الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 26th July,2005 العدد : 137

الثلاثاء 20 ,جمادى الثانية 1426

أسبوع الانفجارات
عربة المتفجرات تتحرك بسرعة مذهلة، وبأسرع مما تتصور..
تقطع مشوارها من لندن مروراً ببيروت وتحط رحاها بالقاهرة، بانتظار تحديد محطتها القادمة..
تلقي بجزء من حمولتها في القطارات ومحطات تنقل الركاب، وتخص الفنادق والأسواق التجارية بحصة منها..
وتخفي البقية محتفظة بها، لنشرها في المطاعم وبين المارة، وفي أماكن التسوق المزدحمة بالناس، بانتظار وجهتها القادمة..
***
يا إلهي:
أي نوع من الإرهاب هذا الذي قضى على حياة الأبرياء في لندن وشرم الشيخ وبيروت؟!..
ومن أي جنس وجنسية وقومية ودين ومذهب هذا الذي يقوم بمثل هذا العمل الإجرامي؟..
من ذا الذي يقف ويوجه ويدعم عملاً إرهابياً خطيراً وكبيراً كهذا دون أن يؤنبه أو يحاسبه ضميره؟..
***
إنها أحداث مأوساوية حقاًََ..
تدمي القلب..
وتؤذي المشاعر الإنسانية..
وتصبغ العواطف بالألم والحزن على رحيل هؤلاء الأبرياء..
فمن ذا الذي يقبل بهذا، وأي إنسان سوي وعاقل يمكن له أن يتفهم ما يجري حوله من ترويع وقتل بدم بارد لأناس لا ذنب قد اقترفوه بحق الناس أو المجتمعات والدول؟..
***
إذاً هو عمل مجنون..
لا يقدم عليه إلا من فقد عقله ووعيه وباع ضميره للشيطان..
وهو في جانب آخر، يُعد تصرفاً غير حضاري وعملاً إرهابياً يجب عدم الاستسلام له أو التسليم لمطالب فاعليه..
وعلى المجتمع الدولي والأمم المتحضرة أن تقاومه بكل السبل والوسائل المتاحة..
وبخاصة مع توسع المساحة التي يتحرك الإرهابيون في دائرتها، وينشرون الرعب والتخويف ويقتلون الأبرياء في أعمال إرهابية متواصلة..
***
ويؤسفني أن أقول إن الإرهاب بدأ ينمو بسرعة..
وإنه أخذ يتطور بما لا قدرة على ما يبدو للدول الكبرى على تطويق تفاعلاته والسيطرة على مصادر نموه..
بما يلقي على الدول الكبرى مسؤولية تقصي الأسباب الحقيقية ومعالجتها بشكل حازم وعادل..
وإلا فسوف تظل أيدي الإرهابيين قادرة على أن تمتد إلى كل مكان، إلى جميع الدول دون استثناء، وهم وحدهم من يحدد الزمان والمكان..
***
ولابد من التذكير، بأن القضاء على الإرهاب، وتجفيف منابعه ربما احتاج أولاً إلى التعامل مع القضايا الساخنة بعدل، وإذا اتفقنا على أن منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة الأكثر دموية في العالم بفعل ممارسات إسرائيل، فمن واجبنا أن نذكر بأهمية حل المشكلة الفلسطينية، وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، والتوصل إلى صيغة حكم عادل في العراق، من خلال دستور لا يستثني أحداً من المذاهب والقوميات..
وإلا فستظل المنطقة بؤرة للأعمال الإرهابية، وقد تكون مصدراً للإرهاب وعدم الاستقرار في أنحاء العالم على مدى سنوات قادمة وهو ما يعني تهديد أمن الجميع.


خالد المالك

width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
التضحية بالحريات المدنية أم بالأمن؟!
خيارات صعبة أمام الأوروبيين والأمريكيين بعد هجمات لندن

* إعداد أشرف البربري
مرة ثانية يجد الأوروبيون والأمريكيون أنفسهم في مواجهة خيار صعب بين الحفاظ على الحريات المدنية والحقوق العامة للمواطنين وضرورة زيادة صلاحيات الأجهزة الأمنية بما يضمن مواجهة التهديدات الإرهابية. صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية تناولت هذه القضية في كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
***
تقول الصحيفة: جاءت هجمات لندن الإرهابية في السابع من يوليو الحالي لتعيد الحياة إلى الجدل الدائر بشأن قضايا الأمن الداخلي في الكونجرس الأمريكي وبخاصة قانون مكافحة الإرهاب المعروف باسم (قانون الوطنية). والجدل يدور الآن حول كيفية حماية ركاب القطارات في الولايات المتحدة بعد أن كشفت هجمات لندن وقبلها هجمات مدريد في الحادي عشر من مارس 2004 أن مثل هذه القطارات باتت أهدافا مفضلة وسهلة لدى التنظيمات الإرهابية. ومن المنتظر زيادة الإنفاق المخصص لحماية شبكات القطارات وقطارات الأنفاق والحافلات العامة والتي تقلصت في مشروع موازنة العام الجديد لإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش.
كما عاد قانون مكافحة الإرهاب إلى بؤرة الجدل داخل أروقة الكونجرس بعد أن كشف التطبيق العملي له كم الجدل الذي أثاره لدرجة أن 382 مقاطعة وسبع ولايات أمريكية أصدرت تشريعات محلية ترفض الالتزام بقواعد هذا القانون.
وتتابع الصحيفة: بعيدا عن هذه التفصيلات فإن الهجوم الذي استهدف ركاب الموصلات العامة في لندن جاء في الوقت الذي تخضع فيه مجموعة كبيرة من استراتيجيات الأمن الداخلي الأمريكي للمراجعة من جانب الكونجرس بما في ذلك إعادة ترتيب أولويات إنفاق مخصصات الأمن الداخلي.
وفي الوقت الذي وافق فيه مجلس الشيوخ على تخصيص 31.9 مليار دولار للأمن الداخلي هذا الأسبوع فإن هناك أصواتا تطالب بزيادة الجهود المضادة للإرهاب على كل الجبهات من الموانئ إلى محطات الطاقة النووية الأمريكية ومصانع الكيماويات ودعم أجهزة الطوارئ المعنية بالتعامل مع أي هجوم إرهابي فور وقوعه. وقد يخضع القانون الخاص بالإجراءات الأمنية في المطارات إلى المراجعة من جديد.
وكانت لجنة تحقيق خاصة في هجمات الحادي عشر من سبتمبر قد حذرت من مواجهة الخطر الإرهابي وفقا لاستراتيجية (الحرب الأخيرة) التي يتم تكثيف الجهود والموارد فيها لفترة قصيرة من الزمن في ضوء صعوبة مراقبة ملايين الركاب في آلاف المحطات على امتداد الولايات المتحدة.
وقد تحولت هجمات لندن إلى جزء أصيل في الجدل الدائر بشأن الأمن الداخلي الأمريكي وأولويات الإنفاق في الكونجرس.
وقال قادة ديموقراطيون في الكونجرس في بيان (يجب على أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين يسيطرون على غالبية مقاعد المجلس التعامل بجدية مع الدروس المستفادة من هجمات لندن. فالتركيز على محاربة الإرهاب خارج الأراضي الأمريكية غير كاف لضمان عدم قيام هؤلاء الإرهابيين بمهاجمة الأراضي الأمريكية).
وقد طالب أعضاء الكونجرس من الديموقراطيين زيادة كبيرة في مخصصات تأمين شبكات السكك الحديدية وتأمين محطات الطاقة النووية ومصانع الكيماويات الأمريكية ودعم أجهزة الطوارئ. ويتضمن مشروع موازنة عام 2006 الذي قدمته إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تخصيص خمسة مليارات دولار لتأمين النقل الجوي في حين لم يخصص أكثر من 32 مليون دولار لتأمين خطوط المواصلات البرية من سكك حديدية إلى حافلات عامة.
في الوقت نفسه فإن عدم وقوع أي هجمات إرهابية على الأراضي الأمريكية منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 أدى إلى تراجع التأييد الشعبي لقانون مكافحة الإرهاب وما يتضمنه من قيود على الحريات المدنية للأمريكيين. فالقانون يسمح باستصدار أوامر اعتقال ضد الأمريكيين لمجرد الاشتباه كما يسمح لمكتب التحقيقات الفيدرالي بالاطلاع على وثائق المكتبات العامة لمعرفة طبيعة قراءات بعض الأشخاص وكذلك الاطلاع على وثائق وسجلات المستشفيات في إطار تحقيقات مكافحة الإرهاب.
وهذه البنود سوف تلغى بغروب شمس الحادي والثلاثين من ديسمبر المقبل إذا لم يصدر قانون جديد من الكونجرس بتجديدها. وهناك انقسام بين أعضاء الكونجرس بشأن تجديد هذه البنود. فالجمهوريون بشكل عام يؤيدونها. ويقول عضو مجلس النواب الأمريكي الجمهوري جيمس سنسنبرنر (لم يكن الحظ هو الذي حمى الأراضي الأمريكية من الهجمات الإرهابية منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001
يرأس سبنسبرنر لجنة الشؤون التشريعية في مجلس النواب الأمريكية. وقد بدأت اللجنة بالفعل مناقشة تمديد العمل بالبنود المقيدة للحريات المدنية في قانون مكافحة الإرهاب الأمريكي. وفي جلسات الاجتماع التي عقدتها اللجنة التشريعية بمجلس النواب الأمريكية بشأن تمديد العمل بهذه البنود حاول مسؤولو وزارة العدل الأمريكية التأكيد على أن أيا من هذه البنود سواء الإطلاع على سجلات المكتبات العامة أو المستشفيات أو مبيعات المسدسات والأسلحة الصغيرة قد طبقت في أضيق الحدود.
وفي هذا السياق تناقش اللجنة اقتراحا بتعديل مادة في القانون تؤكد على ضرورة ارتباط الحق في الاطلاع على سجلات المكتبات العامة والمستشفيات بتحقيقات تجري بالفعل في عملية إرهابية محتملة أو تمت وليس بغرض جمع معلومات روتينية عن أمريكيين عاديين.
ورغم ذلك فإن جماعات الدفاع عن الحريات المدنية وحقوق الإنسان في الولايات المتحدة مازالوا يشعرون بالقلق من التأثيرات السلبية لمثل هذه البنود على الحريات المدنية للأمريكيين.
تقول ليزا جريفس، كبيرة مستشاري اتجاه الحريات المدنية الأمريكي للاستراتيجيات التشريعية أن (الكونجرس أصاب تماما عندما حدد عمرا محددا لبعض بنود قانون مكافحة الإرهاب بما يتيح لأعضائه مراجعته ورصد كيفية استغلال السلطة التنفيذية لهذه البنود).
أما اتحاد المكتبات العامة الأمريكي فقد أجرى استطلاعا للرأي بين أعضائه لمعرفة مدى تأثير تطبيق قانون مكافحة الإرهاب وبخاصة فيما يتعلق بمنح عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الحق في الإطلاع على سجلات المكتبات العامة لمعرفة قراءات أشخاص محددين. وبعد الاستطلاع قال الاتحاد أن التأثير واسع النطاق للقانون لم يتضح بعد. وتقول باتريشيا ديكرموت نائب مدير اتحاد المكتبات العامة الأمريكي للعلاقات الحكومية (نحن نعلم اهتمام عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي بمعرفة نوعية الكتب والمواد التي يطلع عليها رواد المكتبات العامة. كما يطلبون بعض الطلبات غير الرسمية. وأضافت أنها تأمل في ألا تجدد هجمات لندن مشاعر الخوف لدى أعضاء الكونجرس وهم يناقشون تمديد العمل بهذه البنود في قانون مكافحة الإرهاب.
وتضيف إنها تراهن على الرأي العام الأمريكي لكي يظهر لأعضاء الكونجرس موقفهم الحقيقي الرافض لتجديد العمل بهذه البنود. وبالفعل قال أحد مساعدي الرئاسة الجمهورية لمجلس النواب الأمريكي أن هجمات لندن سوف تضع الديموقراطيين في مأزق إذا ما (عارضوا تمديد العمل بهذه البنود من قانون مكافحة الإرهاب).
ولكن محللين يرون أن التأثير القوي لهجمات لندن على مناقشات الكونجرس سيظهر فيما يتعلق بطلب زيادة مخصصات الأمن الداخلي الأمريكي وأولويات إنفاق هذه المخصصات. وكانت لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية في مجلس الشيوخ الأمريكي قد عقدت خلال الأيام الأخيرة سلسلة من جلسات الاستماع بشأن أمن مصانع الكيماويات الأمريكية سواء في مواجهة التهديدات الإرهابية التي يمكن أن تحول هذه المصانع إلى قنابل كيماوية تقتل الألاف في حالة تفجيرها أو في مواجهة الحوداث الصناعية العارضة.
وكانت دراسة لمكتب المحاسبة الحكومي الذي كان يعرف من قبل باسم مكتب المحاسبة العامة قد أعد دراسة في مارس عام 2003 حذرت من مدى خطر التهديدات الإرهابية على المنشآت الكيماوية ما زال غير معروف. ولكن دراسة جديدة أعلن عضو مجلس النواب الأمريكي الديموقراطي إدوارد ماركي مؤخرا قالت أن هناك مائة مصنع كيماويات في الولايات المتحدة على الأقل يمكن أن يؤدي أي هجوم إرهابي ناجح ضد أحدها إلى مقتل وإصابة مليون أمريكي على الأقل.
ويقول مايكل أوهلانون الخبير العسكري في مؤسسة معهد بروكنجز للدراسات الاستراتيجية إنه من (المهم منح المنشآت الحيوية الخاصة مثل مصانع الكيماويات حوافز حكومية حتى تتخذ الإجراءات الكفيلة بتأمينها ضد أي هجمات إرهابية منتظرة. وأغلب منشآت البنية التحتية الخاصة لا تتمتع بالمستوى المطلوب من الحماية).
وفي آخر جلسة استماع معلنة لأعضاء لجنة التحقيق في هجمات الحادي عشر من سبتمبر حث أعضاء اللجنة الكونجرس على زيادة فاعلية رقابته على قضايا الأمن الداخلي وتحديد مخصصات الإنفاق وفقا لتقييم المخاطر التي تهدد الأمن الداخلي وهو التقييم الذي ينبغي مراجعته كل فترة.
يقول لي هاملتون العضو السابق في مجلس النواب ونائب رئيس لجنة التحقيق في هجمات الحادي عشر من سبتمبر (القضية الأساسية في تحديد مخصصات الإنفاق على محاربة الإرهاب هي الأولويات. فلا يجب أن تسعى دائما إلى خوض الحرب الأخيرة).
وأضاف أن الإدارة الأمريكية كانت ملزمة بموجب القانون بتقديم خطة شاملة لتأمين شبكة النقل البري الأمريكية سواء القطارات أو قطارات الأنفاق أو الحافلات العامة بحلول أول أبريل الماضي. ولكن الحكومة لم تف بهذا الالتزام والكونجرس لم يتحرك).
وأنهى كلامه بالقول أن وضع هذه الخطة يحتاج إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن ترتيب أولويات الانفاق وهذا ما جعل الإدارة الأمريكية والكونجرس يتجاهلون هذه القضية حتى الآن.
تحركات أوروبية
وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 تعالت الأصوات الأوروبية التي انتقدت الولايات المتحدة بسبب إصدار قانون مكافحة الإرهاب الذي رأى فيه الكثيرون من الليبراليين في أوروبا اعتداء على الحريات المدنية للأمريكيين والأجانب المتواجدين على الأرض الأمريكية. ولكن بعد هجمات لندن في السابع من الشهر الحالي وجدت الحكومات الأوروبية نفسها في مواجهة صراع شرس لتحقيق التوازن بين حماية الحريات المدينة وحق الخصوصية وحماية المجتمعات الأوروبية من خطر الإرهاب. وقد بثت الجهود الأوروبية في هذا المجال روحا جديدة للتعاون عبر الأطلنطي المناهض للإرهاب.
وفي أعقاب هجمات لندن شهدت أوروبا تحركات عديدة في هذا الاتجاه. فقد أعلنت فرنسا اعتزامها إعادة العمل بنقاط التفتيش الحدودية بينها وبين الدول المجاورة الموقعة على المعاهدة الأوروبية للتأشيرة الموحدة المعروفة باسم (شنجن) التي تضم 15 دولة أوروبية وتتيح حرية الانتقال عبر حدود هذه الدولة بدون المرور على نقاط التفتيش بمجرد الحصول على تأشيرة دخول صحيحة لواحدة من الدول الأعضاء.
وأعلنت إيطاليا اعتزامها تشديد الرقابة على حدودها الشمالية مع فرنسا وسويسرا.
كما أنها اعتقلت حوالي 174 شخصا للاشتباه في تورطهم في أنشطة إرهابية. كما طالب وزير الداخلية الإيطالي البرلمان زيادة صلاحيات الشرطة الإيطالية بما في ذلك استجواب المشتبه في تورطهم في أنشطة إرهابية دون وجود محامين معهم. وبدأت ألمانيا في وضع قاعدة بيانات لمحاربة الإرهاب على مستوى ألمانيا. وفي بروكسل دعا وزير الداخلية البريطاني شارلز كلارك لتحسين سبل تبادل المعلومات الأمنية والمخابراتية بشأن التهديدات الإرهابية بين الدول الأوروبية وتكثيف الجهود الرامية إلى وقف تدفق الأموال على الإرهابيين.
كما نجح الوزير البريطاني في إقناع نظرائه في الاتحاد الأوروبي بالمضي قدما في الخطط الرامية إلى إجبار شركات الاتصالات الأوروبية بتخزين المعلومات الخاصة بالاتصالات الهاتفية والإنترنت حتى يمكن لأجهزة المخابرات تعقب اتصالات الإرهابيين. ولكن الشركات تعارض مثل هذا القرار لأنه ينطوي على نفقات باهظة لتخزين هذه البيانات.
ولكن محللين يقولون أن مثل هذه الأفكار ظهرت في دوائر صنع القرار الأوروبية بعد هجمات الحادي عشر من مارس ضد مدريد وأن عدم تطبيقها حتى الآن يكشف عن وجود خلافات في وجهات النظر ومشكلات تعرقل التعاون الأوروبي في مكافحة الإرهاب. ويشكك بعض المحللين في قدرة الحكومات الأوروبية على تمرير مثل هذه الأفكار التي تنطوي على انتهاك للحريات المدنية التي حصلت عليها شعوب أوروبا بعد كفاح استمر قرون عدة من أجل مواجهة خطر الإرهاب.
يقول رولف توفوفين مدير معهد أبحاق الإرهاب والسياسة الأمنية في مدينة إيسن الألمانية (هذا شكل محدد من الطقوس الأوروبية التي تظهر في أعقاب أي عملية إرهابية. فبعد الصدمة المفاجئة لأي هجوم إرهابي تتعالى الأصوات الأوروبية التي تتحدث عن قرارات وقوانين مشتركة. وما أن تمر أسابيع وتتبدد مشاعر القلق والصدمة حتى تتجه كل دولة إلى العمل المنفرد).
ورغم تحسن قنوات تبادل المعلومات بين أجهزة الأمن والمخابرات الأوروبية يرى الخبراء أن آفاق التعاون مازالت أرحب وأوسع لتحقيق نتائج أفضل. تقول دانا آلين خبيرة شؤون الأمن الأوروبية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن (ما تحتاج إليه أوروبا حاليا هو إجراء تحقيقات مشتركة في بعض القضايا الإرهابية وليس مجرد الاكتفاء بتبادل المعلومات بين وكالات المخابرات وأجهزة الأمن بشأن المنظمات الإرهابية).
وتضيف خبيرة الأمن الأوروبي (بالطبع لن يكون لدينا مكتب تحقيقات فيدرالي أوروبي.. ولكن الهجمات الأخيرة دفعت الناس إلى التفكير في الخطر الإرهابي باعتباره مشكلة أوروبية عامة وليست مشكلة إقليمية لكل دولة).
ولكن اختلاف الأنظمة القضائية والسياسية بين الدول الأوروبية تعرقل مثل هذه الجهود الأمنية الأوروبية المشتركة. ففرنسا على سبيل المثال تعمل وفقا لنظام مركزي صارم بالنسبة للأجهزة الأمنية في حين أن أجهزة الأمن الألمانية تعمل وفقا لنظام أكثر فيدرالية في الولايات الألمانية. كما أن فرنسا عدلت قوانينها بما يسمح باعتقال المشتبه فيهم وتدريب القضاة بشكل خاص على التعامل مع قضايا الإرهاب وهو ما لم تقم به الدول الأخرى في أوروبا.
أيضا هناك دول مثل إيطاليا وهولندا وأسبانيا وبريطانيا ترى ضرورة التحرك العاجل لأنها تشعر أنها مستهدفة بالتهديدات الإرهابية أكثر من غيرها.
في حين أن الدول التي ليس لها قوات في العراق لا تشعر بمثل هذا التهديد ولا الحاجة الملحة للتحرك العاجل لمواجهة الخطر الإرهابي.
وقال وزير الداخلية البريطاني تشارلز كلارك أن من المهم للغاية أن يكون هناك أسلوب أوروبي موحد لتتبع الاتصالات الهاتفية أو الإنترنت في أوروبا.
ويقول الوزير البريطاني أن تعقد أساليب الاتصالات بين الجماعات الإرهابية واستخدام تقنيات الاتصال الحديثة يحتم علينا إيجاد وسيلة تضمن الحصول على بيانات تلك الاتصالات سواء للاستفادة منها قبل تنفيذ الهجمات أو أثناء التحقيقات بعد وقوع الهجمات. ويشكك خبراء الأمن والمخابرات في إمكانية دخول اقتراح وزير الداخلية البريطاني حيز التنفيذ. يقول محلل مخابراتي أوروبي سابق طلب عدم الكشف عن هويته إنه يشك في إمكانية حدوث هذا لأنهم يقولون إنهم يريدون الإطلاع على سجلات الاتصالات كوسيلة لمنع وقوع هجمات إرهابية وهذا يعني فعليا فرض رقابة على الاتصالات الهاتفية لأشخاص لم يرتكبوا عملا إجراميا. يقول بوب أيرز الضابط السابق في المخابرات الأمريكية ومدير مركز أيرز وشركاه للخدمات الاستشارية الأمنية (كمواطن في مجتمع حر أشعر بالاضطراب عندما أتصور أن الحكومات سوف تراقب الاتصالات الهاتفية حتى لو كان الأمر يتعلق بعمليات قتل جماعي أو جرائم بشعة).
ويضيف (بمجرد أن تفتح الباب لمثل هذه الممارسات أمام الأجهزة الأمنية فسيكون من الصعب معرفة أين يمكن أن تتوقف مثل هذه المراقبات).
وكان البرلمان الأوروبي قد أعرب بالفعل عن قلقه حيال اقتراح إلزام شركات الاتصالات بالاحتفاظ بتسجيلات اتصالات العملاء لمدة عام على الأقل.
تقول سارة لودفورد عضوة البرلمان الأوروبي (أعتقد أننا بصدد فرض رقابة غير دستورية على اتصالات المواطنين في حين أنها لن تحقق نتائج فعالة في مواجهة الإرهابيين الذين يستطيعون استخدام الخدمات الاتصالية المتنوعة التي تتيح لهم شراء استخدام خطوط الاتصالات لفترات قصيرة ومن أماكن متعددة بما يصعب الاستفادة من معرفة رقم الخط أو مكان إجراء الاتصال).
وهاجم وزير الداخلية البريطاني أنصار الحريات المدنية الذين عارضوا اقتراحه وقال أن على المتشددين في الدفاع عن الحريات المدنية التفكير في حقيقة الخطر الذي يواجه المجتمع والذي يفرض علينا حماية حق المجتمع الحر في استخدام وسائل النقل العام دون الشعور بخطر التهديدات الإرهابية.
وقال فرانكو فراتيني نائب رئيس المفوضية الأوروبية أن حرية استخدام وسائل النقل العام دون خوف هي شرط مسبق للاستمتاع بباقي الحريات. (فإذا لم نكن متحررين من الخوف عند ركوب قطارات الأنفاق فنحن لسنا مجتمعا حرا).
والحقيقة أن عودة فرنسا للعمل بنظام نقاط التفتيش على حدودها المشتركة مع دول معاهدة شنجن يصطدم بحرية الحركة التي ضمنتها معاهدة شنجن لمواطني أوروبا الغربية التي دخلت حيز التنفيذ عام 1995م.
وقال وزير الداخلية الفرنسي نيقولا ساركوزي أن هذه الخطوة مبررة تماما في ضوء ما حدث في لندن وقال إذا لم نعيد السيطرة على الحدود بعد العملية الإرهابية في لندن التي قتلت أكثر من خمسين شخصا (فمتى نعيدها إذن؟).
ويقول خبراء: يبدو أن على الأوروبيين الذين اعتادوا حرية التنقل عبر الحدود أن يتعلموا كيفية الحياة بدونها.
يقول تيفوفين (كل يوم ندرك أن معاهدة شنجن كانت بمثابة هدية للإرهابيين). أما الخبيرة دانا ألين فتقول أن المشكلة ليست في فكرة فتح الحدود بين الدول الأوروبية ولكن في غياب أجهزة الأمن والمخابرات القادرة على التعامل مع التهديدات الإرهابية عبر الحدود الوطنية.
وتسعى الحكومة البريطانية إلى استصدار قانون جديد لمكافحة الإرهاب بعد هجمات لندن. ولكن الأمر يحتاج إلى جهد كبير من أجل إقناع المعارضة بمثل هذا القانون الذي ينطوي على تقليص واضح للحريات المدنية.
وتشير تطورات الأحداث على شاطئي الأطلنطي إلى أن الحريات المدنية التي استمتع بها الأوروبيون والأمريكيون قرون عدة يمكن أن تكون الضحية الأولى للهجمات الإرهابية.

..... الرجوع .....

حوارات
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
أنت وطفلك
خارج الحدود
الملف السياسي
السوق المفتوح
استراحة
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
مجتمعات
من الذاكرة
روابط اجتماعية
x7سياسة
الحديقة الخلفية
صحة وغذاء
تميز بلا حدود
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved