الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 7th November,2006 العدد : 195

الثلاثاء 16 ,شوال 1427

الليل الأنيس.. أو ليل العشاق!
ما أن يقترب قرص الشمس من المغيب، لكي لا يترك أثراً من ضياء كان يمنحه للكون والناس منذ إشراقته مع كل صباح، حتى تبدأ رحلة الجميع مع ليل لا يبدد ظلامه الدامس سوى هذه الكثافة من أعمدة الإنارة المزروعة في كل الشوارع والميادين في مدينة الرياض، ولا يحرك سكونه غير هذا العدد الكبير من السيارات الفارهة والعادية التي يقودها الشباب والكهول معاً من شارع إلى آخر في هذه المدينة المكتظة بالناس والسيارات.
***
إنه ليل عامر بالحركة، تسوده أجواء ليلية مختلفة عن نشاطات كثيرة اعتادها الناس في النهار، فهم يسامرونه في ظل وجود الرغبة لديهم في إشباع النفس بما حال العمل دون تحقيقه بالنهار، أو شغلهم عنه شاغل أو مشاغل، فلم يدرك المرء أو يتمكن من إنجاز حاجته وتحقيق ما يدخل ضمن اهتماماته، أو بالإبحار في عالمه المختلف، إلا مع إطلالة ليلة أو ليال جميلة ومثيرة على حياته وعالمه الخاص.
***
ولم يعد هناك - بالمناسبة - خوف أو وحشة من ليل بهيم، أو سكون قاتل، لا يحركه إلا انبلاج أشعة من ضوء الشمس مع كل صباح، فالحياة في ليالي الرياض المقمرة أو غير المقمرة مليئة بالحركة والنشاط، وقادرة على إنجاز ما لم يتم إنجازه في النهار، فالرياض تتميز بليل جميل لا مثيل له في مدينة أخرى، حيث الهواء النقي والمنعش والعليل، وحيث السماء التي تبدو في كامل زينتها إما بقمرها ونجومها أحياناً، أو بسحبها المصحوبة بالمطر - على ندرتها - في الشتاء أحياناً أخرى، بما يلهم الشعراء وأهل الطرب والعشاق كلا في مجاله للإبداع، مع استثمار مناسب لهذه الأجواء المميزة بزخات من العواطف الجياشة، ومطر من المشاعر الإنسانية، وبرق ورعد تحرك وتكشف الأسرار الجميلة على امتداد الصحاري التي تتسع لكل ما هو أثير وجميل وأنيس مما يحبه الإنسان ويهواه ويلهو به عن كل ما يشعره بالضيق أو عدم الراحة في ليله ونهاره.
***
وكثير من الأعمال لا ينجزها بعضنا إلا ليلاً، وهناك من لا تكتمل فرحته بالمناسبات إلا حين يكون توقيتها بعد مغيب الشمس واختفاء آخر شعاع منها، وكل الأفراح والليالي الملاح هي في الليل لا في النهار، بشكل أخل بما كنا نعتاد عليه قبل أن ننعم بالكهرباء والسيارات والإمكانات المالية الهائلة.
***
ولم يعد الليل يحمل الأسرار لا غير، أو أن جماله محصور فقط في قمره ونجومه المضيئة في السماء، أو في اختيار الصحراء للهروب إليها لكي يقضي الإنسان شطراً من هذا اليل الجميل، بعيداً عن الروتين والهموم وما اعتاد عليه.
فالليل في الصيف أو في الشتاء، بالربيع أو في الخريف، هو الليل المؤنس والرائع دائماً، إذ إن الأحلام الجميلة تولد ليلاً، في لحظات استرخاء للجسم تثيره نسمات من الهواء العليل، والسكون والهدوء إن لم يكن هناك مطر ورعد وبرق.
والليل لا يحاسبك على ما أنجزت، ولا يحقق معك في أي من أخطائك، ومن صفاته التسامح، ومن طبعه أن ينسى ما كان أو فات، إنه ليس خصماً لأحد، وإنما هو الصديق والخل، وهو أبداً ودائماً المعطاء والكريم والمحب والعاشق لكل الناس.
***
وكل إبداع لشاعر أو كاتب يأتي غالباً في أجواء ليلية، وكل راحة بعد تعب لا تتحقق إلا في الليل، وأي مريض لا يغفل عن أوجاعه إلا حين ينام ليلاً، ولا نشاط لإنسان في النهار إن لم يسبقه نوم كاف في الليل، وكل الأجواء العاطفية عادة ما تكون وغالباً ما تتم ولادتها في الليل أكثر مما هي في النهار.
***
الليل وباختصار ليس للمعاش، بل إنه للراحة والاستمتاع أولاً وثانياً وأخيراً، وإن كان هناك من يستقطع منه بعض الوقت لعمل ما، لكنه يبقى جميلاً ورائعاً ومؤنساً وأخاذاًَ سواء إن نحن قتلناه بالنوم أو أحييناه بالسهر، ويا ليل ما أروعك!!


خالد المالك

فيلم ماري أنطوانيت..
يتنفّس برئة القرن السابع عشر ويتحرك على إيقاع القرن الحادي والعشرين

* إعداد - محمد رضا
آخر مرة سمعت فيها شيئاً عن ماري أنطوانيت كانت حين قرأت أن الشعب الفرنسي علّقها من عنقها في ثورة أدّت إلى قيام الجمهورية الفرنسية في القرن الثامن عشر، لكن التاريخ يُعيد نفسه وها هو حبل المشنقة يلتف من جديد وبسببها.
ولو أن المرأة التي يتم شد الحبل حول عنقها هذه المرّة ليست الملكة الفرنسية، بل المخرجة الأميركية صوفيا كوبولا.
ماري أنطوانيت (1739 - 1755) كانت من سلالة نمساوية غير ملكية تزوّجت، من الملك لويس السادس عشر وهي لا تزال في الرابعة عشرة من العمر.
لويس هذا لم يكن أصبح ملكاً بعد، لكن والده أراد تزويجه لكي يضمن تعيينه ولياً للعهد، ويقضي المشاهد الساعة الأولى من الفيلم وهو يتابع محاولات الفتاة التي كانت تعلم المطلوب منها وعزوف الملك الشاب الذي كان يبدو أكثر انشغالاً بصيد البط والأرانب البريّة.
بعد تلك الساعة الأولى كان لابد من حل لفيلم بدا السيناريو المكتوب له مقفولاً عند حالة لا خروج منها.
والحل يأتي بزيارة شقيق الملكة ليدل الملك لويس كيف يتصرّف حيال زوجته. بعد تجاوز هذه العقدة المطوّلة التي تقضيها ماري أنطوانيت، كما تقوم بها كيرستن دانست، نقضي ساعة أخرى (أو نحوها) من حياة القصور: الملكة ووصيفاتها والبلاط واللهو والترف والمزيج من البراءة والخبث والحفلات المقامة في عالم مزركش بملامح الثراء وبالروك أند رول!
صحيح أننا لا نسمع ألفيس برسلي ولا تشابي تشاكر لكن الموسيقى روك أن رول حديثة من فرق مثل (أوبوس17) و(أفيكس توين) و(راديو ديبارتمنت). وخطر لي أنه لو أتيح لي حضور التصوير وما بعده واعترضت على استخدام تلك الموسيقى لأقدمت المخرجة على إدخال (الراب ميوزك) عناداً وتأكيداً على منحاها في التفكير. فما يبدو أنها تفكّر به وتندفع إليه هو تحديث العالم الخارجي لماري أنطوانيت وتقريبه إلى مفهوم الفيلم المعاصر. بذلك تعيش رئة تتنفس بعالم القرن السابع عشر وجسداً يتحرّك على إيقاع القرن الحادي والعشرين.
براءة ذمّة
(مهما تكن تلك الرغبة، فإن تأثيرها السينمائي محدود).
أحذف هذه العبارة. استخدم مكانها: (مهما يكن فتأثير كل الفيلم محدود. الخلطة التي اعتمدتها صوفيا لا تنتمي إلى أساس يصلح للتداول. ليس فقط أن التباعد الزمني يجعله غير محبب، بل أيضاً عدم تحقيق النتيجة المطلوبة من ورائه. كذلك، فإن تقديم مغامرة الفتاة القادمة من النمسا إلى فرنسا لكي تتزوّج وتتحمّل غلاظة والد العريس (رِب تورن) وبلادة إبنه (جاسون شوارتزمان) لا يستند إلى ما يمكن تسميته بالقضية. قصة حياة؟ صحيح، لكن لماذا؟ ما الحاجة إلى سرد حكاية إذا لم يكن هناك مستوى ملازم من المعاني تتراكم حولها وبسببها وتمر تحت سطحها؟.
ما تجده صوفيا كوبولا، وهي ابنة ذلك المخرج الكبير فرنسيس فورد كوبولا، مُثيراً، هو العالم الذي وجدت ماري أنطوانيت نفسها فيه: ذلك البذخ والحفلات والشرب والأكل وأحاديث النساء والكثير الكثير من الأحذية النسائية. لكن لا تعتقد أن النقد كان في بال المخرجة حينما أمّت هذا القدر من تصوير البذخ. إنه هناك لكي يصوّر عالماً مبتهجاً لا يكدّره سوى أن زوجها لم يفعل بعد المطلوب منه لكي يصبح أباً. وحسب الفيلم، فإن الوريث الذي تم إنجابه في الفيلم ليس نتيجة حل عقدة الزوج، بل من علاقة جانبية أنشأتها الملكة مع شاب سويدي هو الكونت فرسون (جامي دارنَن). هل نصدّق ذلك؟ ثم هل نصدّق أنها لم تقل (ليأكل الشعب البسكوت) حينما ووجهت ببوادر تململ الناس من حياة البذخ بينما هم في قاع الحياة الاقتصادية؟ ولماذا تنبري صوفيا كوبولا لتبرئة الملكة من البسكوت؟ أقصد من عبارتها الشهيرة؟ هل لا يزال محامي الملكة حياً ويطلب لموكلته نوعاً من براءة الذمّة؟ ثم هل هو مهم فعلاً إذا قالت تلك العبارة أو لم تقلها؟ إذا كان مهمّاً فإن الفيلم لا يفصح عن سبب تلك الأهمية.
بلا عِلم
الفيلم يتحوّل بسبب ذلك إلى حس فارغ بالموضوع كله. حين سأل ناقد فرنسي غير معجب بالمخرجة كوبولا خلال تقديمها الفيلم في عرضه العالمي الأول عن سبب اهتمامها بتقديم قصّة حياة الملكة أنطوانيت، أجابت المخرجة (أردت أن أظهر ما كان يتفاعل في داخلها خلال محنتها كامرأة وكملكة). هذا الكلام يوافق ما ذكرته في المادة الصحافية الموزّعة الذي جاء فيه: (أردت التعامل مع الخبرة الداخلية).
ولكن أي خبرة داخلية تلك حتى تكتنز شخصية ما (في أي فيلم) خبرة داخلية عليها أن تنفعل وجدانياً مع ما يحدث لها؟. عليها أن يكون لديها ردّ فعل ما حيال بعض الأشياء حتى لا نقول معظمها. لكن ماري أنطوانيت كما تُصوّرها صوفيا كوبولا لا تبدو على صلة بأي من هذا، ولا يبدو أنها راجعت وجدانها لتقرر كيف تنظر إلى الحياة من خلال ذلك.
الفيلم بحاجة إلى خط أخلاقي. إلى قضية. إلى نزاع، مشادّة، غضب، صراع، مسألة تدخل في الصميم... آيس كريم! أي شيء. وبخلوّه من هذه المسائل فإن الدراما الناتجة تسير بلا نتوءات حدثية أو درامية.
المسألة هي أن صوفيا كوبولا ليس لديها علم. ليس خبرة فقط، بل علم. حينما أقدمت قبل ثلاثة أعوام على تحقيق فيلمها الذي أثار عاصفة نقدية إيجابية وهو (مفقود في الترجمة). كان طرحها يرتكز على تصوير وحدة ومعاناة الأميركي حين يحط في مدينة غريبة عنه (طوكيو في الفيلم). ونحن نرى في ذلك الفيلم صوراً من تلك المعاناة. لكن هل نحسّها؟ لا.
إذا لم نحسّها كيف نصدقها؟ إن كوني ضد الشنق بسبب فيلم خرج عن (سكّة الحديد) وضرب عمود المحطة، لا يعني أنني لا أفهم غضب الفرنسيين من صوفيا وفيلمها. فالتاريخ تاريخهم وصوفيا عبثت بذلك التاريخ ورسمت على جدرانه (لوحة أمريكية) مزركشة ملوّنة وغير موحِية. الأكثر من ذلك أن شخصية ماري أنطوانيت بدت مستوحاة من شخصية ملكة الفضائح الليلية باريس هيلتون، ما يزيد الطين بلّة ويرفع السكّر في دم الفرنسيين الفخورين بتاريخهم حتى حين انقلبوا على رموزهم وشنقوهم. صوفيا تتحسّس الحبل حول عنقها وتحاول الآن النجاة منه بتحقيق نجاح تجاري في أميركا حيث يحط الفيلم في صالات السينما خلال الأيام الحالية.
لكن من قال إن الأميركيين يأبهون كثيراً لشؤون وشخصيات (القارّة القديمة)؟

..... الرجوع .....

تحت الضوء
الطب البديل
الفن السابع
فن عربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
أنت وطفلك
خارج الحدود
الملف السياسي
استراحة
منتدى الهاتف
مجتمعات
صحة وتغذية
رياضة
تميز بلا حدود
سوق الانترنت
الحديقة الخلفية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved