Al Jazirah Magazine Tuesday  13/02/2007 G Issue 206
خارج الحدود
الثلاثاء 25 ,محرم 1428   العدد  206
 

بعد أن وضعت الحرب أوزارها
جنوب السودان يشهد تنمية وازدهاراً

 

 

أبراج للكهرباء وطرق جديدة في جوبا عاصمة جنوب السودان تعد علامة على أن سكان الجنوب بدأوا يرون أخيراً مكسباً من مكاسب السلام بعد عامين من اتفاق للسلام بين شمال وجنوب البلاد؛ فقد خرجت جوبا التي هي بلدة من أكواخ مبنية بالطوب اللبن ومبان متهدمة تعود إلى الحقبة الاستعمارية، من حرب أهلية دموية استمرت 21 عاماً باقتصاد منهار وسكان مستنزفين.

التيار الكهربائي كان لا يزور البلدة التي كانت مقر حامية عسكرية للشمال فيما سبق إلا في ساعات النهار، أما المياه الجارية فقليلة للغاية مع بضعة أجزاء مسفلتة من طرق تملؤها الحفر. مياه البالوعات تسربت إلى الشوارع في بعض المناطق مخلفة رائحة كريهة تخيم على البلدة والذباب كان يغطي كل شيء.

لكن بعد مرور عامين على إبرام اتفاق للسلام أنهى أطول حرب أهلية في إفريقيا تغير كل هذا بالرغم من أن منتقدين يقولون إن خطى التنمية شديدة البطء.

قال مجدي عباس مدير شركة إير وست السودانية للطيران في جوبا: (أتوقع خلال بضعة أشهر أن تكون لدينا كهرباء في كل مكان... هناك طرق جديدة تمد وتجارة متزايدة).

وانتشرت الفنادق والمخيمات في جوبا لاستضافة عمال إغاثة أجانب ورجال أعمال وموظفين حكوميين تدفقوا على البلدة منذ انتهاء الحرب التي وضعت حكومة الخرطوم في مواجهة مع متمردين جنوبيين.

الصراع الذي عقدته قضايا النفط والعرقية والأيديولوجية قتل مليوني شخص وأجبر أربعة ملايين آخرين على النزوح عن ديارهم.

وسوّت جرافات ضخمة رقعة من الأرض لمد طريق إسفلتي من المطار إلى وزارات الحكومة التي تم تجديدها حديثاً.

أسلاك الكهرباء التي يعلوها الصدأ المكسرة والملقاة في التراب يجري استبدالها لتحل محلها أبراج كهرباء جديدة. وأعيد افتتاح محطة للبنزين كانت قد قصفت ودمرت أثناء هجوم للمتمردين على جوبا.

المباني التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية ترمم ويتوالى افتتاح القنصليات الأجنبية وتوضع الأساسات لمنازل حديثة جديدة. غير أن بعض المواطنين يشكون من أن حكومة جنوب السودان التي تتمتع بشبه حكم ذاتي وتقودها الحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة السابقة والتي شكلت بعد اتفاق يناير - كانون الثاني 2005 كانت شديدة البطء في إحداث تغييرات.

ويقول التاجر محمد عوض الذي مكث في جوبا حتى حين فر سودانيون آخرون أثناء الحرب الأهلية: إن المشاريع الخاصة زادت بسرعة منذ انتهاء الحرب.

ومضى عوض (50 عاماً) وينتمي إلى شمال السودان والذي قضى كل حياته في جوبا والمتزوج من امرأة من جنوب السودان: (لكن المرء كان يتوقع مزيداً من التقدم بعد عامين في أشياء بسيطة مثل الكهرباء والمياه ومسائل الصحة والطرق).

ونقلت صحف سودانية تقارير متعددة عن الصراعات الداخلية والفساد في حكومة الجنوب. وكثيرا ما يتهم سكان الجنوب قبيلة الدنكا بالهيمنة على الحكومة على حساب جماعات عرقية أصغر.

وتقول فوزية بيتر وهي مدرسة من سكان جوبا: (كل شخص يفعل ما يخصه. الناس لا يعملون معاً). وقال هادي دياب عضو لجنة الاستثمار بالحركة الشعبية إن الجنوب يحاول جذب استثمارات أجنبية طويلة المدى بتقديم حوافز مغرية مثل الإعفاءات الضريبية والجمركية والمشاريع المشتركة المربحة.

ومضى دياب يقول إن المستثمرين بدأوا يفهمون أن بإمكانهم جني المال من جنوب السودان وإن المكاسب تفوق المخاطر على الرغم من أنهم في بعض الأحيان يتراجعون بسبب تقارير عن أكمنة مميتة على الطرق في أنحاء جوبا وعن الفساد.

وتابع: (حتى الآن لدينا استثمارات أجنبية تصل إلى نحو 100 مليون يورو (130.3 مليون دولار). وتركز الاستثمارات على البناء الذي يرجح أن يكون أكثر الصناعات ربحاً في أرض لا توجد بها سوى بضعة مبان.

وقال دياب: من المزمع إنشاء مصنع للخرسانة الجاهزة على مشارف جوبا وإن مستثمرين من جنوب إفريقيا يمولون برجاً إدارياً زجاجياً يقام في وسط البلدة. ومضى دياب يقول: إن المخاوف بشأن الفساد لا أساس لها، مضيفاً أن جنوب السودان أكثر شفافية من الخرطوم أو دول أخرى في المنطقة. وأمر رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير باعتقال مسؤولين لفسادهم وشكل لجنة لمكافحة الفساد في الجنوب. وأضاف دياب: (أي مؤشر أفضل على حكومة ناضجة من أن تتحدث (الحكومة) عن المشكلة وتحلها بتشكيل لجنة لمكافحة الفساد؟).

وشكا جورج قرنق دنج المسؤول بوزارة الإعلام من أن المجتمع الدولي بطيء في تحركه نحو تحقيق التنمية حيث إنه أخفق في توفير مئات الملايين من الدولارات التي وعد بها لتنمية الجنوب بعد اتفاق السلام. وقال لرويترز: (بطء وصول أموال المانحين بل حقيقة الأمر يمكنك القول إنه لا توجد أموال أبطأ من وتيرة التنمية في جنوب السودان).

وتحول العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على السودان عام 1997 دون استثمار الشركات الأمريكية هناك وقد انسحب الكثير من الشركات الغربية أثناء الحرب الأهلية. غير أن بعض السودانيين عبروا عن تشككهم في دوافع المستثمرين الجدد. وقال جوزيف ستامبوليه وهو من سكان الجنوب ونشأ في الولايات المتحدة وانتقل إلى جوبا منذ عام مضى، إنه يخشى من أن تكون بعض المؤسسات الأجنبية تأتي لمجرد تحقيق ربح سريع.

ومنذ انتهاء الحرب أنشأت شركات كثيرة من شرق وجنوب إفريقيا قواعد مؤقتة لها وتعين أجانب لكنها تأخذ المكاسب إلى خارج البلاد.

وقال ستامبوليه رئيس شركة جنوب السودان للخطوط الجوية: (الجميع يريدون الاستفادة قدر ما يستطيعون من الجنوب والرحيل. الحكومة تحتاج إلى وضع المزيد من القيود). كما حث سكان الجنوب الآخرين على العودة لإعادة بناء المنطقة. ومضى يقول: (إذا كنت أبلي بلاء حسنا فهناك ما يكفي من الأماكن لكل من يعود وسيجني المال).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة