الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 12th September,2006 العدد : 189

الثلاثاء 19 ,شعبان 1427

أمة بلا تاريخ!!
لا ينبغي أن تقتصر كتابة التاريخ العربي الحديث على تتبع سيرة الأقوياء من ذوي النفوذ السياسي أو المالي فقط، فتغيب الحقائق الأخرى وتهمش الومضات المشرقة لدى الآخرين، وتنتحل مواقف ومحطات ومعلومات ليست صحيحة عن هذا أو ذاك، وبالتالي يكتب تاريخ الأمة ممسوخاً ومزيفاً وبعيداً عن الواقع.
***
والأمم إذ تباهي بتاريخها، بأدوارها المهمة في الحياة، وبما صنعته من إنجازات وبطولات، إنما عليها أن توثقه وتحميه، ولا تسمح لمن يريد أن يسيء إليه، أو يشوهه، أو يقول فيه وعنه ما ليس صحيحاً أو واقعياً.
***
والعرب كانوا في الماضي أوفياء وصادقين وحريصين على عدم تعريض تاريخهم للابتذال أو الشك في مصداقيته، والتأكد عند كتابته بأنه لا يرقى إليه الشك، وأن من يكتبه يملك الأدوات والمقدرة بما في ذلك النزاهة والعلم الصحيح، بما جعل منه مصدراً أميناً للرواية الصحيحة عن هذا التاريخ.
***
وما من شك أن إصدارات كثيرة تملأ الآن المكتبات باسم التاريخ، وربما كان أغلبها حافلاً بالأخطاء المعلوماتية، والروايات غير الصحيحة، إما عن جهل أو عن هوى لدى صاحب هذا الكتاب أو ذاك، فيما نجد أن دور الرقيب أصبح أمام ما تحتويه مثل هذه الكتب غائباً، إما مجاملة منه، أو انشغالاً وتشاغلاً عن هذا الهم، وإما لأن هذه الإصدارات من الكثرة بحيث لم يعد قادراً على أن يتابعها ويقرأها بعناية ومن ثم يكتب عنها.
***
ومن الطبيعي في غفلة عن ممارسات هؤلاء المدّعين، ممن يزعمون بأنهم يكتبون تاريخنا العربي المعاصر، أنهم قد شوّهوا هذا التاريخ، حين اختلط فيه بين ما هو نقي وما هو مشوّه أو مغلوط وكاذب، الأمر الذي يحتاج من العلماء والمؤرخين الحقيقيين إلى مبادرات شجاعة تتصدى لهذا الخلل الذي شوَّه سيرة هذه الأمة بما كتب عنها من معلومات وهي غير صحيحة.
***
وإن مسؤولية الجامعات والمؤسسات الثقافية والمختصين في هذا المجال، تكون أكبر مع تزايد ظاهرة اختراق التاريخ العربي الحديث من قِبل بعض الأدعياء بمعلومات وقصص وروايات تحكمها العاطفة أحياناً والمصلحة الشخصية أحياناً أخرى بعيداً عن الصدق والنزاهة واحترام هذا التاريخ، بما ينبغي أن يُتصدى لهؤلاء، حتى لا يستفحل الأمر بأكثر مما نراه في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.
***
على أن وجود مثل هذا الانطباع السلبي حول أكثرية ما يكتب عن التاريخ العربي، لا ينفي الاعتراف بأن هناك كتابات تمثِّل جانباً مضيئاً عن تاريخنا الحديث، من حيث الدقة في سرد المعلومات باعتمادها على مراجع ومصادر يعتد بها، بحيث يمكن اعتبار مثل هذا الجهد العلمي إضافة ذات قيمة لتاريخنا، ولا بد أن يقابل بتشجيع ودعم ومساندة للقائمين عليه، والعمل على الاستزادة منه، خدمة للثقافة العربية، وحماية لها من أن تتعرض لما يسيء إليها في عالم لم يعد يميِّز بين الغث والسمين.
***
لقد تطورت الإمكانات الطباعية، ودخلت التقنية مراحل متقدِّمة، مع التوسع في استخدام أنظمة الاتصالات السريعة، بالإضافة إلى وفرة المال بأيدي من يريد أن يكتب عن هذا التاريخ، وكلها عوامل شجعت هؤلاء على كتابة ما لا يرتقي إلى المستويات المطلوبة عن تاريخنا، وبأعداد كبيرة من الإصدارات التي تفوق قدرة المهتمين على رصدها وتتبع الجوانب السلبية فيها مهما بذلوا من جهد وأعطوا لها من وقت.
***
وحتى لا يضيع هذا التاريخ، أو يكتب تاريخ أمتنا بحسب أهواء بعضنا، ومن أجل أن نقدِّم للأجيال القادمة عصارة جهدنا، وتسجيلاً موثقاً لكل نجاح أو إخفاق مرَّ بنا، فلا بد أن يُبذل من الجهد ويعطى من الوقت ما تستحقه هذه القضية من اهتمام، قبل أن يستفحل الأمر، ويكون لهذه الظاهرة من التأثير السلبي ما يُعجز الجميع عن إيجاد مخرج منه.


خالد المالك

إسرائيل لم تعد قادرة على فرض إرادتها بالقوة العسكرية
هيلينا كوبان(*)
* ترجمة - محمد الزواوي
لا تزال إسرائيل القوة العسكرية المهيمنة في المنطقة، فهي لا تواجه خطر الاندحار، كما أنها لا تزال قادرة على إحداث خسائر كبيرة في المجتمعات المدنية التي تعيش فيما وراء حدودها. ولكن التاريخ أظهر لنا مرة ثانية أنه وبالرغم من كل قوة النار التي في حوزتها، إلا أن إسرائيل غير قادرة على فرض إرادتها بالقوة على الشعبين اللبناني والفلسطيني، جيرانها الحاليين، واللذين سوف يظلان كذلك.
إن الحكومة والشعب الإسرائيليين بحاجة إلى إيجاد طريقة غير القوة العسكرية القاهرة من أجل بناء علاقة يمكن أن تستمر على المدى البعيد مع جيرانها هؤلاء ومن ثم تنعم في النهاية بالشعور بالأمن الذي تفتقده بصورة شديدة (هي وجميع دول المنطقة).
كما يجب على الأمريكيين الذين تربطهم علاقة طويلة ومقربة مع إسرائيل ويطمحون بأن يحظوا بعلاقة جيدة مع اللبنانيين والفلسطينيين أن يفهموا أن الحاجة الأكثر إلحاحا للمنطقة هي الحصول على وقف كامل لإطلاق نار تحت مراقبة دولية بين إسرائيل ولبنان (وإذا كان ممكناً بين إسرائيل والمسلحين في غزة)، وربط وقف إطلاق النار هذا بخطة واضحة تجبر الأمم المتحدة على عقد مؤتمر سلام في غضون أسبوعين مثلاً يهدف إلى إيجاد قرار سريع لكافة المشكلات العالقة في الصراع العربي الإسرائيلي.
ولكن لماذا يجب الآن العمل على الوصول إلى اتفاقية سلام شاملة بدلاً من تأجيل تلك الجهود مرة ثانية؟ لأن كل المشكلات العالقة للصراع العربي الإسرائيلي ترتبط ارتباطاً وثيقاً ببعضها البعض، ولا يمكن حل أي منها دون الآخر، ولأن أيضاً معدل الخسائر البشرية للفلسطينيين في غزة كانت ولا تزال عالية بصورة صادمة، ولأن التحديات التي يواجهها العالم فيما يتعلق بالعراق ولبنان وأفغانستان الآن أصبحت خطيرة جداً لدرجة أننا لا نستطيع أن ندع هذا المرجل في المنطقة العربية يغلي ويموج بهذا الصراع العربي الإسرائيلي.
وإيجاد سلام شامل ونهائي بين إسرائيل وبين كافة جيرانها ربما يبدو مغرقاً في الطموح، ولكن من المؤكد أنه لا يزال يمكن تحقيقه. فبعد تسعة وثلاثين عاماً من دبلوماسية السلام نستطيع استشراف الخطوط العريضة لتحقيق نتائج نهائية ودائمة. إنها تقريباً تماثل ما جسده مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 1967 عندما دعا إسرائيل إلى الانسحاب من كافة الأراضي التي سيطرت عليها باحتلالها العسكري في تلك السنة، وعندما دعا الأطراف العربية إلى الاعتراف الكامل بإسرائيل وعقد سلام معها.
وهذا الاقتراح يماثل خطط السلام التي نوقشت بصورة مكثفة بين المفاوضين الإسرائيليين والعرب في عام 2000م، ولتلك التي تبنتها الدول العربية في مارس عام 2002م. وفي الماضي القريب (قبل التوترات الحالية)، كان هناك غالبية واضحة من مواطني إسرائيل والمجتمعات العربية المجاورة لها جميعهم عبروا عن دعمهم لمثل تلك الخطة.
ومن المؤكد أن ذلك سيتطلب قيادة دولية تتمتع بالرؤية والتصميم، فالولايات المتحدة والتي أعطت الكثير من الدعم لإسرائيل أثناء هجومها على لبنان تعد مرشحاً سيئاً لقيادة تلك العملية، ولكن لحسن الحظ أن الأمم المتحدة تستطيع القيام بهذا الدور، بالرغم من أن الرئيس بوش لا يزال أمامه دور حيوي يلعبه في تلك العملية؛ فقد صرح أنه لا يريد العودة إلى (الحالة السابقة) status quo ante وأنه يريد معالجة (الأسباب الجذرية) لهذا الصراع المتواصل. وأنا أتفق معه في ذلك؛ ولكن بوش يشير إلى تلك الأسباب الجذرية بأنها قوى (الإرهاب الدولي) الضبابية والتي يصعب تعريفها، في حين إنني أرى تلك الأسباب هي الفشل في إنهاء ذلك الصراع العربي الإسرائيلي.
وهناك ملاحظة تاريخية جديرة بالتدبر؛ فمنذ 50 عاماً بالتحديد عندما كانت كل من فرنسا وبريطانيا لا تزالان تتمتعان بنفوذ كبير على الشرق الأوسط، قامت تلكما الدولتان بالتحالف مع إسرائيل لشن حرب ضد مصر من أجل إعادة تشكيل التوازن الإقليمي في صالح إسرائيل. وقد (انتصرت) إسرائيل وحلفاؤها في تلك الحرب على الأرض، ولكنهم فشلوا في نيل الهدف السياسي الخاص بإعادة تشكيل التوازن الإقليمي الذي رغبوا به. وفي حالة الجمود السياسي التي أعقبت تلك الحرب تدخلت القوى العالمية الكبرى وبخاصة الولايات المتحدة، وتوسطت من أجل عقد اتفاقية تقضي بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي التي احتلتها وإرسال قوات حفظ سلام أممية إلى المنطقة. وقد فقدت كل من بريطانيا وفرنسا تقريباً كافة نفوذهما السياسي في تلك المنطقة بسبب الحسابات السياسية الخاطئة التي أدت إلى دعم الهجوم الإسرائيلي على مصر، وقد شكلت تلك الأحداث بداية حقبة الهيمنة الأمريكية على المنطقة.
والآن يبدو قرار واشنطن بدعم الهجوم الإسرائيلي على لبنان مشابهاً وبصورة غريبة ومكررة لذلك الخطأ الذي ارتكبته حكومتا البلدين بريطانيا وفرنسا عام 1956م. واليوم لا يوجد سوى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يستطيع لعب دور مماثل، يؤكد فيه على النزاهة والرغبة في عدم التصعيد وحل سلمي لتلك الأزمة، مثل ذلك الدور الذي لعبته الولايات المتحدة عام 1956م، ومجلس الأمن وحده هو الذي يستطيع أن يقول لجميع شعوب المنطقة ان العالم قد سمع صرخات الألم التي يطلقونها وأن المجتمع الدولي يعدهم بأن تتمتع دولهم جميعاً بالمستقبل الذي يملؤه الأمن والأمل، ويعتمد على سلام شامل لكل دول المنطقة، وهذا الهدف يبدو أنه يستحق اليوم أن نسعى جميعاً إليه، وأنه بات أكثر إلحاحاً أكثر من أي وقت مضى.


(*) كاتبة أمريكية متخصصة في قضايا الشرق الأوسط
* المصدر: خدمة (كريستيان ساينس مونيتور) خاص ب(مجلة الجزيرة)

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
فن عربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
الملف السياسي
اقتصاد
منتدى الهاتف
متابعات
مجتمعات
روابط اجتماعية
صحة وتغذية
تميز بلا حدود
أنت وطفلك
سوق الانترنت
الحديقة الخلفية
جرافيك
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved