الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 18th July,2006 العدد : 181

الثلاثاء 22 ,جمادى الثانية 1427

بين أن يكون الإنسان محترماً أو لا يكون؟!
يكون احترام الإنسان عالياً وكبيراً لدى غيره متى كان حريصاً على احترام نفسه أولاً واحترام غيره ثانياً..
في آرائه..
وتصرفاته..
ومستوى علاقاته وتعاملاته مع الآخرين..
وبقدر التزام المرء بما يلقي بظلال من الاقتراب لما يلبّي تحقيق ذلك، بقدر امتلاكه لاحترام الناس له وتقديرهم لشخصه، فضلاً عن احترام المرء لنفسه أولاً وأخيراً.
***
في مقابل ذلك..
وعلى النقيض منه..
سيكون الإنسان سيئ الحظ..
وستكون هناك مسافة غير طبيعية بين الإنسان وبين ما ينبغي أن يكون عليه..
بما لا قدرة لنا على تفسير ذلك، إلا على أنه بمثابة محصّلة لعدم احترام الإنسان لنفسه أولاً، وبالتالي عدم احترام غيره له ثانياً.
***
وكُلٌّ منَّا يستطيع أن يختار أياً من الطريقين بما لهما من قياسات وأبعاد، وذلك بقدر ما يستوعبه فهمه ووعيه واحترام هذا الإنسان أو ذاك لذاته..
ويُفترض بالمرء مع رؤيته السليمة، أن يكون انحيازه نحو ذلك السلوك الذي يضعه حيث يجب أن يكون من حيث الاستحقاق بما يؤهله في النهاية لكل صفات الاحترام.
***
على أن كثيرين ممن تنقصهم الخبرة..
ويفتقرون إلى ما لدى غيرهم من التجارب..
نجدهم - مع كل هذا - لا يتخلّون أبداً ولو عن صفة واحدة من الصفات التي يُقاس من خلالها درجة احترامهم، بل إنهم غالباً ما يلتزمون بها بوصفها شعاراً وعلامةً مستحقينِ للحالة التي يريدون أن يكونوا عليها..
لكن هناك غيرهم مَنْ لا يأبه بما يُقال عنه أو يُنعت به من صفات سلبية، انطلاقاً من أنه لا يعنيه تقييم الناس لآرائه وسلوكه وأسلوب تعامله معهم.
***
وبين أن يكون الإنسان محترماً أو لا يكون..
تظل المعادلة واضحة ومفهومة، ومتاحاً لكل منَّا إمكانية التوصل إلى قياسات لها، وبالتالي اختيار ما يناسبنا منها..
غير أن بعضنا - أقول بعضنا - إنما يسيء إلى نفسه حين يتصرف بما يبعده من المواقع الأمامية إلى صفوف خلفية دون أن يفكر بإفرازاتها آنياً وفي المستقبل على حالته وموقف الآخرين منه.
***
الإشكالية ليست بالجدل حول المفاضلة بين خيارين..
وإنما في الفكر السليم الذي يقود الإنسان إلى أخذ القرار المناسب الذي يعزِّز احترام الناس له..
وفي الممارسة التي تضفي على الإنسان صورةً جميلةً من خلال آرائه وسلوكه وتعامله مع غيره..
وفي زعمي أن مرحلة من المراجعة يقوم بها الإنسان من حين لآخر للتأكد من أنه يسير في الطريق الصحيح ربما كان ذلك مهماً وضرورياً، لكي لا يبقى المرء بلا احترام أو من غير قيمة لدى الآخرين.


خالد المالك

نزع السلاح النووي من العالم ..حلم للبعض وكابوس لآخرين

* إعداد - محمد الزواوي
عندما استعادت مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ذكرياتها عن قمة العاصمة الأيسلندية ريكيافيك عام 1986 بين كل من رونالد ريجان الرئيس الأمريكي وميخائيل جورباتشوف الرئيس السوفييتي, قالت إنها شعرت أن (زلزالاً ضرب العالم من تحت قدميها).
أما الذي أذهل (المرأة الحديدية) البريطانية وأذهل العالم كله الذي كان يراقب تلك القمة فهو كيف اقترب قادة الدولتين العظميين المتحاربتين في ذلك الوقت من التوصل إلى اتفاق للتخلص من كل أسلحتهما النووية.
ولكن لماذا ذهلت تاتشر والعالم من حولها من فكرة نزع الأسلحة النووية بالكامل؟ ولماذا لا يزال ذلك الحلم بعيد المنال حتى اليوم، وما الذي يجعل تحقيق ذلك أكثر قربًا في المستقبل؟.. يجيب عن هذه الأسلحة كافة تقرير نشرته مجلة (الإيكونوميست) البريطانية الذي حاول تسليط الضوء على المشكلة النووية في عالم اليوم وكيفية التغلب عليها، وخلق عالم خال من الأسلحة النووية كافة، والإبقاء على التقنية النووية فقط من أجل الاستخدامات السلمية.
يقول التقرير إنه على الرغم من أن الأسلحة النووية لا تزال تغري دولاً مثل إيران وكوريا الشمالية، إلا أن الأسلحة النووية تبدو في النهاية أنها في طريقها إلى الزوال؛ فالدول الخمس المعروفون رسميًا بحيازتهم للأسلحة النووية، وهم أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، ملتزمون قانونًا طبقًا لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية بالتفاوض بصدر رحب حول الإجراءات الفاعلة المتعلقة بإيقاف سباق التسلح النووي في أي وقت وأن ينزعوا أسلحتهم النووية تمامًا، وكل الدول التي وقعت على تلك الاتفاقية ملزمة أيضًا بالنزع الكامل لأسلحتها النووية والتعرض لمراقبة دولية فاعلة وصارمة.
ولكن على الجانب الآخر لا يزال البعض غير مصدق أن الدول النووية الكبرى سوف تتخلى طواعية عن أسلحتها ودباباتها وصواريخها المحملة برؤوس نووية، إضافة إلى أسلحة الدمار الشامل الكيماوية والبيولوجية كافة، والاعتماد فقط على الأسلحة التقليدية.
في حين أشار البعض إلى أن السلاح النووي ذاته هو الذي ساعد في استمرار حالة السلام الباردة بين القوتين العظميين، وذلك لعلم كلا الطرفين أن أي هجوم نووي معناه تدمير الطرفين معًا، لذلك يقول أصحاب هذا المبدأ أن عالم اليوم ربما لن يكون أكثر أمنًا بدون القنابل النووية.
الخمس الكبار
والواقع يقول إن الخمسة النوويين الكبار لم يصرحوا مطلقًا بأن النزع الكامل للسلاح النووي سيكون عمليًا، على الرغم من موافقتهم على المبدأ عام 1995، وقالوا إن التحرك تجاه تلك الغاية يجب ألا ينتظر تطبيقه على دول العالم كافة، وذلك لأن وعودهم كانت جزءًا من صفقة تقع في قلب اتفاقية الحد من الانتشار النووي، فالاتفاقية تعترف بأن الدول الخمس النووية التي حصلت على السلاح النووي قبل عام 1970 مع بدء تنفيذ الاتفاقية (وقعت عليها فرنسا والصين عام 1992)، يجب عليهم التخلي عن أسلحتهم النووية في نهاية المطاف.
ومن ناحية أخرى فإن الدول التي لم تحصل على السلاح النووي قد وقعت على عدم حصولهم عليه أو مجرد سعيهم للحصول عليه، ولكن يمكنهم الحصول على مساعدات من أجل تطوير مفاعلات نووية للأغراض السلمية.
ولكن تلك الاتفاقية تبدو الآن غير حاسمة، فعلى الرغم من أنها تعد وثيقة دولية لكل العالم إلا أن الدول الثلاث التي رفضت الانضمام إليها وهي الهند وباكستان وإسرائيل لديهم الآن أسلحة نووية، فقد قامت الهند بإجراء اختبار نووي عام 1998، وتلتها باكستان، مما أدى إلى القضاء على الآمال في أن الأسلحة النووية سوف تتلاشى في عالم ما بعد الحرب الباردة.
كما تضاءلت الثقة في الاتفاقية ذاتها بمرور الوقت، فقد أعلنت كوريا الشمالية انسحابها من المعاهدة عام 2003 وذلك بعدما ضبطت مخالفة للاتفاقية مرتين وأكدت أنها أنتجت العديد من القنابل النووية. وكلا من إيران وكوريا الشمالية قصدتا السوق السوداء من أجل الحصول على الأسرار النووية.
وقد صدر هذا الشهر تقرير من اللجنة الدولية التي يرأسها هانز بليكس، المشرف السابق على عمليات التفتيش على الأسلحة بالعراق قبل حرب 2003م.
وقد ألقى التقرير باللائمة على العلاقة المتوترة ما بين الدول النووية المعترف بها وما بين الدول الأخرى التي لا تمتلك النووي، وقال إنه إذا لم تؤكد القوى النووية على أنها أكثر استعدادًا للتخلي عن أسلحتها النووية فإن الآخرين سوف يحاولون الدخول في النادي النووي، كما دعت اللجنة إلى قمة عالمية في الأمم المتحدة لإعطاء دفعة جديدة لاتفاقية منع التسلح النووي ومنع الانتشار النووي، وبذل الجهود من أجل منع الإرهابيين من الحصول على أسلحة الدمار الشامل.
وبمراجعة السنوات الخمس الماضية من نشاطات الحد من التسلح سنجد أن تلك السنوات لم تكن مشجعة على الإطلاق؛ فالمنادون بنزع التسلح النووي يلومون القوى النووية وبخاصة الولايات المتحدة، ويقولون إن إدارة الرئيس بوش حنثت بوعودها التي أبرمتها مع الدول الخمس الكبار، فقد رفضت المصادقة على اتفاقية منع التجارب النووية الشاملة التي وقعت عليها الدول الخمس، كما لم تصادق عليها الصين أيضًا.
كما أيدت أمريكا توقيع اتفاقية إنهاء إنتاج المواد القابلة للانشطار مثل اليورانيوم والبلوتونيوم عالي التخصيب المخصص لصنع القنابل، ولكن لم يصاحب ذلك جهود تفتيش دولية، وفضلت أمريكا أن الدول الأعضاء يقومون بمراقبة بعضهم البعض، في الوقت الذي تخطط فيه أمريكا إلى صنع قنابل نووية جديدة رغم كل ما سبق.
وقد قيل إن الدول الخمس النووية الكبرى قد أعطت المبرر للدول الأخرى بامتلاك السلاح النووي، فالهند كانت صريحة في السابق بشأن برنامجها النووي من أجل الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى جوار الدول الخمس الكبرى، كما أن سلوك الدول الأخرى التي رفضت الاتفاقية أو التفت حولها أو خرقتها قد أعطت مبررًا هي الأخرى للدول الكبرى بالإبقاء على أسلحتها النووية.
الوفاء بالوعود
وإذا لم يكن الوقت الحالي هو الوقت الأنسب لنزع السلاح النووي، فماذا عن الوفاء بالوعود التي قطعتها الدول في اتفاقية الحد من انتشار السلاح النووي؟ لقد انتهى سباق التسلح النووي السابق بين كل من أمريكا وروسيا قبل سقوط برلين عام 1989، ومنذ ذلك الحين تقلصت كميات الأسلحة النووية بصورة حادة لدى الدولتين. ولكن طالما ظل هناك سلاح نووي فسوف تسعى كل الدول إلى الحفاظ على أمنها وعلى فاعليتها بامتلاك السلاح النووي ولو بأعداد قليلة.
وما حدث هو أن كل الدول الخمس الكبرى قامت بتحديث وتطوير ترسانتها من الأسلحة النووية التي تبقى عليها بأعداد قليلة، وهذا يتناقض مع مبدأ نزع السلاح النووي.
ولكن على الرغم من ذلك فإن تقليص الأسلحة النووية كان كبيرًا في الفترة السابقة، ففي أثناء الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا كان لدى القوتين آلاف الرؤوس النووية؛ فقد أنتجت أمريكا 70 ألف رأس نووي في الفترة ما بين 1945 و2000، في حين أنتج الاتحاد السوفييتي 55 ألفا.
وطبقًا لمعاهدة موسكو التي وقعت عام 2002، فإن كل من جورج بوش الابن وفلاديمير بوتن قد وافقا على تقليل ترساناتهما النووية لتصل إلى ما بين 1700 إلى 2200 رأس نووي إستراتيجي لكل منهما بحلول عام 2012م.
ولم يهتم أحد الطرفين بالرجوع إلى الأرقام السابقة إبان الحرب الباردة، فروسيا ترى أن الإبقاء على هذا الرقم الكبير سوف يكبلها اقتصاديًا إذا فكرت فقط في المحاولة، ولكن المنادين بنزع الأسلحة النووية يعترضون على معاهدة موسكو لأنها لم تحتو على آليات للتأكد من تلك الأرقام، كما أنها لا تلزم أيا من الطرفين بتدمير الرؤوس النووية التي تم إخراجها من الخدمة، لذا فإن هذا الاستقطاع الكبير الذي سيصل إلى ذروته عام 2012 ربما يعود إلى الارتفاع مرة ثانية.
كما أن الدول العظمى ربما تتمادى في امتلاك السلاح النووي، فروسيا تزعم أنها تعتمد الآن على السلاح النووي في الردع أكثر من ذي قبل، بما في ذلك الأسلحة التكتيكية التي لدى أمريكا ولكنها تخلت عنها، وذلك لتأمين الشئون الدفاعية الروسية لتعويض النقص الحاد في جيشها بسبب الظروف الاقتصادية.
وعلى الجانب الأمريكي فإن إدارة بوش الابن أعلنت عن وجود أبحاث متعمقة لتطوير القنابل التي تخترق الخنادق التي أثارت قلق المنادين بنزع الأسلحة النووية، مما حدا بالكونجرس بقطع التمويل عن تلك البرامج.
وتقوم أمريكا أيضًا بتطوير نوع آخر من الرؤوس النووية البديلة التي تعتمد عليها حاليًا لأنها أقوى وأسهل صيانة عن سابقتها، وتعتمد عليها في ترسانتها العسكرية.. لذا فإذا أثبتت تلك الرؤوس البديلة كفاءتها فيمكن للولايات المتحدة أن تقلص أعداد الصواريخ النووية بصورة حادة وتحولها إلى قطع غيار لتلك الصواريخ الجديدة.
الردع النووي
كما أن الدول النووية الخمس لا يكتفون بحماية أنفسهم، ولكنهم يستخدمون السلاح النووي كرادع ومن أجل حماية الدول الحلفاء التي لا تمتلك السلاح النووي كمظلة نووية لهم، ما أدى إلى انتشار الأسلحة النووية، وهو ما أدى إلى انزعاج السيدة تاتشر عندما شعرت أن ريجان كان ينوي إلغاء الحماية النووية الأمريكية لدول حلف شمال الأطلنطي (الناتو).
وهناك العديد من الدول المتقدمة التي تستطيع امتلاك السلاح النووي ولكنها رفضت حتى المحاولة.
ولكل ما سبق يقول المسئولون في هيئة الطاقة النووية أنه بصرف النظر عن تقليص أمريكا لترسانتها النووية، فإن ذلك لن يسعد إيران على الإطلاق، ولكن سيشعر الجميع بالسعادة إذا ما وصل العدد إلى الصفر لجميع دول العالم، وهو ما التزمت به الدول الخمس الكبرى عندما وقعت على وثيقة الحد من انتشار السلاح النووي.. لذا فإن هذا هو الحل الوحيد لعالم خال من السلاح النووي.
ولكن هنا تكمن الصعوبة؛ فمعظم الحكومات تعترف أنه من الصعب أن تتخلى القوى النووية عن أسلحتها النووية كافة، فأسرار السلاح النووي قد أصبح عمرها الآن 60 عامًا، ومن السهل الحصول عليها، كما أنه من المستحيل إلغاء اختراع السلاح النووي، الذي قد اخترع بالفعل، كما أن المعاهدات الدولية التي تجرم الأسلحة الكيماوية والبيولوجية التي تجرم امتلاك تلك الأسلحة قد أثبتت أنها غير فاعلة، فهناك العديد من الدول التي وقعت على تلك الاتفاقات لديها بالفعل أسلحة دمار شامل، ويعتقد أنها قد خرقت تلك الاتفاقات التي لم يوقع عليها كل دول العالم.
ضعف مجلس الأمن
كما أثبت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عالم اليوم أنه أضعف من أن يتعامل مع تلك الدول التي تخرق المعاهدات الذي من المفترض أن يكون الملاذ الأخير للتعامل مع تهديدات أسلحة الدمار الشامل كافة، فقد استطاع العراق أن يلتف حول تلك المعاهدات عدة مرات في التسعينيات، كما أخفت كوريا الشمالية نشاطاتها وتملصت من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية ولم تعاقب حتى الآن، كما ظهرت إيران اليوم أيضًا وتمثل تحديًا كبيرًا أمام تلك المعاهدات، ما جعل الكثير من دول العالم يشككون في جدوى نزع أسلحة الدول النووية حول العالم، وظلوا يكررون نفس العبارات القديمة المستهلكة في القضية النووية.
لذا فإن الطريق الصحيح لنزع السلاح النووي هو التحرك باتجاه معالجة المشكلات التي تهدد السلام والأمن التي تغذي سباقات التسلح الإقليمية، ويجب أن تكون هناك جهود للعمل لخلق مناطق خالية من أسلحة الدمار الشامل، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا. ويجب أن تمتد تلك الجهود إلى كل دول العالم، ويجب تكثيف الجهود لمنع نقل المواد والتقنيات النووية والقضاء على الأسلحة النووية الفائضة كافة، إضافة إلى توفير ضمانات للدول غير النووية بأن الدول النووية تقوم الآن بالتخلص من أسلحتها الزائدة وأصبحت تقلل من اعتمادها عليها في سياساتها الدفاعية.
الصعب والأصعب
ربما يتفق الكثير من المتحمسين لنزع السلاح النووي على أن مثل تلك الخطوات ربما تجعل من عالم اليوم أكثر أمنًا، ولكننا لا نزال نحتاج الكثير لجعل عالم الغد أكثر أمانًا وذلك بأن نجري المزيد من الاستقطاعات في الترسانات النووية تمهيدًا للقضاء عليها تمامًا.
كما يجب عقد اتفاقية نووية جديدة تلزم جميع الدول النووية وغير النووية حول العالم بشبكة من المراقبة والضمانات، وأن يتم إلحاق الأسلحة الكيماوية والبيولوجية بتلك المعاهدة، واتخاذ خطوات إيجابية من أجل التوصل إلى الحظر التام في النهاية لكل أسلحة الدمار الشامل.
وتلك الخطوات يجب أن تشتمل على تعهدات بعدم تطوير أو اختبار أو إنتاج أي أسلحة نووية جديدة، وإصدار قرارات مرحلية بعدم الاستخدام النووي، وعمل جداول زمنية لنزع تلك الأسلحة، وأخذ تعهدات على كل الدول بمنع نقل المواد والخبرات النووية، وإنشاء برنامج لتحويل أو إغلاق المؤسسات المتعلقة بتصنيع الأسلحة النووية كافة.
وقد صدر قرار من الأمم المتحدة برقم 1540 يلزم الحكومات بسن قوانين تمنع وصول أسلحة الدمار الشامل والمواد المتعلقة بها إلى أيدي الإرهابيين، ويجب أن تطبق تلك القوانين على الدول والشركات والأفراد على حد سواء.
وربما تكون هناك عدة صعوبات في عقد المفاوضات الخاصة بالتوقيع على مثل تلك الاتفاقية، وأكبر مثال على ذلك هو معاهدة حظر التجارب النووية، فهناك 44 دولة لديها طاقة نووية أو مفاعلات أو معامل أبحاث، بما في ذلك الهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية، ولكن يجب على تلك الدول أن تصادق على تلك الاتفاقية قبل أن يتم تفعيلها، لذا فإن التلكؤ الأمريكي في التخلص من الأسلحة النووية ليس السبب الوحيد في تأخير المصادقة على الاتفاقات النووية كما تقول لجنة بليكس وهي محقة في ذلك، ولكن أيضًا التصديق على تلك الاتفاقات هو الذي سيشجع الدول الأخرى.
جوانب قانونية
وهناك جانب آخر يتعلق بالجوانب القانونية الخاصة بالحد من انتشار الأسلحة النووية، كما أن هناك مشكلة أخرى وهي آليات التحقق من تجاوب الدول مع تلك الاتفاقات، فتقول أمريكا إن برامج المراقبة ستكون مكلفة للغاية وتنتهك سيادة الدول ومن الصعب إقناع الدول بها.
ولكن إذا توافرت الرغبة لدى الدول لجعل عالمنا خاليًا من أسلحة الدمار الشامل فسوف تكون المشكلة الوحيدة في كل المراحل هي آليات التفتيش والمراقبة والتحقق، وكلما قلت أعداد الأسلحة النووية كلما زادت ثقة الدول في بعضها البعض وأن الجميع بالفعل يقلل من أسلحته النووية كما وعدوا.
وكل الدول النووية لديها تجارب لنزع الرؤوس النووية والتخلص من أجزائها الداخلية، ولكن يجب أن يتم ذلك بدون تسريب للأسرار النووية التي تحتفظ بها الدول، وقد نشرت الحكومة البريطانية كيفية التوصل إلى تلك الغاية، ويجب أن تشمل عمليات التفتيش كل الدول التي أنتجت يورانيوم أو بلوتونيوم ولو بكميات بسيطة، ويجب أن تقدم تفسيرًا عما فعلته بتلك المواد، فيمكن لأي دولة أن تصنع قنبلة نووية بكميات صغيرة تصل إلى 25 كيلو فقط من اليورانيوم أو 8 كيلوات فقط من البلوتونيوم.
وقد قامت جنوب إفريقيا على سبيل المثال بصنع عدة قنابل ثم قامت بتفكيكها بعد ذلك قبل أن تنضم إلى معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية عام 1991، وقد تعاونت بصورة كبيرة مع المفتشين، ولكنها وجدت صعوبة في الإفصاح عن مصير كل ما أنتجته من مواد نووية. كما واجه المفتشون مشكلات أخرى في العراق في التسعينيات عندما تعمد صدام حسين خداع المفتشين، وقد شكت هيئة الطاقة النووية في العديد من الدول في السابق، من بينها الهند وباكستان وإسرائيل أن تلك الدول تقوم بتصنيع قنابل نووية، ولكنها لم تستطع المراقبة والتفتيش على تلك الدول بسهولة لأنها لم تستطع أن تنتهك سيادة تلك الدول.
وكل الدول التي وقعت على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية تحتفظ بمزايا حصولها على استخدامات سلمية للطاقة النووية طالما تحافظ على عدم انتشار تلك المواد النووية، وهذا ما تزعمه إيران حاليًا أنها تصنع فقط الوقود النووي من اليورانيوم والبلوتونيوم، ولكن إيران تقترب سريعًا من صنع قنبلة نووية، والضابط الوحيد في تلك المسألة هو نوايا الدولة التي لا يمكن معرفتها سوى بالتفتيش الدقيق. وقد صدر تقرير العام الماضي عن معهد كارنيجي للسلام الدولي يكشف مدى التزام الدول بمعاهدة الحد من الانتشار الدولي، وقد شكك المعهد الذي مقره واشنطن في أن صنع الوقود للمفاعلات النووية سوف يكون مقبولاً في عالم الغد الذي يراد له أن يكون بلا أسلحة نووية.
والسؤال المهم الآن هو إذا ما كان العالم سينجح في نزع السلاح النووي في ظل انتشار تقنيات صنع الأسلحة النووية التي تنتشر في كثير من البلدان التي تغلفها بطابع مدني؟ وقد تم اقتراح عدة حلول، من بينها فرض قيود على الاتجار في المواد النووية وعمل بنك دولي للوقود النووي لضمان أن الدول التي لديها مفاعلات نووية سلمية تحصل على كميات من الوقود بدون الحاجة إلى تصنيعها بأنفسهم، كما اقترح صنع مفاعلات مصممة بطريقة تمنع انتشار الوقود النووي التي لم يتم التأكد من فاعليتها حتى الآن، ولكن المؤكد أن حلول تلك المشكلات لا تزال تبعد عنا عدة سنوات.
وفي نهاية تقريرها تقول (الإيكونوميست) إن العقل الإنساني يستطيع أن يبتكر حلولاً لتلك المشكلات التقنية، ولكن يظل السؤال الأهم هو إذا ما كان انتقالنا إلى عالم خال من الأسلحة النووية سيدار بصورة آمنة من الناحية السياسية والعسكرية أم لا؟!
من المؤكد أن عمليات التفتيش والتحقق لن تكون بلا أخطاء، لذا يجب الوصول إلى إجماع بين الدول لكي نصل إلى التزام من جميع الدول باتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية وحظر الاختبارات النووية ومراقبة المواد القابلة للانشطار ومراقبة اتفاقات الحد من استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، ولكن إذا فشلنا في الوصول إلى ذلك الإجماع على تلك المعاهدات فستكون فرصتنا ضئيلة في الوصول إلى الحظر النووي الكامل. كما يجب إجبار الدول التي لم توقع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية أن تنضم إلى المعاهدة ووقف إنتاج أسلحتها النووية وتقليص أعدادها، ويجب التوصل إلى اتفاقات بوقف التجارب النووية والقضاء النهائي على الأسلحة النووية من ترساناتها العسكرية.
سيظل نزع السلاح النووي حلمًا للبعض وكابوسًا لآخرين، وهناك العديد من الخطوات الإضافية التي يجب اتخاذها من أجل ضمان نزع السلاح النووي تمامًا، ولكن المطالبة بتلك الخطوات دون وجود قابلية للدول حول العالم لمعالجة تلك المشكلات فإن ذلك يعني أن ذلك لن يتم مطلقًا.

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
فن عربي
عالم الاسرة
المستكشف
خارج الحدود
الملف السياسي
استراحة
اقتصاد
منتدى الهاتف
روابط اجتماعية
شاشات عالمية
تميز بلا حدود
صحة وتغذية
أنت وطفلك
سوق الانترنت
الحديقة الخلفية
جرافيك
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved