Al Jazirah Magazine Tuesday  01/01/2008 G Issue 247
مدى
الثلاثاء 23 ,ذو الحجة 1428   العدد  247

الزواج من منظور اقتصادي
د. زيد بن محمد الرماني(*)

إنَّ أول مَنْ بيَّن أهمية رأس المال البشري أي أهمية المعارف والطاقات التي تعطيها الأسرة للفرد ويكتسبها من خلال التربية والتعليم، هو الاقتصادي الأمريكي جاري بيكر- الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد.

وقد اهتم بيكر بالأزواج وخاصة حالات الزواج والطلاق، وذلك من خلال بحث الرائد حول (الأسرة). إذ عرض بعض الأفكار التي أزعجت أنصار الحركات النسائية. خاصة وأنه يعتبر الزواج بمثابة عقد لتوزيع العمل، فكل من الزوجين يتخصص في مجال ما.

وطبقاً للعادات والتقاليد الاجتماعية، فإن الرجل هو الذي يعمل في الخارج وتبقى المرأة في المنزل للقيام بالأعمال المنزلية وممارسة الأمومة.

وقد بيّن الاقتصادي الانجليزي دافيد ريكاردو في عصره (القرن التاسع عشر الميلادي) ومن خلال نظرية المزايا المتوازنة لماذا يجب أن تتخصص دولتان في التبادل التجاري للحصول على أقصى الفوائد.

ويطبّق جاري بيكر النظرية نفسها في التبادل غير التجاري الذي يربط الزوج بالزوجة. حيث يؤكد أن التخصص فقط هو الذي ينظم موارد الأزواج ويحقق لهم الرفاهية.

لقد أدى دخول المرأة الواسع في مجال السوق الخارجية إلى إنقاص الربح الاقتصادي للزوج من جهة، وسهولة الطلاق من جهة أخرى.

يقول فيليب ثورو: نستطيع أن نقول بتعبير اقتصادي إنّ خروج أحد الشركاء في الزواج من السوق لم يعد يكلف غالياً، وبما أن الأزواج الشبان يتوقعون أن ينتهي زواجهم بالطلاق، فإنهم لا يحصرون على الإسراع في الإنجاب كما كان يحدث في الماضي.

ويقول دنجان: يبدو جلياً أن الزواج لم يعد ربحاً كبيراً، ويؤكد ذلك العدد الكبير من الارتباطات الحرة وزيادة عدد النساء المسؤولات عن الأسرة، وكذلك ارتفاع عدد المواليد دون زواج.

يبدو -وللأسف- أن هذا التطور يتوارث ذاتياً، فترغب الزوجات في العمل كحماية لهن وأولادهن من مصيبة أي طلاق محتمل.

ومن الملاحظ أن أجور النساء العاملات أقل من أجور الرجال، وربما كان ذلك لأن الزوجات يكن مشغولات بالمهام المنزلية، فلا يعطين الجهد نفسه في نشاطهن المهني ولذلك فهن يستثمرن أقل في الخارج، ويخترن أعمالاً تتطللب جهداً أقل ولذلك فإن أجورهن تكون أقل.

إن عوامل اقتصادية واجتماعية وصحية تؤثر في عدد المواليد، إذ لا تقتصر على عمل المرأة فقط بل تشمل التقدم التقني.

ومثلما يحدث في فترة التغيرات التقنية السريعة فإن كثيراً من الأسر تفضّل تحديد أثاثها مما يؤدي إلى انخفاض الميزانية المخصصة لأطفالها، وينتج عن ذلك انخفاض في نسبة المواليد.

ولذا، قام جاري بيكر وروبرت بارو ببناء نموذج حسابي يسمح بتحليل تطور معدل الخصوبة إضافة إلى التقدم التقني. فظهرت عوامل عديدة مثل درجة تضحية الوالدين، والنمو، ومعدلات الفائدة والأعباء الاجتماعية تؤثر في نسبة المواليد.

وذلك لأن وجود الأطفال يضع المرء في النهاية في موقف اختياري بين الاستهلاك الفوري والاستهلاك المؤجل لصالح الأطفال.

وكلما ارتفعت معدلات الفائدة الفعلية حرصت الأسرة على الادخار وخفضت الاستهلاك مما يؤثر إيجابياً على عدد المواليد. وعلى العكس، فإن زيادة الأعباء الاجتماعية على الموظفين يخفض الادخار ويؤدي إلى فقدان الرغبة في إنجاب الأطفال.

ومع ذلك، فإن عصرنا هذا يشهد أكبر عدد من زيجات الحب، ومن المفارقات أنه يشهد أيضاً أكبر عدد من حالات الطلاق.

وختاماً أقول: إن زيجات الماضي التي نظمتها الأسر كانت تقلل من فرص الخطأ وحالات القلق والتفكك الاجتماعي.

***

ترحب (مجلة الجزيرة) بآرائكم ومشاركاتكم في مختلف المواضيع الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في صفحة (صدى)

مع مراعاة ألا يزيد المقال عن (350) كلمة - البريد الإلكتروني edesk10@al-jazirah.com.sa فاكس: 4871063

* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة