسائي، حيث إن نسبة النساء في هذين المجالين هي حوالي 33.3% من نسبة طلاب العلوم والهندسة في المملكة العربية السعودية، وبالتالي فإن هذا الأثر الاجتماعي له آثار اقتصادية تتمثل في تغيير تركيبة القوى العاملة بزيادة مساهمة العنصر النسائي في هذه التركيبة، وفتح آفاق جديدة لمجالات الاستثمار في التعليم والتدريب التي ترتكز على إيجاد فرص أكبر للتعليم النسائي في مجالات الحاسوب وتطبيقاته في القطاعات الصناعية.. ولا يجب أن يعني وجود هذه الإيجابيات الممكنة التحقيق وصولاً للتنمية المستدامة عدم وجود جوانب سلبية، وفي بعض الأحيان فإن هذه الإيجابيات تكون حدسية أو ظنية. بمعنى أنه لا توجد براهين قاطعة وحسابات كمية تجعلنا نجزم بتحقيقها.
النتائج والتوصيات:
1- يمكن أن يساهم التوجه نحو التصنيع بمساعدة الحاسوب في المملكة العربية السعودية على تحقيق التنمية المستدامة من خلال ما يلي:
-البعد البيئي: من خلال تخفيض استهلاك المصادر الطبيعية من الخامات وتقديم منتجات مصممة على أساس أنها أكثر نظافة للبيئة.
-البعد الاجتماعي: من خلال توفير فرص أكثر مناسبة لطبيعة المرأة.
-البعد الاقتصادي: من خلال رفع الإنتاجية للقطاع الصناعي والبلد ككل وتوفير البضائع والخدمات بتكلفة أقل وجودة أفضل.
2- تفتح هذه الدراسة المزيد من الأبواب لأبحاث أخرى تعمل على تقييم استخدام الحاسوب في الصناعة من وجهة نظر تحقيق التنمية المستدامة، بالاستفادة من مختلف الأساليب الرياضية والإحصائية والاقتصادية المقترحة لقياس مؤشرات التنمية المستدامة.
3- ضرورة تحديد مدى التوجه نحو التصنيع بمساعدة الحاسوب في المملكة من خلال تضمين ذلك في الخطة الوطنية الشاملة للعلوم والتقنية التي تغطي الفترة من 2001م إلى 2020م.
4- ضرورة إجراء دراسات لحساب مؤشرات التنمية المستدامة في المملكة لتوفير معلومات مهمة فيما يخص الإنتاجية الصناعية في المملكة وتقدير مقدار المرونة في الإنتاجية الصناعية قياساً للبنيات التحتية المتوفرة في المملكة وغير ذلك من العوامل التي تدخل في حساب مؤشرات التنمية المستدامة.
5- أهمية استفادة المملكة من تجارب الدول المتقدمة صناعياً حتى لا تتكرر أخطاء هذه الدول فيما يخص التنمية المستدامة.


* كلية التقنية بمحافظة جدة - المملكة العربية السعودية.

..... الرجوع .....

وادي السليكون
الالعاب
ركن تقني
أمن رقمي
قضية تقنية
دليل البرامج
جديد التقنية
سوق الانترنت
حاسبات
أخبار تقنية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved