الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 20th September,2005 العدد : 144

الثلاثاء 16 ,شعبان 1426

الفضائيات العربية إلى أين؟!
أصبح إطلاق قناة فضائية غاية في البساطة في ظل التقدم الهائل الذي تقوده ثورة الاتصالات..
ولم تعدْ التكاليفُ محبطةً لِمَنْ يقوده الاهتمام لتبني قناة تُخاطب العالم طالما اقتصر ذلك على ميزانية متواضعة ومحدودة.
***
ولهذا لم تعدْ الخيارات أمام المشاهد محدودة بعدد قليل من الفضائيات..
وإنما أصبح في حيرة مع تكاثر القنوات الفضائية وتنوع اهتماماتها..
بحيث يحتار أي من القنوات عليه أن يشاهدها، ومن أين له ذلك الوقت الذي يسمح له بمشاهدة عدد من الفضائيات..
***
لكن أكثر ما يشغل بال المرء..
ويثير هواجسه..
وتخوفه مما يشاهده عبر هذه القنوات..
أنَّ أكثر هذه الفضائيات أصبحت تشكل ظاهرة سلبية على تفكير المشاهد بما تعرضه من حوارات وصور ومواضيع متنوعة.
***
وما هو واضح لي أن الفضائيات العربية هي الأكثر والأسرع في الانتشار..
وهي موجهة لكل الفئات العمرية..
وتحمل الغث والسمين فيما تقدمه لمشاهديها..
وعبثاً تحاول المحطات المخلصة لرسالتها أن تزاحم وتكسب المشاهد على حساب القنوات التي تدغدغ عواطف الشباب.
***
هناك قضايا عربية كثيرة تحتاج إلى إعلام قوي..
وإلى طروحات موضوعية تُناقش همومنا للوصول إلى نتائج تخدم مثل هذه القضايا..
ومثل ذلك لا تقوم به ولا تقوم عليه إلا وسيلة إعلامية ناجحة، وقادرة على انتقاء القدرات المتمكنة للحديث عنها.
***
ولكن أين هذه القدرات؟..
وأين هذه القنوات؟..
وأين هذا المشاهد الذي ينحاز وينصرف لهذا النوع من الفضائيات ويتفاعل مع ما يُعرض فيها؟.
***
لقد تحولت الفضائيات في أغلبها إلى تجارة رابحة..
يسعى أصحابها إلى كسب المُعْلِن والمُشَاهِد بأي وسيلة كانت..
ولا يهمه بعد ذلك دوره ومسؤوليته في خدمة قضايا أمته والدفاع عنها.
***
ولعله من المناسب أن نشير إلى أن ازدحام الشاشة التلفازية بكل هذا العدد من الفضائيات العربية قد ساهم في بعثرة الجهود..
بل وفي (سلق) المواد الإعلامية التي تُقدم للمشاهدين، بحيث أصبحت المنوعات والأغاني ورسائل العشاق هي البديل للدفاع عن قضايا الأمة ومستقبلها.
***
نقول ذلك، ونحن نعلم جيداً بأنه لا توجد طريقة لضبط ما أَشرنا إليه إلا حين تتحرك ضمائر أصحابها..
لأن مثل هذه الفضائيات تأخذ تراخيصها من دول يوجد فيها فسحة من التسامح والحرية المطلقة لبث ما تريده من مواد.
***
لكن الأمل يحدونا بأن تكون المرحلة القادمة مهيأة لتعديل هذا الوضع المائل..
ليس هذا فقط، وإنما أيضاً في تصفية المحطات غير المفيدة للمشاهدين..
وبأن تخضع أي محطة جديدة سوف يتبناها أي من أبناء العروبة إلى دراسة مكثفة، وإلى جهد كبير يسبق إطلالتها، حتى تستفيد منها الأمة، ويستمتع المشاهد بمتابعته لها.


خالد المالك

width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
في ظل تراجع مبيعاتها وانتشار الطبعات الالكترونية
هل اقترب عهد الصحافة المكتوبة من الانتهاء؟

* إعداد ياسمينة صالح
توزيع الصحافة الفرنسية تعرض إلى ضربة كبيرة منذ بداية السنة الحالية، مما أدى بمجلس إدارة الصحف الكبيرة إلى إعادة ترتيب بيتها لأجل فتح نوافذ إضافية تجلب ليس الدخل المادي للجريدة، بل القراء الذين اكتشفوا أن تصفح جرائد العالم عبر الإنترنت أفضل وأسهل من شرائها وهو ما فتح جبهة معاكسة على الصحف نفسها.
يقول إنياسيو رامونيه الكاتب والأستاذ الجامعي المختص في الإعلام المكتوب في تحليل له نشر بصحيقة (اللوموند) الفرنسية حول مستقبل الصحافة المكتوبة في العالم: لقد قرر العديد من الصحف اللجوء إلى خيار آخر، ربما لم يكن في الحسبان قبل عشرين سنة ماضية، لكنه صار اليوم ممكنا، بل وعمليا، فالإجراء الذي اتخذته صحيفة (ليبيراسيون) الفرنسية، بتفضيلها منح إدارة رأسمالها إلى رجل الاعمال إدوارد دي روتشيلد، كان بمثابة الحل الأولي الذي رأت فيه الصحفية تنفيسا ماليا على الأقل.
ويتابع انياسيو رامونيه قائلا: لكن منذ فترة، توجهت مجموعة (سوكبرس) التي تصدر حوالي سبعين صحيفة منها (لو فيغارو) و(الاكسبريس)، وعشرات الصحف المحلية، توجهت إلى أحد تجار الأسلحة وهو السيد سيرج داسو، بيد أنه من المعروف أن السيد أرنو لاغاردير تاجر السلاح صار بدوره يملك مؤسسة (هاشيت) الثقافية والإعلامية التي تضم أكثر من 47 مجلة.
وإذا ما استمر تقهقر عمليات النشر فإن الصحافة الفرنسية المستقلة المكتوبة قد تقع شيئاً فشيئاً تحت سيطرة عدد قليل من الصناعيين وتجار الأسلحة مثل بويغ وداسو ولاغاردير وبينو وأرنو وبولوري وبرتلسمان.. الذين يقيمون في ما بينهم مختلف أشكال التحالفات بما يشكل خطراً على التعددية، وقد بات هذا التراجع يطال الصحافة المرجعية، كما أن معظم كبريات الصحف اليومية في الصحافة المحلية سوف تشهد تراجعاً ملموساً يضاف غالباً إلى ما طرأ من تراجع في عام 2003 ومنها صحف (لو فيغارو) 4.4 في المائة و(ليبيراسيون) 6.2 في المائة و(لي زيكو) 6.4 في المائة و(لوموند) 7.5 في المائة و(لا تريبون) 12.3 في المائة.
تراجع مبيعات الصحف
ويبدو أن الظاهرة ليست محصورة بفرنسا، فمثلاً صحيفة (انترناشيونال هيرالد تريبون) اليومية الأمريكية قد واجهت انخفاضاً في مبيعاتها عام 2004 بنسبة 4.16 في المائة، وفي بريطانيا تراجعت مبيعات (ذي فاينانشيال تايمز) بنسبة 6.6 في المائة، وفي ألمانيا تراجع النشر خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة 7.7 في المائة، وفي الدانمارك بنسبة 9.5 في المائة وفي النمسا بنسبة 9.9 في المائة، وفي بلجيكا 6.9 في المائة وحتى في اليابان حيث السكان هم من أكثر الناس شراء للصحف، جاء التراجع بنسبة 2.2 في المائة.
وفي الاتحاد الأوروبي انخفضت خلال السنوات الأخيرة مبيعات عدد من الصحف اليومية بمعدل مليون نسخة يومياً.
وعلى المستوى العالمي تراجع انتشار الصحف المطبوعة بمعدل وسطي بلغ 2 في المائة سنوياً، حتى بات البعض يتساءل إن لم تكن الصحافة المكتوبة باتت شيئاً من الماضي، ووسيلة إعلام من العصر الصناعي الآفل، ففي كل مكان هنا وهناك تختفي بعض الأسماء.
ففي المجر صحيفة ( ماغيارهيرلاب) أغلقت أبوابها في نوفمبر 2004 (وهي ملك المجموعة السويسرية رينجييه).
وفي هونغ كونغ توقفت عن الصدور المرجعية في الشؤون الآسيوية
(فار أيسترن إيكونوميك ريفيو) (ملك المجموعة الأمريكية داو جونز).
وفي فرنسا، في 7 ديسمبر 2004 أوقفت المجلة الشهرية (نوفا ماغازين) أعمالها أيضاً، كما أن الأزمة قد طالت أيضاً وكالات الصحافة التي تمد الصحف بالمعلومات، والأهم بينها، وكالة رويترز التي أعلنت مؤخراً خفض عدد العاملين فيها متخلية عن 4500 موظف.
وأما فيما يخص الأسباب الخارجية لهكذا أزمة فهي معروفة، فمن جهة هناك الهجمة المدمرة للصحف المجانية، ففي فرنسا باتت مجلة (فان مينوت) تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد القراء لتصل إلى ما يزيد على مليوني قارئ يومياً متقدمة بكثير على صحيفة (لوباريزيان) (1.7 مليون قارئ) وصحيفة مجانية أخرى هي (مترو) التي يقرأها يومياً 1.6 مليون شخص، وهذه الصحف تجتذب نسبة كبيرة من الإعلانات حيث ان المعلنين لا يميزون بين القارئ الذي يشتري الصحيفة عن ذاك الذي لا يدفع ثمنها.
فخ الهدايا المجانية
ومن أجل مقاومة أشكال المنافسة هذه التي قد تكون قاتلة، والتي باتت تهدد المجلات الأسبوعية، عمدت بعض الصحف الكبرى، وخصوصاً في إيطاليا وإسبانيا، إلى إرفاق طبعتها بهدية قيمة يومياً مثل الأقراص المدمجة (دي.في.دي) أو (سي.دي) أو كتاب أو موسوعة... الخ، وهي بذلك تضرب هويتها أكثر فأكثر وتفقد اسمها قيمته وتدخل في دوامة معركة شيطانية نهايتها مجهولة المعالم.
والسبب الخارجي الآخر هو بالتأكيد الانترنت التي تستمر في الانتشار الهائل، فخلال الفصل الأول من عام 2004 فقط افتتح ما يزيد على 4.7 مليون موقع (ويب) جديد، وقد بلغ عدد هذه المواقع حالياً 70 مليونا في العالم كما أن هناك ما يزيد على 700 مليون شخص يستخدمها، وفي الدول المتطورة تخلى الكثيرون عن قراءة الصحف، وحتى عن مشاهدة التلفزيون لصالح جهاز الكمبيوتر، كما ان خط (ADSL) قد غيّر المعطيات بكل المقاييس، فمقابل سعر يراوح بين 10 و30 يورو بات بالإمكان الاشتراك في الانترنت السريع.
وبات هناك في فرنسا ما يزيد على 5.5 مليون منزل مشترك مع إمكانية الحصول بمعدلات كبيرة على الصحافة الموصولة على الانترنت (79 في المائة من الصحف في العالم باتت تملك مواقع نشر على الشبكة) وعلى مختلف أنواع النصوص والبريد والصور والموسيقى وبرامج التلفزيون أو الراديو، والأفلام وألعاب الفيديو... الخ.
وهناك أيضاً ظاهرة (البلوغ) (blogs) أو المذكرات الشخصية اليومية المنشورة على الشبكة والتي تفجرت فعلاً في كل مكان خلال النصف الثاني من عام 2004، وهي على غرار النشرة الخاصة تمزج بين المعلومات والرأي، الوقائع الأكيدة والشائعات، التحليلات الموثقة والانطباعات الخيالية.
وقد حققت نجاحاً إلى درجة أنها باتت موجودة في معظم الصحف الموصولة على الشبكة، ويبرهن هذا الشغف على أن القراء يفضلون الذاتية والنزعة الانحيازية التي يضطلع بها العاملون ب(البلوغ) (blogs) على الموضوعية المزيفة والحيادية الخبيثة في الصحف الكبرى.
كما أن الربط على كوكبة الانترنت بواسطة الهاتف الخلوي الذي يقوم بكل الوظائف قد يسرِّع أكثر من هذه الحركة.
ففي اليابان يتزايد بشكل كبير عدد الأشخاص الذين يطلعون على الأخبار بواسطة هاتفهم الخلوي، ونتيجة ذلك أن كل القطاعات الإعلامية خارج الانترنت أصبحت تخسر من جمهورها طالما أن المنافسة بين وسائل الإعلام قد أصبحت شديدة، لكن لهذه الأزمة أيضاً أسبابا داخلية تعود في الدرجة الأولى إلى مصداقية الصحافة المكتوبة.
أولاً: لأن هذه الصحف أصبحت، كما رأينا، أكثر فأكثر ملكاً لمجموعات صناعية تسيطر على القوة الاقتصادية ومتواطئة مع السلطة السياسية، وأيضاً لأن الانحياز والنقص في الموضوعية والأكاذيب والتلاعبات وحتى المخادعات لا تزال تتزايد، وإن كان من المعلوم أنه لم يقم أبداً عصر ذهبي للإعلام، إلا أن هذه الانحرافات قد أصابت الآن صحفاً يومية شهيرة.
ففي الولايات المتحدة كان من شأن قضية جايسون بلير، (الذي كان نجم الصحافة بلا منازع) مزور الوقائع ومنتحل المقالات المنقولة عن الانترنت ومختلق عشرات القصص، إنها تسببت بأضرار كبيرة لصحيفة (نيويورك تايمز) التي طالما نشرت (تركيباته) في صفحاتها الأولى. وفي نفس السياق عاشت هذه الصحيفة الموصوفة بكونها أهم الصحف الاحترافية، عاشت زلزالاً حقيقياً مما اضطر رئيسي التحرير، هويل راينز وجيرالد بويد، إلى الاستقالة، وابتدع منصب (امبادسمان) (وسيط) للمرة الأولى الذي تقلده دانيال أوكرنت، وهو باحث ورئيس تحرير مجلة (تايم) سابقاً.
وبعد بضعة أشهر انفجرت فضيحة أخرى أحدثت دوياً أكبر، وهي تتعلق بالصحيفة اليومية في الولايات المتحدة (يو.إس.آي. توداي) (USA Today)، فقد صدم قراؤها حين اكتشفوا أن مراسلها الأكثر شهرة، جاك كيلي، الذي أجرى مقابلات مع 36 رئيس دولة وغطى عشرات الحروب كان مزوّرا خطيرا للوقائع ما بين 1993 و2003 اخترع جاك كيلي مئات الروايات المثيرة والمفتعلة، كما لو أن الأمر مجرد صدفة كان) جاك كيلي يتواجد دائماً في مكان الحدث ليعود بأخبار غريبة ومؤثرة.
ففي أحد تقاريره زعم أنه عاش شخصياً أحد الاعتداءات على مطعم بيتزا، في القدس الشرقية ووصف ثلاثة رجال كانوا يتناولون أكلهم إلى جانبه وقد تطايرت أجسادهم بفعل الانفجار لتعود وتسقط منفصلة عن رؤوسها التي راحت تتدحرج على الأرض.
أما تقريره الأكثر تضخيماً والذي نشر في 10 مارس عام 2000 فهو يتعلق بكوبا، فقد صور موظفة بأحد الفنادق، (ياكلين)، راوياً عنها بالتفصيل فرارها سراً على ظهر قارب خفيف وغرقها المأسوي في مضيق فلوريدا، وفي الواقع أن هذه المرأة، واسمها الحقيقي ياميليت فرنانديز، لا تزال على قيد الحياة ولم تعش أبداً هذه المغامرة وقد التقاها صحفي آخر من (يو.إس.آي. توداي)، بليك موريسون الذي استطاع التحقق من أن جاك كيلي قد اختلق هذه القصة جملة وتفصيلا.
وكان من شأن انكشاف هذه التزويرات التي اعتبرت إحدى أهم الفضائح في الصحافة الأمريكية، أنها كلفت مديرة التحرير كارن يورغسون منصبها إضافة إلى مديرين آخرين مهمين هما مساعداها براين غالاغر ومسؤول الأخبار هال ريتر.
ويضاف إلى كل هذه الكوارث تبنّي كبريات وسائل الإعلام المتحولة أجهزة دعائية، وبنوع خاص محطة (فوكس نيوز)، أكاذيب البيت الأبيض فيما خص حرب العراق.
ذاك أن الصحف لم تقم بتحقيقاتها ولم تشكك في تأكيدات إدارة بوش.
ولو هي فعلت ذلك لما حقق فيلم مايكل مور الوثائقي (فاهرنهايت 911) هذا النجاح، إذ ان المعلومات التي يعرضها الفيلم كانت متوافرة منذ زمن طويل، لكن وسائل الإعلام كانت تتكتم عليها.
حشو الأدمغة
وحتى (واشنطن بوست) أو (نيويورك تايمز) قد ساهمتا في (حشو الأدمغة) كما بيّن بشكل واضح اختصاصي وسائل الإعلام جون بيلغر: (فهاتان الصحيفتان، حتى ما قبل اجتياح العراق بوقت طويل كانتا تصيحان مستنجدتين لصالح البيت الأبيض.
وفي الصفحات الأولى من (نيويورك تايمز) ظهرت عناوين من النوع التالي: (الترسانة السرية في العراق: مطاردة بكتيريا الحرب)، (أحد الهاربين من النظام العراقي يصف تطور القنبلة الذرية في العراق)، (عراقي يتحدث عن تجديد مواقع الأسلحة الكيميائية والنووية) و(رسميون يقولون: فارون يؤكدون صحة الملف الأمريكي ضد العراق)، وقد تبين أن كل هذه المقالات هي مجرد دعاية.
وفي رسالة الكترونية داخلية نشرتها (واشنطن بوست) أقرت الصحفية الشهيرة في (نيويورك تايمز) جوديث ميللر بأن مصدرها الرئيس كان السيد أحمد الجلبي وهو منفيّ عراقي دانته المحاكم لإخلاله بأخلاقيات الوظيفة وقد ترأس (المجلس الوطني العراقي المتمركز في واشنطن وحظي بتمويل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية).
وقد خلص احد التحقيقات التي أجراها الكونغرس فيما بعد إلى أن كل المعلومات تقريباً التي قدمها السيد الجلبي ومنفيون آخرون من المجلس الوطني العراقي لم يكن لها أي أساس من الصحة.
وقد كشف ضابط من وكالة المخابرات المركزية، هو السيد روبرت باير كيف عملت ثقافة التسريب تلك: (يستقي المجلس الوطني العراقي معلوماته من فارين مزعومين وينقلها إلى البنتاغون، ثم يمرر المجلس الوطني العراقي المعلومات نفسها إلى الصحفيين قائلاً لهم: إن كنتم لا تصدقونا فاتصلوا بالبنتاغون، فتصبح إزاء معلومات متداولة في دوائر مغلقة، وهكذا أمكن (نيويورك تايمز) أن تقول ان لديها مصدرين لمعلوماتها حول أسلحة الدمار الشامل في العراق. وكذلك (واشنطن بوست ولم يسعَ الصحفيون إلى معرفة المزيد، وعلى كل حال فإن رؤساء التحرير غالباً ما كانوا يطلبون إليهم أن يدعموا الحكومة من باب الروح الوطنية).
وفي 25 أغسطس من عالم 2004 اضطر رئيس تحرير (واشنطن بوست) ستيف كول إلى الاستقالة من منصبه بعد تحقيق تبين فيه بكل وضوح ضيق المساحة التي أعطيت للمقالات التي عارضت مقولة الحكومة في المرحلة التي سبقت اجتياح العراق.
كما أن (نيويورك تايمز) قد اعترفت أيضاً بخطئها، ففي مقال افتتاحي نشر بتاريخ 26 مايو عام 2004 اعترفت بعدم دقتها في نقل الأحداث التي أدت إلى الحرب وعبرت عن أسفها لأنها نشرت (معلومات مغلوطة).
وفي فرنسا لم تكن كارثة الإعلام على درجة أقل كما يتبين من طريقة كبريات وسائل الإعلام في معالجة قضايا مثل قضية باتريس ألليغر وناقل الحقائب في مطار اورلي وممارسي جنس الأطفال في أوترو وقضية (ماريإل) التي زعمت أنها تعرضت لاعتداء ذي طابع معاد للسامية وشنت الصحف الفرنسية وقتها حملة ضد الأجانب من غير تمييز، حتى تبين ان قصة الاعتداء كانت كاذبة وأن (مار إل) يهودية متطرفة تنتمي إلى حركة اليهود العائدين التي تنشر أفكارها المعادية للمسلمين في فرنسا. وكذلك في إسبانيا بعد اعتداءات 11 مارس عام 2004 فإن وسائل الإعلام لحكومة خوسيه ماريا أزنار قد غرقت في عملية تزوير محاولة فرض (الحقيقة الرسمية) لخدمة الطموحات الانتخابية متكتمة على مسؤولية شبكة (القاعدة) وناسبة الجريمة إلى منظمة إيتا الباسكية.
كل هذه القضايا كما التحالف المستوثق أكثر فأكثر مع السلطات الاقتصادية والسياسية قد تسبب في أضرار بالغة لمصداقية وسائل الإعلام، فهي كشفت نقصاً فادحاً في مجال الديمقراطية، فما يهيمن هو صحافة المحاباة فيما تتراجع الصحافة الموضوعية.
بيد أن حق التساؤل ما إذا كان في زمن العولمة والمجموعات الإعلامية العملاقة مفهوم الصحافة الحرة في طريقه إلى الزوال، وهذا ما بات المواطنون يتلمسونه أكثر فأكثر، وهم يعبرون عن وعي كبير إزاء التلاعبات الإعلامية ويبدون مقتنعين بأننا وللمفارقة نعيش، في مجتمعاتنا الخاضعة بشكل كبير للإعلام في حالة من عدم الأمان الإخباري.
فالمعلومة تنتشر إنما بمصداقية معدومة، فنحن نسمع الأخبار بدون أن نكون بأي شكل من الأشكال متأكدين من صحتها، إذ يمكن في الغالب أن تكذَّب لاحقاً.
فنحن إزاء انتصار صحافة المضاربة والاستعراض على حساب صحافة المعلومات، فالإخراج (الصيغة التجميلية) يتقدم على حساب التحقق من الوقائع.
لأن العديد من الصحف اليومية المكتوبة، وبدلاً من أن تشكل المتراس الأخير في وجه هذا الانحراف العائد إلى السرعة والفورية، قد تخلت عن رسالتها وساهمت أحيانا وتحت شعار مفهوم بليد أو بوليسي لصحافة التقصي، ساهمت في إفقاد الثقة فيما كان يسمى سابقاً (السلطة الرابعة).

..... الرجوع .....

السنة الرابعة
الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المستكشف
خارج الحدود
الملف السياسي
السوق المفتوح
استراحة
إقتصاد
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
تحقيق
دراسة
من الذاكرة
روابط اجتماعية
ملفات FBI
x7سياسة
صحة وغذاء
شاشات عالمية
تميز بلا حدود
أنت وطفلك
تقارير
الحديقة الخلفية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved