Al Jazirah Magazine Saturday  02/10/2007 G Issue 238
تحقيق
السبت 20 ,رمضان 1428   العدد  238
 

الجمعيات الخيرية.. عطاء دائم

 

 

* الطائف - د. نهاد البحيري

تعيش الكثير من الأسر في فقر وعوز دائم، ويأتي شهر رمضان المعظم بكرمه ليرقق قلوب الناس على مثل هذه الفئة التي لا يكاد يخلو منها مجتمع، فهناك الأرامل المكلفات بالإنفاق على أطفالهن بعد وفاة عائلهن الوحيد، وهناك المطلقات اللائي قد لا يجدن من يتولى الإنفاق عليهن، وهناك الأيتام الذين لا عائل لهم إلا أصحاب الخير والمعروف.

كما أن هناك المرضى وكبار السن وغيرهم ممن يتوقف رزقهم ومعيشتهم كاملة على الجمعيات الخيرية بفضل الله تعالى.. فالفقر لا حل له لهؤلاء الضعفاء إلا بتقديم الخير، ويزداد فعل الخير كما تزداد التبرعات المادية والعينية في شهر رمضان شهر الكرم، ويُلاحظ أن الجمعيات الخيرية لا يتوقف نشاطها عند الإنفاق على مثل هذه الفئات وتقديم الإعانات لهم في المناسبات فحسب، بل تبحثهم اجتماعياً لدراسة ظروفهم وتقدير مدى حاجتهم... وبالإضافة إلى ذلك تضيف الجمعيات المزيد من الأسر كل عام، ولا تتوقف أعمالهم عند الفقراء فحسب بل تمتد كذلك لتقديم يد العون للأيتام أيضاً من أجل جعلهم أعضاء صالحين في المجتمع.. وإن جولة في كل غرفة من غرف أي جمعية خيرية لجديرة أن ترقق القلوب بعد أن تتعرف على هذا القدر من الأعمال الخيرية وتلك الجهود المتواصلة لفعل الخير، وتزداد قلوبنا رقة لمثل هذه الحالات في شهر رمضان أكثر من غيره.. ويلاحظ أن أول من يقدم يد المعونة لتلك الفئات هو مليكنا خادم الحرمين - حفظه الله - وأصحاب السمو الأمراء وكذلك رجال الأعمال كما أكدت على ذلك رئيسة إحدى الجمعيات الخيرية وهي جمعية فتاة ثقيف الخيرية بالطائف واتخذناها كنموذج ليعرفنا ويوضح لنا ماذا يحدث في الجمعيات الخيرية.. لذا التقت «مجلة الجزيرة» بالسيدة - مستورة عبد الله الوقداني رئيسة جمعية فتاة ثقيف ومديرة التعليم الأهلي والأجنبي بتعليم البنات بالطائف بعد أن سمحت سعادتها ل «مجلة الجزيرة» بجولة في جميع أنحاء الجمعية بعد صلاة التراويح للتعرف على ما تقدمه الجمعية من أعمال البر والخير بمساندة ودعم من مقام خادم الحرمين وسمو ولي العهد وأصحاب السمو الأمراء بالإضافة إلى بصمات رجال الأعمال وأصحاب المحال التجارية من تبرعات مادية وعينية للجمعية.. وتؤكد السيدة مستورة بأنها رغم أعبائها الوظيفي وأنه قد يستمر دوامها حتى صلاة العصر وحاجة بيتها إليها إلا أنها لا تبخل بالوقت الكافي للجمعية الخيرية للتأكيد على سير الأمور كما يرام للأسر المحتاجة والاطمئنان على الأطفال الأيتام لكي تشعرهم بالحنان دائماً وأنهم يعيشون بين أهلهم.

السلة الرمضانية

وبدأت الجولة بالمخزن الذي يضم مكونات السلة الرمضانية من كميات هائلة من المواد الغذائية التي تقدم السلة الرمضانية لما يزيد على 1700 أسرة من الأسر الفقيرة، ثم خرجنا للصالة التي بها المسرح لنجد أعداداً هائلة من النساء ممن يمثلن الأسر المسجلة بالجمعية وغيرهن في انتظار نصيبهن من السلة الرمضانية.. فيما أفادت السيدة رئيسة الجمعية بأن الجمعية لا تقدم تلك المعونات الغذائية للأسر المسجلة بالجمعية فحسب والتي يصل عددها إلى 1700 أسرة بل يفتح المجال كذلك للأسر المحتاجة لمن يتقدمون ببطاقة العائلة من السعوديين أو بالإقامة لغير السعوديين، لكن بعد استيفاء الأسر المسجلة بالجمعية بالفعل والتي سبق دراستها دراسة وافية.

وقالت إن السلة الرمضانية تشمل تسعة أنواع من المواد الغذائية الأساسية التي يحتاجها كل بيت وهي: الأرز والدقيق والسكر والزيت والحليب المجفف والعصائر والجلي والكسترد والمكرونة وتتراوح عبوات الأرز والسكر والدقيق خصوصاً من 5 إلى 10 كيلو جرامات حسب حاجة الأسرة ومدى فقرها، وبعد تغطية كل المحتاجين واستيفائهم لحاجاتهم يعاد توزيع نفس المواد الغذائية عليهم من جديد بدءاً بالأسر الأكثر فقراً، ثم نقوم بزيارة تلك الأسر غير المسجلة التي أتت إلى جمعيتنا في رمضان لأخذ المعونات وندرس حالتهم الاجتماعية وندرس مدى استحقاقهم للإعانة والتسجيل بالجمعية.. كما تراعي الجمعية تقديم المعونات للأرامل والمطلقات أولاً.. وأكدت بأن الأسر المحتاجة التي تنضم للتسجيل بالجمعية تزيد كل عام فيما بدأت بألف أسرة وأصبح الآن عددها يزيد على 1700 أسرة وأن الجمعية تبذل قصارى جهدها لإعانتهم.

وتلا ذلك دخولنا لغرفة أخرى تحتوي على كميات هائلة من التمور التي استعدت الجمعية بها لشهر رمضان لتوزيعها على الفقراء وبعدها دخلنا إلى غرفة التبرعات النقدية حيث قالت السيدة رئيسة الجمعية: تقدم جمعيتنا تبرعات نقدية شهرية تتراوح من 200 إلى 500 ريال وتزداد في رمضان، كما أن هناك مبلغاً ثابتاً كل شهر يصل إلى 3 آلاف ريال مخصص للطوارئ والأزمات المادية الشديدة التي قد تتعرض لها الكثير من الأسر مثل العمليات الجراحية وشراء الأدوية الضرورية وغيرها، وهذا المبلغ يصل إلى 9 آلاف في رمضان بفضل جهود المتبرعين، كما مررنا بغرفة تحتوي على ملابس الأطفال استعداداً للعيد وأخرى تحتوى على البطاطين استعداداً لبرد الشتاء.. ثم صعدنا إلى الطابق الأخير بالجمعية لزيارة دار الأيتام التي تكفلها الجمعية ويصل عددهم إلى 40 يتيماً من جميع الأعمار بدءاً بعمر شهرين إلى المرحلة الثانوية، ولاحظنا مدى الاهتمام والرعاية والنظافة التي تحلى بها المكان فقد خصصت غرفة لكل مرحلة عمرية في أسرة متباعدة مع اتساع الغرف، مع وجود صالة مخصصة لتناول الطعام وأخرى للاستذكار وأخرى للتليفزيون وتسجيلات القرآن فضلاً عن غرفة مخصصة كمكتبة صغيرة ومطبخ غاية في الاتساع لتحضير الطعام لهؤلاء الأطفال الأيتام، ولاحظنا وجود مشرفة في كل مكان تسهر على راحة الأطفال.. كما عرضت علينا عينة مما كان يقدم في بداية الدراسة من أدوات مدرسية من أفخر الأنواع من شنط وأقلام ودفاتر وغيرها مما يحتاجه طلاب المدارس، وكذلك عرضت علينا بعضاً مما سيقدم في عيد الفطر من ملابس جديدة مغلفة للأطفال لكي يشاركوا الجميع فرحة العيد وأكدت أن الجمعية لا تقبل ولا تقدم الملابس المستعملة نهائياً وأن كل ما تقدمه جديد تماماً.

نشاطات متعددة

في النهاية تحدثت السيدة رئيسة الجمعية في مكتبها عن مدى الجهود المبذولة لزيادة دخل الجمعية للإنفاق على تلك الأعداد المتزايدة من الأسر فقالت: نقدم الكثير من المشرعات الصغيرة لتحصيل بعض المبالغ للوفاء باحتياجات الجمعية فعندنا دورات الحاسب ودروس التقوية والمسبح وصالة الألعاب الرياضية وغيرها من الخدمات التي يجمع العائد منها لصالح المحتاجين.. كما قالت بأن الجمعية طموحاتها كبيرة جداً لكنها في الواقع أكبر من الإمكانات المتاحة، فلدينا الموافقات على الكثير من الأمور التي تساعد على التوسعة، لكن نحتاج للمزيد من الدعم المالي فمثلاً نريد شراء أو تأجير مبنى خاص بالأيتام يشعرهم بأنهم يسكنون في بيت مثل باقي الأطفال وليس في مؤسسة، كما نحتاج لعمل دار خاصة بالأولاد حيث نضطر لقلة الإمكانات أن نرسلهم إلى مكة في دار للأيتام خصوصاً بالأولاد عند بلوغهم حوالي عشر سنوات ونبقي البنات فقط حتى سن الزواج، لكن المشكلة أن بعض الأولاد إذا كبروا تعلقوا بالدار وبالأمهات اللائي رعينهم خير رعاية ورفضوا رفضاً باتاً ترك الدار والانتقال إلى مكة، لكن ماذا نفعل أمام بكاء طفل يتيم متعلق بنا، نحتاج فعلاً للاحتفاظ به بالقرب منا، حيث ربيناهم وأدبناهم وعلمناهم وحفّظناهم القرآن ومتّعناهم بكل مباهج الحياة فلا نكتفي بتغطيتهم من حيث المأكل والملبس والتعليم، بل نقدم لها كذلك الترفيه والرحلات بجهود من أصحاب السمو الأمراء - حفظهم الله - حيث نرتب لهم الرحلات إلى مكة والمدينة وأبها وغيرها.. وأضافت بأن الجمعية كذلك بصدد إنشاء دار للإيواء بالحوية لإيواء النساء والفتيات المتعرضات للعنف الأسري، وكذلك عمل مرافق مختلفة للجمعية للأطفال الأيتام عندما يكبرون مثل نادٍ يحتوي على ملعب ونادٍ خاص للبنات، كما تحتاج إلى الباصات اللازمة لانتقال الأطفال بأمان بعد أن تهالكت بعضها وأصبحت غير آمنة، فكل هذه الأمور تحتاج لبذل المزيد من الجهود والتكاتف لكي نستمر في العطاء دونما انقطاع.. وهي تقول إنها تذكر كلمة الأميرة عادلة بنت الملك عبدالله بن عبدالعزيز حين حضرت الحفل الذي أقامته الجمعية منذ عدة شهور بقولها إن الجمعية لا بد أن تستمر في التواصل في جهودها الخيرية البناءة دون توقف.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة