الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 22nd April,2003 العدد : 31

الثلاثاء 20 ,صفر 1424

الإعلام العربي واحتلال العراق!!
قبل احتلال العراق..
ومنذ التحضير له..
والقوى الغازية كانت تضع عينها على الإعلام العربي وعلى الصحافة تحديداً..
لتوظِّفه بوقاً تستخدمه في الوقت المناسب لتحقيق مصالحها وأطماعها..
أو لتحييده وإخفاء صوته في أسوأ احتمالاتها..
وكان لها ما أرادت..
***
يؤسفني أن أقول إن صحفاً عربية قد تم اختراقها..
وأخرى تجاوبت مع بعض طروحات العدو..
ربما عن سوء تقدير منها للحالة التي مرت وسوف تمر بها المنطقة..
***
وأعلم أن هناك إجماعاً على أن «صدام» كان مجرماً في حق شعبه..
وعدوانياً مع جيران وأشقاء العراق..
وأنه شخصياً من أعطى للعدو كل الفرص وهيأ له كل الأسباب لغزو العراق..
***
ولكن هل هذا يبرر للإعلام العربي كل هذا الترحيب الأعمى والفرح الغامر بمن جاء لاحتلال أرضنا وإذلال شعبنا..؟
وهل البديل المناسب لنظام صدام حسين لا يتوفَّر إلا بإعادة الاحتلال لأرض الرافدين من جديد..
وبالتالي تركيع المواطن العراقي لإجباره على قبول ما يفرضه العدو وبما يستجيب لمصالحه وأهدافه..؟
***
إذاً..
ومثلما احتُل العراق..
وبسطت أمريكا وبريطانيا سيطرتهما الكاملة على هذا البلد الشقيق..
فإن الإعلام العربي لم يسلم هو الآخر من سطوة المحتل..
ولم يكن في منأى من التأثير على ما ينشر في بعض الصحف تحديداً..
***
ولا يحتاج القارئ إلى من يضع يده على هذه الصحيفة أو تلك..
أو يدله على الخلل الذي ساد أجواء هذه الصحف خلال هذه الحرب وما زال..
إلا أن يكون هذا القارئ دون مستوى الفهم والاستيعاب..
أو أن نضجه لم يكتمل بعد لفك أسرار هذه اللعبة..
وهو بالتأكيد ليس كذلك ولن يكون..
***
هناك صحافة أخرى..
سخَّرها نظام صدام حسين هو الآخر لتحسين صورته..
ووظَّفها لترميم ما لا يمكن ترميمه أو ترقيعه عن صورة مشوَّهة لنظامه..
وقد تجاوبت هذه الصحافة بغباء مع ما رسم لها من دور وما خطط لها من عمل..
***
وظل المواطن العربي أسيراً لهذه المواقف الإعلامية الغريبة..
تائهاً بين من هو مع أمريكا ومن هو ضدها..
من يناصر نظام صدام حسين ومن يعاديه..
وكانت الحالات القليلة لمن كانت خارج هذا الإطار من الصحافة العربية، وبينها الصحف السعودية، هي تلك التي كانت مع «العراق» وطناً وشعباً ولم تكن مع بوش أو بلير أو صدام..
هل قراءتي خاطئة، هل كان الجميع يبحث عن مصلحة العراق..؟
أتمنى ذلك!!


خالد المالك

الفتاوى
يجيب عنها الشيخ سلمان ابن فهد العودة
* إعداد: ناصر الفهيد
إلى من مشت قدماها في طريق الوحل
* السؤال: فتاة تستفسر عن حالها بعد شرح مطول ذكرت فيه وقوعها في حبائل الشيطان وأنها انزلقت في دروب عفنه...
}فّلا يٍخًرٌجّنَّكٍمّا مٌنّ الجّنَّةٌ فّتّشًقّى"(117)}.
ومثل هذه الاتصالات الهاتفية أو عبر البريد الإلكتروني أو عبر الماسنجر تتحول إلى عادة سيئة وإدمان مقيت خاصة لمن يعانون من الفراغ ولا يجدون البرامج العملية المفيدة التي تملأ أوقاتهم.
أيتها الأخت الكريمة لو كان هذا الإنسان رجلا فعلا وجادا فعلا هل كان يركب هذا الطريق الوعر الذي يدري كل الناس أنه ذنب مرذول وهل كان يقع ويوقعك في هذه الهوة الساحقة مع أنه كان بإمكانه أن يسلك الطريق الحلال ويطرق الباب. وإذا افترضنا أن ظروفه لا تسمح بذلك سواء الظروف الاجتماعية أو المالية أو غيرها فما معنى أن يتورط في هذا المنزلق الخطير.
إنني لا أفهم معنى لشاب يحفظ فتاوى العلماء ويشرف على مواقع إسلامية في الإنترنت ويمضي للحج والعمرة وهو في غضون ذلك يتواصل معك بهذه الطريقة المدمرة. أما كان يؤذيه لو كان يحدث هذا من أخته أو بنته؟ وهل ترينه يرضاك زوجة له؟ وهو يحتفظ عنك بمثل هذه الذكريات؟ إنني أقترح عليك أن تطرحي عليه هذه الأسئلة وغيرها وأن تطلبي منه أن يكون معك في غاية الشفافية والوضوح. أما أنت فأغمضي عينيك قليلا وتخيلي نفسك بعد خمس من السنوات وقد أصبحت زوجة وأما وربة بيت هل يسعدك أن تلتفتي إلى ماضيك لتجديه ملطخا بهذه الأعمال التي لا دافع من ورائها إلا اللذة. واللذة الحرام. أم هل يسعدك أن تري زوجك المخلص فتشعرين بالعار وتأنيب الضمير وأنت تخفين عنه ما لو علم لربما كان الفيصل بينك وبينه. أم هل يسرك أن تجدي تكديرا في حياتك وتنغيصا لا تعرفين له تفسيرا سوى أنه عقوبة لماض أحصاه الله ونسوه.
إن مما يجب أن تتبينيه أن هذه المشاعر المتبادلة بينكما مشاعر وقتية غير صادقة ولا تصمد أمام امتحان العمل لأنها ليست مبنية على أساس صحيح. ويغلب على ظني لو أن قيسا تزوج ليلى، وهما رمز الحب العذري لكان أجود ما تنتهي إليه حياتهما هو أن يعيشا في ستر ودرجة معقولة من الرحمة أو المودة. لكن لم يكن بعيدا بالمرة أن، يتصل قيس على والدها «هل أقول: بالهاتف» ليطلب منه أخذ بنته التي لم ترع للوداد حرمة! أو أن تتصل البنت بوالدها شاكية باكية على زوجها الذي لم يرع عهد الوفاء بينهما.
لقد مر عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق في دمشق بليلى بنت الجودي ومعها وصيفاتها فأعجب بحسنها وجمالها ولم يدر كيف السبيل إليها وكان يقول:
تذكرت ليلى والسماوة دونها
وما لابنة الجودي ليلى وماليا
وكيف تعني قلبه عامرية تحل ببصرى أو تحل الجوابيا
وكيف يلاقيها بلى ولعلها إذا الناس حجوا قابلا أن تلاقيا
فكتب عمر إلى صاحب الثغر الذي هي به:
إذا فتح الله عليكم دمشق فقد غنمت عبد الرحمن بن أبي بكر ليلى بنت الجودي. فلما فتح الله عليهم غنموه إياها.
قالت عائشة: فكنت أكلمه فيما يصنع بها: فيقول: يا أخية. دعيني. فوالله لكأني أرشف من ثناياها حب الرمان.
ثم ملها وهانت عليه. فكنت أكلمه فيما يسيء إليها كما كنت أكلمه في الإحسان إليها. وقد قالت عائشة: يا عبد الرحمن لقد أحببت ليلى فأفرطت وأبغضت ليلى فأفرطت، فإما أن تنصفها، وإما أن تجهزها إلى أهلها ؛ فجهزها إلى أهلها. وما تعطيه قصص الحب العربية هو مضمون قصص الحب الأجنبية والتي من أشهرها قصة روميو وجولييت !
فلكي يكون الحب رومانسياً خيالياً يجب أن يموت أبطاله محرومين وهذا ما لا يستقيم عليه أمر الدنيا الذي يحتاج إلى التفكير العملي الواقعي في بناءالبيت والأسرة ورعاية الأولاد وتكوين المجتمع والتعاون في مواجهة صعوبات الحياة ومشكلاتها ومراحل العمر المتغيرة ولا يستقيم به أمر الدين الذي جعل الغاية العظمى هي العبودية لله وجعل الزوجية مجالا واحدا من مجالات تطبيق هذه العبودية ولذلك قال الله تعالى: {وّمٌنً آيّاتٌهٌ أّنً خّلّقّ لّكٍم مٌَنً أّنفٍسٌكٍمً أّزًوّاجْا لٌَتّسًكٍنٍوا إلّيًهّا وّجّعّلّ بّيًنّكٍم مَّوّدَّةْ وّرّحًمّةْ } فما لا يحققه الزوجان بالمودة يحققانه بالرحمة ولذلك قال عمر: ما كل البيوت تبنى على الحب ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والحسب والمروءة وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (كل معروف صدقة. . وفي بضع أحدكم صدقة) قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكونه فيها أجر؟ قال: (أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟) قالوا: نعم. قال: (فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) رواه مسلم وهكذا ارتقى الإسلام بالإشباع الجنسي في فراش الزوجية إلى درجة أن يكون معروفا وصدقة وأجرا وأن يذكر عليه اسم الله تعالى. بينما جعل الإشباع خارج هذا الإطار عدوانا وفاحشة وإثما مبينا ومن متع نفسه بالحرام فإنه يحرم من كمال لذة الحلال جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد فافزعي أيتها الأخت الكريمة إلى ربك توبة واستغفارا وذكرا وقرآنا واستحضارالعظمته ومراقبته وسمعه وبصره فإنك بمرأى منه ومسمع. ثم افزعي إلى عقلك ورشدك ولا تقدمي على أية خطوة بمجرد العاطفة أو الهوى المحض حتى تتأملي في عواقبها على دينك وعلى سمعتك وعلى عرضك وعلى نفسيتك وعلى أسرتك وعلى حاضرك وعلى مستقبلك.
أسأل الله تعالى أن يعصمك من الزلل وألا يكلك إلا نفسك طرفة عين وأن يأخذ بيدك إلى بر الأمان إنه هو الرحيم الرحمن. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
***
كتابة المصحف
* السؤال: أرجو التكرم بالإجابة عن السؤالين التاليين:
ما حكم العالم إذا كتم العلم؟
كيف تم جمع المصحف؟
هل تم جمعه توفيقياً أو توقيفياً؟
{إنَّ الّذٌينّ يّكًتٍمٍونّ مّا أّّنزّلًنّا مٌنّ پًبّيٌَنّاتٌ وّالًهٍدّى" مٌنً بّعًدٌ مّا بّيَّنَّاهٍ لٌلنَّاسٌ فٌي الكٌتّابٌ أٍوًلّئٌكّ يّلًعّنٍهٍمٍ اللّهٍ وّيّلًعّنٍهٍمٍ اللاَّعٌنٍونّ (159)}.
فكل علم يحتاجه الناس يجب بذله لهم. حتى تتحقق الكفاية بذلك بوجود العلماءالربانيين الذين يوصلونه إلى الخلق. أما ما يختص بطائفة، ولا يحتاجه العامة، مما لا يتعلق به عمل ولا عبادة ولا غيرها، فهذا هو الذي يجتهد العالم في شأنه بما يحقق المصالح العليا للأمة. ولهذا قال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون.
لم يجد هذه الآية مكتوبة إلا عند رجل من الأنصار. أما الحفظ، فكان القرآن محفوظا في صدور الرجال. ولهذا اتفقوا على المصحف. وعلى نفي ما سواه. والله تعالى قد تكفل بحفظ الكتاب {إنَّا نّحًنٍ نّزَّلًنّا پذٌَكًرّ $ّإنَّا لّهٍ لّحّافٌظٍونّ **ه9ه*} وقد حقق تبارك وتعالى هذا الوعد على يد الخيرة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وكان هذا العمل من الإنجازات التاريخية العظيمة التي تمت في عهد الصديق. بمشورة الفاروق رضي الله عنهم وأرضاهم. ولمن أراد التوسع في معرفة كتابة المصحف وتاريخها ومراحلها يمكن مراجعة كتاب: (رسم المصحف) تأليف: غانم قدوري الحمد. فهو مفيد في بابه. والله أعلم.
***
إعادة الخلافة الراشدة
* السؤال: ما السبيل إلى إقامة الخلافة الراشدة؟ إذ إن الكثير من الجماعات الإسلامية في الوقت الحاضر كل منها يسعى إلى تحقيق هذا الهدف المشترك. فنجد هنالك من اتخذ من الجمعيات الإصلاحية سبيلا. لكن لما تحققت أهداف بعض منتسبيها اجعلها خاصة به وتنصل عن ما كان يدعو إليه. وبالتالي لم تحقق هذه الجماعة ما كانت تدعو إليه. وآخرون اتخذوا الانتخابات وسيلة لهم. وبالتالي باءت محاولتهم بالفشل. وفريق آخر اتخذ منهج التصفية والتربية أمثال فضيلة شيخنا الفاضل محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله. لكن النتيجة توفاه الله عزّ وجلّ ولم يتحقق ما يريد. وقسم آخر اتخذ وسيلة الانقلاب العسكري وسيلة، لكن محاولة انقلابهم باءت بالفشل وغيرهم من الحركات الكثير. لكن يبقى السؤال ما السبيل إلى إقامة حكم الله عزّ وجلّ؟
الجواب : أولا: ليس المعيار في الصواب والخطأ هو تحقق النتيجة الملموسة بين عشية وضحاها، أو في مدى عمر إنسان بعينه. فإن من الأنبياء من مات لم يتبعه أحد. ومن الصحابة من مات ولم ير نتيجة عمله وجهاده. بل العبرة بموافقة الشرع، وصلاح القصد. فهما الشرطان الضروريان لأي عمل: الإخلاص. والمتابعة.
ثانيا: الإسلام جاء ليهيمن على الحياة كلها في مجالاتها العملية والعلميةالاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية والسياسية وغيرها. ولا يقتصر الأمر على مسألة الخلافة. فإن الخلافة الراشدة كانت ثلاثين سنة. ومع ذلك فالأمة باقية بحمد الله إلى اليوم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وفيها علماء وحكماء وصلحاء وعباد ودعاة ومجاهدون وأخيار وأبرار. وشمولية الدعوة وموضوعيتها تتطلب التوازن والاعتدال في النظر إلى الأمور. ومراعاة المصالح والمفاسد، والبداءة بالأهم فالأهم، والواجبات تؤخذ بقدرالاستطاعة {فّاتَّقٍوا اللّهّ مّا اسًتّطّعًتٍمً } . وربما يندفع البعض تحت ضغط دافع معين فيفسد أكثر مما يصلح. ومعاناة الأمةعبر قرون متطاولة، لا يمكن تلافيها بين لحظة وأخرى، وهي أيضا معاناة تزيد ولا تنقص. وإن كانت تتفاوت بين وقت وآخر. ورقعة مكانية وأخرى، والنظر إلى المقاصد الشرعية هو المهم. فالدعوة إلى الله والإصلاح وهداية الناس هي من أهم مقاصد الجهاد وإقامة الدولة، والدعوة ممكنة في كثير من الظروف والبلدان مع بذل الطاقة واستفراغ الوسع. وكذلك التعليم والتفقيه والتوعية والإصلاح بجوانبه المختلفة. كما أن الأمة بحاجة إلى مؤسسات عامة تحقق جانبا من الالتزام الشرعي المطلوب وتثبت قدرة الأمة على الوقوف والأداء. مثل المؤسسات العلمية والدعوية والإغاثية والإعلامية والاقتصادية وغيرها. والذي ينجح في إدارة مدرسة له الحق أن يطمح في إدارة تجمع تعليمي. والواقع محك في قدرة الإنسان شخصيا على النجاح كما أن فيه تصحيحا للكثير من الأفكار والأطروحات العلمية المجردة.
ثالثا: الواجب على المسلمين التعاون فيما بينهم على البر والتقوى. وأن يتناصحوا فيما اختلفوا فيه حتى يكثر الخير ويقل الشر في صفوفهم. وأن يبتعدوا وسعهم عن التعصب للمناهج والاتجاهات والمدارس الفكرية. فالخير متفرق في الأمة ولاتحتويه طائفة بعينها. وإن كان بعضهم أقرب إلى الحق من بعض. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
***
زكاة الدين
* السؤال: إذا كان للرجل دين على رجل آخر، فهل يزكي هذا المال أم لا؟
الجواب: اختلف العلماء في زكاة الديون على أقوال. هذه خلاصتها:
1 قيل تجب الزكاة في الدين مطلقا، سواء كان على ملئ أو معسر. حالا أو مؤجلا. على مقر بالدين أو جاحد له. ويزكيه إذا قبضه لما مضى من السنين. وهذا قول الثوري وأبي عبيد. وهو المشهور عند متأخري الحنابلة (أنظر: الكشاف2/173. والإنصاف 3/18 والمغني وغيرها. .) ومن حجتهم ما صح عن علي رضي الله عنه في الدين المظنون. قال: إن كان صادقا فليزكه إذا قبضه لما مضى. والأثر عنه رواه أحمد بسنده. كما في مسائل عبد الله ابنه (2/532) قال: حدثنا يحيى بن سعيد. قال: أخبرنا هشام عن محمد عن عبيدة السلماني عن علي رضي الله عنه، وهذا إسناد صحيح، ورواه عبد الرزاق (7116) عن هشام بن حسان به. بلفظ مقارب وأصحاب هذا القول يرون أن وجوب الزكاة يعتمد على الملك دون اليد. بدليل أن ابن السبيل تجب الزكاة في ماله، وإن كانت يده فائتة عنه. ومثله وجوب الزكاة في الوديعة.
2 وقيل لا تجب الزكاة في الدين مطلقا. وهو رأي ابن حزم كما في المحلى (مسألة696) وهو رواية عن الإمام أحمد كما في الإنصاف (3/18) وهذا القول في مقابل القول الأول ويرى أصحاب هذا القول أن الدين يجب في الذمة. ولعل الذهب أو الفضة، اللذين له عنده في المعدن بعد. ولعل المواشي التي عنده لم تخلق بعد. فكيف تلزمه زكاة ما هذه صفته؟ فالزكاة تجب في عين المال {خٍذً مٌنً أّمًوّالٌهٌمً صّدّقّةْ} ولذلك وجبت الزكاة في مال الصبي والمجنون. لأنها واجبة في عين المال. والدين إنما يجب في الذمة. وما وجب في الذمة لا تجب فيه الزكاة.
3 وقيل يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة. وهذا مذهب مالك كما في الموطأ (1/253) قال: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه. وإن أقام عند الذي هو عليه سنين ذوات عدد ثم قبضه صاحبه لم تجب عليه إلا زكاة واحدة.... إلخ ونظرة الإمام مالك رحمه الله تعالى بالعروض، عروض التجارة. تكون عند الرجل أعواما ثم يبيعها فليس عليه في أثمانها إلا زكاة واحدة. وجاء في المدونة (1/ 315) قال أشهب عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن دينار حدثه. عن عبد الله بن عمر أنه قال: ليس في الدين زكاة حتى يقبضه. فإذا قبضه فإنما فيه زكاة واحدة لما مضى من السنين. ثم ساق أشهب بسنده إلى سعيد بن المسيب أنه سئل عن زكاة الدين. فقال: ليس فيه زكاة حتى يقبض فإذا قبض فإنما فيه زكاة واحدة لما مضى من السنين. وهكذا روي عن عطاء بن أبي رباح. أنه قال: ليس في الدين زكاة وإن كان في ملاء حتى يقبضه من صاحبه.وعن عطاء أنه قال: ليس في الدين إذا لم يأخذه عن صاحبه زمانا ثم أخذه أن يزكيه إلا مرة واحدة. ومثله الحسن البصري. وهذا يدل على أن هذا القول مشهور عند السلف كما ترى من ثبوته عن ابن عمر رضي الله عنه وغيره. ولعلهم اعتبروه بالثمرة تجب زكاتها عند تحصيلها مرة واحدة.
3 وقيل: إن كان الدين على ملئ وجبت فيه الزكاة. وإن كان على معسر، أو جاحد لم تجب فيه حتى يقبضه. ثم: هل يزكيه لسنة واحدة. أو لما مضى؟ وفي المسألة أقوال أخرى وتفصيلات. وسبب الخلاف في المسألة يعود إلى عدم وجود نصوص مرفوعة في المسألة من جهة. ويعود من جهة أخرى إلى النظر في سبب الوجوب. هل هو مجرد التملك أو لا بد أن يكون مملوكا له. ويده عليه؟ وكل هذه الأقوال المذكورة وغيرها مما ذهب إليه أهل العلم كالشافعي وأبي حنيفة. فهي أقوال مبنية على نظر واجتهاد. ولا تثريب على من رجح منها شيئا. أو أخذ به عن تحر والتماس للصواب. والذي أميل إليه منها ما ذهب إليه الإمام مالك من أنه لا تجب عليه زكاة الدين حتى يقبضه في زكيه لسنة واحدة. إن كان حال عليه الحول. وذلك لما ورد من النصوص المتعددة عن السلف في هذا القول. ومنها ما سبق حكايته من النقل عن ابن عمروسعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء وغيرهم. ولأنه قول متوسط بين من يمنع الزكاة الدين مطلقا، ومن يوجبها مطلقا. ولأنه يراعي حظ الفقير من جهة، وحظ صاحب المال من جهة أخرى، ولسلامته من التفصيلات التي لا تطرد ولا دليل عليها. مثل تقسيم الدين إلى دين قوي ومتوسط وضعيف كما هو مذهب الإمام أبي حنيفة. وحتى التقسيم إلى ملئ وغير ملئ لا ينضبط. وقول علي رضي الله عنه قد يدل ظاهره على أنه يزكيه إذا قبضه عما مضى. ومثل ذلك التقسيم إلى مؤجل وغير مؤجل. والمسألة اجتهادية كما سبق. نسأل الله أن يلهمنا الرشد ويعصمنا وإياكم من الزلل. والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
***
نهج البلاغة هل هو مجموعة خطب الإمام علي رضي الله عنه؟
* السؤال: هل تصح نسبة كتاب (نهج البلاغة) لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
الجواب: نهج البلاغة هو مجموعة خطب منسوبة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. وجامعه هو الشريف المرتضي، نقيب العلوية، أبو طالب، علي بن حسين بن موسى الكاظم. كما ذكر ذلك الذهبي في السير (17/589) وقيل: جامعه أخوه الرضي. كما ذكر ابن خلكان في وفيات الأعيان (3/313). وقد قرأت الكتاب فوجدت أن شقشقة ألفاظه وتراكيبه وأسجاعه وغرائبه مما لا يصدق أحد أن مثل أمير المؤمنين يقولها ؛ فإن فيها من التكلف والإغراب والنكارة ما لا يخفى على أحد. وخطب علي رضي الله عنه مبثوثة في كتب الأدب والتاريخ. كتاريخ الطبري وابن كثير والأصفهاني. وابن عبد ربه. وتواريخ الخلفاء. وفي خطبه من القوة والبلاغة والسهولة ما يليق بمقامه رضي الله عنه فهو أحد فصحاء العرب ومقاويلهم ومصاقع خطبائهم. أما هذه الأسجاع والغرائب فهي من فعل المتأخرين. وهذا لا يمنع أن يكون في الكتاب أشياء صحيحة مما قاله الإمام رضي الله عنه، وفيه ما ينقض أقاويل الشيعة وعقائدها فيه. وفي أصحاب النبي الكريم عليه الصلاة والتسليم ورضي الله عنهم أجمعين. وقد شهد بذلك جمع من المؤرخين. فقال الذهبي عن الكتاب: كتاب «نهج البلاغة». المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي رضي الله عنه . ولا أسانيد لذلك. وبعضها باطل. وفيه حق. ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها. ولكن أين المنصف؟!! «. وقال في ميزان الاعتدال (3/124): ومن طالع كتاب نهج البلاغة جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين. ففيه السب الصراح والحط على السيدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. وفيه من التناقض والأشياء الركيكة. والعبارات التي من لهم عرفة بنفس القرشيين الصحابة وبنفس غيرهم ممن بعدهم من المتأخرين. جزم بأن الكتاب أكثره باطل ». وقال ابن خلكان (3/313): وقد قيل: إنه ليس من كلام علي رضي الله عنه، وأن الذي جمعه ونسبه إليه هو الذي وضعه ونحو هذا ذكر ابن الجوزي في كتابه المنتظم (8/121) وابن كثير في البداية والنهاية في التاريخ (12/53) وغيرهم من أهل التحقيق. وقد روى مسلم في مقدمة صحيحه (1/14) عن أبي إسحاق قال: لما أحدثوا تلك الأشياء بعد علي رضي الله عنه، قال رجل من أصحاب علي: قاتلهم الله. أي علم أفسدوا. كما روي عن طاووس قال: أتي ابن عباس بكتاب فيه قضاء علي رضي الله عنه. فمحاه إلا قدر... وأشار سفيان بن عيينة بذراعه. إن عليا رضي الله عنه من الأئمة المهديين، وهو أول من أسلم من الصبيان. وزوج بنت رسول الله، وصفيه وحبيبه، ورابع خلفائه، وهو من أكثر الصحابة زهدا وأعظمهم شجاعة وبأسا. وله من الصدق والعدل والإنصاف ما هو فيه بالمحل الأرفع. وسيرته دروس تتلى يتعلم منها الناس مكارم الأخلاق. ولم يكن من شأنه السب والشتم. وحاشا مثله من مثل ذلك. وقد أنكح بنته عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وكان مع إخوانه من الصحابة على سنة الوفاق والمحبة والإخاء الذي عقده بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانت أفعاله أكثر من أقواله وبلاء الناس أبدا هو الغلو في الأكابر ونسج الأساطير حولهم. فيسيئون إليهم. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. والله أعلم.
***
هل نكشف وجوه الأموات؟
* السؤال: هناك مجموعة أسئلة أرجو التكرم بالإجابة عنها، مع جزيل الشكر.
(1) يوزع في بلادنا بين الحين والآخر أثر من الآثار اشتهر على ألسنة الناس وخاصة المدرسين منهم. وهذه مقتطفات منه «سيأتي أقوام يوم القيامة إيمانهم معجب فيقال: بشراكم اليوم... إن إيمان أحدهم بأربعين منكم وشهيد أحدهم بأربعين من شهدائكم... وهم في أكناف بيت المقدس... «وفي ختام الأثر انه عبارة «رواه البخاري» وعند البحث في البخاري لم نعثر عليه. أرجو تبيان ما إن كان لهذا الأثر أصل. وإن كان كذلك فمن هو راوي هذا الأثر؟ مع الشكر الجزيل.
(2) في فلسطين؛ كما تشاهد في تشييع الجنازات يعمد المشيعون إلى كشف وجه الشهيد أثناء التشييع. هل ورد في هذا الأمر سنة أو هو بدعة؟ وخاصة أن الشهيد قد يكون على هيئة غير محببة للمشاهد. خاصة إذا كان أثر قتله على وجهه أرجو توضيح ذلك. بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.
الجواب:
(1) الحديث المذكور باطل مختلق لا أصل له في البخاري. ولا في غيره من كتب السنة.
(2) أما كشف وجه الميت. فقد جاء في صحيح البخاري (1165) عن عائشة رضي الله عنها أن الصديق رضي الله عنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ميت، وهو مسجى ببرد حبرة. فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله، ثم بكى، وقال: بأبي أنت وأمي يا نبي الله لا يجمع الله عليك موتتين. أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها... الحديث. رواه مسلم (4101) والنسائي وغيرهم. وجاء مثله عن عباس: أن أبا بكر كشف عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم وهو ميت. رواه أحمد (3291). فكشف وجه الميت لمثل هذا جائز. وقد جاء في شأن المحرم: (لا تغطوا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا). وجاء في شأن ابن صياد لما مات أن الصحابة كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس وقيل لهم: اشهدوا، وهذه الأحاديث تدل على أنه إن كان لكشف وجه الميت حاجة فلا بأس بذلك. وإن لم يكن له حاجة فالسنة تغطيته في الكفن. لما في صورة الميت من الهيئة التي لا يحسن ظهورها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

..... الرجوع .....

الجريمة والعقاب
تكنولوجيا الحرب
النصف الاخر
الطب البديل
تحت المجهر
تربية عالمية
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
عواصم ودول
نادي العلوم
داخل الحدود
الصحة والتغذية
الصحة والتأمين
الملف السياسي
فضائيات
الفتاوى
السوق المفتوح
معالم عالمية
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved