Al Jazirah Magazine Tuesday  01/01/2008 G Issue 247
تحقيق
الثلاثاء 23 ,ذو الحجة 1428   العدد  247

التصوير النسائي ظاهرة أم طفرة؟
أنامل ناعمة خلف العدسات

* تحقيق : نورة الخراشي و آلاء باهبري

يتنامى حضور المرأة السعودية في الساحة الثقافية الفنية، يوماً بعد يوم، ولم يقتصر هذا الحضور على جانب بعينه، بل كانت شريكة في العمل الإعلامي والفني ومجال التصوير والإخراج وغيره، وفي الآونة الأخيرة صرنا نلاحظ تزايد عدد المصورات السعوديات، في ظاهرة ثقافية جديدة، لها رموزها ولغتها وعالمها على الإنترنت وفي الواقع، لإلقاء الضوء على هذه الزاوية، حاولت مجلة الجزيرة الوقوف على الظاهرة وأسبابها وتلمس معالمها وعالمها.

تاريخ التصوير النسائي

تاريخ المصورات في المملكة ليس حديث العهد، بل ابتدأ منذ أكثر من 20 عاماً عندما دخلت المصورة (سوزان باعقيل) هذا العالم وغادرت المملكة لتدرس فن التصوير الفوتوغرافي بكلية ميامي رايد بالولايات المتحدة الأمريكية، وعادت عام 1983م حاملة شهادة الدبلوم، مبتدئة مسيرة 25 عاماً من التألق، حققت فيها إنجازات كثيرة، فقد نالت (13) جائزة في فن البورتريت (التصوير الشخصي)، وفن التصوير منذ عام 1985م، بينها درع الأمم المتحدة عام 1993، وجائزة أبها للثقافة عام 1997م، وجائزة أجمل صورة على مستوى العالم العربي عام 1992م ومؤخراً حصلت على المركز الأول في المسابقة العالمية للتصوير الرقمي، وعينت أخيراً كمصورة صحافية في وكالة أنباء رويترز.

كذلك برزت أسماء أخرى في السنوات العشر الماضية كالمصورة مديحة العجروش ، والمصورة سوزان (إسكندر)، والمصورة هيا العنزي والمصورة نسرين الدار اللاتي شكلن البذرة الأولى للمصورات الفوتوغرافيات في المملكة.

تنامي المهارة

(الاهتمام بالتصوير بشكل عام سواء من قبل الفتيات أو الشباب يعتبر ظاهره منذ العام 2000م) يقول الأستاذ كريم العنزي نائب رئيس لجنة التصوير الضوئي، وعضو لجنة أصدقاء الضوء: هذه الظاهرة توجد بشكل كبير على الشبكة العنكبوتية، عبر المواقع والمنتديات المهتمة بهذا الفن كموقع فنون الرقمي، وموقع أصدقاء الضوء، وموقع عدسات عربية.

ولم تكتف المرأة السعودية بالمنتديات والمواقع، بل نرى الكثيرات ممن أنشأن المدونات الخاصة، لتكون معرضاً شخصياً مستمراً، تقول المصورة حنان الهندي: أعرض صوري في مدونتي الخاصة وكذلك المصورة أحلام القديري: أغلب صوري تعرض في موقعي الشخصي: www.ahlam-photo.com ولهذه المواقع مصطلحاتها المتخصصة في التصوير الضوئي، كالكادر ويعنى به الإطار المراد تصويره، والتكوين وهي عناصر الصورة، والزجاجة والمقصود بها العدسة وغيرها.

وتختلف المدارس التي تنتهجها المصورات السعوديات، فمنهن من تعتمد على التصوير الدرامي وهو الذي يعطي إيحاءً درامياً للصورة. وهناك التصوير الواقعي وهو الذي يعتمد على الضوء المتاح بدون مصادر مفتعله. وتصوير البورتريه ويكون بالتقاط صور شخصية للناس. والاندسكيب ويعني تصوير الطبيعة. والتصوير التجريدي ويعتمد على تصوير أشياء غير مألوفة بالعادة. والماكرو ويكون لتصوير الأشياء الدقيقة جدا .

تجسيد الطبيعة

تقول فاطمة الحارثي: (أركز على ملكوت الله سبحانه وهذا يتضح في مجالات الاندسكيب) وتوافقها حنان الهندي، فتقول: (تستهويني الطبيعة بجميع أشكالها).

وتؤكد أروى الجميعة ضرورة إيصال رسالة سامية من خلال التصوير، فتقول: يهمني في كل صورة أن تحمل رسالة سامية ليس هناك موضوع معين ولكن يغلب على صوري الماكرو والطبيعة.

ومن جهة أخرى ، ترى أحلام القديري أن أكثر ما يستهويها هو: التصوير الدعائي، البورتريه، والطبيعة الصامتة. يتركّز اهتمامي حالياً على التصوير الدعائي، وأنوي العمل في هذا المجال - بمشيئة الله -.

وهناك من يرى أن الإحساس هو الحكم وهو المثير الأساسي لأخذ اللقطة، تقول سارة محمد: أي موضوع يحمل إحساسا معينا، وتقول أسماء العريني: أصور أي شيء يستحق أن تخلده اللقطة، وأركز على أن يكون للصورة فكرة.

وقد خرجت المصورات السعوديات عن نطاق المحلية إلى العالمية، حيث تعرض المصورات السعوديات لقطاتهن في مواقع الإنترنت العالمية، تقول المصورة سارة بنت محمد: أعرض لقطاتي في منتديات عربية، وموقع أجنبي، وتقول المصورة هاجر العولة: أحرص على نشر لقطاتي في المواقع العالمية المختصة لاستفيد من خبرات الآخرين.

من الشبكة إلى الواقع

بتنا نشهد تحول هذه الظاهرة من الشبكة العنكبوتية إلى الواقع، فقد أقيمت معارض جماعية مختلفة لتساعد المصورات على نشر تجربتهم والاستفادة من الخبرات، تقول فاطمة الحارثي: أحب أن أشارك بالمعارض والمسابقات المحلية بما يسمح به وقتي.

ومن أبرز هذه المعارض معرض إشراقة التابع لبيت الفوتوغرافيين بجدة، ومعرض جمعية الثقافة والفنون بالدمام، ومعرض عدسات عربية الذي أقيم في حائل وأبها وكذلك المعارض التي تقام بالجنادرية كل عام، تقول سارة محمد: لقد شاركت في معرضين تابعين لمنتديات عدسات عربية، ومعرض في الجنادرية.

وهناك من شاركن في معارض الجامعات، تقول هاجر العولة: اشتركت في معارض ضمن أنشطة الجامعة، وكانت الحافز الأكبر لخوض غمار هذا الفن. وتقول فاطمة الحارثي: أشارك في المعارض المقامة في جامعتي.

ولكن على الصعيد الآخر نرى بعض المصورات ممن لم يشارك في هذه المعارض إما لعدم العلم بها وترى بعضهم أنها مازالت مبتدئة ، مثل المصورة أروى الجميعة حيث تقول: لم أعرض صوري لأني في مستوى مبتدئ. وتقول حنان الهندي: لم يسبق لي عرض صوري في معارض وإن كنت أتمنى ذلك قريباً. وتوافقها أسماء العريني.

أسباب تزايد الإقبال

قطعاً الشبكة العنكبويتة لها أهميتها في دور نشر ثقافة التصوير، تقول هاجر العولة، وتضيف ديمة بنت عبد الكريم: نجحف كثيراً إن أغفلنا دور الإنترنت ومواقعه، بل أراه السبب الأول للفت نظر الكثيرا ت إلى التصوير الفني، خاصة في ظل غياب المؤسسات الرسمية والمراكز المختصة.

يقول الأستاذ كريم العنزي: هذه الظاهرة هي نتاج الثورة الكبيرة في الكاميرات الرقمية، والإنترنت، والأخيرة أسهمت بشكل ملحوظ في صقل مواهب المصورات من خلال القراءة وتبادل الخبرات، والمشاركة في العديد من المسابقات المحلية والعالمية.

وتؤكد المصورة أحلام القديري أن ظهور المواقع المتخصصة العربية سواء العامة أو الشخصية، وسهولة التواصل مع المحترفين مكننا من المتابعة المستمرة والمشاركة والتواصل معهم في كل وقت.

وتؤيدها سارة محمد فتقول: في الفترة الأخير زادت ممارسي هذا الفن بحكم ظهور كاميرات الديجتل والإنترنت.

وتقول فاطمة الحارثي: استخدم كاميرا كانون احترافية وأعرض صوري على بعض المنتديات إما المتخصصة تماماً في التصوير كموقع أصدقاء الضوء، أو ذات الاختصاص الجزئي.

وتركز أسماء العريني على أهمية العالم الرقمي فتقول: استخدم كاميرا كانون احترافية، وأعرض لقطاتي في عدة مواقع تهتم بالتصوير، وقد صقلت موهبتي من خلالها وقد ساعدتني على ذلك بعض الدروس في على الشبكة والورش في المنديات إضافة إلى التكرار والمحاولة.

دوافع ذاتية

وللمصورات دوافع ذاتية أخرى، تقول أروى الجميعة: أنا أحب الصور منذ الصغر أتأملها، أجمعها، وأصنفها وأرتبها شيء مذهل شدني لهذا العالم المليء بالأسرار، رافقت الضوء، عشت معه لحظات جميلة، حاولت أن أفهمه بصبر وتأن، إلى أن أصبحت عدستي جزءاً مني، أعبر بها عما عجزت أن تصفه الكلمات، أنظر إلى الأشياء بعين أخرى.

وترى سارة محمد أن دافعها للتصوير هو أني أستطيع من خلاله تجسيد إحساس خاص يكمن في داخلي، أو أنقل واقع أراه أمامي فاستطيع أن أوقف الزمن لثوان معدودة وإبقاء المشاهد للأبد.

وتعتقد فاطمة الحارثي أن التصوير يثري الحواس بالتأمل وفرصة لفهم الحياة فتقول: الذي دفعني للتصوير هو حبّي للتغلغل في العناصر الكامنة وراء الأشياء، ورؤية الشيء من زوايا عدة، وكذلك تعويد حواسي على رؤية جوانب الصورة المتكاملة، مما يفيدني في أموري الحياتية وتعاملي مع الآخرين.

هواية أم احتراف ؟

يختلف مستوى المصورات من مبتدئات وهاويات، إلى محترفات، بل واللاتي يرغبن في تطوير مهارتهن وصولاً إلى المهنية الكاملة، والتخصص في مجالات معينة، فترى بعض المصورات أن التصوير لا يعدو أن يكون هواية يمارسنها، إما لإدراك الجمال فيما حولهن كما تقول هاجر العولة: لا أسعى للكسب المادي من وراء التصوير فهو مجرد هواية استمتع به وأمارسه متى أشاء.

وتؤكد ديمة على أن التصوير هواية، وإن وجدت بعض الأعمال التجارية فهي قليلة ولا ترتقي لدرجة مهنة. وبعضهن يرى صعوبة تحوله إلى مهنة لكثرة التكاليف وقلة المردود.

تقول سارة محمد : التصوير لدي هواية، وهي هواية مكلفة لأني لا أكسب من خلالها ماديّاً عكس المصور المحترف أو الذي يعتمد التصوير كعمل وله مردود مادي كالصحافي وأصحاب الاستديوات.

التصوير الدعائي

وتسعى بعض المصورات إلى تطوير الهواية إلى احتراف ومهنية أريد أن أمشي على سلم التصوير برفق ودقة، وأطمح إلى الاحتراف وفي الفترة القادمة أعتزم على تطوير نفسي من ناحية التصوير الداخلي، وافتتاح ورشة عمل واستديو منزلي.

وترى المصورة أحلام القديري التصوير أنه هواية مكلفة فتقول: ما أنفقه عليه أضعاف ما أحصل عليه. ولكنها تضيف: بدأت التصوير كهاوية وأطمح للاحتراف في التصوير الدعائي. وكذلك تقول حنان الهندي: أنا مصورة مبتدئة، وصاعدة في سلم التطوير والاحتراف.

محاضن المصورة السعودية

وجدت أخيراً بعض المراكز التي تقدم دورات خاصة بالتصوير كالمناهل وشيفيلد، وأقيمت بعض الدورات في المراكز الصيفية، ونظمت أقامتها جمعية الثقافة والفنون بالرياض مؤخراً، ورشة الأطعمة وفتحت جمعيات الثقافة الفنون المجال لمشاركة المصورات السعوديات، تقول أحلام القديمي: «منذ فترة قصيرة أنشئت اللجنة المؤقتة لجمعية المصورين السعودية. وتم إعلان إنشاء جمعية المصورين السعودية وفتح باب تسجيل العضوية خلال الشهر الماضي، وكلنا أمل أن نجد فيها ما نتطلّع إليه. فقد استبشرنا خيرًا حين بدأ نشاط اللجنة النسائية لجمعية الثقافة والفنون بالرياض وقد شاركت بنشاطها الثاني ورشة التصوير الإعلاني (تصوير الأطعمة)، لعلها بداية خير لنا جميعًا. ونترقّب بشوق النشاطات القادمة ونتائجها».

وتوافقها أسماء العريني، فتقول: قبل سنوات لم يكن هناك جهة رسمية تهتم بجانب التصوير الضوئي عموما وخصوصا النسائي منه، أما الآن فجهود جمعية الثقافة والفنون بالرياض بدأت تتضح.

وتقول فاطمة الحارثي: بدأ الاهتمام بالمرأة المصورة السعودية مؤخراً، وأعتقد بادرة نساء فوتو، مشجعة ليتم افتتاح جمعيات أخرى مشابهة في أنحاء المملكة، ولا يخفى علينا كيف أن الجمعية السعودية للتصوير الضوئي فتحت أبوابها لنا للانضمام دون احتكارها على العنصر الرجالي.

في المقابل ترى المصورة ديمة عبد الكريم: أن الجهات التي تحتوي المصورة السعودية وتتبنى موهبتها قليلة جداً إن لم تكن نادرة، وتضيف: كذلك الاهتمام الاجتماعي بهذا المجال ضئيل جداً من حيث إقامة المراكز المختصة والدورات والمحاضرات عقبة أخرى في طريق التعلم، وخاصة للمرأة، ومع قلة عدد المعاهد والجمعيات فإن هذه اللجان لا تستوعب جميع المصورات، ولا تفي بشغفهن المعرفي لهذا الفن، ويضاف لهذا ضعف الدعاية والإعلان عنها.

إذ تقول هاجر العولة: حسب علمي.. لا توجد جمعية نسائية مختصة بالتصوير الفوتوغرافي إنما لجان نسائية مشكلة من الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون. وتضيف أحلام القديري: لم ألتحق بأي معهد خصوصا وأن المعاهد الموجودة لم أجد فيها التخصص الذي أهتم به.

المجتمع والتصوير

لعل أكثر ما يكون عائقاً أمام المصورة هي عدم تقبل المجتمع لثقافة الصورة وخوفهم من الكاميرا، تقول فاطمة الحارثي: لم تعتد عين مجتمعنا على وجود إناث يمسكن بالكاميرا، ليلتقطن صورًا أينما شئن، وبهذا يكون التصوير في الأماكن العامة، المفتوحة من أصعب الأمور التي أواجهها في مجتمعي . ولكن أسرتي فخورة بي، تشجعني، وأبي يعلق صوري في مكتبه.

وتؤيدها المصورة هاجر العولة تلاحقني النظرات الفضولية، وهي مؤذية ومربكة، لدرجة خروجك بلقطة غير مرضية، وتضيف: لكن في اعتقادي أن المجتمع بدأ يتقبل فكرة التصوير أكثر من أي وقت: أما عن الأسرة فلا أجد منهم سوى التشجيع وتوفير ما أحتاج، وأما المصورة أحلام القديري فتقول: فروع التصوير كثيرة، بعضها غير مناسب لطبيعة المرأة بشكل عام، وبعضها مرفوض،لكن بالمقابل توجد فروع أخرى مناسبة لطبيعة المرأة السعودية، ويمكنها تصويرها في المنزل أو الاستديو الداخلي.

يقول ع. غ : أرى أن التصوير إذا كان ضمن الحدود الشرعية فلا مشكلة فيه، وتقول نورة: لا أرى أي مانع من دخول المرأة السعودية مجال التصوير. ويرى محمد.ش: أن مجال التصوير هو مجال مناسب تماماً للمرأة التي تهتم بالجماليات، كالرسم والشعر.

رأي أهل الاختصاص

يقول الأستاذ كريم العنزي، نائب لرئيس لجنة التصوير الضوئي بجمعية الثقافة والفنون بالرياض، وعضو في لجنة أصدقاء الضوء: بالنسبة للهواية والاحتراف للمصورات السعوديات فإن الحس الفني هو الفيصل، فمن كان لديه حس فني ورؤية يمكنه تطوير موهبته لتقديمها للمتلقي.

وتحاول لجنة التصوير الضوئي في جمعية الثقافة والفنون بالرياض أن تفعل ما في وسعها لإشراك المصورات في الأنشطة التي يفترض أن تتولاها اللجنة النسائية، ولأننا نشعر بأنهن يرغبن بأكثر مما تقدمه اللجنة النسائية فنحن نعمل جاهدين في أنشطتنا، كتصوير المحاضرات على أقراص مدمجة وتوزيعها عليهن أو توفير أماكن خاصة بهن، ونعمل حالياً على ترتيب دورة تقوم بها مصورة محترفة وتكون للمصورات.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة