الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 24th January,2006 العدد : 157

الثلاثاء 24 ,ذو الحجة 1426

صباح الخير..!!
تشرق الشَّمسُ صباحَ كلِّ يوم..
تسبقنا العصافير بأصواتها وزقزقاتها في إعلان مولد يومٍ جديد..
تدبُّ الحركة، حركة الناس، وكأنهم على موعد مع ما جَدّ من جديد.
***
برنامج مكرَّر لكلٍّ منا..
يبدأ مع الصباح الباكر، ولا ينتهي إلاّ في الهزيع الأخير من الليل..
كفاح وعرق..
وصراع لا ينتهي مع ما هو مؤمَّل أو منتَظر.
***
لا يعرف المرءُ بِمَ هي حبلى به أيامه القادمة..
وماذا تحمل له حياته مما يتمنَّى أو لا يتمناه..
وبأيّ صورة سيتعامل المرء مع مفاجآت قد تنتظره من حين لآخر..
فهذا الغموض جزءٌ من متعة الحياة التي لا نعرف كم ستكون أعمارنا فيها.
***
مع أشعَّة الشَّمس، وفي بواكير صباح كلِّّ يوم، تتسابق الأفكار والتأملات حول ما ينبغي أن يكون أو ما قد يستجد خلال الزمن القادم..
كلٌّ يفكر في قَدَرِه بالحياة، ما يتمنَّاه وما يخطِّط له، وما يعمل من أجله مصحوباً بالكثير من التوقُّعات التي قد تأتي، وقد لا يناله أي نصيب أو شيء منها.
***
الشمس بأشعتها الذهبية تدقُّ الأبواب المغلقة..
تتسلَّلُ برفقٍ وهدوءٍ إلى الغرف المظلمة لتوقظ من بقيَ نائماً، مذكِّرةً إياه باليوم الجديد..
فيما الحركة تبدو في الخارج صاخبةً وتدُبُّ بشكل مثير لمن اعتاد أن ينام مبكِّراً ويستيقظ كذلك.
***
هكذا هم الناس في عالمنا الواسع الفسيح..
من يتسابقون إلى حيث مواقع أعمالهم..
ومن اعتاد منهم أن يمضي نهاره بالنوم والتشاغل عن أداء واجباته ومسؤولياته دون أن يفكر في أضرار هذا السلوك عليه وعلى الوطن والمواطن.
***
ومع الصحو المبكر..
والاستيقاظ في الوقت المناسب..
مع نسمات الصباح الباردة..
وهوائه العليل..
يدرك المرء ما في ذلك من فعل لهذه الحيوية والنشاط التي تبدو على وجوه ومحيا وحركة وتفكير أولئك الذين اعتادوا أن يكونوا بعيدين عن غرف النوم في وقت مبكر من صباح كل يوم جديد.
***
تلك بعض خَطَراتٍ صباحية كانت محورَ تفكيري وتأملاتي..
ربما كانت باردة مثلما هو طابع الساعات الأولى من كلِّ صباح..
وقد لا تكون كذلك، لكنَّها في كلّ الحالات والأحوال تحاول أن تتقمَّص شخصية المشهد بين نموذجين من الناس..
الصورة ربما أنها لم تتكامل أو تتضح بما فيه الكفاية للتعبير عن الواقع..
لكنها محاولة للاقتراب من الحالة، من الصورة الباهتة في بعض جوانبها، المشرقة من جوانبها الأخرى..
نعم.. إنها محاولة.. ليس إلاَّ!!.


خالد المالك

خطوط السكك الحديدية في العالم.. نشأتها وتطورها (1-3)
شبكة حديد الخليج قد تكون نواة لربط مدن الشرق الأوسط كافة

إعداد -خالد حامد وأشرف البربري:
تعتبر المنطقة العربية من أوائل مناطق العالم التي عرفت السكك الحديدية والقطارات من خلال ثلاثة مشروعات عملاقة الأول أقيم في مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والثاني في الجزيرة العربية وعُرف باسم خط سكك حديد الحجاز - الشام، حيث كان يربط بين بلاد الشام التي تضم حالياً سوريا ولبنان وفلسطين بإقليم الحجاز في شبه الجزيرة العربية، حيث توجد الأماكن المقدسة، والثالث عرف باسم خط سكك حديد برلين - بغداد وكان الهدف أن يربط بين العاصمة الألمانية برلين وساحل الخليج العربي مروراً بالعراق ولكن المشروع لم يُكتب له النجاح.
وحول فكرة إدخال خدمة المترو في المملكة يقول الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين في مقال نُشر بجريدة (الجزيرة) بعنوان (المترو هو الحل) أن القاهرة مثلاً ولا يقاس عدد سكانها على سكان الرياض وجدة ولكنها ازدحمت إلى حد لم تجد فيها الجسور الكثيرة والأنفاق التي أقيمت وشيّدت ولذلك جنحت إلى المترو منذ سنوات وخفف ذلك من الضغط على الشوارع والأحياء في العاصمة المصرية. وتابع أبومدين قائلاً: (المترو) إذا بالقياس إلى المدن المزدحمة ويزداد ازدحامها كالحال عندنا في الرياض وجدة هو الحل بجانب مشروعات الجسور والأنفاق ولا مفر من اللجوء إلى المترو طال الزمن أو قصر غير أنه كلما سارعنا في تنفيذ المشروع خير لأن الإرجاء وإطالة التفكير فيه يؤدي إلى مزيد من اختناقات شوارعنا في جدة والرياض، فهما المدينتان الكبيرتان اللتان يسعى الناس إلى السكن والإقامة فيهما.
خط سكك حديد الحجاز - الشام
بعد دخول القطار إلى مصر في منتصف القرن التاسع عشر عرفت الجزيرة العربية والشام السكك الحديدية من خلال مشروع خط سكك حديد الحجاز - الشام الذي ربط بين بلاد الشام والأماكن المقدسة في السعودية وكان أحد أهم المشروعات الإستراتيجية في المنطقة في هذا الوقت.
ويعتبر خط سكة حديد الحجاز من أهم إنجازات السلطان العثماني عبد الحميد الثاني من الناحية السياسية والدينية والحضارية؛ إذ استطاع هذا المشروع العملاق الذي امتد العمل فيه ثماني سنوات متتالية أن يقدم خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام، تمثلت في اختصار وقت هذه الرحلة الشاقة التي كانت تستغرق شهورا إلى أيام معدودة.
وقد شارك المسلمون في مختلف دول العالم الإسلامي في تحقيق حلم خط سكك حديد الحجاز - الشام وتبرعوا له من أموالهم، وغطت هذه التبرعات ثلث تكاليفه.
وكان إنشاء خطوط السكك الحديدية لربط أجزاء الدولة العثمانية المترامية الأطراف سياسة عليا للسلطان عبد الحميد الثاني، فالشام والحجاز لم يشهدا خطوطا حديدية إلا في عهده، فكان الخط الحديدي من يافا إلى القدس عام 1888 أول الخطوط الحديدية في الشام، واستهدف السلطان من إنشائه خدمة المسيحيين القادمين من أوروبا بحراً إلى يافا قاصدين الأماكن المسيحية المقدسة في بيت المقدس، وبلغ طول هذا الخط 87 كم، كذلك تم إنشاء خط حديدي بين دمشق وبيروت بطول 147كم كان يقطعها القطار في ست ساعات.
وقد واجه المشروع صعوبات تمويلية، منها ضخامة تكلفته التي قدرت بنحو 3.5 ملايين ليرة عثمانية في الوقت الذي كانت الدولة العثمانية تواجه أزمة مالية طاحنة، فضلاً عن ذلك فإن السلطان عبد الحميد أراد أن يضفي على مشروعه الطابع الإسلامي؛ ومن ثم أراد أن يتم إنشاء المشروع برأسمال إسلامي دون اللجوء إلى بيوت المال الأجنبية الربوية، فوجه عبدالحميد نداءً إلى العالم الإسلامي عبر سكرتيره (عزت باشا العابد) للتبرع للمشروع. ولقي هذا النداء استجابة تلقائية من مسلمي العالم وانهالت التبرعات، وكان اتساع نطاق هذه التبرعات مظهراً عملياً لحركة الجامعة الإسلامية.
تشكلت لجنتان - بعد قرار السلطان عبد الحميد - للإشراف على تنفيذ المشروع، الأولى برئاسة عزت باشا العابد ومقرها اسطنبول، والأخرى للتنفيذ ومقرها دمشق برئاسة والي الشام. وقام مهندس عثماني بمسح المنطقة التي يمر بها الخط بين دمشق والمدينة المنورة، وكانت سياسة الدولة العثمانية آنذاك هي الاعتماد على المهندسين المسلمين وعدم جلب مهندسين أجانب إلا عند الضرورة.
وتتبع الخط الحجازي بصفة عامة الطريق القديم الذي كانت تسلكه قوافل الحجاج، ولم يحد عنه إلا في بعض المناطق الوعرة، وتم تخصيص بعض القوات العسكرية لحماية العاملين في المشروع.
بدأ العمل في المشروع في سبتمبر 1900 في منطقة المزيريب من أعمال حواران ببلاد الشام، ثم قررت الحكومة العثمانية إيصال الخط الحجازي إلى دمشق، لذلك قررت إنشاء خط درعا - دمشق، وباشرت العمل من دمشق ومزيريب في وقت واحد، وعهدت إلى مهندسين ألمان بإنشاء الخط، لكنها لم تسمح إلا للمهندسين المسلمين بالعمل في مد الخط في المنطقة الواقعة بين العلا والمدينة المنورة.
ولمواجهة نقص العمال وتوفير النفقات استخدمت قواتٌ من الجيش العثماني بلغ عددها زهاء ستة آلاف جندي ومائتي مهندس كانوا يعملون في الخط بصفة دائمة. كذلك كانت السيول الجارفة إحدى العقبات التي شكلت خطورة كبيرة وحقيقية على الخط الحجازي في مرحلتي البناء والتشغيل؛ لذلك قام المهندسون بإنشاء مصارف للسيول على طول الخط الرئيسي.
وتعد تكاليف الخط الحجازي من أقل تكاليف خطوط السكك الحديدية في الدولة العثمانية على الإطلاق رغم ضخامة وكثرة منشآته، فقد بلغ مجموع تكاليفه - بما في ذلك القطارات والعربات وسائر المباني على طول الخط - حوالي أربعة ملايين و283 ألف ليرة عثمانية.
كما تميّزت معدلات الإنجاز في إنشاء الخط بارتفاع ملحوظ؛ إذ وصل متوسط معدل الإنجاز السنوي حوالي 182 كيلومتراً وهو معدل مرتفع جداً آنذاك، مقارنة بمعدلات الإنجاز الأخرى.
وقد وصل أول قطار إلى المدينة المنورة في 23 أغسطس 1908م وأقيم الاحتفال الرسمي لافتتاح الخط الحديدي بعد ذلك بأسبوع ليصادف ذكرى تولي السلطان عبد الحميد الثاني السلطنة.
أدى الخط الحجازي خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام؛ حيث استطاع حجاج الشام والأناضول قطع المسافة من دمشق إلى المدينة المنورة في خمسة أيام فقط بدلاً من أربعين يوماً، مع العلم أن الوقت الذي كان يستغرقه القطار هو (72) ساعة فقط، أما بقية الأيام الخمسة فكانت تضيع في وقوف القطار في المحطات وتغيير القاطرات. وساعد الخط الحجازي في نهضة تجارية واقتصادية لمدن الحجاز، وكافة المدن الواقعة على امتداد الخط، ومنها مدينة حيفا التي تحولت إلى ميناء ومدينة تجارية مهمة، وكذلك المدينة المنورة. كذلك ظهرت مجتمعات عمرانية نتيجة استقرار بعض القبائل والتجمعات البدوية على جانبي الخط في بعض الجهات واشتغالهم بالزراعة.
ومن مظاهر حركة العمران التي صاحبت إنشاء الخط إضاءة المدينة المنورة بالكهرباء لأول مرة، حيث ابتدأت إنارة الحرم النبوي الشريف يوم افتتاح سكة الحديد، وتم جعل المدينة المنورة محافظة مستقلة مرتبطة مباشرة بوزارة الداخلية العثمانية.
استمرت سكة حديد الحجاز تعمل بين دمشق والمدينة المنورة ما يقرب من تسع سنوات نقلت خلالها التجار والحجاج، وعندما نشبت الحرب العالمية واشتعلت الثورة العربية الموالية لبريطانيا بقيادة الشريف حسين واستولت على معظم مدن الحجاز، لم تستطع هذه القوات الثائرة السيطرة على المدينة المنورة بسبب اتصالها بخط السكة الحديدية ووصول الإمدادات إليها، واستطاعت حامية المدينة العثمانية أن تستمر في المقاومة بعد انتهاء الحرب العالمية بشهرين؛ لذلك لجأ الشريف حسين - تنفيذًا لمشورة ضابط الاستخبارات البريطاني لورانس - إلى تدمير الخط ونسف جسوره وانتزاع قضبانه في عدة أجزاء منه، وكانت الذريعة التي سوّلت للحسين القيام بهذا العمل تتمثَّل في احتمال قيام (أحمد جمال باشا) قائد الجيش العثماني الرابع باستغلال سكة حديد الحجاز في نقل قواته لضرب الثورة العربية في عقر دارها.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تغيّرت الخريطة السياسية لكل من الشام وشبه الجزيرة العربية وأصبح خط سكة حديد الحجاز يمر بأراضي أربع دول سوريا والأردن وفلسطين والسعودية، فسيطرت كل دولة على الجزء الذي يمر في أراضيها، وأيّدت عصبة الأمم ذلك التقسيم على يد القانوني السويسري (أوجين بورل) 1925 . وقد تعددت محاولات إعادة الحياة لهذا الخط الحجازي، ومنها مؤتمر الرياض عام 1955 الذي ضم سوريا والأردن والسعودية، ولكن لم توضع قراراته موضع التنفيذ.
خط الدمام - الرياض
وجرياً على الحكمة القائلة إن ما لا يدرك كله لا يترك جله قررت حكومة المملكة العربية السعودية في عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - إقامة خط حديدي يربط بين أهم مركزين في المملكة، حيث العاصمة الرياض والمنطقة الشرقية على الخليج العربي وذلك في خمسينيات القرن العشرين.
وقد أنشئ أول خط حديدي بالمملكة بأمر من الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وذلك عام عام 1947 ليربط ميناء الدمام ومدينة الظهران بالمنطقة الشرقية، وقد تم تنفيذه تحت إشراف شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) لغرض نقل البضائع من ميناء الدمام الذي أنشئ لهذا الغرض.
ثم أصدر جلالة الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - تعليماته لشركة أرامكو لدراسة إمكانية إيصال هذا الخط الحديدي إلى مدينة الرياض ليؤدي دوره بشكل أكمل، وخصوصاً أنه يمر بمدن ومناطق حيوية كثيرة مثل: بقيق، والإحساء، والخرج. وفي عام 1952 تم الانتهاء من تنفيذ الخط الحديدي بين الدمام والرياض، مروراً بمحطات عديدة في المدن التي أنشئت على امتداد الخط.
وتولت شركة أرامكو إدارة الخط الجديد في البداية حتى أنشئت مصلحة حكومية للسكك الحديدية وهي المصلحة التي تحولت إلى مؤسسة سكك حديد السعودية في العشرين من مارس عام 1966م.
وقد اهتمت المملكة العربية السعودية مؤخراً بالسكك الحديدية كوسيلة اقتصادية فعَّالة لنقل الركاب والبضائع خاصة في ظل التوسع العمراني والإنمائي في مختلف أنحاء المملكة وتحول العديد من مناطقها إلى مراكز اقتصادية تحتاج إلى وسائل النقل السريعة والآمنة والاقتصادية للربط بينها.
ولذلك شملت خطة التنمية الثانية من عام 1395 هجرية حتى عام 1400 هجرية اعتماد مبالغ مالية بلغت 1100 مليون ريال لتنفيذ مجموعة من مشروعات السكك الحديدية منها تجديد الخط الحديدي القديم بالكامل. وإنشاء مشروع الميناء الجاف بالرياض.
وقد شهدت ازدياداً في نقل الركاب، كما ارتفعت إيرادات نقل البضائع، واستمرت النظرة المتفائلة للمستقبل الموعود لهذا المرفق، وعززت هذا التفاؤل الأرقام المعتمدة ضمن الخطة الخمسية الثالثة، حيث بلغت 4.5 مليارات ريال، تم الاستفادة منها في استكمال البنية التحتية ونفذت مجموعة من المشاريع الأساسية أهمها ازدواج الخط الحديدي بين الدمام والرياض.
وفي نوفمبر عام 2003 طرحت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السعودية مشروع خط سكك حديد الغربية، بحيث يربط الرياض بميناء جدة على الساحل الغربي.
أهمية إستراتيجية
وعلى الرغم من إدراك العديدين لأهمية وضرورة السكة الحديد، إلا أنه ومع الأسف تبقى تجربتها في السعودية متواضعة جداً. وهناك أكثر من حاجة لمشاريع فورية لتخفيف العبء على الخطوط الجوية السعودية. فوجود خطوط سكة حديد تربط ما بين جدة والرياض ضروري للغاية، وبالمثل خط ما بين جدة والمدينة، وخط ما بين الرياض وأبها، وجدة وأبها كذلك، إضافة طبعاً إلى خطوط أخرى غيرها.
والمساحة الجغرافية الهائلة التي تشكِّل الأراضي السعودية تجعل السكة الحديد مطلباً أساسياً وحيوياً وإستراتيجياً أيضاً، فهي حل اقتصادي شامل يفي بالمتطلبات وبصورة ممتازة. وهناك العديد من التفسيرات التي تظهر بين الحين والآخر على الساحة لتوضيح سبب التأخير في اعتماد السكة الحديد وخطوطها الجديدة.
شبكة سكك حديد خليجية
وقد ظهرت إلى الوجود عام 2000 فكرة إقامة شبكة سكك حديدية تربط بين دول مجلس التعاون الخليجي الست وهي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان والبحرين والكويت.
ويرى الخبراء أن مثل هذه الشبكة من شأنها زيادة الروابط التجارية بين بلدان المنطقة وتخفيف الازدحام المروري والتلوث.
ويقول الأمين العام للاتحاد العربي للسكك الحديدية مرهف صابوني إن هناك اهتماماً واضحاً بالاستثمار في هذا القطاع حتى وإن كانت خطط بعض الدول أكثر تطوراً من خطط دول أخرى.
ويضيف الدكتور صابوني أن شبكة حديد الخليج قد تكون نواة مشروع يربط كافة مدن الشرق الأوسط أسوة بالشبكة الأوروبية التي تصل منذ زمن بعيد معظم بلدان القارة الأوروبية, وهو ما سيعكف على دراسته مؤتمر حول مستقبل سكك الحديد في الدول العربية تحتضنه دبي.
ويتوقع الدكتور صابوني أن يصبح التنقل بين دول الشرق الأوسط بعد 10 سنوات عبر قطارات عالية السرعة، وشدد على أن هناك الكثير ينبغي عمله الآن وخاصة أن طول سكك الحديد الخليجية يبلغ حوالي 2000 كيلومتر تبدأ من الحدود العراقية الكويتية وتصل إلى عمان مروراً بالسعودية وقطر محاذية لساحل الخليج العربي.
ربط بيروت ودبي بالقطار
وفي إطار محاولات لبنان تأكيد مكانته كمركز تجاري وسياحي رئيسي في المنطقة العربية أعلن عن مشروع لبناني لإقامة خط سكك حديدية يربط بين مرفأ بيروت ومدن وموانئ دول الخليج العربي، ومنها دبي.
وقال رئيس غرفة الملاحة الدولية في لبنان جوزف زخور إن هناك مشروعات يتم إعدادها لربط مرفأ بيروت بمدن دول الخليج العربي، وخصوصاً دبي، عبر شبكة سكك حديدية. ويضيف: أن بناء هذه الشبكة سوف يؤدي إلى ربط البحر الأبيض المتوسط بالخليج العربي براً، ما يجعل مرفأ بيروت أهم محطة للترانزيت البحري والبري في المنطقة. وفي حالة تنفيذ المشروع سيصبح بإمكان السفن الآتية من القارتين الأمريكية والأوروبية أن تفرغ حمولتها في مرفأ بيروت، حيث يعاد نقلها بالشاحنات أو السكك الحديدية إلى دول الخليج العربي، ومن ثم بحراً إلى جنوب شرقي آسيا والشرق الأقصى. وبالإمكان الجزم أن الرحلة بواسطة السكك الحديدية من المرفأ اللبناني إلى دبي لن تستغرق إلا ثلاثة أيام فقط.
سوريا والسكك الحديدية
وكما ذكرنا آنفاً فقد كانت سوريا من أوائل الدول العربية التي دخلت عالم السكك الحديدية وبخاصة منذ التفكير في مد خط سكك حديد الحجاز الشام وربطه بدمشق عاصمة الإقليم السوري الذي لم يكن قد ظهر إلى الوجود بعد.
فقبل الحرب العالمية الأولى لم يكن هناك دولة اسمها سوريا وكانت بلاد الشام عبارة عن ولايات عثمانية ذات تقسيم جغرافي مختلف. وبعد الحرب العالمية الأولى تأسست مملكة هاشمية في سوريا تحت قيادة الملك فيصل بن الحسين ولكنها لم تستمر طويلاً، حيث أطاحت بها قوات الاحتلال الفرنسي التي حصلت على حق الانتداب على سوريا ولبنان في إطار تقسيم تركة الدولة العثمانية في الشرق بين فرنسا وبريطانيا.
ورغم انهيار خط الحجاز الشام شهدت شبكة السكك الحديدية في سوريا تطورات عديدة خلال الربع الثاني من القرن العشرين، حيث كان الاحتلال الفرنسي ينظر إلى ضرورة وجود شبكة مواصلات جيدة باعتباره قيمة إستراتيجية تضمن تحقيق أفضل عائد اقتصادي للاحتلال من ناحية وسهولة نقل القوات العسكرية لمواجهة أي ثورة من ناحية أخرى. وبعد استقلال سوريا أواخر الأربعينيات استمر تطوير شبكة السكك الحديدية باعتباره وسيلة نقل إستراتيجية.
تشكِّل شبكة السكك الحديدية الموجودة حالياً في سوريا، والتي يبلغ مجموع أطوالها 2550 كم، بنى تحتية متميزة، وهي مؤلفة من مؤسستين أساسيتين، وهما المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي ومقرها في دمشق، والمؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية ومقرها حلب، وطبعاً إضافة لنقل الركاب، فهي تهتم بنقل البضائع الزراعية والصناعية والفوسفات والنفط.. ولكن لا تزال الشبكة تعاني من تدني عائدها الناجم عن نقص في العربات والمقطورات، وحاجة بعض الخطوط إلى الصيانة، ولا تتجاوز الطاقة المستغلة حالياً عشرة ملايين طن من أصل 83 مليون طن طاقة متاحة، وهي بحاجة إلى وصلات مع الدول المجاورة من جهة، والقيام بتحديثها وتطويرها من جهة أخرى.
وعن واقع السكك الحديد في سوريا قال الدكتور شفيق داود مساعد وزير النقل عن الوضع الراهن للسكك الحديدية السورية: (يوجد شكلان للخطوط الحديدية:
نظامي بطول 1435 ميل وخطوط ضيقة بطول 1050 ميل، وهذا يشكِّل نقصاً أو عيباً في بنية شبكة النقل، بالإضافة إلى أنه لم يكن هنالك ارتباط بين الموانئ ومناطق الإنتاج قبل عام 1970؛ ولذا تم افتتاح المحور الشرقي - الغربي الذي يصل بين ميناء اللاذقية والمنطقة الشمالية - الشرقية الغنية بمنتجاتها الزراعية والنفطية، مروراً بمدينة حلب التي تعد نقطة تقاطع محوري للخطين الرئيسيين. وفي عام 1985- 1986 تم افتتاح خط دمشق - حمص، الذي وصل وللمرة الأولى دمشق بشبكة الخطوط الحديدية السورية، بينما كانت دمشق متصلة بالعاصمة الأردنية عمان عبر الخط الحديدي الحجازي (الخط الضيق).
كما تم افتتاح خط دمشق ليكتمل المحور الشمالي الجنوبي أيضاً من دمشق - حلب وصولاً إلى الحدود التركية بعد حلب ووصولاً إلى الحدود الأردنية عبر درعا في إطار مشروع متكامل لإقامة خط سكك حديدية يربط إيران بالموانئ السورية على البحر المتوسط مروراً بالعراق.
وشكلت عام 2000 عام النقلة النوعية في المؤسسة وعام التطوير الإداري لها، وتم اختيار المؤسسة كنموذج لتطبيق برنامج التنمية الإدارية في سوريا؛ حيث عملت الإدارة لأول مرة على تسيير قطار بين دمشق وإستانبول، وآخر بين حلب والموصل فضلاً عن قطار دمشق - طهران؛ وأكد الدكتور شفيق داود أنه (في سياق التطوير تقوم حالياً وكالة التعاون الدولية اليابانية (الجايكا) بدراسة تطوير وتفعيل النقل بالخطوط الحديدية السورية، وقدمت بالفعل في أبريل 2000 المخطط الرئيسي لتطوير الشبكة الحديدية وتألف فريق الدراسة 14 خبيرًا يابانيًا). وأضاف أن الدراسة تشتمل إنشاء خطوط جديدة، كوصلات إلى دول الجوار، أو استكمال وصلات لم تتم بعد، وأيضاً تحديث نظام الاتصالات والإشارات، وزيادة السرعة، وبإزالة التقاطعات في مستوى واحد وبناء المعابر والجسور، ووضع خطة لتأهيل الخطوط القديمة باستبدالها ورفع كفاءتها.
وحدد د. كورودا رئيس فريق العمل في الدراسة متطلبات التطور في ضرورة زيادة قطارات الركاب وعربات النوم والقطارات السريعة وقطارات الشحن ونظام آمن للإشارات يقوم على اعتماد الحجز الآلي، وإنشاء خط مزدوج في بعض المقاطع، وتزويد الخطوط بإشارات ضوئية ملونة، وأجهزة تشابك إلكترونية، وأجهزة آلية لإيقاف القطارات على كل المقاطع، واعتماد نظام التحكم المركزي بالقطارات يكون مركزه في حلب، ودير الزور وحمص دمشق واللاذقية - ويشمل التطوير أيضاً الأدوات المحركة والمتحركة وتنظيم العمل في الورشات والمستودعات؛ حيث نصحت الدراسة بإنشاء عدة ورشات للقاطرات والشاحنات والعربات. كما أوصت بوضع نظام إشارات اتصالات متطور وجيد، وتوسيع حجم العمل في الشبكة بحيث تصبح في عام 2020 قادرة على شحن 44.388 ألف طن. وفي تحليلها المالي لعائد التطوير بينت الدراسة أن العائد الاقتصادي الداخلي لتشغيل الخطوط الحديدية يساوي 23.2% بينما التكلفة الرأسمالية هي 12% وبالتالي فإن المخطط العام ذو جدوى اقتصادية.
إحياء خط الحجاز
وأكّدت الدراسة التي أعدتها هيئة المعونة الدولية اليابانية (الجايكا) لصالح مؤسسة السكك الحديدية السورية على ضرورة تطوير الخط الحديدي الحجازي بناء على الدور المستقبلي لهذا الخط في نقل البضائع لمسافات طويلة من وإلى عمان وصولاً إلى المملكة العربية السعودية، ودوره في تشجيع السياحة، خاصة وصلة سرغايا، من خلال ثمانية أزواج من القطارات أسبوعياً في الصيف.
وتوقعت الدراسة أن يصل عدد السياح من دمشق إلى سرغايا عام 2020 إلى 177.519 ألف سائح، أيضاً يمكن أن يكون الخط الحجازي وسيلة جيدة للنقل إلى مطار دمشق الدولي، فمن المتوقع أن يصل عدد المسافرين جواً عام 2020 نحو 1.7 مليون مسافر بمعدل 60 إلى 70 رحلة طيران يومياً، وهذا يعني استعمال 20 ألف مسافر للخط الحديدي يومياً.
أيضاً يمكن أن يساهم الخط الحجازي في النقل الحضري بمدينة دمشق من خلال تطوير خط (فقطنا) وإنشاء خطوط حديدية حضرية أخرى في المدينة، وهنا يمكن القول: إن مؤسسة الخط الحجازي يمكن أن تكون مرشحة لتشغيل نظام النقل المحدد، إلا أن ذلك يحتاج إلى أموال كبيرة، فمثلاً إعادة تأهيل خط درعا يتكلف 736 مليون ليرة سورية، وتغيير مسار القدم - الحجاز (584 مليون ليرة). وإعادة تأهيل سرغايا (352 مليوناً) وإعادة تأهيل خط قطنا يكلِّف 443 مليون ليرة.


* يتبع

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
المستكشف
خارج الحدود
الملف السياسي
حوار
استراحة
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
مجتمعات
روابط اجتماعية
آفاق
ملفات FBI
صحة وغذاء
شاشات عالمية
تميز بلا حدود
أنت وطفلك
الحديقة الخلفية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved