الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 11th March,2003 العدد : 25

الثلاثاء 8 ,محرم 1424

بين إعلامين..!
طبول الحرب تُقرع من حولنا..
وشن الحرب على العراق اقترب من مرحلة التنفيذ...
ومثلما تجيّش الدول الكبرى رجالها ونساءها لهذه الحروب...
فهي تجيّش رجال الإعلام وبناته لنقل هذه الصورة المعتمة في تاريخ الإنسان..
يحدث هذا من خلال استعدادات إعلامية هائلة لا تقوم بها إلا هذه الدول..
فيما تغيب الدول الأخرى معتمدة على ما يقوله لها هؤلاء..
مع أن موضوع الحرب يعنيها ويمسها في الصميم..
***
والإعلام وقد أصبح ضمن ما يوظف من أدوات لخدمة أهداف الحروب..
باعتماد الدول عليه في إدارة جوانب من حروبها مع الغير..
هذا الإعلام بصورته هذه..
وبالانتشار الكبير الذي نراه..
وبكل ما هو متاح له من إمكانات هائلة..
أين عالمنا الصغير منه..؟
سؤال أطرحه، ونحن على أبواب معركة جديدة...
بانتظار أخرى...
وربما أكثر..
***
إن الإعلام العربي تحديداً...
يحتاج إلى رؤية واضحة تعالج حاضره ومستقبله..
تُستلهم من المتغيرات في عالم اليوم..
ومن السباق المحموم بين الدول إعلامياً لاستثماره في تحقيق ما نريد..
قناعة بأنه لا مكان بين الأمم للنائمين منا..
أو المتخاذلين في إعلامنا عن أداء ما هو مطلوب منهم...
***
وفي كل الأحوال...
وإن اختلفت وجهات النظر..
وتباينت القناعات..
فإن المرحلة تحتاج إلى كثير من التنازلات الإيجابية..
لكيلا يتركنا القطار وحدنا في قارعة الطريق..
بانتظار ذلك الذي لن يأتي أبداً..

++
خالد المالك

++
ساحاتها .. المخدرات والسلاح
والملكية الفكرية وغسيل الأموال والبشر
حروب العولمة

* مجلة الجزيرة خاص
للتجارة غير المشروعة في مجالات المخدرات والسلاح وحقوق الملكية الفكرية والبشر والأموال دوي صاخب، وقد أدى القتال من أجل السيطرة على تلك الأسواق المحظورة إلى دخول الحكومات في منافسة مع شبكات سريعة الحركة لا هوية لها، تمتلك الكثير من الحيل. شبكات دعمت العولمة نفوذها، وذلك على نحو مماثل لما حدث على صعيد الحرب ضد الإرهاب. وستظل الحكومات هي الطرف الخاسر في تلك الحروب ما لم تتمكن من تبني استراتيجيات جديدة في تعاملها مع ذلك النضال الشاق وغير المسبوق، والذي يشكل العالم الآن تماماً مثلما تشكله المواجهات بين الدول.
لقد أبرزت مقاومة القاعدة أنه من الصعب على الحكومات سحق شبكات لا هوية وطنية لها، شبكات متسمة باللامركزية، وتتحرك بحرية وبسرعة وفي الخفاء عبر الحدود الدولية لتقوم بعمليات إرهابية. ويمكن القول إن التغطية الإعلامية المكثفة التي خصصت للحرب على الإرهاب حجبت الرؤية عن خمس حروب عالمية أخرى لا تقل في ضراوتها عن الإرهاب، حيث دخلت الحكومات في منافسة حامية الوطيس مع شبكات واسعة الحيلة وذات تمويل ضخم، تمتلك أفرادا ذوي كفاءة عالية. هذه الحروب تتمثل في الإتجار في المخدرات والسلاح وحقوق الملكية الفكرية وفي البشر وفي الأموال، إن ما يحرك المتطرفين هو الحماسة، إلى جانب الأهداف السياسية، أما ما يحرك أولئك الذين يقاتلون الحكومات في هذه الحروب الخمس فهو اللهاث وراء المكاسب المالية الضخمة، والمفجع أن السعي وراء المكسب المالي يؤدي إلى حدوث جرائم واضطرابات عنيفة وفوضى وزعزعة للأمن العالمي ربما بشكل يفوق ما يسببه التعصب الديني.
وقد ظلت الحكومات بشكل أو بآخر تخوض غمار تلك الحروب الخمس على مدار قرون، ولكن بفضل التغيرات التي أحدثتها العولمة خلال العقد الماضي، أصبحت تلك الحرب أكثر ضراوة. بالتأكيد استفادت الدول من ثورة المعلومات ومن تقوية الصلات السياسية والاقتصادية وتضاؤل أهمية التباعد الجغرافي، ولكن للأسف الشديد ما استفادته الشبكات الاجرامية من العولمة أكثر من ذلك بكثير، إذ لم تعد تلك الشبكات مقيدة بالسيادة الوطنية بمفهومها التقليدي، فهي اليوم متحررة بدرجة كبيرة من أي قيود جغرافية، كذلك فإن العولمة لم تؤد فحسب إلى توسيع نطاق الأسواق غير القانونية وغير المشروعة وتعزيز حجم الشبكات الإجرامية وزيادة مواردها، بل انها فرضت أيضاً المزيد من الأعباء على الحكومات، وتمثلت هذه الأعباء في: تقليل الميزانيات الحكومية، اللامركزية، الخصخصة، تحرير التجارة، اتاحة بيئة أكثر انفتاحاً أمام التجارة الدولية والاستثمار، كل ذلك جعل مهمة محاربة الجريمة العالمية أمراً أكثر صعوبة. ومن المعروف أن الحكومات تتألف من أجهزة إدارية بيروقراطية ثقيلة الحركة، تتعاون بصعوبة فيما بينها بصفة عامة، في حين ان تجار المخدرات وتجار السلاح ومهربي البضائع الأجنبية والمزورين ومن يقومون بغسيل الأموال أعادوا تنظيم شبكاتهم على نحو علمي فائق وأقاموا تحالفات استراتيجية معقدة لا يمكن تصورها تتجاوز حدود الثقافات والقارات.
وربما بدا في الظاهر أن دحر أولئك الأعداء أمر شبه مستحيل، ولكن دحرهم أمر ممكن، والخطوات الأولى لذلك هي قلب مكاسبهم الأخيرة إلى خسائر، إذ ينبغي التعرف على أوجه الشبه الأساسية التي قد تكون قائمة بين الحروب الخمس ثم التعامل مع تلك الصراعات ليس بوصفها مشكلات في تنفيذ القانون، بل التعامل معها بوصفها اتجاها عالميا جديدا سوف يشكل العالم، تماما مثلما شكلت المواجهات بين دول العالم في الماضي، ولابد من الإشارة إلى أن مسؤولي الجمارك ورجال الشرطة والمحامين والقضاة لن يكون بمقدورهم وحدهم الانتصار في تلك الحروب، لذا يتوجب على الحكومات أن تعمل على تعيين واستخدام إلى جانب الفئات السابقة المزيد من الجواسيس والجنود والدبلوماسيين والاقتصاديين الذين لديهم الدراية الكافية باستخدام المحفزات والنظم المختلفة القادرة على إدارة دفة الأسواق بعيداً عن النتائج الاجتماعية السيئة التي قد تنجم عن تلك الحروب، بيد أن تغيير المهارات القتالية لمقاتلي الحكومة لن يكون كافياً وحده لوضع حد لتلك الحرب الضروس، بل يستلزم الأمر إلى جانب ذلك إعادة فحص المبادئ والمؤسسات الخاصة بهذا الجانب لدى الحكومات.
الحروب الخمس
لو أنك التقطت أية صحيفة في العالم في أي يوم من الأيام، فسوف تجدها مليئة بأخبار حول الهجرة غير الشرعية والاتجار في المخدرات والأسلحة المهربة، وغسيل الأموال والبضائع المزورة، ولعقد مضى لم يكن أحد يتخيل أن تلك النوعية من الجرائم يمكن أن تتخذ طابعاً عالمياً، فالموارد المالية والبشرية والمؤسسية والتكنولوجية المستخدمة من قبل هؤلاء المقاتلين اتخذت أشكالاً منظمة لدرجة بات من الصعب معها سبر غورها، وشيء مماثل حدث لأرقام الضحايا الذين لم يعد من السهل أيضاً معرفتهم كما أصبحت التكتيكات والخدع الخاصة بالمجرمين تحير العقل، ومع ذلك إذا ما تصفحت العناوين والصور التي تنشرها الصحف حول هذا الأمر فسوف تتجسد أمامك حقيقة لن تستطيع الفكاك منها، تتمثل في أن حكومات العالم تقاتل ظاهرة جديدة نوعا ما ولكن بأدوات بطل استعمالها وقوانين لم تعد ملائمة وترتيبات ونظم إدارية غير كافية واستراتيجيات غير فعالة، لذا ليس مفاجأة ان تشير كل الدلائل إلى أن الحكومات هي الطرف الخاسر.
المخدرات
لعل أكثر الحروب الخمس شهرة هي بالطبع الحرب على المخدرات. في عام 1999 قدر تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة حجم التجارة السنوية في المخدرات بما مقداره 400 بليون دولار سنويا، أي ما يساوي تقريبا حجم الاقتصاد الإسباني وبما يمثل 8 بالمائة من حجم تجارة العالم. وترصد الكثير من دول العالم في تقاريرها ارتفاعا ملحوظا في تعاطي المخدرات. ويغذي هذا السلوك الإجرامي خطوط إمداد عالمية تستخدم كل شيء بدءاً من طائرات المسافرين التي تستطيع أن تحمل شحنات من الكوكايين تقدر بـ500 مليون دولار في الرحلة الواحدة إلى الغواصات التي تنقل المياه بين كولومبيا وبورتوريكو. وللحيلولة دون استراق السمع والتنصت عليهم يستخدم مهربو المخدرات التلفونات الخلوية وأجهزة استقبال الراديو ذات الترددات الواسعة، كما يعتمدون أيضاً على نظم مالية معقدة أشد التعقيد تختلط فيها النشاطات المشروعة بغير المشروعة ذات واجهات وهياكل متعددة الملكية.
وتنفق الولايات المتحدة كل عام ما بين 35 بليون دولار و40 بليون دولار من أجل الحرب على المخدرات، معظم هذا المبلغ ينفق على الحظر وعلى الأنشطة الخاصة بجمع المعلومات، ولكن القدرات الهائلة والحيل التي تتحلى بها القوى الاجرامية تجعلها تسبق في أكثر الأحيان الإجراءات الحكومية. فاستجابة للتضييق الأمني على الحدود الأمريكية المكسيكية قام مهربو المخدرات بحفر نفق لكي ينقلوا خلاله أطناناً من المخدرات وبلايين من الدولارات النقدية ولم تكتشفه السلطات إلا في مارس عام 2002م وعلى مدار العقد الماضي أدى النجاح الذي حققته حكومتا بوليفيا وبيرو في استئصال شأفة مزارع الكوكايين إلى انتقال إنتاجه إلى كولومبيا. وبالرغم من الجهود البطولية التي بذلتها تلك الدول والمساندة المالية والتقنية الضخمة التي تقدمها فإن إجمالي مساحة هكتارات الكوكايين في بيرو وكولومبيا وبوليفيا قد زادت في العقد الماضي من 200 ،206 هكتار في عام 1991 إلى 939 ،210 عام 2001م. وطبقاً لما أورده الخبير الاقتصادي جيف دي سايمون فإن متوسط سعر الجرام من الكوكايين في الولايات المتحدة بين عامي 1999م و2000م قد هبط من 152 دولار إلى 112 دولار.
وحتى عندما يتم القبض على كبار زعماء تجارة المخدرات أو قتلهم، فإن منافسين سابقين لهم يحلون محلهم. على سبيل المثال اعترفت السلطات ان الاعتقال الذي تم مؤخراً لبنجامين أرليانو فليكس، المتهم بإدارة أكثر القوى الاجرامية فظاعة في تجارة المخدرات في المكسيك، لم يحدث شيئاً ذا بال على صعيد وقف تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة.
تجارة السلاح
في أغلب الأحيان تسير تجارة المخدرات جنباً إلى جنب مع تجارة السلاح ففي عام 1999م ألقى جيش بيرو بالمظلات 10 آلاف قطعة سلاح طراز AK47S على القوات المسلحة الثورية في كولومبيا، وهي جماعة متمردة أقامت تحالفات وثيقة مع زارعي وتجار المخدرات. ومعظم أسلحة AK47S التي يتم تداولها اليوم والبالغة 80 مليون قطعة تقريباً تسير في طريق غير سوي. وطبقاً لتقارير الأمم المتحدة فإن 18 مليون قطعة سلاح فقط «بنسبة 3 بالمائة» من إجمالي عدد أسلحة يصل إلى 550 مليون قطعة سلاح صغير وأسلحة خفيفة تستخدم من قبل حكومة أو جيش أو قوات شرطة، وتقدر التجارة المحظورة في مجال السلاح بحوالي 20 بالمائة من إجمالي تجارة الأسلحة الصغيرة، ينتج عنها حوالي بليون دولار سنوياً. ولقد ساعدت تلك الأسلحة الصغيرة على إذكاء 46 صراعاً من الصراعات الـ49 الكبرى التي شهدها العقد الماضي. وفي عام 2001م قدر بأن تلك الأسلحة مسؤولة عن 1000 حالة وفاة يومياً، 80 بالمائة من هؤلاء الضحايا كانوا من النساء والأطفال.
ولا تشكل الأسلحة الصغيرة سوى جزء صغير من المشكلة. إذ يشتمل سوق السلاح على الدبابات وأنظمة الرادار بما لها من قدرة على اكتشاف الطائرات الخفية والمكونات التي تدخل في تصنيع أسلحة الدمار الشامل الأكثر فتكاً. وقد أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية حدوث بضع حالات لتهريب مواد نووية صالحة للاستخدام، إضافة إلى المئات من الحالات الأخرى التي وردت للوكالة معلومات عنها أو تم التحري عنها على مدار العقد الماضي، وربما يكون الإمداد الفعلي بالمواد التي تدخل في تصنيع الأسلحة النووية أو البيولوجية أو الكيمياوية وبالتكنولوجيا الخاصة بتصنيعها ما تزال محدودة، ولكن الطلب المحتمل على هذه المكونات والتكنولوجيا قد يكون قوياً، بل يتزايد يوما بعد يوم سواء من جانب القوى النووية أو من جانب الجماعات الارهابية. ويؤدي تقييد الامدادات وتزايد الطلب إلى ارتفاع أسعار تلك المكونات كما يخلق حافزاً كبيراً لممارسة أنشطة غير مشروعة. .ففي السنوات الأخيرة انضمت دولتان إلى النادي النووي هما باكستان والهند، كما أن الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على السلاح أخفق هو الآخر في منع شراء العراق لأجزاء محركات المقاتلات النفاثة من يوغوسلافيا وكذا شراء أنظمة الرادار المتقدمة والقادرة على كشف الطائرات الخفية من أُوكرانيا، كذلك فإن الجهود متعددة الأطراف التي بذلت من أجل كبح جماح تصنيع وتوزيع الأسلحة مازالت جهوداً متأرجحة بين الفشل والنجاح، على الأقل بسبب عدم رغبة بعض القوى في قبول ما يمكن أن يقيد أنشطتها الخاصة في هذا الميدان، ففي عام 2001م على سبيل المثال جمدت الولايات المتحدة جزئياً اتفاقية قانونية عالمية ملزمة في مجال الأسلحة الخفيفة لأنها خشيت من أن تؤدي هذه الاتفاقية إلى تقييد حق مواطنيها في امتلاك الأسلحة والبنادق. وفي غياب التشريع الدولي والقوة القادرة على تنفيذه، فسوف تملي قوانين الاقتصاد بيع المزيد من الأسلحة بأسعار أرخص.
حقوق الملكية الفكرية
في عام 2001م، وبعد يومين فقط من تسجيل شريط الصوت الخاص بأحد أفلام هوليوود كان الممثل دينيس هوبر في شنغهاي عندما باع أحد بائعي الشوارع نسخة مقلدة من الفيلم وكان صوته موجودا عليها بالفعل، وهو ما جعل هوبر يتساءل متعجبا: «لا أعلم كيف استطاعوا إدخال صوتي إلى داخل الدولة قبل أن آتيها أنا نفسي» ولا تشكل تجربة هوبر سوى حلقة صغيرة في تجارة غير مشروعة كلفت الولايات المتحدة ما يقدر بـ4 ،9 بلايين دولار عام 2001م، ويبلغ معدل القرصنة على برمجيات الأعمال في اليابان وفرنسا 40 بالمائة، وتصل النسبة في اليونان وكوريا الجنوبية إلى 60 بالمائة وفي المانيا وبريطانيا تدور هذه النسبة حول 30% ويذكر ان 40% من مستحضر بروكتر وجامبل لغسيل الشعر، وستون بالمائة من دراجات هوندا النارية والتي بيعت في الصين عام 2001م كانت مقلدة. ما يصل إلى 50 بالمائة من العقاقير الطبية في نيجيريا وتايلاند عبارة عن ماركات مقلدة ومهربة. وهذه المشكلة لا تقتصر على المنتجات الاستهلاكية فقط بل تمتد لسائر المنتجات، فالصناع الإيطاليون للصمامات الصناعية منزعجون لأن هناك بليونين من الدولارات سنوياً من سوق التصدير تتآكل بسبب الصمامات الصينية المزورة التي تباع في الأسواق العالمية بثمن أرخص من الصمامات الأصلية بنسبة 40 بالمائة.
والمسيطرون على هذه السوق الرائجة للتزوير والانتحال كيانات معقدة ومتشابكة. ومن الواضح أن التكنولوجيا تقوي من العرض والطلب على المنتجات المقلدة، فمما يذكر أن مستخدمي موقع شركة نابستر على الإنترنت الذي يسمح لأي شخص في أي مكان أن يقوم بتحميل وإعادة إنتاج الموسيقى التي تتمتع بحقوق الملكية مجانا، هؤلاء المستخدمون ارتفع عددهم من صفر إلى 2 مليون في غضون عام واحد، وحوالي 500 ألف ملف من ملفات الأفلام يتم المتاجرة فيها يوميا من خلال خدمات تقاسم الملفات مثل خدمات: كازا ومورفيوز. وفي أواخر عام 2002م كان في الاستطاعة تحميل 900 مليون ملف موسيقى مجانا من على شبكة الإنترنت، وهو ما يشكل مرتين ونصف المرة حجم الملفات التي كانت متاحة عندما وصلت نابستر إلى الذروة في فبراير عام 2001م.
وتيارات السوق العالمية والعلامات التجارية تلعب أيضاً دوراً في الأمر، وذلك نظراً لأن أكثر الناس ينجذبون إلى المنتجات التي تحمل ماركات مشهورة. ويجسد أحد صناع الساعات السويسرية هذه المشكلة بقوله: «نحن ننافس في الوقت الراهن منتجاً يصنع من قبل مسجونين صينيين، فهو عمل يديره رجال الجيش الصيني وعائلاتهم وأصدقاؤهم وباستخدام نفس الآلات التي نستخدمها تقريباً، حيث يشترونها من نفس المعارض الصناعية التي نذهب إليها، والسبيل الذي نعزي انفسنا به في هذه المشكلة اننا نفترض ان مستهلكيهم ومستهلكينا مختلفون، فالشخص الذي يشتري نسخة مزورة من ساعاتنا التي يبلغ سعر الواحدة منها 5 آلاف دولار بسعر مائة دولار فقط ليس عميلاً نخسره، بل ربما كان عميلاً مستقبلياً سوف تحدوه الرغبة يوما ما لامتلاك شيء حقيقي بدلاً من المزيف، ربما نكون على خطأ وننفق أموالا على محاربة السطو على منتجاتنا. ولكن مع التسليم بأن جهودنا التي قد تبذل في هذا السبيل ربما لا تحمي المنتجات كثيراً، فليس أمامنا إلا ان نغلق أعيننا مؤملين في غد أفضل». وموقف صانع الساعات هذا يناقض مواقف الكثير من الشركات التي تقوم على إنتاج منتجات أرخص مثل الملابس والموسيقى ومنتجات الفيديو والتي تتأثر مواردها المالية تأثراً مباشراً وكبيراً من جراء السطو على منتجاتها.
ولقد حاولت الحكومات من جانبها حماية حقوق الملكية الفكرية من خلال وسائل عديدة، لعل أبرز هذه الوسائل هو تنفيذ اتفاقية الجوانب التجارية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية والتي عرفت اختصاراً ب «التريبس» والتي عقدت على مستوى منظمات التجارة العالمية. يشارك أيضاً في هذا الأمر العديد من المنظمات الأخرى مثل منظمة الملكية الفكرية، الاتحاد الجمركي العالمي والانتربول. ومع ذلك فإن المقدار الكبير من هذه التجارة أو نزهة بسيطة في شوارع مانهاتن أو مدريد كافيان لاظهار أن الحكومات مازالت غير قادرة إلى حد بعيد على حسم هذه المعركة لصالحها.
تهريب الأجانب
إن من يشتري وشاح هرمس مزيفاً أو ساعة رولكس في شوارع ميلانو قد يكون مهاجراً غير شرعي، فمن المرجح أنه قد تم نقله عبر عدة قارات من خلال شبكة مهربين متحالفة مع شبكة أخرى متخصصة في النسخ والتصنيع والتوزيع غير الشرعي لمنتجات ذائعة الصيت.
وتهريب الأجانب تجارة تقدر ب7 بلايين دولار سنويا، وطبقاً لتقارير الأمم المتحدة تعد هذه التجارة هي الأسرع نمواً من بين جميع أنواع الجرائم المنظمة، ويدخل الولايات المتحدة سنويا بشكل غير شرعي، ما يقترب من 500 ألف شخص، ويدخل الاتحاد الأوروبي بشكل غير شرعي نفس العدد تقريباً أيضاً. ويهاجر الكثيرون بطرق ملتوية، يهاجرون طوع ارادتهم، يدفعون للمهربين ما يصل إلى 35 ألف دولار، وهو ما يمثل أعلى أجر للانتقال من الصين إلى نيويورك بالدولار، هناك آخرون يتم تهريبهم بطريقة أخرى، إذ يباعون ويشترون دولياً شأنهم في ذلك شأن السلع. وقد قدرت مصلحة الأبحاث التابعة للكونجرس الأمريكي عدد من يتم تهريبهم سنويا بما يتراوح بين مليون و2 مليون شخص، معظمهم من النساء والأطفال. فالمرأة يمكن شراؤها في تيميزوارا برومانيا بمبلغ يتراوح بين 50 دولاراً و200 دولار، ثم يعاد بيعها في غرب أوروبا بعشرة أضعاف هذا الثمن. وتشير تقديرات صندوق الطفولة التابع للأمم المتحدة إلى أن مهربي البشر في وسط وغرب إفريقيا يستعبدون 200 ألف طفل كل عام. ويقوم هؤلاء التجار في البداية بإغراء الضحايا بفرص العمل أو في حالة الأطفال بفرص للتبني في الدول الأكثر ثراء ثم الاحتفاظ بالضحايا تابعين لهم من خلال العنف البدني أو الاستعباد بالديون أو احتجاز جواز السفر أو التهديد بالاعتقال أو بالترحيل أو ممارسة العنف ضد عائلاتهم بموطنهم الأصلي.
وتسن الحكومات في كل مكان بالعالم قوانين صارمة للحد من الهجرة وتكرس الكثير من الوقت والمال والتكنولوجيا لمحاربة التدفق غير الشرعي للأجانب. ولكن ما تقوم به حكومة المملكة المتحدة يرسم إلى حد كبير إلى أي مدى وصلت قسوة وضراوة تلك الحرب. فقد أنفقت الحكومة البريطانية الكثير من الأموال في سبيل حل تلك المشكلة، كما تخطط في الآونة الأخيرة لاستخدام البحرية الملكية والقوات الجوية الملكية بهدف اعتراض سبيل المهاجرين بطريقة غير مشروعة، كما فرضت غرامات كبيرة على سائقي الشاحنات الذين يقومون بنقل شخص مخبأ في شاحناتهم عبر الحدود «وهو ما قد يتم دون قصد منهم في أغلب الأحيان ». ورغم كل تلك الإجراءات استطاع 42 ألف لاجئ من اللاجئين البالغ عددهم 50 ألفا الذين عبروا خلال معسكر سانجات «الذي يعد نقطة الدخول الرئيسية للهجرة غير المشروعة للمملكة المتحدة» استطاعوا أن يدخلوا إلى المملكة. وبالمعدلات الحالية فإن المملكة المتحدة لن يكون بمقدورها السيطرة الملجأ الذي تملكه للمهاجرين من المهاجرين غير الشرعيين قبل مرور 43 عاماً. وهذه دولة تتخذ شكل جزيرة. أما الدول القارية من قبيل إسبانيا وإيطاليا والولايات المتحدة فهي تواجه تحدياً أكبر، حيث تطغى ضغوط الهجرة على قدراتها على السيطرة على التدفق غير المشروع للأجانب.
غسيل الأموال
يبلغ عدد سكان جزر الكايمان 36 ألف نسمة، كما أنها تشتمل أيضاً على 2200 صندوق استثماري و500 شركة تأمين و60 ألف رجل أعمال و600 بنك ومصرف تجاري تصل أصولها إلى 800 بليون دولار، لذا ليس من المستغرب أن تبرز هذه الجزيرة في أي مناقشات تدور حول قضية غسيل الأموال. والأمر نفسه يحدث في الولايات المتحدة التي تم ملاحقة العديد من بنوكها الكبرى في التحقيقات التي دارت حول غسيل الأموال والتهرب الضريبي والتزييف، ولا يوجد سوى القليل جداً من الدول التي تستطيع الادعاء بأنها مازالت بمنأى عن الممارسات الخاصة بمساعدة الأفراد والشركات على إخفاء الأموال عن الحكومات والدائنين والشركاء أو حتى عن أعضاء العائلة، بما في ذلك إجراءات التهرب الضريبي والمراهنات وغيرها من الجرائم. والتقديرات الخاصة بإجمالي الأموال التي يتم غسيلها على مستوى العالم تشير إلى أن هذه الأموال تتراوح بين 2 إلى 5 بالمائة من إجمالي الناتج العالمي أو ما بين 800 بليون إلى 2 تريليون دولار.
وتعد أنشطة تهريب الأموال والعملات الذهبية وغيرها من الأشياء الثمينة تجارة قديمة. إلا أنه في غضون العقدين الماضيين التحمت العوامل السياسية والاقتصادية مع التطورات التكنولوجية مما جعل هذه التجارة القديمة أكثر يسرا وأرخص وأقل خطورة. فالتغيرات السياسية قادت إلى تحرير الأسواق المالية وهو ما سهل بالتبعية انتقال الأموال عبر الحدود. أما التطورات التكنولوجية فقد جعلت المسافات عاملاً قليل القيمة كما جعلت من الأموال شيئاً لا يتخذ مظهراً مادياً إلى حد كبير. ورغم أن حقائب السفر المملوءة بالأوراق النقدية مازالت هي الأداة الرئيسية التي يستخدمها من يقومون بغسيل الأموال، إلا أن الحاسبات الالكترونية وشبكة الإنترنت والخطط المالية المعقدة التي دمجت المؤسسات والممارسات المشروعة مع غير المشروعة هي الأكثر شيوعاً، وهناك العديد من الاعتبارات جعلت مسألة تنظيم التدفقات الدولية للأموال مهمة معرضة للفشل، أبرز هذه الاعتبارات تتمثل في: التعقد التكنولوجي والنسيج المعقد من المؤسسات المالية التي تنتشر في مختلف بقاع العالم، والسهولة التي أصبح من الممكن بها تحويل الأموال «الغير مشروعة» اليكترونيا إلى أصول مشروعة، ففي روسيا على سبيل المثال أشارت التقديرات إلى أن جماعات الجريمة المنظمة تمكنت حتى منتصف التسعينيات من مساعدة 700 مؤسسة مالية على غسيل أموالها.
وفي مواجهة هذا المد المتنامي لعمليات غسيل الأموال خطت الحكومات خطوات لمنع محتالي الودائع الدولية والتهرب الضريبي وغسيل الأموال، ولكن ثمة أمر وشيك الحدوث سوف يزيد من وطأة هذا التحدي، ألا وهو نشر استخدام بطاقات الائتمان الاليكترونية ذات الشرائح الدقيقة والتي يمكنها تخزين كميات كبيرة من الأموال وبالتالي يمكن نقلها بسهولة خارج القنوات الشرعية أو تبادلها بين الأفراد بكل يسر.
دور الحكومات
لماذا ستخسر الحكومات هذه المعارك؟
من المرجح أن تستمر التغيرات الأساسية التي منحت القوة لهذه الحروب الخمس على مدار العقد الماضي. فمن المتوقع أن تواصل التكنولوجيا انتشارها على نطاق واسع وسيكون بمقدور الشبكات الاجرامية استغلال هذه التكنولوجيات بشكل أسرع من الحكومات التي سيكون عليها أن تتدبر أمرها وفقاً لميزانياتها الضيقة والبيروقراطية والتدقيق الإعلامي والناخبين. وستواصل التجارة الدولية نموها، بما سيوفر غطاءً أكبر يتيح التوسع في التجارة غير المشروعة. أيضاً ستواصل الهجرة الدولية نموها بما سيمنح العصابات العرقية المزيد من المتطوعين ومن الضحايا، كذلك ينتظر أن يساعد انتشار الديمقراطية القوى الاجرامية على الهيمنة على المؤسسات الحكومية الضعيفة من خلال رشوة ضباط الشرطة أو إغراء السياسيين بأنهم سوف يمولون حملاتهم الانتخابية التي تستلزم أموالاً طائلة. والمثير للسخرية أنه حتى مع انتشار القانون الدولي بما به من نسيج ضخم من الأعراف والمحظورات والعقوبات سوف يكون أمام المجرمين رغم ذلك فرصاً جديدة لتقديم البضائع المحظورة إلى أولئك الذين لا يستحقونها من المجتمع الدولي.
وربما تؤثر تلك التغيرات على الحروب الخمس بطرق مختلفة، بيد أن تلك الصراعات سوف تستمر في الاشتراك في خمس سمات أساسية، هذه السمات تتمثل في: أنها ليست محدودة بحدود جغرافية. بعض أشكال الجريمة كان لها دائماً مكون دولي، مثال ذلك: إن المافيا ولدت في أوروبا وتم تصديرها للولايات المتحدة، أيضاً فإن عمليات التهريب بطبيعتها تتم على نطاق دولي، ولكن تلك الحروب الخمس يتجسد فيها البعد العالمي أصدق تمثيل، فأين يوجد مسرح الحرب على المخدرات؟ هل في كولومبيا أم في ميامي؟ في مينامار «بورما» أم في ميلانو؟ أين تدور المعارك الطاحنة الخاصة بغسيل الأموال؟ هل في نورو أم في لندن؟ هل تعد الصين هي وحدها المسرح الرئيسي للحرب ضد انتهاك حقوق الملكية الفكرية، أم أن خنادق تلك الحرب موجودة على شبكة الإنترنت؟
إن تلك الأشكال من الجرائم تتحدى المفاهيم التقليدية للسيادة.
إن أعضاء تنظيم القاعدة لديهم جوازات سفر وجنسيات في الأغلب أكثر من جنسية ولكن على الحقيقة هم بلا هوية وطنية، ولاؤهم إلى أسبابهم ودواعيهم وليس إلى دولة. وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على الشبكات الإجرامية المتورطة في هذه الحروب الخمس ولكن يبدو أن الأمر نفسه لا ينطبق على موظفي الحكومات من رجال شرطة وموظفي جمارك وقضاة الذين يحاربونهم. هذا الشكل من عدم التناسق يشكل عائقاً تعجيزياً للحكومات التي تشن تلك الحروب. فهناك مقاتلون على أحد جانبي هذه الحروب لديهم الكثير من الأموال ولهم دوافع متباينة وموارد ثرية «أي العصابات الاجرامية» بمقدورها أن تجد في الحدود الوطنية الملاذ الآمن وتحصل على ميزات ذلك. في حين أن مقاتلي الجانب الآخر «الحكومات» لديها موارد أقل ومكبلة بمفاهيم تقليدية للسيادة. ويذكر أن أحد المسؤولين السابقين الكبار بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سي آي ايه» قد قرر أن العصابات الإجرامية الدولية لديها القدرة على نقل البشر والأموال والأسلحة بين بقاع العالم المختلفة على نحو أسرع مما يستطيع هو نفسه نقل الموارد داخل وكالته، فما بالنا بنقلها عالمياً، ومما لا ريب فيه أن سبل التعاون وتبادل المعلومات بين حكومات الدول المختلفة قد تحسنت، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر.. إلا أن تلك الجهود لم تستطع بلوغ الحد المطلوب لمقاتلة منظمات سريعة الحركة يمكنها استغلال كل مكان للتطوير ولكن الكيان الناقص وغير المكتمل للقانون الدولي والاتفاقيات متعددة الأطراف تضع الحكومات في مواجهة قوى السوق.
كسر القيود
في كل حرب من تلك الحروب الخمس فإن المحفزات لكسر القيود التي تفرضها الحكومات والإلتفاف حولها هي محفزات كبيرة.
إنها تضع الأجهزة الحكومية البيروقراطية في مقابل شبكات.
نفس الشبكة التي تقوم بتهريب نساء دول شرق أوروبا إلى برلين ربما تكون متورطة أيضاً في توزيع الافيون هناك، وتستخدم أرباح النشاط الاجرامي الأخير في تمويل شراء الساعات البلغارية المزورة المصنوعة في الصين والتي غالبا ما تباع في شوارع مانهاتن من قبل المهاجرين الافارقة غير الشرعيين. كما أن تجار المخدرات الاوكرانيين عقدوا صفقات مع مهربي السلاح الكولومبيين، وبينما يسيطر على سماسرة وول ستريت عصابات المافيا التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها نجد هؤلاء السماسرة معروفين لدى الروس القائمين على عمليات غسل الأموال، تلك الجماعات والأفراد التي تتخذ شكلاً لا مركزياً تربط بينها وبين بعضها البعض روابط وثيقة قائمة على الولاء والهدف المشترك وتنتظم حول عناقيد أو عقد شبه مستقلة قادرة على التحرك والعمل بشكل سريع ومرن.
التعامل مع المشكلات
ربما لن تستطيع الحكومات استئصال شأفة هذه الأنواع من التجارة الدولية التي تثير هذه الحروب الخمس استئصالاً تاماً، ولكن في كل الاحوال عليها أن تبذل قصارى جهدها. وهناك أربعة مجالات على الأقل يمكنها أن تثمر أفكاراً أفضل فيما يتعلق بكيفية معالجة المشكلات التي تفرضها تلك الحروب، هذه المجالات تتمثل في:
1 إيجاد مفاهيم أكثر مرونة للسيادة: على الحكومات أن تدرك أن تّضييق نطاق العمل متعدد الأطراف من أجل حماية سيادتها أمر مثير للجدل، فسيادة الدول تنتهك يوميا ليس من قبل دول أخرى ولكن من قبل شبكات لا وطن لها تخرق القانون وتعبر الحدود لهثا وراء التجارة غير المشروعة. في مايو عام 1999م على سبيل المثال رفضت الحكومة الفنزويلية تحليق الطائرات الأمريكية فوق أراضيها لمراقبة الممرات الجوية التي عادة ما تستخدم من قبل مهربي المخدرات، وهكذا اعتبرت السلطات الفنزويلية أن القيمة الرمزية للدفاع عن السيادة على مجالها الجوي أكثر أهمية من طائرات مهربي المخدرات التي تنتهك بانتظام أراضي فنزويلا، وبدون إيجاد أشكال جديدة من التشريع وإدارة السيادة سوف تستمر الحكومات في مواجهة عوائق كبيرة أثناء خوضها لتلك الحروب الخمس.
2 تقوية المؤسسات متعددة الأطراف: إن الطابع العالمي لتلك الحروب يعني في المقام الأول أنه لا توجد أية حكومة مهما بلغت قوتها الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية بامكانها التقدم لخوض غمار هذه الحروب بمفردها، وإذا كان هذا أمراً واضحاً يثار التساؤل: كيف والانتربول هو وكالة متعددة الأطراف أخذ على عاتقه محاربة الجريمة الدولية، كيف يمتلك طاقماً مكوناً من 834 موظفاً 112 منهم من ضباط الشرطة وميزانيته السنوية لا تتعدى 28 مليون دولار وهي ميزانية تقل عن ثمن بضع سفن أو طائرات يستخدمها مهربو المخدرات؟ الأمر نفسه ينطبق على جهاز الأوروبول، وهو الجهاز الأوروبي المكافئ لجهاز الانتربول، فهو يمتلك طاقماً مكوناً من 240 موظف وتبلغ ميزانيته 51 مليون دولار.
وأحد الأسباب التي يعزى إليها فقر الإنتربول من حيث التمويل ومن حيث الموظفين هو أن أعضاءه من الحكومات والتي وصل عددها إلى 181 حكومة لا تثق في بعضها البعض. ويدعي الكثيرون وربما كان ادعاؤهم صحيحاً أن الشبكات الإجرامية التي يتم محاربتها، ربما تكون قد استطاعت إختراق إدارات الشرطة في الدول الأخرى وبالتالي فإن تبادل المعلومات مع ضباط هذه الإدارات قد يكون أمراً لا طائل منه، البعض الآخر يخشى أن يصبح حلفاء اليوم هم أعداء الغد. ومع ذلك هناك حكومات أخرى تواجه عوائق قانونية تحول دون التعاون المخابراتي مع دول أخرى أو لديها أجهزة مخابرات ووكالات لانفاذ القانون ذات ثقافة مؤسسية تجعل من التعاون الفعال أمراً مستحيلاً. ولن يحدث تقدم في هذا السبيل ما لم تتحد الحكومات بقوة مع منظمات متعددة الأطراف على قدر كبير من الفاعلية.
3 إبتكار آليات ومؤسسات جديدة: لقد أثبتت هذه الحروب الخمس أن الكثير من المؤسسات والأطر القانونية والمبادئ العسكرية وأنظمة التسليح وآليات إنفاذ القانون التي اعتمدت عليها الحكومات لسنوات لم تعد ذات فائدة. فعلى المحللين أن يعيدوا النظر في مفهوم: «جبهات القتال» الذي حددته إلى حد كبير الجغرافية واتفاقية جنيف، كذلك تحتاج وظائف عملاء المخابرات والجنود وضباط الشرطة ورجال الجمارك وضباط الهجرة إلى إعادة نظر هي الأخرى، كما تحتاج إلى إعادة تكيف مع الحقائق الجديدة. ويجب على صانعي السياسات أيضاً أن يعيدوا النظر في المفهوم القائل بأن الملكية هي بالضرورة ملكية لشيء مادي وليست لشيء تخيلي أو افتراضي أو في المفهوم القائل بأن الدول ذات السيادة لا يمكن أن تدفع النقود إلا عندما تفكر في طرق لخوض تلك الحروب.
4 الانتقال من التقييد إلى التنظيم: إن هزيمة قوى السوق أمر يقترب من المستحيل. وفي بعض الأحيان قد تجبر هذه الحقيقة الحكومات على الانتقال من تقييد الأسواق إلى تنظيمها. وفي حالات أخرى قد يكون خلق حوافز للسوق أمراً أفضل من استخدام الأجهزة البيروقراطية في كبح جماح الزيادة في تلك الأسواق، ويمكن للتكنولوجيا أن تحقق أكثر مما يمكن أن تحققه السياسات الحكومية على هذا الصعيد، على سبيل المثال فإن تقنيات التشفير القوية يمكنها أن تشكل حماية جيدة للبرامج أو للأقراص المدمجة من النسخ في أوكرانيا أكثر مما لو قامت هذه الدولة بتقوية براءات الاختراع وقوانين حقوق الملكية الفكرية والعلامات التجارية.
في كل الحروب الخمس تحارب الحكومات ضد شبكات تدفعها وتحركها فرص ضخمة للربح خلقتها حكومات أخرى. وفي كل الأحوال فإن تلك المكاسب والأرباح إذا ما تم تتبعها فسنجد فيها بشكل أو بآخر تدخلاً حكومياً خلق نوعاً من عدم التوازن بين العرض والطلب وجعل الأسعار وهامش الربح عاليين جداً، وفي بعض الحالات قد يكون من المنطقي تبرير هذه التدخلات الحكومية، وسوف يكون من الحمق التخلص منها فالحكومات لا تستطيع ببساطة أن تبتعد عن الحرب ضد الاتجار في الهيروين وفي البشر وفي أسلحة الدمار الشامل. ولكن المجتمع نفسه يستطيع هو الآخر أن يتعامل مع بعض هذه النوعيات من التجارة غير المشروعة من خلال التنظيم وليس من خلال المنع، ويجب على صناع السياسة أن يركزوا على إيجاد الفرص التي تجعل نظام السوق يجد حلاً للمشكلات التي تستعصي على المداخل والحلول القائمة على المنع والحظر على التجارة الدولية.
وفي النهاية يجب على الحكومات وصناع السياسة والناخبين أن يدركوا أن السبل التي على العالم أن يتبعها لخوض غمار هذه الحروب تنذر بالفشل ليس بسبب نقص الجهود أو الموارد أو القوة السياسية بل لأن التفكير الجمعي الذي تواجهه الاستراتيجيات الحكومية في الحروب الخمس متشبث بأفكار خاطئة وادعاءات زائفة ومؤسسات باتت عديمة الجدوى، ولن يكون بمقدور الحكومات أن تكسب تلك المعارك ما لم تغير من الطرق التي تخوض بها هذه الحروب، وإدراك الحكومات لذلك يشكل الخطوة الأولى التي لا غنى عنها لا يجاد حلول لتلك المشاكل.

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
قضية العدد
تحت الضوء
فن الادراة
النصف الاخر
تربية عالمية
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
هنا نلتقي
المستكشف
داخل الحدود
الصحة والتغذية
الصحة والتأمين
الملف السياسي
فضائيات
غرائب الشعوب
الفتاوى
السوق المفتوح
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved