الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 20th December,2005 العدد : 154

الثلاثاء 18 ,ذو القعدة 1426

قاتل.. وقتيل.. ومفجوع!
كانت فاجعته كبيرة ومؤلمة..
في دمويتها..
ومشهدها..
بتوقيتها..
وعلاقتها بالماضي والحاضر والمستقبل.
***
غسان تويني العَلَم والمُعلِّم، لا يستحق أن يناله ما يغضبه أو يُواجَهُ بما يستفزه، فكيف به إذا أُدمي جسده وأثخن الجراح كل جزء من جسمه الجريح بعمل إرهابي جبان يمس حياة إبنه الوحيد؟
***
تموت ابنته وابنه وزوجته - عن مرض أو بسبب حادث سير - فيعيش مأساة هذا الفقد مرة وأخرى ثم ثالثة - وعلى التوالي - ويتجرَّع كأس مرارة هذه الفواجع التي اكتوى بنارها فلا يجزع مثلما جزع لرحيل إبنه الثاني جبران، لأن هذه أعمار يقدِّرها الخالق، وعلى المرء أن يسلِّم بأسباب هذه الوفيات.
***
لكن العجب - كل العجب - أن يغيب الحوار العاقل بين الناس، ويستبدل عنه بما هو أنكى وأسوأ، فتمتد الأيادي الشريرة لتصطاد خصومها واحداً بعد الآخر، ومن ثم يتم الإجهاز على حياتهم دون وجه حق أو مبرر مقبول، مثلما فعلوا مع جبران تويني.
***
جبران تويني، كان صاحب رأي وموقف وتوجه، وهو إن أصاب أو أخطأ فالحوار معه ينبغي أن يكون بالكلمة لا بالحديد والنار، فهذا هو حوار العقلاء، وحين لا يأخذ الحوار هذا المسار، فهذه جريمة لا تغتفر، وليس لمثل هذا الأسلوب من قبول أو تفهم أو تبرير.
***
ويا أيها المعلم: غسان تويني..
أعلم جيداً أنه منذ صغرنا وبداياتنا الصحفية، كنت لنا المدرسة، بقلمك و(نهارك) وفكرك الخلاَّق، وما كان أحد من الصحفيين في جيلك والجيل الثاني والثالث، إلا وكان يرى فيك ذلك المُجدِّد والمطوِّر والمبتكر في صحافة الالتزام والموضوعية والمنهجية التي كانت هاجس نفر كبير من جيلك ومن جاء بعده، وكنت في هذا أستاذاً كبيراً.
***
وها أنت وفي هذا العمر المتقدِّم، ومع تلقيك نبأ غياب آخر ما بقي لك من الأبناء والبنات في هذه الحياة - ابنك جبران تويني - تتحامل على جراحك، لتعطي دروساً في الفروسية والصبر وحبك للبنان وحدبك عليه في ساعات محنتك وروعك، فتدعو إلى التسامح وإلى الارتفاع فوق الجراح ونبذ الخلافات والأحقاد.
***
ويا أيها الأب المفجوع: كنت كبيراً وعظيماً - مثلما عرفناك - وأنت تتنقل بين الفرقاء والفئات والرموز اللبنانية، تهدئ من روعها، فيما أنت أحوج ما تكون إلى من يخفِّف من مصابك ومن آثار الصدمة التي حلَّت بك، لكن قدر الكبار أن يكونوا هكذا، وأن تشغلهم بلدانهم عن أبنائهم، وينسيهم الخوف عليها من الخوف على فقيد رحل كما رحل ابنك جبران فإذا بك تقول: لا أدعو إلى الانتقام أو إلى الحقد بل إلى خدمة لبنان.
***
فعسى أن يكون موت جبران تويني بالأسلوب الوحشي الذي اهتزت له الضمائر الحيَّة، آخر فواجع لبنان، وآخر أحزان اللبنانيين، بأن يقفل طريق الدم، وتعزل أسباب هذه الفواجع، وبالتالي تفوت الفرصة على من يبيِّت شراً للبنان واللبنانيين.
وأقول صادقاً، إنه ليس غسان تويني من يكافأ تاريخه المشرق بأن يقتل ابنه، ليمضي هذا الصحفي الكبير بقية حياته مع هذا الحجم من الأحزان والآلام، وكأن بعض أفراد مجتمعه لا يملك شيئاً من وفاء، أو بعضاً من حب، بل وكأنه لا يعي قيمة الحياة وجمالها، ولكن هذا ما حدث!.
width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
صورة العربي في السينما اليوم بين - بين
في (سيريانا) كلهم في الهم سواء

* هوليوود - محمد رضا:
تشهد السينما الغربية موجة من الأفلام التي تتعرّض للشخصية العربية وعلى أكثر من صورة. وفي حين أنه قد يكون غريباً إطلاق تعبير (موجة) على نوعية من السينما لم تفتأ تتناول الشخصية العربية منذ أيام كانت السينما صامتة، في أواخر القرن التاسع عشر، إلا أن الجديد هنا هو أن الصورة، تبعاً للظروف السياسية والاجتماعية، مختلفة تماماً عن الصور السابقة.
العربي بعد 9/11 هو إنسان مضطهد غالباً، لديه ما يكفي من أسباب تدعوه للتمرّد. وضعه السياسي غير مستقر وهو متهم من دون جناية فقط لأنه عربي حتى في مجتمعات تعوّدت على قدر كبير من التحمّل واعتماد القانون أساساً في معاملاتها وإجراءاتها.
***
ذاكرة مُدانة
واللافت كيف أن السينما ما زالت تسبق الحياة ذاتها في التدليل على مواطن الضعف في الهيكل الاجتماعي العام. ففي ربيع هذا العام خرج فيلم (مخبوء) Hidden للمخرج النمساوي ميشيل هانيكي الذي لا بد من ذكره حين متابعة ما جرى من أحداث في فرنسا خلال مطلع هذا الشهر.
فيلم هانيكي يدور حول ذلك المقدّم التلفزيوني (يقوم به دانيال أوتوييل) وزوجته وابنه الفرنسيون الذين يعيشون في بيت يشبه القلعة الصغيرة. في أحد الأيام يبدأ الزوج باستلام شرائط فيديو تصوّر البيت من الخارج. الأمر لا يزعجه كثيراً في مطلع الأمر لكنه يتحوّل إلى هم قائم مع المزيد من تلك الأشرطة. يعود الزوج بذاكرته إلى الوراء في محاولته معرفة هوية مرسل هذه الأفلام، ويقوده ذلك إلى فتح صندوق أسراره: حين كان صغيراً تبنّت عائلته ولداً جزائرياً كان والده قضى في التظاهرات التي وقعت في باريس في مطلع الستينات وقام بها العرب - الفرنسيون ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر (القليل من المعلومات معروف إلى الآن حول هذه المظاهرة التي وقع ضحيّتها عشرات). بطل الفيلم، وكان صغيراً بدوره يعيش في مزرعة والديه يشعر بالغيرة ويفسد على الصبي كذباً فيتم اعتقاله ووضعه في دار حضانة. الآن، وبعد كل هذه السنين، في اعتقاد الزوج أن ذلك الولد عاد لينتقم منه.
لب الفيلم بعد ذلك هو في الزيارة التي يقوم بها الفرنسي الميسور إلى ذلك العربي في شقته الفقيرة. وضع ذلك العربي- الفرنسي المتأزّم وبراءته من التهمة وهي البراءة التي لا تقنع الفرنسي ما يحوّل حياة العربي إلى جحيم لا يُطاق. تلك الصور تعبّر عن الكثير من الأوضاع التي دفعت بعرب شمالي إفريقيا إلى الثورة في فرنسا، فهم فرنسيون بالهويّة لكن فرنسيّتهم تقف عند حد لا يمكن تجاوزه ما يجعلهم محرومين من الانتماء الحقيقي والاندماج المزجي بالوطن الذين ولدوا فيه.
***
متهم من دون جريمة
في (تصميم طائرة) نجد بطلة الفيلم (جودي فوستر) تفقد ابنتها على متن طائرة في الأجواء. لم يرها أحد وطاقم الطائرة يؤكّد لتلك المرأة أنها صعدت الطائرة وحيدة. ترفض التصديق رغم دلائل وجود حالة انهيار عصبي قد تتسبب في عيشها خيالاً غير واقعي وتنطلق باحثة عن ابنتها في طول وعرض تلك الجبمو - جت. على متن الطائرة عربيان. نظرة واحدة إليهما فإذا بهما يجسّدان الخوف الأوروبي من العربي والمسلم اليوم. تندفع صوب أحدهما وتتهمه بأنه إرهابي وراء خطف ابنتها. يتكهرب الجو بأسره ويلعب الفيلم جيّداً حول هذه النقطة موضحاً في الوقت ذاته كيف يُعامل العربي لمجرد أنه عربي.
(سيريانا) فيلم جديد للممثل جورج كلوني والممثل مات دامون الذي لم تمنعه نجوميته من خوض منهج الأفلام ذات الرسالات والأبعاد السياسية. عادة ما يتهرّب الممثلون، خصوصاً أولئك الذين في مراتب النجومية، من تمثيل هذا النوع من الأفلام خشية أن يتم اعتبارهم على يمين أو على يسار السياسة الأمريكية. لكن جورج كلوني دشّن نجاحاته السينمائية العام 1999 بفيلم نظر إلى الحرب العراقية (الأولى) نظرة ساخرة. الفيلم هو (ثلاثة ملوك)، حيث العراقيون شعب يحاول الهرب من حكم الدكتاتور فإذا به يقع في حكم المصالح السياسية الأمريكية.
هذا العام، يقدّم جورج كلوني فيلمين لهما علاقة بالوضع الراهن بطريقة أو بأخرى. (سيريانا) الذي يتحدّث عن دور السي آي أيه في الوضع العربي، والثاني (ليلة طيّبة وحظ طيّب) الذي أخرجه بنفسه ويشترك في تمثيله لاعباً دور صحافي تلفزيوني أيام الحملة المكارثية في مطلع الخمسينات. هو ومذيع البرنامج يتعرّضان لضغوط كبيرة للتراجع عن موقفهما ضد السيناتور جوزف مكارثي الذي كان يرى شيوعياً وراء كل قلم أو كل فيلم أو كل رأي يعارضه.
(ليلة طيّبة....) لديه ما هو مشترك مع الوضع الراهن من وجهة نظر مخرجه لا ريب، لكن (سيريانا) يتعامل مع الوضع الراهن مباشرة وهناك شخصيات عربية، في ضوء إيجابي كما في ضوء أقل إيجابية. إنهم مؤمنون بالتطوّر مندفعون. متجاوبون مع ضروريات التغيير لكن هناك من بينهم من يريد الوصول إلى الحكم. هنا يبدو وزن الفيلم السياسي: وكالة السي آي أيه في الفيلم متهمة بتطبيق سياسة مزدوجة، فبينما تنادي بتطبيق الديمقراطيات تنفّذ عمليات اغتيال بمن يمكن لهم تطبيق المطلوب وذلك لصالح قوى ستبقى الوضع على ما هو عليه.
***
ضحايا الحرب
بالعودة إلى أوروبا، فإن المرء سريعاً ما يكتشف أن (مخبوء) وهو إنتاج فرنسي - نمساوي مشترك ليس الوحيد الذي يتناول مسائل شائكة. في (سمولتاون، إيطاليا) تعرّض لموضوع البوسنيين والألبان المسلمين الذين يتم تهريبهم إلى إيطاليا وما يواجهونه من حياة صعبة بعد ذلك.
وأحد هذه الأفلام نروجي بعنوان (قبّله الشتاء). حكاية طبيبة في قرية صغيرة تخسر ابنها الوحيد بعدما أهملت حالته الصحية ولم تعرها الاهتمام الكافي. إنها تعيش بشعور من الذنب المبرح يكاد يهدد ما تبقّى من أشكال استقرارها. في أحد الأيام يتم اكتشاف جثة صبي عربي والمتهم هو عشيقها ما يجعلها تحاول دفع التحقيق لاتهام أسرة ذلك الصبي بالتسبب في مقتله وذلك في مساعيها إلى الحفاظ على علاقة تجعلها قادرة على البقاء حيّة في مواجهة ماضيها.
واليوم يصل فيلم (جارهيد) (رأس من فخّار) وهو لقب أطلقه الجنود الأمريكيون على بعضهم البعض بطولة جايك جيلنهال وبيتر سكارسغارد. إنه عن حياة الجنود الأمريكيين في جبهة القتال خلال حرب الخليج الأولى وهناك منظر لمئات الضحايا العراقيين الأبرياء الذين تم قصفهم وهم يحاولون الهرب من جحيم الحرب. صحيح أن الفيلم، مثل (ثلاثة ملوك) قبله، يتعامل والحرب الأولى في المنطقة، لكن التذكير بفظائع الحرب ماثل وهناك حرب دائرة اليوم.
قبله، وفي مطلع العام تقريباً، شاهدنا (المترجمة) مع نيكول كيدمان وشون بن (المعروف بمواقفه المناهضة للحرب) ومن إخراج سيدني بولاك.
ليس هناك طرح لموضوع عربي ولا حديث عن (خطر إسلامي) لكن في العمق رسالة. فمن بين المجموعة التي تجهد في سبيل منع عملية اغتيال تقوم بها جهة إفريقية آتية من بلد في قلب القارة الإفريقية هادفة لقتل الرئيس الذي يزور الأمم المتحدة، عميل للجهة الأمنية الحكومية الأمريكية التي تتدخل لمنع العملية. هذا العميل عربي اسمه محمد وهو يسقط ضحية الإرهاب والتعليق الواضح الذي ربما وصل إلى كثيرين من الناس أن هناك عرباً يذودون بحياتهم دفاعاً عن الحلم الأمريكي الكبير.

..... الرجوع .....

إصدارات
الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
المستكشف
أنت وطفلك
خارج الحدود
الملف السياسي
استراحة
إقتصاد
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
مجتمعات
دراسة
روابط اجتماعية
شاشات عالمية
رياضة
تميز بلا حدود
الحديقة الخلفية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved