الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 4th April,2006 العدد : 167

الثلاثاء 6 ,ربيع الاول 1427

من صومعة الأحزان!!
حين يموت منّا مَنْ نحبه ونغليه، ممن لنا به صلة قربى أو معرفة..
فيشيع خبر وفاته بين الناس..
سواء أكانت وفاته عن كبر..
أو لأن أجله قد حلَّ بسبب حادث عارض..
أو لأن مرضاً مفاجئاً قد داهمه وألمَّ به، فلم يمهله طويلاً ليبقيه حياً بيننا أكثر مما مضى وانقضى من عمره.
***
مع كل حزن يمسنا ويوجعنا ويؤلمنا بسبب رحيل من رحل من دنيانا الفانية، أباً كان أو أماً، زوجاً أو ابناً وبنتاً، أخاً أو أختاً، وهكذا هو حالنا مع كل الأقرباء والرفاق والأصدقاء والزملاء وكل المحبين..
مع كل أسى يكون مصدره الموت الذي غيّب هذا الإنسان أو ذاك عن مسرح الحياة، فيما كان قبل أيام أو شهور أو سنوات قليلة شعلة من الحيوية والنشاط..
في هذا الجو المشحون بألم لا يستثني أحداً من الناس، وقلق مزعج لا يعفي أياً منا مما هو قادم اليوم أو غداً، أو أنه ينتظر ولو بعد حين.
***
أقول ذلك وأنا أتفحص الوجوه مع كلِّ مناسبة تطلُّ علينا بأحزانها، وأحاول أن أتعرف على التغير الذي طرأ عليها في هذا الجو المسكون بالحزن..
فتثيرني دمعة في هذا، أو مسحة حزن تغطي ملامح وقسمات وجه ذاك..
دون أن أحتاج إلى معرفة السبب، أو البحث عن تفسير أو تأويل يدلني عليه..
فالحزن رفيق درب للجميع..
وصديق عمر لكل منا..
وهو معنا كما لو أنه ذلك الزائر الثقيل الذي لا يغيب، ويفضل أن يسرق السعادة منا..
وكما لو أنه يأتي إلينا متكئاً على ما يغضبنا ومعتمداً على ما يثير قلقنا وحزننا.
***
هذه خواطر أو سمِّها ما شئت..
أوحتها إليّ وتوحيها دائماً مشاهد مواكب الأحزان التي تمر أمامنا، أو نشارك مع من يشارك فيها أو نكون فريسة لها..
حيث تبوح وتنطق بها كلمات جموع الناس التي تترحم وتدعو وتتألم على من رحل من الحياة وتركها لنا من دونه..
من نعرفهم من هؤلاء المغادرين والراحلين عنا، من نسمع عنهم، ومن لنا صلة أو علاقة بهم.
***
وهذه الخواطر..
يؤطِّرها عادة حب عكَّر مزاجه هذا النوع من الأحزان..
ويخفق لها كل قلب ملتاع أدماه كما أدمى غيره غياب ورحيل من هو أثير وحبيب وعزيز علينا..
من عذبه ألم فراق كل هؤلاء الأحباب..
وخاصة حين يعيش الإنسان وتتكرر أمامه مثل هذه المواقف عن قرب، ثم تعود هذه المشاهد أمامه مرة وأخرى وثالثة وبلا نهاية..
بل وحين يتذكر كل منا مآسي كان قد مر بها وغيره كذلك، أو مشاهد أحزنته وأحزنت غيره، أو صور تعذبه مشاهدتها مثلما هي مصدر عذاب للآخرين.
***
ومع هذه الأحزان المؤثرة لكل منا..
يأتي غسيلها لحسن الحظ..
من هذا التراحم والتواد والتآلف والتكاتف والتعاطف بين من هم أحياء بيننا..
حيث التسابق على المواساة، وعلى الصلاة على الأموات، والتوجه نحو المقابر، ومن ثم المشاركة في تقديم العزاء لذوي المتوفين في أماكن سكناهم.
***
لوعة الحزن قاسية وصعبة بلا أدنى شك..
وعلاجها أننا أمة مسلمة، يعلمنا ديننا الصبر على المكاره، وتسليم أمرنا لله الواحد الأحد الذي لا إله غيره، فهو من بيده ملكوت السماوات والأرض، وهو من يحيي ويميت، وهو لا غيره مَنْ إذا أراد شيئاً قال له كنْ فيكون.


خالد المالك

أحد مهندسي الغزو متحدثا في الذكرى الثالثة للحرب:
2008 موعد مناسب للخروج من الفخ العراقي!

* إعداد - أشرف البربري
قال ويني وايت كبير محللي المعلومات الاستخباراتية بشأن العراق في وزارة الخارجية الأمريكية خلال الفترة من 2003 حتى 2005، إنه (متشائم جدا بشأن الموقف في العراق ويؤيد إقدام الإدارة الأمريكية على تحديد موعد محدد للانسحاب من العراق خلال عامين من الآن).
وأكد خلال حوار اجراه معه برنارد جورتسمان مستشار التحرير بموقع مجلس العلاقات الخارجية الامريكي على أهمية استخدام الولايات المتحدة الدعم الذي تقدمه للحكومة العراقية من أجل الضغط على الأحزاب السياسية العراقية لتنحية الخلافات الطائفية جانبا والتوصل إلى اتفاق يضمن مضي العملية السلمية قدما. وطالب بتوجيه رسالة أمريكية واضحة إلى الفرقاء في العراق تقول إنه إذا لم ينجح العراقيون في إعادة بناء دولتهم خلال عامين فإن الولايات المتحدة لن تستطيع الاستمرار أكثر من هذا في بلاد الرافدين، وفيما يلي نص الحوار:
* ما هو تقديرك الشخصي للموقف في العراق؟ وهل ترى أي ضوء في نهاية النفق؟
- الحقيقة أنني أشعر بتشاؤم كبير بالنسبة للموقف في العراق. وبصراحة أنا منذ البداية لم أكن متفائلا، فقد كان هناك سوء إدارة مستمر للموقف في العراق، ولكنني أعتقد أن أخطر وأسوأ الاخطاء الأمريكية وقعت في العراق في مرحلة مبكرة جدا من الغزو، فعندما دخلنا بغداد سمحنا بأعمال سلب ونهب واسعة على الرغم من المعاهدات الدولية مثل معاهدات جنيف ولاهاي التي تلزم قوة الاحتلال المحافظة على الأمن والاستقرار ووقف أي أعمال عنف وسلب ونهب في الأراضي التي خضعت للاحتلال، وقد شملت أعمال السلب والنهب كل وزارات الحكومة العراقية باستثناء وزارة النفط الأمر الذي أدى إلى انتشار نظرية المؤامرة في تفسير الغزو الأمريكي للعراق حيث أصبح عدد كبير من العراقيين يؤمن بأن الولايات المتحدة لم تأت من أجل أسلحة الدمار الشامل ولا من أجل القضاء على حكم الطاغية صدام حسين وإنما من أجل السيطرة على الثروة النفطية للعراق ولذلك فإن وزارة النفط كانت الوزارة الوحيدة التي سارعت قوات الاحتلال الأمريكي بتوفير الحماية لها دون غيرها من الوزارات أو المنشآت الحكومية الأخرى بما في ذلك البنك المركزي والأرشيف القومي ومتحف بغداد وشبكة الكهرباء، وكانت النتيجة المباشرة انهيار حاد في مستوى معيشة العراقيين بعد الاحتلال مباشرة ليجد المحتلون أنفسهم أمام تحدي شديد الصعوبة وهو إعادة مستوى المعيشة في العراق إلى حالته قبل الغزو رغم كل ما كانت تردده الإدارة الأمريكية عن إقامة جنة للعراقيين على الأرض، وقد وضع هذا الاحتلال العراقيون في موقف صعب حيث إنه وبعد كل الجهود التي بذلت خلال السنوات الثلاث الماضية لم تعد الحياة في العراق إلى طبيعتها قبل الغزو.
***
استشراف للمستقبل
* لقد قرأت مؤخرا مقالا في مجلة فورين أفيرز (شؤون خارجية) الأمريكية بقلم زميلك السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) بول بيلار قال فيه إن أكثر ما أثار دهشته أن أجهزة المخابرات الأمريكية وضعت تصورا كاملا لكل المشكلات التي واجهتها أمريكا بعد الغزو بما في ذلك صعوبة الحفاظ على الأمن والنظام وعمليات السلب والحفاظ على وحدة العراق، فهل كنت جزءا من فريق المخابرات الذي وضع هذه الصورة؟
- بالطبع لا، ولكن هناك إجابة مثيرة، قبل كل شيء أنا لا أعتقد أن مجتمع المخابرات الأمريكي قدم تحذيرات واضحة بشأن المشكلات المنتظرة بعد الغزو كما يقال الآن، فقد كنت في ذلك الوقت نائب مدير وحدة المخابرات والأبحاث في وزارة الخارجية الأمريكية ورغم ذلك لم أشارك بصورة كبيرة في الإعداد للحرب ضد العراق قبل فبراير 2003 وفي مارس من العام نفسه أي قبل أيام من الغزو أصبحت مسيطرا فعليا على هذا الملف في وزارة الخارجية، ونظرا لأنني كنت خبيرا في الشؤون العراقية حيث كنت محللا للشؤون العراقية في الثمانينيات ثم مسؤول إدارة العراق في الخارجية الأمريكية خلال التسعينيات فإنني تخليت عن كل مسؤولياتي في الخارجية الأمريكية قبيل الغزو لأتفرغ لإدارة فريق مخابرات الخارجية الأمريكية الذي يتولى الملف العراقي.
***
مشاركة متأخرة
* أعرف هذا ولكن هل تقول إن إشراكك في إدارة ملف غزو العراق جاء متأخرا؟
- بالضبط تماما. فرغم أنني كنت على دراية بكل ما يجري بشأن العراق فإنني انضممت إلى دائرة صنع القرار الخاصة بهذه القضية في وقت متأخر ولم يكن لي مقعد على مائدة تقديرات الموقف قبل الحرب. فأنا أصبحت جزءا من فريق الإعداد للحرب قبل شهرين فقط من انطلاق هذه الحرب حيث أصبحت أشارك في المؤتمرات التي تناقش طبيعة الأوضاع بعد الحرب وسيناريوهات تلك المرحلة وكذلك طبيعة الأعمال العدائية التي ستواجه الولايات المتحدة أثناء الحرب. وقد اكتشفت بالفعل أن هناك نقصا شديدا في المعلومات عن المسؤوليات الرئيسة التي ستلقى على قوة الاحتلال بعد الغزو بموجب اتفاقيات جنيف وهو الأمر الذي اعتبرته خطيرا على سبيل المثال فخلال اجتماعين اكتشفت أن هناك عددا من قادة الجيش الأمريكي يتصورون أن المنظمات غير الحكومية هي المسؤولة عن علاج الجرحى العراقيين أثناء وبعد الحرب وليس القوات الأمريكية وقد قلت لهم أولا: إنهم يحتاجون إلى قراءة الفصل السادس عشر من اتفاقية جنيف. وثانيا: إنه لا يوجد عدد كاف من المنظمات غير الحكومية التي يمكنها العمل في أرض المعركة، وقد أصبت بالذهول بالفعل عندما اكتشفت أن بعضا من قادة المؤسسة العسكرية الأمريكية يفتقدون هذه المعارف الأساسية.
ولذلك فقد أدركت منذ البداية أن عمليات السلب والنهب استمرت في العراق بعد الغزو الأمريكي لأن العديد من القادة الأمريكيين لم يكونوا يعرفون بالفعل حقيقة ولا طبيعة مسؤولياتهم كقادة لقوة احتلال.
***
السلب والنهب
* وماذا عما يقال إنه لم يتم حشد القوات الكافية لضمان الاستقرار والسلام بعد الغزو وكان هذا سبب ثان لانتشار أعمال السلب والنهب؟
- هذا صحيح تماما، فلم تكن القوات الأمريكية كافية على الإطلاق وأنا أعتقد أن القول بأن طلبات القادة العسكريين بشأن القوات التي يحتاجون إليها كانت تنفذ تماما هو قول يحتمل الكثير من الشك ونحن نعلم ما يحدث عندما يطلب أحد القادة عددا محددا من القوات لتنفيذ مهمة ما حيث يقال له إنه لن يحصل على ما يريد فيعود ويخفض مطالبه فتتم الاستجابة له.
ونحن نعرف تماما كيف تمت الإطاحة برئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال إيرك شانيسكي الذي كان يطالب بحشد نصف مليون جندي لغزو العراق وكذلك وزير الجيش توماس وايت الذي كان يطالب بنفس المطالب.
والحقيقة أنه لم تكن هناك قوات كافية في عملية غزو العراق وما اكتشفته بنفسي هو الغياب الكامل للوحدات العسكرية التي نطلق عليها وحدات الادارة المدنية العسكرية مثل الشرطة العسكرية على سبيل المثال. وقد كان هذا خطأ جسيما جدا جدا وأنا أعرف على سبيل المثال قائد كتيبة من كتائب الإدارة المدنية وقد كان ضابط احتياط تم استدعاؤه بهدف إرساله مع وحدته دون إطلاعه على المسؤوليات التي سيتحملها وبالتالي لم يتم إرسال وحدته.
***
أهداف أمريكية
* حسنا دعنا ننتقل إلى الموقف الراهن فقد وضعت الإدارة الأمريكية عدة أهداف منها بناء قوة مسلحة عراقية من الجيش والشرطة وإقامة حكومة عراقية منتخبة وإشراك السنة في العملية السياسية إلى جانب الشيعة ولكن هذه الأهداف تبدو في مهب الريح الآن هل يمكنك إلقاء المزيد من الضوء على هذه النقطة؟
- الأمر كذلك تماما للأسف. ويجب أن أعترف بأن الجهود الأمريكية الرامية إلى دمج السنة في العملية السياسية حيث إنهم يشكلون الجزء الأكبر من جماعات المقاومة المسلحة بما في ذلك جماعة أبو مصعب الزرقاوي لم تنجح إلا في إثارة غضب الشيعة الذين تحالفوا مع الولايات المتحدة في بداية الغزو وأججت التوتر إلى أعلى مستوى ممكن. ولكن هناك أخطاء أخرى.
فنظرا لأننا لا نمتلك ما يكفي من القوات على الأرض فقد لجأت القوات الأمريكية إلى الاستفادة من القوات العراقية الموالية لها وأغلبها ذات طبيعة طائفية لدعم القوات الأمريكية في العمليات العسكرية التي شنتها خلال الفترة الماضية في وسط وغرب العراق حيث توجد الأغلبية السنية.
ففي حالات كثيرة كانت الوحدات العسكرية التي صنفت كوحدات في الجيش العراقي جاهزة للمشاركة في العمليات العسكرية إلى جانب القوات الأمريكية، كانت مشكلة أساسا من الشيعة والأكراد وقد أظهرت تجارب الماضي انه عند الاستعانة بوحدات عسكرية عراقية ذات أغلبية سنية للقيام بعمليات عسكرية في مناطق الأغلبية السنية وبخاصة في مدن مثل الفلوجة والرمادي، فإن أغلب أفراد هذه الوحدات ينسحبون منها ويرفضون المشاركة في العمليات العسكرية الموجهة أمريكيا.
وبالتالي أصبح البديل أمام القيادة الأمريكية هو الاستعانة بوحدات عراقية مشكلة من الأكراد والشيعة ولكن خطورة مثل هذا البديل انه يمهد الطريق أمام حرب أهلية عراقية طاحنة.
ومن الواضح أن القيادة الأمريكية في العراق تستعين حاليا بوحدات عراقية ذات صبغة طائفية ومثل هذه الوحدات سوف تتحول إلى جماعات مسلحة شيعية وكردية عند اشتعال الحرب الأهلية والعديد من هذه الوحدات خاض عمليات عسكرية إلى جانب القوات الأمريكية في منطقة أعالي الفرات.
***
مخاطرة كبيرة
* هل تقدم لنا المزيد من التوضيح لهذه النقطة؟
- لقد استعانت القوات الأمريكية بالمليشيات الكردية الموالية لها لحفظ النظام في مدينة الموصل شمال العراق عندما انسحبت الشرطة العراقية من المدينة ذات الأغلبية السنية أثناء الاجتياح الأمريكي لمدينة الفلوجة عام 2004م كما أن الأكراد يشاركون في مواجهة المسلحين عند الحدود السورية وأعتقد أن التوسع في ضم عناصر المليشيات الكردية والشيعية إلى الجيش النظامي العراقي الجديد ينطوي على مخاطرة كبيرة وعلينا أن نتذكر ما حدث عندما حاولنا جمع المليشيات الطائفية اللبنانية في جيش واحد مطلع الثمانينيات فقد تحولت بعض الوحدات إلى ما يشبه المليشيا الطائفية وبعضها اتجه إلى التمركز في المناطق التي تقطنها الطائفة التي ينتمي إليها أفرادها وبعضها تفكك تماما حيث انضم كل شخص إلى المليشيات التي تمثل طائفته ولم يوجه القدر الكافي من الاهتمام إلى تحقيق التوازن داخل هذه الوحدات. بمعنى آخر أنه علينا التركيز على تحقيق التوازن الطائفي والعرقي بين أفراد كل واحدة من وحدات الجيش العراقي بدلا من التركيز على تسليح هذه الوحدات ومستوى تأهيلها عسكريا، ولكن هذا لا يحدث حتى الآن.
***
الجيش العراقي
* معنى هذا أنك تعتقد أنه لا توجد أية وحدة عسكرية حقيقية في الجيش العراقي الجديد تتكون من الشيعة والسنة والأكراد؟
- بالطبع لا. فأنا لا أتحدث عن وحدة من وحدات الجيش العراقي، ولكن وبصراحة فإن أغلب وحدات العراقية لم تصل إلى مرحلة تسمح لها بالعمل بمفردها رغم أنها حققت بعض التقدم ولكنه أمر غير مشجع بعد مضي كل هذا الوقت وأعتقد أن خطورة الصبغة الطائفية للوحدات العسكرية العراقية قد تزداد عندما تدخل تلك الوحدات حيز العمل الفعلي، فلو تركت هذه الوحدات للعمل بنفسها فقد تتورط في انتهاكات لحقوق الإنسان أو في ممارسات طائفية أشد خطورة. فهذه الوحدات تلقت تدريباتها في سياق طائفي وعرقي.
***
الحرب اللبنانية
* الأمر يبدو وكأنك تتحدث عن تجربة الحرب اللبنانية فهل هناك تشابه؟
- هناك سبب آخر لما يحدث في العراق وهو طبيعة الحكم وأنا أعتقد أنك عندما تنظر إلى الموقف ككل خارج الحدود سترى أن النظام السياسي الجديد في العراق فشل في الوصول إلى مرحلة النضج والأمر مخيف جدا بالنسبة لي وبالنسبة لعدد كبير من الأشخاص داخل وخارج الحكومة، فبعد ثلاث سنوات من الغزو وبعد العديد من الأحداث التي اعتبرناها مهمة مثل انتخابات البرلمان الانتقالي والاستفتاء على الدستور ثم انتخابات البرلمان الدائم نجد أنفسنا في نفس النقطة التي بدأنا منها فيما يتعلق بتشكيل حكومة عراقية حقيقية ذات سيادة. ليس هذا فحسب بل إننا حتى الآن أمام نظام سياسي تسيطر عليه الأحزاب السياسية التي كانت تعمل خارج العراق في عهد صدام حسين. وهذه الأحزاب ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران وغيرها من القوى السياسية الخارجية وتنطلق من أسس طائفية غالبا. والمفارقة أن أغلبنا بما في ذلك أكثر تشاؤما كان يعتقد أن ثلاث سنوات كانت كافية لكي نجد في العراق نظاماً سياسياً فعالاً لا يعتمد على معارضي المنفى ويضم أكبر عدد من السياسيين المحللين الذين يمثلون مختلف الطوائف والجماعات العراقية.
***
وجوه جديدة
* لماذا لم نر وجوها سياسية جديدة في العراق من وجهة نظرك؟
- هذا سؤال جيد جدا. ورغم ذلك فأنا لا أستطيع تقديم إجابة وافية له ولكن من بين أسباب ما حدث هو الطريقة التي تم بها تطوير العلاقات بين مختلف الفصائل العراقية أثناء العملية السياسية بالعراق بعد الغزو. فالفرص أتيحت فقط للأشخاص الذين كانوا يمتلكون كيانات سياسية قائمة بالفعل مما أتاح لهم مزايا مهمة. كما أنه من بين الأسباب التي حالت دون ظهور وجوه جديدة على المشهد العراقي وجود الكثير من العراقيين اكتفوا بمتابعة العملية السياسية ومتابعة العملية السياسية ومتابعة حقيقة أنه يوجد في العراق العديد من الأحزاب السياسية التي تمتلك مليشيات مسلحة تدعمها وهناك الكثيرون الذين خافوا المشاركة في العملية السياسية بسبب المخاطر التي تنطوي عليها هذه المشاركة. ففي المناطق ذات الأغلبية السنية ظل سيف الاغتيال مسلطا على أي رقبة أي شخصية تشارك في العملية السياسية. وبالفعل تعرض العديد من السياسيين السنة للقتل أو الاختطاف أو التهديد من أجل مقاطعة العملية السياسية التي تجري تحت ظل الاحتلال. وإذا نظرنا إلى محافظة الأنبار ذات الأغلبية السنية والتي توجد بها معاقل المقاومة المسلحة مثل الرمادي والفلوجة سنجد أن محافظها الأول تعرض للاغتيال والآخر تعرض لعدة محاولات اغتيال فاشلة. فقد أصبح منصب المحافظ منصبا خطيرا جدا في بعض مناطق العراق.
***
تاريخ للانسحاب
* إذا أعلنت الولايات المتحدة عن تاريخ محدد للانسحاب من العراق كما يطالب بعض العراقيين، فهل سيؤدي ذلك إلى تغيير الموقف في العراق أم لا؟
وهل سيؤدي إلى تدهور الأمور بصورة أشد؟
- الحقيقة أن الأمر يتوقف على طريقة التعامل مع مثل هذه الخطة للانسحاب وفقا لجدول زمني معلن، والحقيقة أنني شخصيا أتبنى هذا الموقف، فقد وجدت نفسي في موقف وسط. فهناك من يطالب بالانسحاب الفوري من العراق. ولكنني أعتقد أن الناس الذين يطالبون بذلك لا يقدرون حقيقة أن الدولة تعاني من غياب الاستقرار الكافي لتفادي اشتعال حرب أهلية في حالة الانسحاب السريع. كما أنهم لا يفهمون ثمن الانسحاب الفوري، فالأمر يعني سحب حوالي 140 ألف جندي وملايين الأطنان من المعدات والأمتعة والتي يطلق عليها العسكريون معوقات عند الانسحاب في الوقت الذي ستشتد فيه حدة المقاومة المسلحة. ليس هذا فحسب بل إن المناطق ذات الأغلبية المؤيدة للاحتلال الأمريكي في العراق يمكن أن تشهد تفجر موجة من الغضب تجاه الأمريكيين بسبب الشعور بأن الأخيرين تخلوا عنهم الأمر الذي قد يدفعهم إلى حمل السلاح ضد الأمريكيين. وأستطيع القول إن القوات الأمريكية قد تتكبد خسائر بشرية تصل إلى500 قتيل وما بين2000 و3000 جريح إذا ما حاولت الانسحاب خلال فترة تتراوح بين ستين و120يوما وهذا من وجهة نظري سيناريو خطير للغاية أما رأيي الشخصي هو ضرورة وضع تاريخ محدد للانسحاب خلال عامين مثلا، فإذا لم تمض الأمور في الاتجاه الذي نريده خلال هذا الفترة وتراجعت وتيرة العنف يمكن للأمريكيين تمديد موعد الانسحاب، في الوقت نفسه فإن الجدول الزمني للانسحاب بهذه الصورة سوف يتيح للقوات الأمريكية تنفيذه بأقل قدر من الخسائر.
والحقيقة أني أجد نفسي مضطرا للاعتراف بالسعادة لما سمعته من السفير الأمريكي بالعراق زلماي خليل زاده الآن وهي تصريحات اعتقد أنها جرت عليه انتقادات من جانب بعض دوائر صناعة القرار في واشنطن، فقد هدد زاد الفصائل السياسية العراقية بوقف الدعم الأمريكي للعملية السياسية إذا وقعت انتهاكات لحقوق الإنسان أو الاعتداءات المسلحة من جانب المليشيات الطائفية والعرقية. فهذه هي الطريقة التي ينبغي على الإدارة الأمريكية التعامل بها مع الموقف في العراق.
ورغم أنه من غير المفضل أن تتطور الأمور بين الإدارة الأمريكية والقوى السياسية في العراق إلى حد التخاصم بصورة ما فإنه إذا لم تكن هناك طريقة أخرى لإعادة الأمور إلى نصابها يجب اللجوء إلى الدعم المشروط. فمن الممكن للولايات المتحدة استخدام الدعم الذي تقدمه للحكومة العراقية سواء ماليا أو فنيا أو حتى سياسيا لتوجيه القوى السياسية العراقية في الاتجاه المطلوب.
واعتقد أن مثل هذه الخطوات هي التي يمكن اتخاذها في مثل هذه الظروف. والحقيقة أن عدم وجود جدول زمني محدد لأية مهمة يجعل هؤلاء الأشخاص المكلفين بها غير مضطرين لاستخدام الوقت بحكمة.

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
فن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
نادي العلوم
خارج الحدود
الملف السياسي
استراحة
اقتصاد
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
تحقيق
مجتمعات
روابط اجتماعية
صحة وغذاء
شاشات عالمية
تميز بلا حدود
أنت وطفلك
حوارات
سوق الانترنت
الحديقة الخلفية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved