الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 18th February,2003 العدد : 22

الثلاثاء 17 ,ذو الحجة 1423

العيد وقد مضى..!
مضى العيد وانتهى..
بمن لبّى نداء الله وحجّ..
مؤدياً ركناً من أركان الإسلام..
وشعيرة من شعائره..
في يسر وسهولة وأمان..
***
مضى هذا العيد بأفراحه وأتراحه..
حيث يزورنا بهيبته وفضائله كل عام..
هدية من الله خصَّ بها المسلمين دون سواهم..
في يوم خالد من أعمارنا التي لن تطول..
***
أجل، وقد مضى عيد هذا العام وانتهى..
مثلما مضت أعياد وأعياد..
وقد فقدنا الكثير من الأحبة ممن كانوا معنا عيد العام الماضي..
يشاركوننا الأفراح والأتراح يوم كانوا أحياء بيننا..
وقد أسِينا على فراقهم..
وتجددت فينا لوائع الحزن على فراقهم..
ولكن هذه هي الحياة..
أعمار لن تطول..
وحياة لن تمتدَّ..
فلهم الرحمة..
ولهم منا الدعاء..
***
وها نحن وقد ودعنا العيد..
وكلنا حزن على فراقه..
لا ندري مَنْ مِنّا سوف يعود إليه من جديد..
ويؤوب مرة أخرى إلى ومضاته وإشراقاته الجميلة..
مع الأحبة والأهل والأصدقاء..
بانتظار ما هو أجمل من كنوز هذه الأعياد..
ما عرفناه منها..
وما لم نكتشفه بعد..
***
عالم جميل إي والله..
حين نريد له أن يكون هكذا..
نأنس له وبه..
ونتباهى بصوره المبهجة..
حتى وإن تزامن ذلك مع طبول الحرب التي تقرع من حولنا..
في استعراض للقوة من الولايات المتحدة الأمريكية..
من خلال عمل عسكري تنوي القيام به دون مبرر..
فيما يمكن للجهود الدبلوماسية وهي التي لم تُستنفد بعد أن تحقق مطالبها..
دون إشعال فتيل هذه الحرب..
ودون سفك المزيد من دماء الأبرياء..
***
بقليل من الحكمة..
وقليل من تحكيم العقل..
ونحن نعيش أجواء هذا العيد..
يمكن أن تُمنع هذه الحرب..
ولكن أين هم الحكماء..
ذوو العقول الراجحة..
من تحكيم العقل..
ومن التصرف الحكيم..؟
نعم أين هؤلاء..؟

++
خالد المالك

++
الدعاية والإعلان في مجتمعات النمو الوحشي!!

إن ما يسمى سياسة النمو هي سياسة غايتها تشغيل الآلة، حتى ولو كانت آلة بلا فائدة أو ضارة أو مميتة، إن هناك مبدأ واحداً غير معترف به على حد زعم المفكر الفرنسي روجيه غارودي: فكل ماهو تقني ممكن، هو ضروري ومرغوب فيه: صنع قنابل ذرية، السفر الى القمر، تدمير المستقبل بالنفايات الإشعاعية، النشاط في المولدات النووية.
إذن: نمو لماذا؟ ونمو لمن؟!.. إنه نمو كما يقول بعض المفكرين من أجل ارباح بعض الأفراد بالتلاعب بالجميع وبتكييفهم.
ومن ثم، فليس صحيحاً أن النمو الاقتصادي يسمح بتجاوز الأزمات، فهو يحدثها، إنه يقود الى توزيع الامتيازات بشكل متفاوت.
وليس صحيحاً كذلك ان بالامكان وقف النمو في حين لا يملك مليارات البشر في العالم الثالث وملايين البشر في البلدان الغنية أية وسائل حياة انسانية.
ليس الأمر وقف النمو، بل توجيهه لخدمة الانسان.
لقد أوجدت السوق الاقتصادية الحرة الغاب الحيواني من جديد وفي هذا الغاب يفترس الأقوياء الضعفاء، فالمنشآت الكبرى تسحق الصغرى، والعمالقة الضواري في المجتمعات المتعددة الجنسية يستولون على العالم ويفلتون من كل رقابة من الشعوب.
وفي مثل هذا العالم، ثلاثة مليارات من البشر مستغلون، وملياران منهم جائعون.
وتلعب الدعاية والاعلان دورا رئيسا كطقس جنوني في النمو الاقتصادي فهو طقس مكلف 20 مليار دولار سنويا، وهو خصوصا طقس مبذر، فهذه الدعاية تلعب دورا مخربا بالنسبة للبيئة والبشر كذلك، كما تلعب الدعاية، بسبب من طابعها التنويمي دورا أكبر في تلبية الانسان وتكييفه.
ان الدعاية تشكل عدوانا دائما على الانسان الذي تخضعه لقصف من الأنباء الكاذبة وتثير فيه شهوات وهمية غير محدودة، سواء بشكل مباشر كالاعلان بالنيون وكتكييف السلع ومستهلكيها، أو بشكل غير مباشر في الفيلم، أو الرواية أو الاذاعة المتلفزة، حين تقدم نماذج من السلوك المترف السهل الذي يقاد المشاهد، على نحو خفي الى تقليده أو الحصول عليه بكل وسيلة حتى ولو بالجريمة.
في هذا العالم الاستهلاكي كما يقول ادغار موران لا يقاد مجتمعنا بعقلانية اقتصادية وإنما يقاد مدفوعا بجدلية الحاجات التائهة والقوى العمياء.
إن مجتمع النمو هو مجتمع جرائمي، ويؤكد هذا نادي روما حيث يشير الى ان باستطاعتنا ان نعزو الى النمو انحرافات اجتماعية من مثل ادمان المخدرات السامة، وازدياد نسبة الاجرام وخطف الطائرات، والمذابح ونذر حرب عالمية ثالثة، والسلب بالقوة، والابتزاز.
إننا لم نقدم حتى الآن الا أمثلة مميزة عن النمو الوحشي، أي نمو مجتمعات تتطور بشكل فوضوي، محتقرة البيئة والبشر ومستقبلهم، من غير أية رؤية متكاملة للحفاظ على الكرة الأرضية وسعادة البشر، ومتنامية سرطانيا وفق شهوة الربح أو ارادة القوة لدى الأقوى.
هذه الاثارة التي هي اليوم روح مجتمع النمو الأعمى الغربي، قد قلبت في نهاية هذا القرن نظام مجتمعات العوز الذي ساد قرونا عديدة.
فليست القضية اليوم ان تنتج لنستطيع اشباع حاجاتنا بل انهم على العكس يقنعوننا بأن نستهلك ونبذر حتى نستطيع أن ننتج، وكل شيء يجري كما لو كنا خاضعين لآلة تنتج بضائع وتوجد أسواقا وتكيف المستهلكين، لاشباع حاجات هذه الآلة الكلية، قبل كل شيء.
إن هناك استمرارية كاملة بين قانون مجتمعات النمو وقانون الجريمة، يقول وزير فرنسي سابق إن «مخدر هو داء المجتمعات الاستهلاكية ذات النظام الليبرالي.
إن النمو هو أساسا نمو العدوانية ضد البيئة وضد الانسان. والحق أن هناك أمراضا اخرى سميت ب «أمراض المدنية» سببها مجموع طرائق العيش في مجتمعاتنا.
يؤكد نادي روما في تقاريره أنه اذا لم نتخذ أي تدبير مباشر لتغيير الطراز الحالي للنمو في البلدان المتطورة، فسيكون هناك 500 مليون وفاة بالجوع في آسيا.
إن الانسان الاحصائي لا يوجد في أي مكان والمشكلة أن الاوروبي الذي يستهلك 500 ضعف من الطاقة والموارد الطبيعية، يكون بالتالي أكثر تلويثاً بـ500 ضعف من الافريقي.
إن الايديولوجيات التبريرية للنمو تصطدم بتناقض الوقائع الأكثر بداهة في قلب البلدان المصنعة ذاتها.
فليس القضية هي قضية الماضي فحسب، قضية مطلع القرن التاسع عشر حين رسم كارل ماركس لوحة «رقصات رأس المال الصاخبة»، ساحبا تحت «دبابة النمو» الأولاد والنساء كيد عاملة رخيصة.
بل وقضية الحاضر أيضاً، قضية القرن الحادي والعشرين، حيث المجتمع الجرائمي المنظم، ففي حين كان الاجرام التقليدي مرتبطا بالفقر: فقد كان ثمة علاقات وثيقة بين البؤس وادمان الكحول والسل والبغاء والسرقة والاستعطاء والتشرد.
أصبح الاجرام له أشكال جديدة، اجرام منظم، اجرام ب«ياقة بيضاء»، عنف مجاني، مرتبطة بالنمو، وليس بالعوز.
إن التبرير الأكثر رواجا للنمو، في نظر الاقتصاديين هو أن ديناميكيته ذاتها ستسمح بامتصاص «جيوب البؤس»، بفضل المبدأ الذي ينص على أن حصة كل شخص تكبر بقدر ما يكون قالب الحلوى كبيراً. والتجربة التاريخية ترينا اليوم ان الأمر ليس كذلك، فإن طراز النمو لا يقودنا فحسب الى انتحار بطيء للأرض وسكانها، بل إن الفجوة بين البلدان المصنعة والبلدان النامية تتسع ولا تكف عن التفاقم.
لقد كان منظرو «الاقتصاد الحر» وخاصة آدم سميث ينطلقون من فرضية : إذا لا حق كل فرد مصلحته الخاصة، فإن المصلحة الجماعية تكون مضمونة، كما لو أن «يدا غير مرئية» توجه نحو الصالح المشترك. وقد أنكرت التجربة التاريخية هذه الفرضية.. وتبدت السوق المصدر الأول لانسلاب الإنسان وارتهانه.
وختاما أقول: إذا كان الاقتصاديون قد فشلوا في تبرير قضاياهم وتشخيص مشاكلهم فإننا نتطلع الى علمائنا ومفكرينا الاجتماعيين والتربويين بصفة خاصة، من اجل القيام بمهمة التشخيص الدقيق للداء، والتوصيف السليم للدواء.
فما أحوجنا الى ذلك، في زمننا هذا المتأزم سياسياً واجتماعياً وفكرياً واقتصادياً..

++
اعداد: د. زيد بن محمد الرماني
عضو هيئة التدريس بجامعة الامام محمد بن سعود

++

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
قضية العدد
تحت الضوء
تكنولوجيا الحرب
النصف الاخر
تحت المجهر
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
عواصم ودول
هنا نلتقي
الصحة والتغذية
الصحة والتأمين
أنت وطفلك
خارج الحدود
عالم الفضاء
الملف السياسي
فضائيات
حوار
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved