Al Jazirah Magazine Tuesday  18/03/2008 G Issue 257
استشارات
الثلاثاء 10 ,ربيع الاول 1429   العدد  257
حكم اليمين في إثبات الدعوى؟

اليمين عند العجز عن الشهادة؟

إذا عجز المدعي بحق على آخر عن تقديم البينة وأنكر المدعى عليه هذا الحق فليس له إلا يمين المدعى عليه، وهذا خاص بالأموال والعروض ولا يجوز في دعاوي العقوبات والحدود. وفي الحديث الذي رواه البيهقي والطبراني بإسناد صحيح: (البينة على من ادعى واليمين على من أنكر). ولما رواه البخاري ومسلم عن الأشعث بن قيس قال: (كان بيني وبين رجل خصومة في بئر، فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (شاهداك أو يمينه) فقلت: إنه يحلف ولا يبالي، فقال: من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان (وأخرج مسلم من حديث وائل بن حجر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للكندي: (ألك بينة؟) قال: لا. قال: (فلك يمينه) فقال: يا رسول الله، الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف، وليس يتورع من شيء. فقال: (ليس لك منه إلا ذلك). واليمين لا تكون إلا بالله أو باسم من أسمائه، وفي الحديث: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت). وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي? قال لرجل حلّفه: (احلف بالله الذي لا إله إلا هو ماله عندك شيء). رواه أبو داوود والنسائي.

هل تقبل البينة بعد اليمين؟

ومتى حلف المدعى عليه اليمين ردت دعوى المدعي بلا خلاف. فإذا عاد المدعي بعد يمين المدعى عليه وعرض البينة فهل تقبل دعواه؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال: فمنهم من قال: لا تقبل. ومنهم من قال: تقبل. ومنهم من فصّل. فالذين رأوا أنها لا تقبل هم الظاهرية وابن أبي ليلى وأبوعبيد، ورجح الشوكاني هذا الرأي فقال: (وأما كونها لا تقبل البينة بعد اليمين فلما يفيده قوله صلى الله عليه وسلم: (شاهداك أو يمينه). فاليمين إذا كانت تطلب من المدعى عليه فهي مستند للحكم الصحيح، ولا يقبل المستند المتخالف لها بعد فعلها، لأنه لا يحصل لكل واحد منهما إلا مجرد ظن، ولا ينقض الظن بالظن.

والذين رأوا أنها تقبل هم الحنفية والشافعية والحنابلة وطاوس وإبراهيم النخعي وشريح فقد قالوا: (البينة العادلة أحق من اليمين الفاجرة). وهو رأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحجتهم أن اليمين حجة ضعيفة لا تقطع النزاع فتقبل البينة بعدها، لأنها هي الأصل واليمين هي الخلف ومتى جاء الأصل انتهى حكم الخلف. وأما مالك والغزالي من الشافعية فقد قالوا بجواز تقديم المدعي البينة على صدق دعواه بعد يمين المدعى عليه متى كان جاهلاً وجود البينة قبل عرض اليمين.

أما إذا فقد هذا الشرط بأن كان عالماً بأن له بينة واختار تحليف المدعى عليه اليمين. ثم رأى بعد حلفها تقديم بينته، فلا يقبل منه ذلك، لأن حكم بينته قد سقط بالتحليف.

ما حكم النكول عن اليمين في إثبات

الحق المدعى به؟

إذا عرضت اليمين على المدعى عليه لعدم وجود بينة المدعي فنكل ولم يحلفها اعتبر نكوله هذا مثل إقراره بالدعوى، لأنه لو كان صادقاً في إنكاره لما امتنع عن الحلف.

والنكول يكون صراحة أو دلالة بالسكوت. وفي هذه الحال لا ترد اليمين على المدعي فلا يحلف على صدق الدعوى التي يدعيها، لأن اليمين تكون على النفي دائماً. ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (البينة على من ادعى واليمين على من أنكر). وهذا مذهب الأحناف وإحدى الروايتين عن أحمد. وعند مالك والشافعي والرواية الثانية عن أحمد: أن النكول وحده لا يكفي للحكم على المدعى عليه، لأنه حجة ضعيفة يجب تقويتها بيمين المدعي على أنه صادق في دعواه وإن لم يطلب المدعى عليه ذلك، فإذا حلف حكم له بالدعوى وإلا ردت.

وقد قصر مالك هذا الحكم على دعوى المال خاصة، وقال الشافعي: هو عام في جميع الدعاوي.

وذهب أهل الظاهر وابن أبي ليلى إلى عدم الاعتداد بالنكول وأنه لا يقضي به في شيء قط، وأن اليمين لا ترد على المدعي وأن المدعي عليه إما أن يقر بحق المدعي وإما أن ينكر ويحلف على براءة ذمته ورجح هذا الشوكاني فقال: (وأما النكول فلا يجوز الحكم به لأن غاية ما فيه أن من عليه اليمين بحكم الشرع لم يقبلها ويفعلها، وعدم فعله لها ليس بإقرار بالحق، بل ترك لما جعله الشارع عليه بقوله، ولكن اليمين على المدعى عليه فعلى القاضي أن يلزمه بعد النكول عن اليمين بأحد أمرين: إما اليمين التي نكل عنها أو الإقرار بما ادعاه المدعي، وأيهما وقع كان صالحاً للحكم به.

اليمين على نية المستحلف: إذا حلف أحد المتقاضيين كانت اليمين على نية القاضي وعلى نية المستحلف الذي تعلق حقه فيها لا على نية الحالف، لقوله صلى الله عليه وسلم (اليمين على نية المستحلف) فإذا ورى الحالف بأن أضمر تأويلاً يختلف عن اللفظ الظاهر كان ذلك غير جائز، وقيل: تجوز التورية إذا اضطر إليها بأن كان مظلوماً.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة