الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 27th September,2005 العدد : 145

الثلاثاء 23 ,شعبان 1426

بين إعصارين وثالث!!
ما كادت الولايات المتحدة الأمريكية تلملم جراحها وتتأمل المشاهد الدامية والخسائر الجسيمة لإعصار (كاترينا) الذي ضرب (لويزيانا) ولم يترك مجالاً للحياة الطبيعية فيها من دون أن يتم إعمارها من جديد..
حتى هبَّت عاصفة أخرى لتضرب مناطق في ولايات تكساس وفلوريدا وتزور من جديد (لويزيانا) في أسوأ الكوارث الطبيعية التي تتعرَّض لها أمريكا في تاريخها.
***
وهكذا يفعل إعصار (ريتا) ما فعله من قبل إعصار (كاترينا) من تشريد للناس وإضرار بالاقتصاد وهدم للمنشآت وتدمير لمساحات واسعة من تلك المناطق التي زحف نحوها هذا الإعصار الشديد في قوته وتأثيره..
وهو ما جعل الذعر يصيب سكان هذه المناطق فيسرعون إلى الهرب من مدن (نيو أورليانز) و(هيوستن) وغيرها إلى مناطق هي الأكثر أمناً، ولكن أنَّى ذلك للكثيرين منهم، في ظل أزمة الحصول على مقاعد في الطائرات ومساكن في الفنادق إلى جانب توقّف حركة السير وازدحام الطرق البرية بسبب الهروب الجماعي لسكان المناطق المنكوبة.
***
كانت المشاهد للحالة التي كان عليها المهدَّدون بإعصار (كاترينا) المدمِّر كما تبدو في مواكب السيارات على امتداد الطرق محزنة ومؤلمة، لكنها إرادة الله التي لا رادَّ لها، وما من دولة قادرة على أن توقف زحفاً إعصارياً كهذا ولو كانت هذه الدولة بحجم قوة أمريكا إلا أن يشاء الله..
حتى المواد الغذائية في (هيوستن) كما يحدثني المقيمون من السعوديين هناك فُقدت من الأسواق، مثلما اختفت في (نيو أورليانز) عندما هبَّ الإعصار الأول وأغرق المدينة بالسيول، وحوَّلها إلى مدينة أشباح يتقاتل فيها اللصوص والمجرمون وأولئك الجوعى للاستحواذ على ما تبقى فيها من بقايا مواد غذائية لسد رمق البطون الجائعة هناك.
***
ولسنا نكتب هذا من باب التشفّي، أو الشعور بأن ما يحدث لأمريكا هو عقاب من الله على مواقفها السياسية غير العادلة مع كثير من دول العالم وبالأخص مع العرب فهذا علمه عند الله، ولكننا نصف حالة ونتحدث عن حقيقة بأن الله إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون..
وأن أمريكا بما تعرَّضت له وعجزت عن مقاومته، لا يختلف إعصارها عن الإعصار (الآسيوي) الذي اعتقد البعض يومها أنه لو حدث في أمريكا أو أي دولة أوروبية لما كان حجم الخسائر بهذه الصورة التي رأيناها، فإذا بالإعصارين اللذين ضربا أمريكا في فترتين لا يفصل بينهما سوى شهر واحد يظهران عجز أمريكا عن مواجهة هذين الإعصارين بإيقاف أو تهدئة زحفهما وآثارهما المدمرة.
***
نريد أن نقول: إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكّر قدرة الله عليك، ذلك قول تعلَّمناه منذ الصغر، وتستعيده ذواكرنا كلما مسَّنا أو مسَّ غيرنا ما يسيء إليه أو إلينا، وهو درس يجب أن يستفيد منه الجميع، حتى يتوفر للجميع جو سليم يتفيأ كل منا بظل من أمنه واستقراره وهوائه العليل..
وللتذكير فقط، فما من أحد يسره أن يرى هذه المشاهد، أو يعتقد أنها لمصلحته، إلا أن يكون إنساناً غير سوي وغير إنساني، لكن لا بأس من التذكير بأن فيها الكثير من العبر والدروس التي يجب أن يتعلَّم الجميع منها ويستفيدوا من ظواهرها، بالابتعاد عن إيذاء الآخرين أو المسِّ بحقوقهم، ولكن هل من متعظ؟!.


خالد المالك

يدفع لهم الأطباء مقابل الكشف عليهم
مرضى للإيجار حسب الطلب!
* القاهرة تحقيق ولاء حمادة
منذ أيام (أبقراط) أبو الطب اليوناني يذهب المرضى إلى الأطباء ويدفعون النقود مقابل الكشف أو (الفيزيتا)، ولكن.. هل تصدق أنه في أيامنا هذه هناك مرضى للإيجار يدفع لهم الطبيب أو طالب الطب نقوداً مقابل أن يتعلم فيهم؟!.
ظاهرة المرضى المزمنين الذين يستعان بهم في كليات الطب كحالات (نموذجية) يسهل تشخيص المرض عليها موجودة، بل إنها أصبحت مهنة يعيش منها بعض الناس الذين يتولى مورّد المرضى توريدهم إلى معاهد وكليات الطب!.
أمام أحد المستشفيات التعليمية قابلنا عم حسن الذي يعمل في هذه المهنة منذ عشر سنوات فقال: كنت عامل بناء وأكسب بعرق جبيني، لكني أصبت بفشل في الرئة فتركت عملي وعملت بائع شاي على الرصيف، وكنت أقع في مشاكل مع البلدية وأنا أعول سبعة أطفال، فطلبت معاشاً من التأمينات لكنهم قالوا بعد سن الستين.
أما عم أحمد فيقول: تركت العمل في محل قطاع خاص لضيق صاحب العمل من كثرة غيابي بسبب مرضى، وأخذت من احد البنوك معونة شهر واحد ثم انقطعت دون سبب، أعرف أن الذي أفعله حرام لكن ما هو الحل؟ آتي مرة أو مرتين لأساعد زوجتي في مصاريف أولادنا، وآتي هنا في مواعيد الامتحانات وأذهب لأُحجز هناك قبلها بيوم.
أما (أم فاطمة) فهي تعاني من مرض في القلب قابل للعلاج بإذن الله ان قامت باجراء عملية، لكنها قالت: أموت من المرض أحسن ما أولادي يموتون من الجوع!.. وبالفعل هناك من هو مضطر لهذا العمل لكن هناك قلة تستسهل هذا العمل المزري فيحكي (عم حسني) قصته: كنت أعمل نجاراً وسقط علىّ لوح خشب، وأصبت بانتفاخ فوق الحاجب نتيجة خطأ في الخياطة، وبعد ذلك قابلت (المورد) واتفق معي أن آتي سبع أو ثماني مرات مقابل جنيه عن كل طالب.
أما (عم عبدالوهاب) فيعمل خبازاً بالإضافة لعمله كمريض مزمن منذ 15 عاما نتيجة إصابته بفتق يتعمد إهمال علاجه، يقول: (أنا آخذ أجراً على تعبي، والطلبة لا بد أن تدفع حتى تتعلم فينا)!.
وأثناء الحديث مع مجموعة من الطلبة قالوا: في حصة الدرس نكون حوالي 30طالبا ونعطي (المورد) 2 جنيه عن كل مريض، أما في الامتحانات فندفع للنائب 20 أو 30 جنيها ليعطيها للمرضى الموجودين سواء مزمنين أو محجوزين بالصدفة، وأحياناً يتركوننا نتصرف مع المرضى وكل واحد وشطارته لكن بعض المرضى المزمنين يعتبرون المرض مهنة.
نقود تحت الوسادة
عندما كنت أتحدث مع أحد المرضى جاء طبيب وسأله: (أنت مع عم سيد ولا لوحدك)، فذهبت لعم سيد لأعرف منه الحكاية لكنه رفض التحدث خوفاً على (لقمة العيش)، وعندما سألت الطبيب عن عم سيد قال إنه أقدم مورد مرضى في المستشفى عندما يطلب مني الدكتور حالات معينة اتصل به فهو على اتصال بكل الموردين في كل جامعات مصر، وبالرغم أنه مريض فهو يرفض الكشف عليه.
ويضيف الطبيب عن عالم الموردين: أصبحت مهنة مربحة جداً لدرجة قيام معركة (بالمطاوي) منذ عدة أيام بعد وفاة أحد الموردين وحدوث الخلاف على مَنْ يأخذ مكانه.
ويؤكد د. محمد أنه يستعين فقط بالمرضى الذين ليس لهم علاج وإعاقتهم تمنعهم من العمل، ويرفض المرضى الذين يرفضون العلاج، وفي كل حصة في المتوسط يأتي 4 حالات يأخذ المريض منهم جنيهاً والمورد جنيهاً عن كل طالب، وهذا طبيعي فمن يقبل أن الناس (تتفرج) عليه دون مقابل؟! وهم لا يعملون فقط في الدرس لكن في الكلية والامتحانات وبعضهم يغشش الطلبة مقابل (فلوس تحت الوسادة)!.
جريمة تربوية
وعن هذه المهنة يتحدث د. صلاح الغزالي حرب وكيل طب كلية قصر العيني لشؤون الطلاب قائلاً: إنها مهنة موجودة منذ 30 عاماً، فعندما كنت طالباً كنا ندخل قاعة الامتحان فنجد مرضى معروفين حافظين العلامات المرضية وممكن أن يقولوها (بالإنجليزي) أيضاً فكانت مهزلة، لكنها انتهت تماماً في السنتين الأخيرتين على الأقل في قصر العيني، وذلك بالنسبة للامتحانات، ولو تصادف دخول شخص عن طريق التحايل يعاقب المسؤول عن دخول الحالات الاكلينيكية، لكن ممكن أن يدخلوا للتدريس عليهم لوجود علامات اكلينيكية غير متوافرة في المرضى الموجودين، وفي هذه الحالة الطلبة يعطون مبالغ بشكل تطوعي لتحمله كشف هذا العدد عليه الذي قد يصل إلى60 طالباً في نفس الوقت.. وما يقلق في هذا الموضوع لجوء المريض لبيع مرضه، وأنا لا ألومهم فهم ليسوا محدودي الدخل وإنما معدومي الدخل.
وترى د. سامية خضر أستاذة ورئيس قسم علم الاجتماع بتربية عين شمس أن الفقر هو القضية الأساسية، فلا كرامة للإنسان مع الفقر، نحن نعلم بضرورة وجود نماذج بشرية، لكن يجب مراعاة أخلاقيات المهنة على كل حال.
أمراض اجتماعية
وعن أسباب تأجير المرضى أنفسهم تقول د. فاطمة موسى رئيس قسم الطب النفسي بقصر العيني إن الدافع مادي ولا يوجد بين هؤلاء المرضى من يفعل ذلك متبرعاً، وإنما هو مصدر دخل لهم لأن نسب عجزهم عالية ولا يستطيعون العمل، كما أن هناك من يفعل ذلك للحصول على مصدر رزق دون تعب ويقع هذا تحت نطاق التسول والمرض الاجتماعي.
ومن جانبه يؤكد د. سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية بعين شمس أن السبب في وجود هذه المهنة هو الفقر ثم الفقر، لكن من يستغل مرضه لزيادة دخله فهو عار على المجتمع.
ويتحدث عن هذه المهنة د. إبراهيم البيومي خبير قسم بحوث وقياسات الرأي العام بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة قائلاً: هي جزء من العملية التعليمية، وهي ليست عيباً ولكن يجب توفيرها بشكل رسمي، والأزمة الاقتصادية سبب رئيسي إن لم تكن سبباً وحيداً لدفع بعض الناس للبحث عن الرزق بأي وسيلة.
أما حافظ أبو سعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان فيقول: بالرغم من وجود المستشفيات التعليمية تتم عملية الاتجار بالمرض نتيجة الفقر في مصر بشكل عام، أرى أن تكون هذه العملية تطوعية دون مقابل كأن تكون بأولوية في العلاج، ونحن نطالب بوجود قانون ينظم هذه المهنة، أما الفقر فيعالج بشكل آخر بعلاج التنمية الاقتصادية بشكل عام وزيادة عدد منظمات المجتمع المدني وهناك دور للدولة بزيادة الرعاية الاجتماعية.
ويرد د. حمدي السيد (نقيب الأطباء) على اقتراح أبو سعدة بضرورة وجود قانون ينظمها كمهنة بأن لائحة آداب المهنة تحتم على الطبيب حسن معاملة المريض وعدم إلحاق أي أضرار به وعدم اجباره على شيء، ومن غير المعقول أن تصبح لهذه الظاهرة قواعد، وإنما هي عملية تتم برضا المرضى ويحصلون منها على المال مقابل وقتهم.
ويضيف الدكتور حمدي السيد: يريد أن يشاهد الطلاب بعض الأمراض النادرة وذلك بموافقة المريض فهي ليست مشكلتنا، فعلى الدولة أن تحل مشكلة الفقر. أما عن تواجدهم في الامتحانات فيقول: هذه هي مسؤولية الكلية التي ينبغي أن تضع ضوابط معينة لتمنع ذلك.
اختلاف
وكان يجب الذهاب إلى (دار الإفتاء المصرية) لمعرفة إذا كانت مهنة المرضى المزمنين جائزة شرعاً فكانت الفتوى هي أنه يجوز لهؤلاء المرضى الحصول على المال مقابل وقتهم.
ولكن د. منيع عبدالحليم محمود (عميد كلية أصول الدين) كان له رأي مختلف فقال: أنا أعتبر ذلك نوعاً من الخداع والغش حيث يعرض المريض نفسه على الطلاب على مدى سنوات عمره ويشترك في هذا الخداع الكل من العميد حتى أصغر عامل. وعن وجودهم في الامتحانات يضيف د. منيع: هذا الطالب سيصبح طبيباً وتكون أرواح الناس بين يديه فكيف يتم التلاعب بها بشكل نهى عنه الإسلام ونهت عنه جميع الأديان؟.
إهدار الإنسانية
وعن دور مشيخة الأزهر لمساعدة هؤلاء المرضى يقول صفوت أحمد رمضان مدير عام خدمة المواطنين : نحن نعطي جزءاً من أموال الزكاة للمرضى المزمنين (100 جنيه كل موسم) ولاصحاب الأمراض الخفيفة 50 جنيهاً، وذلك بعد بحث اجتماعي وهي مساعدات بسيطة للمساهمة في تكاليف العلاج.
وحول دور وزارة الشؤون الاجتماعية يقول محمد صلاح كامل (مدير عام الإدارة العامة للضمان الاجتماعي) إن الوزارة تعمل لمحاربة الفقر وذلك من خلال عدة برامج أهمها الضمان الاجتماعي، حيث يمنح العاجز بنسبة لا تقل عن 50% معاشاً يتراوح قيمته من 5070 جنيهاً بشرط أن يكون مرضه يمنعه من العمل وليس له مصدر دخل آخر وغير مدرج بأي قانون من قوانين التأمينات الاجتماعية، فالدولة تقدم 50 مليون جنيه لأكثر من 800 ألف أسرة وإذا كان هناك مريض نسبة عجزه أقل من 50 % يحصل على مساعدات الدفعة الواحدة تصرف مرة في السنة وتتراوح من 500 1500 جنيه وهي منحة لا ترد بشرط أن يكون دخله أقل من 200 جنيه شهريا، كما أن (بنك ناصر) يقدم معونات لمحدودي الدخل تصل الى 98.9 مليون جنيه، أيضاً هناك برنامج الأسر المنتجة يعطي قروضاً تصل إلى 5 آلاف جنيه بالإضافة لمجال الجمعيات الخيرية. وعن وجود حالات عجز كلي لم تستطع الحصول على معاشات ضمانية يقول: السبب هو عدم جلبهم للمستندات المطلوبة، كل هذا أشياء إدارية نحن براء منها.. نحن نستقبل كل الحالات ونقدم الخدمة بيسر وهذه الظاهرة بعيدة كل البُعد عن أي تقصير، فعندما تختفي الحاجة سوف يختفي هؤلاء المرضى المؤجرون.

..... الرجوع .....

تحت الضوء
الفن السابع
الفن العربي
المنزل الانيق
نادي العلوم
المستكشف
خارج الحدود
الملف السياسي
استراحة
إقتصاد
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
تحقيق
مجتمعات
روابط اجتماعية
x7سياسة
صحة وغذاء
شاشات عالمية
تميز بلا حدود
أنت وطفلك
الحديقة الخلفية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved