الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 22nd April,2003 العدد : 31

الثلاثاء 20 ,صفر 1424

الإعلام العربي واحتلال العراق!!
قبل احتلال العراق..
ومنذ التحضير له..
والقوى الغازية كانت تضع عينها على الإعلام العربي وعلى الصحافة تحديداً..
لتوظِّفه بوقاً تستخدمه في الوقت المناسب لتحقيق مصالحها وأطماعها..
أو لتحييده وإخفاء صوته في أسوأ احتمالاتها..
وكان لها ما أرادت..
***
يؤسفني أن أقول إن صحفاً عربية قد تم اختراقها..
وأخرى تجاوبت مع بعض طروحات العدو..
ربما عن سوء تقدير منها للحالة التي مرت وسوف تمر بها المنطقة..
***
وأعلم أن هناك إجماعاً على أن «صدام» كان مجرماً في حق شعبه..
وعدوانياً مع جيران وأشقاء العراق..
وأنه شخصياً من أعطى للعدو كل الفرص وهيأ له كل الأسباب لغزو العراق..
***
ولكن هل هذا يبرر للإعلام العربي كل هذا الترحيب الأعمى والفرح الغامر بمن جاء لاحتلال أرضنا وإذلال شعبنا..؟
وهل البديل المناسب لنظام صدام حسين لا يتوفَّر إلا بإعادة الاحتلال لأرض الرافدين من جديد..
وبالتالي تركيع المواطن العراقي لإجباره على قبول ما يفرضه العدو وبما يستجيب لمصالحه وأهدافه..؟
***
إذاً..
ومثلما احتُل العراق..
وبسطت أمريكا وبريطانيا سيطرتهما الكاملة على هذا البلد الشقيق..
فإن الإعلام العربي لم يسلم هو الآخر من سطوة المحتل..
ولم يكن في منأى من التأثير على ما ينشر في بعض الصحف تحديداً..
***
ولا يحتاج القارئ إلى من يضع يده على هذه الصحيفة أو تلك..
أو يدله على الخلل الذي ساد أجواء هذه الصحف خلال هذه الحرب وما زال..
إلا أن يكون هذا القارئ دون مستوى الفهم والاستيعاب..
أو أن نضجه لم يكتمل بعد لفك أسرار هذه اللعبة..
وهو بالتأكيد ليس كذلك ولن يكون..
***
هناك صحافة أخرى..
سخَّرها نظام صدام حسين هو الآخر لتحسين صورته..
ووظَّفها لترميم ما لا يمكن ترميمه أو ترقيعه عن صورة مشوَّهة لنظامه..
وقد تجاوبت هذه الصحافة بغباء مع ما رسم لها من دور وما خطط لها من عمل..
***
وظل المواطن العربي أسيراً لهذه المواقف الإعلامية الغريبة..
تائهاً بين من هو مع أمريكا ومن هو ضدها..
من يناصر نظام صدام حسين ومن يعاديه..
وكانت الحالات القليلة لمن كانت خارج هذا الإطار من الصحافة العربية، وبينها الصحف السعودية، هي تلك التي كانت مع «العراق» وطناً وشعباً ولم تكن مع بوش أو بلير أو صدام..
هل قراءتي خاطئة، هل كان الجميع يبحث عن مصلحة العراق..؟
أتمنى ذلك!!


خالد المالك

تغييرات في الديناميكيات السياسية لصقور واشنطن
«أمركة» العقل العربي!!

* بقلم :جوشا ميشا مارشال(*)
لا شك أن الانتصار الامريكي السهل الذي تحقق في العراق والاطاحة بنظام صدام حسين الديكتاتوري قد فتح شهية صقور الادارة الامريكية للمزيد من المغامرة وتهديد دول بعينها في الشرق الأوسط، يرى الصقور انها تشكل تهديدا لاسرائيل، بذريعة انها تشجع على الإرهاب أو تنتج اسلحة دمار شامل أو انها غير ديموقراطية! وقد رأينا الثمن الفادح الذي دفعه العراقيون من جراء الحرب من دماء ابنائهم وتدمير بنيتهم التحتية والتحكم في مقدراتهم، ومن المؤكد انه ستذهب سكرة الفرح التي يستشعرها الشعب العراقي بعد التحرر من حكم صدام وهو الأمر الذي طال انتظاره والتطلع إليه، وسيجد العراقيون أنفسهم وقد أصبحوا تحت نير الاحتلال الأمريكي والبريطاني الذي سيختار حكومة عراقية تحقق مصالح الغرب في المقام الأول وتعقد صلحا مع العدو الاسرائيلي، ليصبح العراقيون بعد التخلص من صدام واحتلال بلدهم اشبه بمن يستجير من الرمضاء بالنار.
لو نظرنا للوضع الدولي حاليا بعد الحرب على العراق سنجد ان الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلنطي (الناتو) يعانيان من الفوضى والتشتت وهو ما يعطي الولايات المتحدة الفرصة الاكبر لكي تتحرك وفقا لما تريده هي، وستعود إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش للحديث مرة أخرى عن استخدام احتياطيات البترول العراقي للمساهمة في سداد نفقات الوجود العسكري الأمريكي في العراق في ظل استمرارالعجز الكبير في الموازنة الأمريكية ورفض الحلفاء تقديم أي مساعدة مالية لهذا الوجود الذي يفتقد إلى الشرعية الدولية منذ البداية، ولكن هذا الحديث الأمريكي عن استغلال ثروة العراق البترولية سوف يشعل الغضب في المنطقة العربية مرة أخرى.
عودة الرعب
وهنا سيعود وزير الأمن الداخلي الأمريكي توم ريدج ليضع الشعب الأمريكي في حالة الطوارئ والتي يشار إليها باللون الأصفر، ويستأنف عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي اقتحامهم للمساجد في أمريكا مع حملة اعتقالات جديدة في صفوف العرب في أمريكا، وهنا سيجد أغلب الأمريكيين أنفسهم أمام حالة رعب هائلة وسيتساءلون لماذا وضعوا أنفسهم في هذه الحالة منذ البداية؟
ولكن بالنسبة للصقور في إدارة الرئيس بوش والذين يديرون السياسة الخارجية لبلادهم فهذا السيناريو لا يمثل كابوسا، ولكنهم سيرون أن الأمور تمضي كما يتوقعون، ومن وجهة نظر هؤلاء الصقور فإن الحرب على العراق لم يكن يهدف إلى مجرد الإطاحة بصدام حسين ولا لمجرد الاحتلال، كما لم يكن السبب هو أسلحة الدمار الشامل التي زعموا أن العراق يمتلكها رغم أن التخلص منها في حالة وجودها ينطوي على مصلحة لهذا المعسكر، الذي يرى هذه الحرب مجرد الخطوة الأولى في إطار جهد موسع من أجل إعادة تنظيم القوى في منطقة الشرق الأوسط بالكامل، وبالطبع لم يتحدث الرئيس بوش نفسه عن هذا الموضوع بصراحة كاملة قبل الحرب.
ولكن المحافظين الجدد المتطرفين في إدارة بوش أعطوا إشارات قوية عن هذا التوجه، ففي فبراير الماضي قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي جون بولتون لمسئولين إسرائيليين إنه بعد هزيمة العراق سوف «تتعامل» الولايات المتحدة مع إيران وسوريا وكوريا الشمالية بطريقتها الخاصة، وفي الوقت نفسه يعبر الصحافيون من معسكر المحافظين الجدد عن أفكار هذا المعسكر والترويج لها.
ففي مجلة «ويكلي ستاندرد» كتب جيفري بيل تقريرا قال فيه ان الإدارة الأمريكية تتصور «حربا عالمية بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين الدول التي لا تنصاع للإدارة الأمريكية، وهي حرب ضخمة تصبح فيها الحرب على العراق أو اعتقال كبار قادة تنظيم القاعدة مجرد عمليات تكتيكية في سلسلة من التحركات والتحركات المضادة التي ستشكل المستقبل القادم».
التورط الامريكي
ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن كل مرة تلجأ فيها الولايات المتحدة إلى استخدام القوة العسكرية في منطقة الشرق الأوسط لمعالجة أزمة تؤدي إلى ظهورأزمة جديدة لا يمكن علاجها إلا بمزيد من التورط الأمريكي في المنطقة حتى ينتهي هذا الوجود بهزيمة عسكرية للقوات الأمريكية في المنطقة بأسرها، والحقيقة أن هناك عملية خداع كبيرة يقوم بها الصقور في إدارة بوش سواء للشعب الأمريكي أو حتى لأنفسهم، ففي الوقت الذي يرفع فيه هذا المعسكر شعار إقامة ديموقراطية حقيقية في منطقة الشرق الأوسط من خلال التدخل العسكري فيها فإنهم يتجاهلون حقيقة أن مثل هذا التدخل يمكن أن يؤدي إلى حالة من الفوضى والمواجهات الدامية على نطاقات واسعة.
وهذا الاحتمال القوي جدا هو ما يدفع بعدد كبير من المسئولين عن السياسة الخارجية الأمريكية خاصة في وزارة الخارجية إلى التحذير من هذه الخطط المتطرفة للصقور، والحقيقة أن سجل الصقور مازال أبعد ما يكون عن تحقيق الشعور بالثقة فيهم، فقبل الحرب الأمريكية على العراق كان الصقور يتنبأون بأنه إذا ما أعلنت الولايات المتحدة ببساطة عن عزمها التحرك ضد صدام حسين وبغض النظر عن موقف الأمم المتحدة فإن أغلب حلفاء أمريكا سوف يسارعون بالانضمام إلى المعسكر الأمريكي ويدعمونه، ولكن هذا لم يحدث تقريبا، ورغم سوء التقدير الواضح من جانب الصقور في هذه الأزمة إلا أنهم مصرون على المضي قدما في تنفيذ أجندتهم، وكأي جماعة من الجماعات المتطرفة في واشنطن أو غيرها فإن المحافظين الجدد يرون أن الانتقادات الموجهة إليهم لا يمكن أن تكون سببا في فقدان الثقة بالنفس وإنما تؤكد لهم أنهم على الطريق الصحيح، كما أن ثقتهم تأتي من الحقيقة التي يؤمنون بها وهي أن أي اضطرابات يمكن أن تحدث بسبب خططهم سوف تخدم قضيتهم فيما بعد.
وهؤلاء الصقور يرون أن المواجهة الشاملة بين الولايات المتحدة والإسلام السياسي هي مواجهة حتمية ولذلك لماذا لا تبدأ المواجهة الآن وبشروط أمريكا بدلا من الانتظار وساعتها تكون المواجهة بشروط الآخرين.
الواقع أن هناك العديد من الأسباب الوجيهة التي تدعو إلى عدم إشعال سلسلة من الأزمات في الشرق الأوسط، ولكن الصقور يرون أن الأمور في الشرق الأوسط قد وصلت إلى أسوأ مراحلها وأن طريقتهم في التعامل باتت الحل الوحيد المتاح.
الخداع والغموض
ومنذ ظهور حركة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة قبل أكثر من ثلاثين عاما حاولت الحركة المزاوجة بين المثالية الأخلاقية والنزعة العسكرية والخداع والغموض، وعندما نعود إلى سبعينيات القرن الماضي سنجد أن هذه المجموعة التي كانت تتكون من شباب ومفكرين سياسيين ديموقراطيين ظهرت في أعقاب حرب فيتنام، وقد تحول هذا المعسكر إلى الحزب الجمهوري فيما بعد.
وكان هؤلاء يشعرون بالرعب بسبب النزعة غير الأخلاقية التي كانت تسود العالم في ذلك الوقت وتؤديها المؤسسة الجمهورية ورجالها مثل وزير الخارجية الأمريكي الأشهر والأسبق هنري كيسنجر الذي كان ينادي بضرورة التعايش مع الاتحاد السوفيتي الذي قال عنه المحافظون الجدد فيما بعد عندما وصلوا إلى السلطة على أجنحة الحزب الجمهوري نفسه مع الرئيس الأسبق رونالد ريجان قالوا إنه «إمبراطورية الشر»، وكما يحدث غالبا مع الاشتراكيين السابقين فإن المحافظين الجدد كانوا مدركين «جدداً» لأساليب الشيوعيين في تجاهل أو تجميل شرور الشيوعية.
التوجهات «الكيسنجرية»
والحقيقة أن أغلب المحافظين الجدد من اليهود ومتهمين برفض الاتجاهات «الكيسنجرية» (نسبة إلى كيسنجر) في السياسة الخارجية، وقد عثر المحافظون الجدد على ضالتهم السياسية في المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية عام 1980 وهو رونالد ريجان والذي نجح في الوصول إلى البيت الأبيض على حساب الرئيس الأسبق الديموقراطي جيمي كارتر، وقد كان ريجان مثل المحافظين الجدد يتكلم صراحة عن شرور الشيوعية ويفضل تجاوز فكرة التعايش مع الشيوعية، وامتلأت إدارة ريجان بالمحافظين الجدد وبرجال مثل بول وولفويتز وريتشارد بيرل وفرانك جافيني وغيرهم من المفكرين الذين وفروا غطاء فكريا وأخلاقيا لنزعة المواجهة مع الاتحاد السوفيتي التي تبنتها الإدارة الأمريكية بدءاً من عام 1981، ولكن تحقيق الشفافية الأخلاقية يحتاج إلى مجموعة من الحقائق المستترة، ومنذ البداية بالغ المحافظون الجدد في تصوير قدرات الاتحاد السوفيتي والخطر الذي يمثله وهو ما فاق كل تقديرات الخبراء في ذلك الوقت، وفي أواخر عام 1980 أطلق أحد أقطاب المحافظين الجدد نورمان بودورتيز تحذيراً من تحول أمريكا إلى «فنلندا» نسبة إلى دولة فنلندا التي كانت مضطرة للدوران في الفلك السوفيتي رغم عدم تبنيها للشيوعية بسبب التفوق العسكري السوفيتي، وكان هذا التحذير يعني أن أمريكا ستتحول إلى تابع للاتحاد السوفيتي بسبب تفوق القوة السوفيتية، وأضاف نورمان في ذلك الوقت أن أمريكا قد تجد نفسها في لحظة ما أمام خيارين كلاهما مر وهما «الاستسلام للسوفييت أو الحرب».
وقد علمنا بعد مرور كل هذه السنوات أن المحافظين الجدد ضخموا في تصوير قدرات وإمكانيات الاتحاد السوفيتي على الرغم من أن تقديرات أجهزة المخابرات الأمريكية كانت أقل من تقديرات هؤلاء المحافظين ،وقد تنامت رغبة المحافظين الجدد في خداع الناس وخداع أنفسهم مع شعورهم بالارتياح لما حصلوا عليه من سلطة ونفوذ في الإدارة الأمريكية، وقد أمضى هؤلاء المحافظون الجدد سنوات رونالد ريجان الثماني في الحكم في تغذية مواجهات دامية مع الاتحاد السوفيتي في العديد من دول العالم الثالث، وقد صور هؤلاء المحافظون عصابات الكونترا في نيكاراجوا والمتمردين أمثال جوناس سافيمبي في أنجولا باعتبارهم «مقاتلين من أجل الحرية»، وكانت قمة الخداع من جانب هذا المعسكر هو قضية «إيران كونترا» والتي أدين فيها زوج ابنة نورمان بودورتيز ويدعى إليوت أبرامز بالكذب على المحكمة، وقد أشاد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب بهذا الرجل فيما بعد ثم جاء بعده الرئيس الحالي جورج بوش الابن ليتولى ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي، ولكن الاتحاد السوفيتي انهار في النهاية، وقد ساهمت سياسة المواجهة التي تبناها المحافظون الجدد في هذا الانهيار، ولكن أيضا الأسباب الاقتصادية والعسكريةوالتي لا يؤمن بها المحافظون الجدد ساهمت في انهيار القوة العظمى الثانية في العالم بالإضافة إلى الإصلاحات التي قام بها آخر رئيس للاتحاد السوفيتي وهو ميخائيل جورباتشوف رغم ان المحافظين الجدد أمثال ريتشارد بيرل كانوا ينصحون الرئيس ريجان بعدم الثقة به، ولكن المحافظين الجدد لا ينظرون لما يرتكبون من أخطاء، وبدلا من ذلك فإن دورهم في القضاء على الاتحاد السوفيتي جعلهم أكثر ثقة في أنفسهم ورغبة في تجاهل الانتقادات التي تواجههم وشجعهم على ممارسة المزيد من الخداع فيما يتعلق بالتفاصيل ماداموا يمتلكون رؤية أخلاقية ويرغبون في استخدام القوة العسكرية، وما حدث خلال التسعينيات دعم هذه العقلية.
حرب الخليج الثانية
بيرل ووليام كريستول كانا أشد الناس غيظا عندما ترك مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش للأمن القومي برنت سكوكروفت ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال كولن بأول عندما تركا الرئيس العراقي صدام حسين في الحكم بعد حرب الخليج الثانية عام 1991، كما أن هؤلاء الصقور تابعوا بغيظ شديد الهجمات الفدائية التي شنها الفلسطينيون ضد الإسرائيليين وكذلك الهجمات ضد الأمريكيين، ويرى المحافظون الجدد أن اتفاقيات أوسلو للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين كانت خطأ فادحاً.
وبعد مرور حوالي عشر سنوات على هذه الاتفاقيات أصبحوا أكثر اقتناعا بوجود علاقة ما بين تصاعد الهجمات الفدائية والمشاعر المعادية لأمريكا وبين أنظمة الحكم الموالية لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط، وفي عام 1996 أعدت مجموعة من المحافظين الجدد بينهم ريتشارد بيرل دراسة لحساب رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت بنيامين نيتانياهو عن مستقبل الشرق الأوسط أشاروا فيها إلى إمكانية قيام إسرائيل بشن هجوم على العراق بمفردها، ولكن نيتانياهو تجاهل هذه النصيحة، وعندما تعثرت عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ووقعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر والتي سقط فيها أكثر من ثلاثة آلاف قتيل قال المحافظون الجدد إنهم تنبأوا بهذا الخطر من قبل في الوقت الذي تجاهله الباقون، وقد كان الوقت مناسبا جدا حيث ان المحافظين الجدد كانوا قد فرضوا أنفسهم على إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش، ورسم هؤلاء المحافظون الجدد الصورة على أساس أن الشرق الأوسط اليوم أصبح هو مصدر التهديد للولايات المتحدة تماما كما كان الاتحاد السوفيتي قبل نحو ثلاثين عاما.
وكما كتب الدكتور فؤاد عجمي الاستاذ في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية في مجلة «فورين افيرز» فإن «التسامح الكبير مع هذه الطريقة التي تروج للخوف من العرب سوف يؤدي إلى نتائج مروعة». و يضيف، عجمي قائلا : «استخدام القوة في مواجهة الشيوعية السوفيتية أدى إلى انهيار الشمولية وقيام حكومات ديموقراطية أو على الأقل «حكومات لا تمثل تهديدا لأمريكا» في منطقة البحر الأسود وبحر البلطيق، «ولكن الخطة الكبرى للصقور الأمريكيين تختلف على أساس من يتحدثون إليه، ولكن الخطوط العريضة لهذه الخطة قيام الولايات المتحدة بإقامة حكومة ديموقراطية موالية للغرب في العراق على افتراض أن هذه الحكومة ستكون ديموقراطية بدرجة ما بين الديموقراطية في تركيا وتلك الموجودة في الأردن، وهذا يعني أن الديموقراطية المنتظرة في العراق لن تكون ديموقراطية كاملة ولكنها ستكون أفضل مقارنة بنظام حكم صدام حسين المنهار، وهذا النموذج الديموقراطي سوف يؤدي إلى تغييرات جذرية في الديناميكيات السياسية في المنطقة بأسرها، وعندما يرى الفلسطينيون أن الشعب العراقي بدأ يستمتع بحرية حقيقية وفرص اقتصادية جيدة ويزعم هذا النموذج أن الفلسطينيين سوف يحاولون الحصول على هذا لأنفسهم أيضا، ومع هذا الرخاء المنتظر بالنسبة للفلسطينيين فإن الولايات المتحدة تستطيع في هذه اللحظة مطالبة السلطة الفلسطينية بإجراء إصلاحات سياسية والتفاوض مع إسرائيل، وهذا سوف يؤدي إلى قيام سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
الوضع الإيراني
وسيؤدي قيام ديموقراطية في إيران ترضى عنها أمريكا إلى إيجاد سلسلة من الحكومات الديموقراطية الموالية للغرب تمتد من إيران إلى الأردن مرورا بالعراق وتركيا وهي المنطقة التي تمثل تاريخيا قلب الدولة الإسلامية، كما أن سوريا لن تجد أمامها فرصة للرفض وحتى إذا ما حاولت إثارة مشكلات لأمريكا فإن القوات التي ذهبت للعراق سوف تتولى معالجة هذه المشكلات، وبالطبع فإن باقي الدول ستجد نفسها مضطرة إلى الانضمام لمسيرة الإصلاح الديموقراطية التي بدأت تجتاح المنطقة وفقا لرؤية هؤلاء الصقور الذين اتخذوا لهم أعشاشا في كل غرف البيت الأبيض، فعندما يتحقق هذا السيناريو لن تكون الولايات المتحدة في حاجة إلى مساندة الأنظمة في الشرق الأوسط كما تفعل حاليا بسبب حاجتها إلى مساعدتهم في التعامل مع الأنظمة «المارقة» كما تطلق عليها الادارة الامريكية، والحقيقة أن خطة صقور أمريكا كبيرة وطموحة جدا بما يسهل توجيه انتقادات كبيرة لها ولكن في نفس الوقت تجعل الإنسان يتوقف أمامها ليقول إنها «مجنونة لدرجة أنه يمكن أن تتحقق بالفعل».
نجاح الصقور
ورغم احتمال نجاح رؤية الصقور إلا أن هناك العديد من السيناريوهات البديلة التي يمثل كل منها كارثة بالنسبة للأمريكيين، ولنبدأ بالقول بأن العنصر الأساسي وراء جهود المحافظين الجدد كما يدعون هو تقليص التهديدات الإرهابية، وبخاصة الإرهاب المرتبط باستخدام أسلحة دمار شامل، ولكن وجود قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة أدى إلى ظهور حركتي حماس و الجهاد الإسلامي، وأيضا أدى الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان إلى ظهور جماعة حزب الله اللبناني، فلماذا يتخيل الأمريكيون أن احتلالهم للعراق سيكون مختلفا هذه المرة؟ كما أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تصر على حقها في شن ضربات وقائية إجهاضية وبصورة منفردة سواء بموافقة رسمية من جانب المجتمع الدولي أو بدون موافقته بدعوى الحاجة إلى حماية أرواح الأمريكيين، ولكن الحقيقة أن أغلب المنظمات في العالم وبخاصة في الشرق الأوسط باستثناء تنظيم القاعدة لا تستهدف الأمريكيين، بل إن حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين حماس لا تستهدف الأمريكيين، أما حزب الله اللبناني فقتل المئات من القوات الأمريكية في الشرق الأوسط ولكن كان ذلك منذ سنوات طويلة (1982م) كما أنه لم يستهدف أي مدنيين أمريكيين على التراب الأمريكي، فإذا ما بدأت أمريكا مطاردة هذه المنظمات في الشرق الأوسط ألا يجب أن نتوقع تنشيط هذه الخلايا الموجودة داخل أمريكا لتنفيذ عمليات ضد الأمريكيين ردا على مهاجمتها في بلادها؟.
وبالنسبة لخطة الصقور الخاصة بالتعامل مع الأنظمة «الصديقة» لأمريكا حاليا هناك عدة ملاحظات: بداية يجب أن نعترف بأن هناك مشكلة فعلا في التعامل مع هذه الدول، فهي حسب ما يزعم الامريكيون تترك مشاعر العداء لليهود تتنامى من خلال وسائل الإعلام المملوكة لها ودعوات رجال الدين للجهاد ضد الغرب، ولكن هل الإطاحة بمثل هذه الحكومات الصديقة في مصلحة أمريكا بالفعل؟ الكثيرون من الصقور يعتقدون أن هذا في صالح أمريكا، وقد سألت صديق ريتشارد بيرل وأحد المحافظين الجدد منذ عصر ريجان كين أديلمان العام الماضي عن إمكانية أن تؤدي الإطاحة بحكومة صدام حسين في العراق إلى سقوط عدد من الحكومات في الشرق الأوسط فرد بحماس شديد «هذا تقريبا ما نريده»، ويبني هذا المعسكر تصوره على أساس ما حدث في الدول الشيوعية السابقة شرق أوروبا حيث يشعر شعوب هذه البلاد بالامتنان لأمريكا بسبب دورها في إسقاط أنظمة الحكم الشيوعية وإقامة حكومات ديموقراطية هناك.
سيناريو مختلف
ولكن الأمر مختلف تماما في الشرق الأوسط ومن غير المحتمل أن يمضي السيناريو هنا كما مضى هناك، فهذه الأنظمة في الشرق الأوسط ظلت مدعومة من جانب الحكومات الأمريكية المتتالية لعقود عديدة سواء كان هذا الدعم صحيحا أو خطأ رغم أن أمريكا تجاهلت حقوق الفلسطينيين طوال هذه السنوات، إذن يمكن القول إن الإطاحة بالأنظمة العربية الموالية للغرب لن تؤدي إلى قيام حكومات ديموقراطية موالية للغرب ولكن ستؤدي إلى قيام حكومات متسلطة ولكنها معادية للغرب، ولكي يتم التغلب على هذه المعضلة فإن الصقور لديهم وسيلتان: أولا ضرورة تربية شعوب هذه الدول بطريقة جديدة بعيدا عن الشعارات المعادية للغرب كما حدث في إيران مؤخرا حيث أصبحت قطاعات عريضة من الشعب الإيراني تنظر إلى الغرب بطريقة ودية، والحقيقة أن هذه نظرية جيدة، ثانيا يرى هؤلاء الصقور أنه إذا فشلت الجهود الرامية إلى إقامة حكومات ديموقراطية في هذه الدول فإن القوة العسكرية موجودة لحماية المصالح الأمريكية، يقول ماكسبوت أحد الباحثين في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي وهو أحد مراكز الأبحاث اليمينية المحافظة أنه يجب أن يكون الأمريكيون أكثر حسما وتصميما على تحقيق التغيير في المنطقة ولا يجب أن يستمر دعم الولايات المتحدة لما تسمي «حلفاء» من الأنظمة في الشرق الأوسط، ومن وجهة نظر بوت المتفائلة فإن مجرد نشر القانون في تلك البلاد سيكون كافيا، ولكنه في نفس الوقت أشار إلى السيناريو الأسوأ الذي يمكن أن يواجه أمريكا وقال إنه في هذه الحالة يمكن للولايات المتحدة أن تحتل حقول البترول العربية بصورة صريحة وتديرها «لصالح شعوب المنطقة»، أن ما يدعو إليه بوت هو بمعنى آخر إقامة إمبراطورية أمريكية في الشرق الأوسط بالفعل، والحقيقة أن هناك بالفعل قطاعا عريضا من المحافظين الجدد يؤمنون بضرورة إقامة إمبراطورية أمريكية في هذه المنطقة من العالم، والمشكلة في هذا الاتجاه الفكري هي أنه يتجاهل التاريخ الطويل من المشكلات التي تواجهها الطموحات الإمبراطورية لأي دولة من دول العالم في أي مكان وبخاصة في هذه المنطقة، فالفرنسيون والبريطانيون لم يغادروا الشرق الأوسط خلال النصف الأول وبداية النصف الثاني من القرن العشرين طواعية ولكن شعوب هذه المنطقة هي التي طردتهم، ويقول الصقور إن استهداف إيران سوف يعجل بقيام الديموقراطية من خلال إقامة ديموقراطية أمريكية في العراق، ولكن الحقيقة أنه يمكن أن يحدث العكس تماما، فإذا كان الحاكمون في إيران اذكياء فإنهم يستطيعون التعاون مع أمريكا حتى يمكن تجنب شن أي هجوم أمريكي ضدهم ولكنهم في نفس الوقت يطرحون أنفسهم أمام الشعب الإيراني باعتبارهم المدافعين عن استقلال التراب الإيراني وعن الشيعة في جنوب العراق الذين يعيشون في ظل الاحتلال الأمريكي.
عراق نموذجي
إذن فهناك «أم المشكلات» وهي العراق، فكل خطط الصقور تقوم على أساس افتراض نجاح الأمريكيين في تحويل العراق إلى نموذج للحكم الديموقراطي يمكن أن ينتقل عبر الهواء إلى باقي دول المنطقة، ولكن ماذا لو لم تتمكن أمريكا من إقامة حكومة عراقية ديموقراطية أو على الأقل لم تتمكن من تحقيق ذلك بسرعة؟
التجربة اليابانية والالمانية
وماذا لو لم ينجح تطبيق التجربة الأمريكية، في كل من ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، في العراق خصوصا وفي الوطن العربي بصفة عامة، فقدنجحت التجربة الأمريكية في تطوير نظام سياسي ديموقراطي في كل من ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية لأن كلا الدولتين كانتا تتسمان بانسجام عرقي كامل بين سكانها فلم يكن في هاتين الدولتين أي تنافر عرقي أو طائفي، أما في العراق فالأمر مختلف تماما، فهو مقسم عرقيا بين ثلاث مجموعات رئيسية هي الشيعة والسنة والأكراد وبينها مجموعات أخرى أقل حجما مثل الأشوريين والكلدانيين والتركمان، فماذا سيكون الموقف هناك بعد أن ظل حزب البعث مسيطراً على الحكم هناك ويرتكب كل أشكال القمع والمذابح، إذن فالاحتمال القوى هو أن تتفجر أعمال عنف طائفي في العراق، ورغم أن وجود مائة ألف جندي أمريكي يمكن أن يساهم في كبح جماح مثل هذا العنف إلا أنه من غير الحكمة الاعتماد على القوة فقط في كبح مشاعر الكراهية العرقية، ثانيا ماذا لو أسفرت الانتخابات الحرة في العراق عن اختيار الشعب العراقي لحكومة لا تستطيع أمريكا التعامل معها؟ وكيف ستتعامل الولايات المتحدة مع العراقيين الذين يتابعون الرسائل الإعلامية المثيرة التي تبثها القنوات العربية عن الاحتلال الأمريكي للعراق؟ الحقيقة أنه كلما طالت فترة الوجود الأمريكي للعراق كلما تراجعت إمكانية اعتبار العرب العراق نموذجا يمكن التطلع إليه، وفي نفس الوقت فإن هذا سوف يساعد شعوب المنطقة في دعم موقفهم القائل بأن أمريكا تشن حربا ضد المسلمين والدول الإسلامية وتسعى إلى احتلال بلادهم، وهذا سيؤدي بالتأكيد إلى ظهور مشكلات لايمكن حصرها، ورغم ذلك يمكن القول إنه إذا تمكنت أمريكا من حشد دعم الحلفاء لها في العراق فإن النتائج قد تختلف تماما، ولكن قد لا تستطيع أمريكا الاعتماد على الحلفاء الدوليين لأنها خاضت الحرب ضد العراق رغم اعتراض الكثير من هؤلاء الحلفاء مثل فرنسا والمانيا، ولعل هذا أيضا من بين الأسباب التي تؤكد أن الإطاحة ببعض أنظمة الحكم في الشرق الأوسط تختلف عن الإطاحة بالشيوعية في أوروبا الشرقية، فقد تمت الإطاحة بالشيوعية من خلال التعاون الوثيق مع حلفاء أمريكا في حلف شمال الأطلنطي «الناتو»، فلم يكن الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان قادرا على التحرك عسكريا ضد الاتحاد السوفيتي بدون دعم حلف الاطلنطي الذي سمح بهذا الدعم رغم المعارضة الشعبية في أوروبا لمثل هذه الخطوة، أما في الشرق الأوسط فالولايات المتحدة تتحرك وحيدة تقريبا، ولذلك فإذا ماسارت الأمور نحو الأسوأ فإن الحلفاء سوف يقولون لأمريكا: «لقد أفسدت الموقف وعليك إصلاحه، «والحقيقة أنه على الرغم من معرفة الناس بأجندة الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط فإن هذه الإدارة لم تحاول أن تشرك الرأي العام الأمريكي في مناقشة هذه الأجندة أو الاطلاع عليها بشكل تفصيلي.
خداع الشعوب
ولكن هذه الاستراتيجية ليست جديدة على الإدارات الأمريكية التي تميل عادة إلى خداع الشعب قبل خوض الحروب، ففي الحرب العالمية الثانية كان الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت يحاول إقناع الشعب الأمريكي بأنه سيحافظ على بقاء أمريكا بعيدة عن الحرب الدائرة في أوروبا في نفس الوقت الذي كانت الاستعدادات الأمريكية لمواجهة دول المحور تجري على قدم وساق،ثم جاءت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جونسون في الستينيات لتضخم من أحداث خليج تونكان من أجل حشد التأييد العام في أمريكا لشن الحرب ضد فيتنام، ولكن في حالات الغموض تلك فإنه كان يقال للشعب على الأقل ما هي الأهداف من هذه الحروب وما هو العدو الذي تجري محاربته وأين يجري القتال، ولكن اليوم فإن أغلبية الشعب الأمريكي ليس لديه أي فكرة عن نوع الصراع الذي يقودهم الرئيس بوش إليه، فالبيت الأبيض قدم الحرب ضد العراق باعتبارها محاولة للإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين حتى لا يحصل على أسلحة دمار شامل وهو هدف يؤيده أغلب أفراد الشعب الأمريكي، ولكن الحقيقة أن البيت الأبيض كان لديه أجندة سرية تتعلق بهذه الحرب لا يمكن ترويجها بين أفراد الشعب وهو ما دفعه إلى إخفائها، ولكن لا يمكن أن يستمر تأييد الشعب الأمريكي لهذه الاستراتيجية الجديدة في الشرق الأوسط إذا لم يعرف هذه الشعب حقيقة الأهداف العامة للسياسة الأمريكية، والحقيقة أن هذه الطريقة في الخداع تستخدم غالبا بنجاح حتى تظهر حقائق على الأرض تجعل من محاولة تحقيق أهداف الأجندة السرية الأمريكية أمرا مستحيلا، وقد كان الرئيس الأمريكي جورج بوش أثناء حملته الانتخابية للرئاسة عام 2000 يتحدث عن دعم كبير لبرامج الصحة وخفض كبير للضرائب وكان يقول إن كل ذلك ممكن في ظل الفائض الكبير في الميزانية الذي حققته إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون.
وكان معارضو بوش يقولون إن ما يقوله الرجل غير حقيقي وقد أثبت العجز الكبيرفي الموازنة الأمريكية حاليا أنهم كانوا على صواب.
استراتيجية امريكية
والآن تستخدم الإدارة الأمريكية العجز في الموازنة كمبرر لتقليص الإنفاق على برامج الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم وهو جزء من خطة وضعتها هذه الإدارة منذ وقت طويل، ويبدو أن هذه هي الاستراتيجية التي تستخدمها الإدارة الأمريكية في توجهاتها العدائية تجاه حلفاء أمريكا حاليا، فقد ظلت هذه الإدارة تستخدم كارثة الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 من أجل انتهاك الكثير من المعاهدات الدولية وبمباركة من حلفائها الذين كانوا يتعاطفون معها بسبب هذه الكارثة، وبعد مرور عام على هجمات الحادي عشر من سبتمبر طالب الرئيس بوش هؤلاء الحلفاء باستمرار دعمهم له في العراق بعد ان انتهى من أفغانستان، وعندما أصر هؤلاء الحلفاء على رفض دعم الأجندة الأمريكية في العراق استخدم الصقور في إدارة بوش هذا الرفض باعتباره دليلا على أنهم كانوا على صواب منذ البداية، وقد قال أحد كتَّاب معسكر المحافظين الجدد والذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع صقور إدارة بوش مؤخرا أنه منذ انتهاء الحرب الباردة وهناك سؤال جوهري بشأن القوة التي ستتولى حفظ الأمن والسلام الدوليين وهل هذه القوة ستكون الولايات المتحدةالأمريكية أم حلف شمال الأطلنطي أم الأمم المتحدة؟ ومع الانقسامات الموجودة في حلف الأطلنطي أصبح الخيار بين الأمم المتحدةوالولايات المتحدة، وأيا كان السبب في انقسامات حلف الأطلنطي فإن الصقور سوف يدفعون الحلف نحو مزيد من الانقسامات وصولا إلى النقطة التي يصبح فيها القول إن هذا الحلف لم يعد يصلح لشيء أمرا ممكنا، وهنا يمكن القول إن الولايات المتحدة تتصرف بأساليب ملتوية، وربما يأتي رئيس أمريكي آخر يستطيع إعادة بناء حلف الأطلنطي أو معالجة العجزفي الموازنة، ولكن ما أن تتورط الولايات المتحدة في عملية إعادة صياغة الشرق الأوسط بالطريقة التي يريدها الصقور فسوف يكون من الصعب على أي رئيس أمريكي قادم الانسحاب منها، فعلى الرغم من الإطاحة بحكم الرئيس العراقي صدام حسين فإن إقامة حكومة ديموقراطية مستقرة بدلا منه تبدو مهمة شديدة الصعوبة حتى مع افتراض وجود تحالف دولي واسع وقيادة عراقية بديلة يمكن الاعتماد عليها، ولكن ما يحدث وفقا لما تريده إدارة بوش لن يزيد عن إثارة المزيد من المشكلات في المنطقة، ولكن يجب القول إنه من الممكن تخليص العالم من الإرهاب من خلال القضاء على أسبابه المتمثلة في الفساد والحكم الاستبدادي والفقر في أغلب دول العالم، ولكن التكلفة ستكون باهظة، ولكن عندما يكون الخطر شديدا وتكلفة مواجهته باهظة فإنه سيكون من المفيد طرح القضية برمتها للنقاش العام.


(*) مؤلف كتاب «نقاط للحوار»

..... الرجوع .....

الجريمة والعقاب
تكنولوجيا الحرب
النصف الاخر
الطب البديل
تحت المجهر
تربية عالمية
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
عواصم ودول
نادي العلوم
داخل الحدود
الصحة والتغذية
الصحة والتأمين
الملف السياسي
فضائيات
الفتاوى
السوق المفتوح
معالم عالمية
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved