Al Jazirah Magazine Tuesday  01/01/2008 G Issue 247
لقـاء
الثلاثاء 23 ,ذو الحجة 1428   العدد  247

الشاعر ناصر بن شنار
العرضة .. تراث محفوظ في قلوبنا

* حوار : سلطان الشنار

العرضة السعودية اسم لازم قلوب المواطنين في المملكة العربية السعودية وخاصة في منطقة نجد، فكانت ولا تزال من أهم الموروثات الشعبية الباقية إذ ارتبطت منذ أن قام المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه بتوحيد البلاد على كلمة التوحيد لا إله إلا الله فكانت العرضة وما يقال فيها من أبيات وقصائد حماسية وحربية لا تفارق المؤسس في معاركه التوحيدية. وإن اختلف فهم الناس حول العرضه إلا أنها مازالت في قلوبهم تذكرهم بتلك الأمجاد والصولات التي قام بها رجال الوطن تحت راية مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبد العزيز يرحمه الله.

فإلى الحوار ..

فما زالت تزيد من التلاحم والولاء بين الشعب والقيادة. وعلى مدار تاريخ العرضة النجدية من عهد المؤسس (رحمه الله) إلى الآن برز العديد من الشعراء في منطقة نجد كرسوا جل قصائدهم لخدمة وطنهم والتغني بأمجاده العظيمة فألفوا القصائد الحربية والحماسية وبرزوا في هذا المجال رغبة منهم في خدمة وطنهم وتوثيق التلاحم والتواصل مع القيادة الكريمة من هؤلاء الشعراء شاعر نشأ وبرز في إحدى قرى نجد الجنوبية وتحديداً في منطقة الحريق وهو الشاعر ناصر بن زيد بن شنار فكان لنا هذا اللقاء معه ليحدثنا عن تاريخ العرضة وما يتعلق بها.

* نرجو إعطاءنا لمحة تاريخية عن العرضة السعودية؟

- العرضة السعودية ارتبطت بالانتصارات الحربية من أيام المؤسس فكانت العرضة تقام قبل المعركة ويردد فيها أبيات حماسية تثير الجنود وتقوي عزائمهم ثم تطور الأمر وأصبحت العرضة عادة لدى أهل نجد يقيمونها في المناسبات والأفراح والأعياد حتى أصبحت من الموروث الثابت والمتداول لدى الناس.

* حدثنا عن بداية علاقتك بالعرضة السعودية؟

- بدايتي مع العرضة كانت وأنا في سن صغيرة، حيث كنت أشارك أهل قريتي في عرضاتهم ولكن بدايتي الفعلية مع العرضة وهي عندما التحقت بجمعية الثقافة والفنون عام 1400ه وذلك عندما جاء الأمير عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود لمنطقة الحريق حيث أقمنا له استقبالاً كبيراً بهذه المناسبة ووقتها أمر الشيخ راشد بن جدوع رحمه الله أن تقام العرضة لهذا الاحتفال وأسندت إلي هذه المهمة وبالفعل قمت بقيادة الفرقة لإقامة العرضة، وبعدها طلبت جمعية الثقافة والفنون أن ننضم إليها رسمياً تحت قيادتي ومنذ ذلك الوقت أصبحنا نشارك في جميع احتفالات منطقة الرياض ومناسباتها الداخلية والخارجية.

* ما دورك في العرضة، وماذا يسمى من يقوم بهذا الدور؟

- أقوم بتجهيز أعضاء الفرقة وأوزع المهام عليهم وأرتب المكان الذي تقام فيه العرضة كما أقوم بشيلة مطالع الأبيات للقصائد ثم يردد رجال الفرقة الأبيات بشكل متوالي وأقوم بتغيير الأبيات حسب ترتيبها على الفرقة وهكذا، وكان الجميع يشاركني ويتعاون معي في ذلك فكنا يداً واحدة.

* ما الاختلاف الذي طرأ على هذا التراث منذ أيام الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وحتى يومنا هذا؟

- تراث العرضة لم يزل قائماً ومحفوظاً بالقلوب ويقام سنوياً في المحافل ولكن ليس كما في الماضي فقد اختلف تعلق الناس بالعرضة وقد يرجع ذلك لعدة أسباب منها: قلة الظهور الإعلامي للعرضة وأيضاً كثرة ألوان الفنون والرقصات الشعبية الأخرى ولا ننسى كثرة القنوات الفضائية وامتلاءها بكل غث وسمين أدى إلى قلة الاهتمام بالعرضة وأيضاً كان الناس يحرصون على إقامة العرضة في مناسباتهم الخاصة كالأفراح والاحتفالات وغيرها ثم قلت هذه الاهتمامات.

* ما أبرز الأماكن التي كانت تقام فيها العرضة في الماضي؟

- تقام العرضة في أماكن عديدة ولكن أشهرها التي كان يحضرها جلالة الملك عبدالعزيز تسمى ساحة الصفاة (العدل) وأهالي الرياض كانوا يتجمعون في مكان يسمى (الكباري) والآن هو قريب كبري عتيقة في طريق الملك فهد ثم انتقلت إلى منطقة المربع ثم إلى ساحة ملعب الأمير الراحل فيصل بن فهد يرحمه الله وحالياً تقام العرضة في الجنادرية في أماكن مخصصة لها وأيضاً في الصالة الرياضية هذه أبرز الأماكن التي تقام فيها العرضة حسب ترتيبها الزمني.

* هل تتم العرضة على نمط واحد في كل مناطق المملكة أم أن هناك اختلافاً حسب المناطق؟

- طبعاً لا. هناك اختلاف فكل منطقة لها نمطها فأهل الحجاز لهم نمط وطريقة خاصة بهم كالينبعاوي والمزمار وغيره أيضاً أهل الجنوب لهم طريقتهم كالخطوة وغيرها. وكل منطقة لها طريقتها ونحن في نجد لنا طريقتنا في عرضتنا وإن اختلفت قليلاً في شمالها وجنوبها إلا أنها تتشابه كثيراً.

* ما المناسبات التي يحرص الناس على إقامة العرضة فيها؟

- بالماضي ارتبطت العرضة بالمعارك الحربية فكانت تقام قبل الحروب وبعد الانتصارات أما الآن فاقتصرت على المناسبات العامة كالأعياد ومهرجانات الجنادرية وبعض المناسبات الوطنية.

* كيف تنظر للعرضة كتراث في ظل كثرة أشكال المعروض من الفنون عبر الفضائيات والمسارح وغيرها؟

- العرضة تراث شعبي كان ملازماً لقلوب الناس ويجب أن يبقى في قلوبنا ويتوارثه أبناؤنا وأجيالنا القادمة فهي تعلم الشباب الرجولة والحكمة والحماسة والشهامة، ولابد من الحرص على تثبيتها في قلوب النشء بدلاً من المعروض في بعض القنوات الفضائية فبعضها مليء بالفنون الهابطة والذوق البذيء والكلام السخيف، فيجب أن نحافظ

على أجيالنا منها وأن نثقفهم ونحذرهم من الوقوع في متاهاتها.

* هل الجيل الحاضر يفهم هذا التراث بذات الكيفية التي فهمتموه بها؟ وكيف يمكن جذبهم إليه وجعلهم يحتفون به كما في الماضي؟

- بصراحة لا، جيلنا السابق كنا نحرص بشكل كبير على حضور العرضة والمشاركة فيها فهي الفن السائد آنذاك ويمكن جذب هذا الجيل لها بتكثيف الدور الإعلامي لها وأيضاً بإدراجها في المناهج الدراسية وتعليمها للأبناء حتى لا تضيع من عقولهم وعاداتهم.

* العرضة تراث يهتم به ولاة الأمر ويحرصون على المشاركة فيه من خلال المواسم الثقافية كالجنادرية وغيرها، ماذا تعني تلك المشاركات الكريمة في نظرك؟

- هذه المشاركة الكريمة من قبل ولاة أمرنا حفظهم الله تجسد روح الترابط والتلاحم الوثيق بين القيادة وشعبها وحرصها على مشاركة الشعب أفراحه كما تؤكد تلك المشاركة اهتمام ولاة الأمر بالموروث الشعبي الذي يعد متأصلاً في تاريخ الوطن ويحكي الأمجاد والانجازات العظيمة لهذا الوطن الغالي.

* هذه العرضة التي نعرفها هل هي خاصة بالسعوديين أم يشاركهم فيها المواطنون الخليجيون؟

- نعم توجد هناك عرضة خاصة بأهل البحرين وأهل الكويت وباقي دول الخليج مشابهة تقريباً لعرضتنا السعودية، وقد أقيمت عرضات في مناسبات عديدة شارك فيها بعض قادة دول الخليج فيما بينهم.

* تظهر العرضة بلوحة فنية رائعة من حيث الأزياء، فما هي أشهر أسماء تلك الأزياء؟

- الصابة وهي لباس كامل مطرز. والمجند، وهو حزام جلدي يحيط بالصدر والظهر ويلف حول الخصر. المرودن: وهو ثوب أبيض واسع الأكمام يلبس للعرضة.

الفرملية: تلبس كالجاكيت وهي مطرزة أيضاً.

* حدثنا عن موقف طريف واجهك وأنت تشارك في أداء العرضة؟

- المواقف الطريفة كثيرة وتحدث في مناسبات عدة ولكن الموقف الذي دائماً ما يحضرني هو عندما كنا في منطقة الكباري حيث كنا نقيم العرضة وعندما اندمج الحضور مع العرضة والجميع كان مبتهجاً إذ حصل أن انقطعت الكهرباء علينا ونحن في وسط القصيدة مندمجين معها فحصل ارتباك كبير جداً والمضحك في ذلك أن بعض أعضاء الفرقة استمروا في ترديد الأبيات ولم يهتموا بما حصل والناس هموا بمغادرة المكان ولك أن تتصور ما يحصل من هذا التدافع ولكن ولله الحمد رجعت الكهرباء بعد أقل من ربع ساعة. فكان هذا الموقف مضحكاً جداً للحضور والفرقة.

* ما المواصفات والمقومات المطلوبة في أعضاء الفرقة؟

- دائماً ما يكون رجل العرضة يتميز بعدة صفات أهمها إجادة اللعب بالعرضة ويكون صاحب صوت رفيع إن كان ممن يرددون الأبيات وأيضاً يكون صاحب ذاكرة قوية تعينه على حفظ الأبيات والإتقان في أداء الدور المطلوب منه.

* عرف عنكم حضوركم القوي في الساحات الشعبية كشعر المحاورة والقلطة هل لكم محاورات شعرية مع شعراء في الوطن؟

- نعم حدثت بيني وبين شعراء كبار محاورات وردود والغاز شعرية تميزت بالجدل والقوة والإثارة أمثال الشاعر الكبير: أحمد بن الناصر الشايع - والشاعر: سعود السعيدي رحمه الله، وخاتم الشيباني وسهيل وصالح اللحدان وغيرهم من الشعراء.

* هل سبق وأن شاركت جمعية الثقافة والفنون في مشاركات خارج الوطن؟

- نعم شاركت الجمعية في مناسبات عديدة خارجية وفي بعض الدول العربية كالمغرب وليبيا والجزائر. وكان لها حضورها المميز.

* هل صدر لك ديوان يضم قصائدك ومحاوراتك الشعرية؟

- نعم صدر لي ديوان في عام 1418هـ باسم (أحاسيس وطنية) يضم قصائدي في ولاة الأمر وقصائدي الوطنية التي قيلت في مناسبات عدة والحربية والغزلية ومحاوراتي الشعرية مع شعراء الوطن كما تضمن بعض القصائد لشعراء كبار هم من أصدقائي فأردت أن يشاركوني أحاسيسي الوطنية.

* ماذا تود أن تقول للقراء في ختام هذا الحوار.

- أولاً أود أن أشكر قيادتنا الرشيدة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على حرصهم في التواصل مع الشعب في هذه المناسبات.

كما لا أنسى أن أشكر أمير الرياض سلمان الخير الذي دائماً يقف وراء كل إنجاز في منطقة نجد، فقد وجدت جمعية الثقافة والفنون من أمير الرياض دعماً سخياً ليس بمستغرب على سموه لأنه دائماً يحرص على الحفاظ على التراث الشعبي للوطن.

كما أود أن أشكر جريدة الجزيرة على حرصها الدائم في الحفاظ على التراث والثقافة وأسأل الله العلي القدير أن يديم على وطننا أمنه واستقراره إنه ولي ذلك والقادر عليه.

***

الشاعر في سطور

ولد شاعرنا في محافظة الحريق عام 1353هـ، ووالده مشهور بحفظه وروايته للقصص والأمثال، بدأ الشعر منذ أن كان عمره عشرين عاماً، وكانت أول قصيدة قالها وهو صغير:

يا طير ياللي على وادي بلدنا تحوم

يا وهنيك تشوف اللي قريب وبعيد

وقد قسم ديوانه الذي جاء في 195 صفحة من الحجم المتوسط إلى عدة أبواب.

أولاً: القصائد الوطنية

قصيدة حربية في الملك عبد العزيز - يرحمه الله - يقول فيها:

شيخ ياللي حكم نجد وحمى سوره

قوم الحق واخزاء كل شيطاني

مملكتنا على التوحيد معمورة

يوم عبد العزيز الرائد الباني

قصيدة أخرى في الملك سعود - يرحمه الله - يقول فيها:

مرحبا واهلين يا سعود يا نور البلد

نصرة المظلوم والدين يا سلطانها

وقصائد أخرى في الملك سعود. كما قال قصيدة في الملك فيصل - رحمه الله - فيها:

سلام الله على حر تقدم بالوفا والجود

يمام المسلمين اللي عسى رب السما يرعاه

وقصائد أخرى في الملك فيصل. وكذلك قال بعض القصائد في الملك خالد - يرحمه الله - منها:

يوم الوطن تاريجنا المشهود في كل عام

عبد العزيز موحد بالسيف كل الحدود

إلى أن قال:

سيف العدالة نصره التوحيد وابو اليتام

خالد ولد عبد العزيز اللي كسب كل جود

وفي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله - قال عدداً من القصائد، منها:

مني لبوفيصل سلام

شيخ العرب وظلالها

كما قال قصائد في الملك عبد الله بن عبد العزيز، منها:

يا مرحبا يا درعنا يا ذرانا

يا كاسب مجد العرب والشهامة

بقدوم ابو متعب تنور سمانا

ابن الزعيم ويستحق الزعامة

وقصيدة أخرى في صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز عندما كان سموه في رحلته العلاجية:

سلطان ما غيرك مع الناس سلطان

فرقاك خلت كل شعبك محازين

وبعد عودة سموه سليماً معافًى قال:

يا مرحبا يا نور الجزيرة

يا درعها يا عزها يا دراها

زاد الفرح والنور في كل ديرة

بقدوم شيخ رافع مستواها

وقصيدة أخرى في صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز:

ليمن وقفت بساحة العدل محتار

سلمان قدامك حجى كل مظلوم


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة