الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 15th February,2005 العدد : 114

الثلاثاء 6 ,محرم 1426

الافتتاحية
من بوابة الأمل..
ومن الرغبة في الإصلاح ..
ضمن التدرّج في تحقيق الهدف ..
بالآلية التي تسعى الدولة لتنفيذها..
بلا وصاية من أحد..
أو تأثير من الغير ..
أو استجابة لضغوط من آخرين ..
***
من هذه البوابة..
وبهذا الفهم..
وبالتطلع دائماً نحو ما هو أفضل وأصلح لنا..
وبما ينسجم مع أوضاعنا وظروفنا، لا بما يتوافق مع أوضاع غيرنا..
أو يكون بمقاساتهم لا بقياساتنا ..
***
وفق هذا التصور ها هو الأمل يتحقق..
بهدوء وروّية وقراءة صحيحة مستقبلية لكل خطوة نخطوها نحو الأمام..
وبهذا الفهم الواعي نعطي كلّ مرحلة حقها في تحقيق ما هو لها من هذه الآمال دون تقليد أو محاكاة لما يفعله غيرنا، بل أن يكون بمواصفاتنا ومقاساتنا..
***
وما من أحد إلا ويسرّه أن يرى بلاده في أحسن صورة وأجمل مظهر في كل الميادين والمجالات..
وأن يراها دولة متحضرة قادرة على استيعاب كلّ جديد ينهض بها إلى آفاق رحبة نحو التطور والتقدم..
يشترك في هذا الموقف ويتفهمه القيادة والشعب، ويجتهد الجميع في بلورة الأفكار وتنفيذها وفق التصور الذي يفترض فيه أن يحقق الخير للوطن والمواطن..
***
الإصلاح، كلمة جميلة ونغم حلو وهدف استراتيجي يعني الجميع..
وهو مطروح من الدولة..
وهو حديث المجتمع..
إنه خيار الجميع، حكومةً وشعباً..
وقد بدأت المملكة بخطوات جادّة وهادئة على هذا الطريق الطويل..
عن إيمان وقناعة من الدولة بإنجازه بوصفه امتداداً لما تمّ تحقيقه منذ عهد المؤسس وإلى اليوم..
***
أكتب هذا..
وقد أُعلن عن توسيع فرص مشاركة المواطنين في مجلس الشورى..
وعن إنجاز مشروع انتخابات المجالس البلدية..
مع تنظيم الحوار الوطني لبلورة آمال وتطلعات المواطنين والتعرّف عليها تمهيداً لتحقيق ما هو مفيد منها..
والتوسع في تنظيم الهيئات والجمعيات والاتحادات بحيث تشمل كلّ المهن والتخصّصات في بلادنا..
***
وعلى الطريق سيكون المواطن إن شاء الله موعوداً بما هو أكثر وأكثر..
والمهمّ أن يتعاون الجميع..
ويكون التصرّف بحكمة وتعقل..
ولا يطالب أيٌّ منا إلا بما يرى أن فيه فائدة للوطن..
وأن يكون ذلك ضمن الضوابط وبالأسلوب الحضاري الذي يتفق الجميع عليه.


خالد المالك

width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
الخبراء : قريباً سنرى تكتلاً للدول المصدرة للمياه شبيهاً بـ(الأوبك)
(الذهب الأزرق)..هل سيشعل حرب العالم القادمة؟!
* إعداد أشرف البربري

تتزايد المخاوف من وصول العالم إلى النقطة الحرجة التي يجد نفسه فيها ضحية حروب مدمرة من أجل نقطة مياه عذبة. فالاحتياجات البشرية من (الذهب الأزرق) أو المياه تتزايد باطراد مع تزايد سكان العالم ولكن المياه شأنها شأن أغلب الموارد الطبيعية هي مصدر غير متجدد ومحدود. لذلك تعددت الرؤى والاجتهادات بشأن أفضل السبل للتعامل مع هذه القضية.
البعض يفكر في كيفية استغلال الأزمة لتحقيق ثروات طائلة والبعض الاخر يفكر في حلول إنسانية تضمن حق كل البشر في الحصول على (شربة ماء).
صحيفة (كريستيان سيانس مونيتور) الامريكية نشرت تقريراً يسلط الضوء على هذه القضية المهمة التي تؤثر على كل جميع سكان الكرة الارضية.
تقول الصحيفة إن البعض يطالب بضرورة اعتبار حق الحصول على المياه أحد حقوق الإنسان.
آخر يقيم شركة ليبيع المياه للعطشى بينما ابتكر شخص ثالث يدعى تيري سبراج فكرة قال عنها الكثيرون إنها مجنونة. وتقول الصحيفة: (البعض قالوا عنه مجنون والبعض قالوا عنه عبقري. ولكن الحقيقة المجردة هي أن تيري سبراج يرى أنه من الممكن نقل المياه في حقائب ضخمة جدا تسبح في مياه البحار والمحيطات لتنقل من الدول ذات الوفرة في المياه العذبة إلى الدول التي تعاني من ندرة هذه المياه).
ويؤمن صاحب تلك الفكرة أيضا بأن مثل هذا المشروع يمكن أن يحقق له ثراء كبيراً من ناحية ويحقق للعالم السلام من ناحية أخرى.
فهناك العديد من الخبراء الذين يرون أن الحروب القادمة ستكون حروب مياه بعد أن عاصر العالم خلال العصر الحديث حروباً من أجل الاستيلاء على الموارد الطبيعية مثل المعادن أو البترول.
أزمة مياه
ويقول تقرير (المونيتور): إذا لم تكن قد اقتنعت بهذه الفكرة يكفي أن تفكر في حقيقة أن 2.5 في المائة فقط من المياه الموجودة على كوكب الأرض هي مياه عذبة صالحة للشرب.
وهذا المورد الحيوي يعاني حالياً من التلوث والانكماش نتيجة تغيير أنماط سقوط المطر بسبب الارتفاع في درجة حرارة الأرض خلال السنوات الأخيرة كما أشارت الدراسات الحديثة.
وكل هذا يجعل الكثيرين يرون أن العالم مقبل بالفعل على أزمة مياه سوف تفتح الباب واسعاً أمام الشركات الخاصة والدول ذات الوفرة المائية لاستغلال هذه الثروة اقتصاديا وتحقيق أرباح كبيرة منها.
ويرى بعض الخبراء أن المستقبل سيكون لتكتل الدول (المصدرة) للمياه العذبة وليس لتكتل الدول المصدرة للبترول الموجود حاليا والمعروف باسم (أوبك).
ليس هذا فحسب بل إن بعض الخبراء يتوقعون خصخصة مصادر المياه العذبة المحلية في العديد من الدول بحيث تفرض قيودا على حصول الفقراء على المياه العذبة حتى في الدول (المصدرة) للمياه.
يقول ماودي بارلو رئيس مجلس الكنديين وهو منظمة غير حكومية معنية بحماية المستهلك في كندا (لن يمر وقت طويل قبل أن تصبح المياه العذبة سلعة قابلة للبيع والشراء. وتمام كما أدى النفط إلى إنعاش اقتصاديات العديد من دول العالم التي كانت فقيرة قبل اكتشاف النفط بها فإن القرن الحالي سيشهد صعود الدول التي تمتلك رصيدا كبيرا من المياه العذبة يتيح لها تصدير جزء منه إلى الخارج).
والحقيقة أن هذا الأمر بدأ يتجسد بالفعل حيث أصبحنا نرى مشروعات مد خطوط أنابيب لنقل المياه العذبة من دول الوفرة المائية إلى دول أخرى تعاني من عجز فيها كما هو الحال في الخط الذي ينقل المياه العذبة من اسكتلندا إلى إنجلترا.
وهناك خطط لإقامة خطوط أنابيب لنقل المياه العذبة من تركيا إلى وسط أوروبا وتسويقها أيضا في دول مثل اليونان وقبرص والخليج العربي).
وقد جذبت فكرة تيري سبراج لنقل المياه في حقائب ضخمة عبر مياه البحار والمحيطات انتباه الكثيرين.
ففي ولاية كاليفورنيا الأمريكية يحاول مستثمر أمريكي إقناع إدارة الرئيس جورج بوش بإطلاق مبادرة لدعم السلام في الشرق الأوسط عن طريق نقل ما بين عشرين وثلاثين حقيبة مياه ضخمة من حقائب سبراج المحملة بالمياه العذبة من تركيا إلى كل من الإسرائيليين والفلسطينيين حيث تمثل مصادر المياه العذبة في فلسطين أحد الملفات الساخنة والشائكة في الوقت نفسه في أي مفاوضات سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويقول هذا المستثمر إن تكلفة نقل هذه الكمية من المياه لعدة مئات من الكيلومترات تفصل بين تركيا وفلسطين عبر البحر المتوسط لن تزيد عن سنت واحد للجالون. والحقيقة أن فكرة سبراج ليست جديدة تماما كما تبدو.
ففي أواخر التسعينيات أصبحت شركة (أكواريوس ووتر ترانسبورتشن) أول شركة في العالم ترسل حقيبتين ضخمتين مملوءتين بالمياه العذبة إلى جزر اليونان وبيعها هناك.
وفي عام 2000م بدأت شركة أخرى هي (نورديك ووتر سبلاي) استخدام حقيبة تسع خمسة ملايين جالون من تركيا إلى شمال قبرص وهي سعة تزيد عن سعة الحقيبة التي استخدمتها شركة أكواريوس ووتر ترانسبورتشن بنسبة ألف في المائة.
المياه وصراع الشرق الأوسط
يقول تيري سبراج إن المياه قضية حيوية للغاية في الشرق الأوسط. ولو أن طرفي الصراع في الشرق الأوسط رأوا حقائب المياه الضخمة القادمة من تركيا بتكلفة زهيدة سوف يدركان أنهما يستطيعان الحصول على المياه دون الحاجة إلى أي مصادر قد تكون تحت سيطرة الطرف الآخر. وسيكون هذا تحولاً كبيراً بالنسبة لطرفي الصراع.
وإذا كانت فكرة الحقائب المملوءة بالمياه العذبة السابحة في مياه المحيطات والبحار لتصل إلى مقاصدها حيث العطشى ينتظرونها تبدو مثيرة بعض الشيء فإن هناك مصدرين للمياه بالفعل يستخدمون حاليا وسائل غير تقليدية.
يقول فريد بالي رئيس الشركة العالمية لمصادر المياه الكندية في بيان (من المستحيل المبالغة في تقدير أهمية إمدادات المياه النقية. فالكثير من التجمعات السكنية في أكثر من خمسين دولة من دول العالم تعاني من نقص في هذه الإمدادات. ليس هذا فحسب بل إن هذا النقص يزداد حدة إما بسبب عدم كفاية الموارد المائية أو بسبب التلوث أو أنه لا توجد موارد مياه على الإطلاق).
ويقول بالي من مقر شركته في مدينة فانكوفر الكندية إنه حصل على الحق الحصري في استغلال 4.8 مليارات جالون من المياه المجمدة في القطب الشمالي على مدى ثلاثين عاما بموجب ترخيص من حكومة ولاية آلاسكا الأمريكية ومدينة ستيكا.
وتقوم هذه الشركة حالياً ببيع المياه معبأة في زجاجات ولكنها تتطلع إلى شحن المياه على هيئة كتل جليدية ضخمة إلى آسيا والشرق الأوسط حيث يوجد مستهلكون متعطشون للمياه العذبة.
وكانت الشركة قد أعلنت في سبتمبر الماضي أنها حصلت على موافقة لإقامة رصيف تحميل في مدينة ستيكا الأمريكية يمكنه استقبال سفن تصل حمولتها إلى خمسين ألف طن لتحميلها بالمياه المجمدة إلى أنحاء العالم.
صناعة تعبئة المياه
ولا يمكن الحديث عن المياه وأزماتها واقتصادياتها دون الحديث عن صناعة تعبئة المياه الطبيعية في زجاجات وبيعها.
فقد انتعشت هذه الصناعة بسرعة بالغة وتجاوزت مبيعاتها حالياً أكثر من خمسين مليار دولار في مختلف أنحاء العالم وما زالت هذه المبيعات تنمو بمعدل عشرة في المائة سنوياً وفقاً لتقديرات المحلل الاقتصادي بيتر جاليك الذي يشارك في كتابة تقرير (مياه العالم) الذي يصدر كل عامين عن أوضاع المياه في العالم. وقد صدر أحدث جزء من هذا التقرير الشهر الماضي.
ووفقاً لتقديرات شركة (بيفيردج ماركتنج كومباني) لتسويق المشروبات والمياه فإن حوالي عشرة في المائة من دول العالم استهلكت حوالي عشرة مليارات زجاجة مياه طبيعية عام 2003م.
والمفارقة كما يرصدها الدكتور بيتر جاليك هي أن الجانب الأكبر من نمو تجارة المياه الطبيعية المعبأة يحدث في الدول النامية.
فالصين على سبيل المثال استهلكت حوالي 2.6 مليار جالون من المياه المعبأة في زجاجات خلال الفترة من عام 1997 إلى 2002م وفقا لتقديرات بيفيردج ماركتنج.
ويقول الدكتور جاليك إن تكلفة تعبئة هذا القدر من المياه وبيعها بمكاسب كبيرة يكفي لتوفير المياه النقية لكل المحتاجين إليها في العالم.
ويشير الرجل إلى أن عدم توفر المياه النقية يهدد أرواح أكثر من 35 مليون نسمة في العالم على مدى السنوات العشر المقبلة.
وعن قيام تكتل عالمي للدول (المصدرة) للمياه يقول جاليك إنه لا يشعر بأي قلق تجاه هذه المسألة لأن الدول المصدرة للنفط شكلت بالفعل تكتل (أوبك) منذ أكثر من ثلاثين عاما ولم تحاول استغلال الثروة النفطية بطريقة تتعارض مع مصالح الدول المستهلكة.
ولكن المقلق بالفعل هو خضوع مصادر المياه المحلية لسيطرة احتكارات محلية تحرم ملايين البشر من الحصول على احتياجاتهم من المياه.
ويشير جاليك في هذا المجال إلى النزاعات القانونية بين شركات تعبئة المياه الطبيعية في الولايات المتحدة وبين سكان المناطق الموجودة فيها حيث تسحب هذه الشركات المياه الجوفية لتعبئتها في زجاجات وبيعها في الوقت الذي يرى فيه السكان أن هذه العملية تشكل اعتداء على ثروة عامة مملوكة للجميع.
ومن غير المحتمل أن يهدأ الجدل بشأن قضية المياه وكل ما يتعلق بها قريبا لأنها قضية تتعلق ببقاء الإنسان على قيد الحياة.
فإذا حدث نقص في إمدادات المياه فإن الناس سوف تفعل أي شيء من أجل الحصول عليها. ويشير بارلو رئيس مجلس الكنديين إلى احتمالات ظهور صراع حاد في المصالح بين شركات تعبئة المياه وشركات المرافق البلدية الخاصة وشركات الشحن وشركات خطوط أنابيب النقل.
ولكل هذه الأسباب فإن منظمة مجلس الكنديين ومنظمة (المواطن العام) الأمريكية لحماية المستهلك وغيرهما من المنظمات غير الحكومية المعنية بالدفاع عن المستهلك وعن البيئة تضغط حاليا على الأمم المتحدة من أجل اعتبار الحصول على المياه حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان بحيث لا يمكن حرمانه منه تحت أي ظرف.
وهذا سوف يمنع أي كيانات هادفة في الربح من حرمان الفقراء من المياه أو فرض أسعار لا يقدرون عليها ليحصلوا على الماء.
تجاوز الأزمة
وانتقلت الصحيفة الأمريكية إلى عرض صورة تعطي الأمل في تجاوز العالم لهذه الأزمة المقبلة وتحدثت عن جهود توفير مياه الشرب النقية لفقراء العالم.
وتقول ماريا إيجلاسيس التي تعيش في مدينة سان أنطونيو بدولة هندوراس في أمريكا اللاتينية والتي تعد إحدى أفقر دول العالم تقول إنها كانت تذهب في السادسة صباحا يوميا خلال الصيف إلى أقرب صنبور ماء عمومي من منزلها لتغسل الأواني والملابس ولا تعود قبل الرابعة بعد الظهر بسبب الزحام على هذا الصنبور.
ولكنها اليوم أصبحت تمضي أغلب ساعات النهار في منزلها وبين أطفالها بفضل مشروعات التنمية التي غيرت نمط الحياة. فقد أصبح الماء الجاري متوفراً داخل المنزل على الأقل لعدة أيام كل أسبوع.
وأضافت ماريا أمام مؤتمر (شركاء المياه الدوليون) وهي منظمة أمريكية غير هادفة للربح ساعدت في توصيل شبكة مياه الشرب إلى قرية ماريا (أصبح لديَّ وقت لمساعدة أطفالي في أداء واجباتهم المدرسية.. الآن استطيع غسل الأواني والملابس دون أن أغادر المنزل. لم أعد أضطر للذهاب إلى (البوزو) وهو صنبور المياه العمومي القديم. هذا الحلم تحقق أخيرا).
وقد أمكن توصيل مياه الشرب إلى منازل حوالي 700 مليون شخص في الدول النامية منذ عام 1990م.
والآن أصبح أكثر من نصف سكان الأرض يحصلون على المياه الصالحة للشرب في منازلهم لأول مرة وفقا للتقرير الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في أغسطس الماضي.
هذا التقدم الكبير في توفير مصادر المياه الصالحة بالإضافة إلى تطوير أنظمة الصرف الصحي أدى إلى تراجع انتشار الأمراض وكسر حلقة الفقر التي تحاصر المناطق الريفية من خلال توفير المياه بتكلفة زهيدة للغاية.
تقول مارلا سميس نيلسون الشريك المؤسس لمنظمة (شركاء المياه الدوليون) التي تدير مشروعات توصيل المياه إلى القرى المحرومة في أمريكا الوسطى وآسيا: (عندما نسأل النساء كيف غيرت مشروعات المياه حياتهم فإن أول إجابة دائما تكون (أصبح لدينا المزيد من الوقت الذي نمنحه لأطفالنا).. ورغم أننا نركز على الفوائد الصحية لتوفير المياه فإن نسمع غالباً قصصاً عن تحسن نمط المعيشة).
ففي المناطق الريفية في الدول النامية غالباً ما يقع عبء جلب المياه إلى المنازل على كاهل النساء.
ففي جبال هندوراس والريف الإفريقي أيضا تتحمل المرأة عبء الذهاب إلى أقرب مصدر للمياه لغسل ما قد يحتاج إلى غسيل والعودة حاملة الملابس المبللة من أثر الغسيل والأواني النظيفة وأيضا وعاء مملوء بالماء.
وفي تنزانيا لا يعد سير المرأة مسافة تتراوح بين أربعة وستة أميال يوميا للوصول إلى أقرب مصدر للمياه أمراً غريباً.
في حين أن المرأة في إثيوبيا يمكن أن تضطر للسير لمسافة عشرة أميال تستغرق حوالي ست ساعات من أجل الوصول إلى مصدر المياه.
والحقيقة أن مشروعات توصيل المياه إلى المنازل في المناطق الريفية والفقيرة في الدول
النامية توفر الوقت للنساء ليس فقط ليصبحن أمهات أو ربات بيوت افضل ولكن أيضا ليصبحن قوى منتجة على الصعيد الاقتصادي.
على سبيل المثال خلال خمسة أشهر فقط من توصيل المياه إلى عدد من المناطق المحرومة في تنزانيا بدأ التنزانيون في بناء مدارس جديدة بها.
ووفقا للسفارة التنزانية في الولايات المتحدة فإن مشروعات المياه وفرت للمرأة في المناطق الريفية الكثير من الوقت الذي كانت في أمس الحاجة إليه.
كما أن توفر المياه جعل ذهاب الأطفال إلى المدارس أكثر سهولة وكسر دائرة الفقر في تلك المناطق. ليس هذا فحسب بل إن الخبراء يؤكدون أن توفر المياه الصالحة للشرب يعني تحسناً جذرياً في الظروف الصحية للسكان وهو ما يؤدي إلى تأثيرات إيجابية على مختلف مناحي حياة السكان الاجتماعية والاقتصادية.
وكان من بين العوامل التي ساعدت في تحقيق هذا التقدم استثمار حوالي ثلاثة مليارات دولار سنويا في مشروعات المياه في أكثر من 189 دولة من دول العالم التي وقع رؤساؤها عام 2000م على برنامج الألفية الذي يهدف إلى خفض معدلات الفقر في العالم بنسبة خمسين في المائة بحلول عام 2015م. ويقاس التقدم في اتجاه هذا الهدف اعتمادا على بيانات عام 1990م.
والحقيقة أن الجهود التنموية على صعيد توفير المياه الصالحة للشرب وأنظمة الصرف الصحي في الدول النامية أسفرت حتى الآن عن نتائج متباينة.
ومع ذلك فالعالم يتجه الآن بالفعل نحو الوصول إلى المستهدف بالنسبة لعدد البشر الذين يحصلون على المياه الصالحة للشرب حيث تتصدر دول جنوب شرق آسيا هذه المسيرة من حيث سرعة التقدم في هذا المجال وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة. ولكن المشكلة الآن تتمثل في توفير أنظمة الصرف الصحي.
ففي آسيا ودول جنوب الصحراء الإفريقية والمحيط الهادي على سبيل المثال ما زالت بعض الدول هناك بعيدة عن تحقيق المستهدف في الخطة. وبالطبع فإن نقص التمويل يمثل إحدى العقبات الرئيسية في هذا السبيل.
كما أن الظروف الهندسية متفاوتة للغاية وهو ما يعني أن سكان المناطق الجبلية يمكنهم الحصول على خدمات الصرف الصحي بفضل الجاذبية الأرضية بصورة أسهل من هؤلاء الذين يعيشون في الصحاري المنبسطة.
كما أن الظروف السياسية تلعب دورا مهما في هذه القضية وبخاصة في ضواحي المدن الكبرى بالدول النامية حيث يمكن لأصحاب الأراضي والمنازل في هذه الضواحي العشوائية الحصول على مبالغ مالية كبيرة من خلال استغلال على شبكات المياه بطريقة غير قانونية للحصول على المياه بعيدا عن عيون الحكومة.
ويدفع الناس في هذه المناطق أموالا أكثر من تلك التي يدفعها أصحاب المنازل القانونية مقابل حصولهم على المياه بنسبة تتراوح ما بين عشرة ومائة في المائة. وتكون النتيجة هي أن سكان العشوائيات وهم الأشد فقرا في الدول الفقيرة ينفقون ما يتراوح بين 25 و75 في المائة من دخلهم على المياه التي ربما لا تكون صالحة تماما للشرب.
يقول سميث نيلسون مسؤول في إحدى المنظمات غير الحكومية لمساعدة الدول الفقيرة (لا يمكن أن تتقدم في الحياة إذا كنت تنفق كل هذه الأموال على المياه. ولن تخرج أبدا في هذه الحالة من دائرة الفقر).
وهناك أيضاً فائدة كبرى وراء توصيل المياه الصالحة للشرب للأحياء الفقيرة والمناطق الريفية والمهمشة من دول العالم الثالث وهي الفائدة الصحية.
فتقارير السلطات المحلية والمنظمة الدولية تؤكد تحسن الموقف الصحي في المناطق التي تم ربطها بشبكات المياه.
ففي دراسة لمركز أمن المياه العالمي بجامعة إيموري الأمريكية وجد الباحثون أن الظروف الصحية في التجمعات التي حصلت على مياه صالحة للشرب تحسنت بشدة.
فقد تراجعت معدلات الإصابة بالإسهال بين سكان المناطق الريفية في هندوراس التي تمت إقامة مشروعات مياه بها مقارنة بالمناطق التي لم تشهد مشروعات تنموية وفقاً للدراسة التي قام بها المركز عام 2003م.
كما أن حياة الفلاحين في هذه المناطق المطورة تحولت تماما إلى الأفضل بعد دخول المياه حيث انخفضت معدلات وفيات الأطفال نتيجة تراجع الإصابة بالأمراض المعدية التي كانت تنجم عن شرب مياه غير نظيفة.
ويقول كريستيان موي منسق مشروعات المركز (إننا هنا نتحدث عن أمهات كان لديهن ستة أطفال يموت منهم ثلاثة قبل أن يصلوا إلى سن الخامسة. ولكن ما حدث الآن هو تراجع حاد في معدلات وفيات الأطفال).
ورغم ذلك يحذر الخبراء من أن التوسع في مشروعات إمداد شبكات المياه دون اهتمام مماثل بشبكات الصرف الصحي حيث يهدد ذلك بتلوث مصادر مياه الشرب.
ويرى خبراء أن عوامل سياسية وراء تراجع الاهتمام بخدمات الصرف الصحي في الدول الفقيرة حيث لا تلتقط الصور كثيراً للمسؤولين عند افتتاح محطات معالجة مياه الصرف الصحي على عكس الحال بالنسبة لمشروعات المياه الكبرى.
أما كيفين لوثر المدير الإقليمي لمنظمة (الإفريقي) وهي منظمة تنموية دولية وغير حكومية في الجنوب الإفريقي إن تدهور الأوضاع الاقتصادية والحروب الأهلية والإقليمية في قارة إفريقيا جنوب الصحراء من بين العوامل الرئيسية وراء تدهور أوضاع البنية الأساسية لخدمات المياه والصرف الصحي.

..... الرجوع .....

الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
نادي العلوم
المستكشف
الملف السياسي
حوار
السوق المفتوح
استراحة
تقرير
إقتصاد
منتدى الهاتف
مجتمعات
من الذاكرة
جزيرة النشاط
روابط اجتماعية
x7سياسة
الحديقة الخلفية
شاشات عالمية
رياضة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved