الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 30th March,2004 العدد : 74

الثلاثاء 9 ,صفر 1425

ديمقراطية اللاَّ ديمقراطية..!
الديمقراطية تعني فيما تعني أن يُؤخذ برأي الأغلبية..
وأن يهمَّش الرأي الواحد لا العكس..
وأن يتنازل صاحب الرأي الأحادي إلى ما يراه الجميع..
وبالديمقراطية تكون الغلبة والانحياز نحو القرار العاقل..
***
ومن ينادي بالديمقراطية عليه أن يكون القدوة..
وأن يتخلى عن عواطفه وأهدافه ومصالحه الشخصية..
إلى ما يحقق مصالح الجميع أو أكثريتهم..
ويوفِّر الأمان والاستقرار للكل ودون انتقاء..
***
والذي يقول بغير ذلك هو الأبعد عن ممارسة الديمقراطية..
وهو العدو الأول لها..
إنه من يركب موجتها ويبشِّر بها لأغراض أخرى..
وفي سلوكه وتصرفاته وأعماله ما يؤكِّد ويفضح ويفصح عن ذلك..
***
والديمقراطية بمثل هذه الممارسات تكون ملهاة للشعوب..
وتسلية مشوَّهة وغير بريئة وتسلُّط عليهم دون وجه حق..
وهي بهذا الانحراف عن أهدافها تلغي المساواة والعدل بين الدول والشعوب..
وتحت غطائها يُمارس الظلم والقهر والعدوان ضد الأمم والشعوب..
***
الديمقراطية شيء وما نراه اليوم شيء آخر...
هل تريدون أمثلة؟...
بما يؤكِّد لكم صحة هذا المنطق؟..
ويبلور صورته على نحو ما هو مشاهد وممارس
دون حياء..
***
ها هي أمريكا بتاريخها وعظمتها وقوتها لا تكتفي بدعم العدوان الإسرائيلي ضد شعبنا في فلسطين..
وإنما تصدر بياناً غير مسؤول تؤيِّد فيه إسرائيل في قتلها الشيخ أحمد ياسين..
ومن ثمَّ تستخدم حق النقض في مجلس الأمن لقرار كان سيدين إسرائيل..
أي أنها بهذا ترفض القبول برأي الأغلبية وتستخدم حقها في فرض الرأي الواحد..
***
ماذا كان سيضير أمريكا لو شاركت بإدانة إسرائيل؟..
ولو لم تشجعها على مواصلة مثل هذا العمل اللاّ إنساني ضد شعب أعزل..
ألم يكن ذلك كافياً لتجفيف الصدور من الاحتقان والكراهية ضد أمريكا..
ضمن البحث عن مخرج مشرِّف لأمريكا من المستنقع المُذِل الذي اختارته لنفسها في عدد من الدول دون وجه حق..
***
لقد مات أحمد ياسين شهيداً...
وبقيت القضية الفلسطينية حيَّةً مشتعلةً وملتهبةً إلى حين قيام الدولة الفلسطينية..
أما الفيتو الأمريكي, أو الديمقراطية بالمواصفات والقياس والمقاس والمعاني الأمريكية التي تريدها الولايات المتحدة الأمريكية لدولنا وشعوبنا، فلتطمئن بأنه لن يكون لها أدنى قبول..


خالد المالك

في ذكرى مرور عام على الحرب
خبير اقتصادي : مستقبل مظلم بانتظار العراق

* إعداد اشرف البربري
في ذكرى مرور عام على انطلاق الحرب الأمريكية ضد العراق في التاسع عشر من مارس العام الماضي تعددت التحليلات التي تناولت هذه الحرب التي مازالت تداعياتها مستمرة حتى الآن.
ومن الشخصيات البارزة التي أدلت بدلوها في هذه القضية ويصعب تجاهل مساهمتها جوزيف ستيجلتز الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد وأستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا الأمريكية المرموقة كما كان رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون وكبير المديرين التنفيذيين في البنك الدولي.
له العديد من الكتب والمؤلفات في الاقتصاد والاقتصاد السياسي. وأحدث كتبه يحمل عنوان: هدير التسعينيات.. تاريخ أكثر عقود العالم ازدهارا.
في هذا التحليل القيم للحرب استعرض ستيجلتز العديد من الجوانب السياسية والاقتصادية المتعلقة بالحرب داخل أمريكا وخارجها.
بدأ ستيجلتز حديثه بالقول إن الذكرى السنوية الأولى للحرب الأمريكية ضد العراق تزامنت مع نقطة تحول رئيسية في الموقف العالمي تجاه هذه الحرب بعد نجاح الشعب الإسباني في الإطاحة بالحكومة اليمينية برئاسة خوسيه ماريا أثنار التي خضعت لتوجهات الرئيس الأمريكي جورج بوش وشاركته في الحرب. والحقيقة أن الحركة العالمية المناهضة للحرب والتي حشدت أكثر من عشرين مليون متظاهر حول العالم للتعبير عن رفض الخطط الأمريكية لشن الحرب استطاعت أن تعبر عن نفسها بصورة ملموسة تماما من خلال نتيجة الانتخابات الإسبانية التي جرت في 14 مارس الحالي. فقد أطيح بالحزب الشعبي الذي يتزعمه أثنار من السلطة ليحل محله الحزب الاشتراكي الذي تعهد بسحب القوات الإسبانية من العراق.
واعتبر ستيجلتز وهو أحد زعماء حركة مناهضة الحرب أن الانتخابات الإسبانية بعثت برسالة قوية إلى كل حكومة إمبريالية في العالم ليس فقط تلك الحكومات التي شاركت بشكل مباشر في الغزو الأمريكي للعراق مثل حكومة بيرلسكوني في إيطاليا وحكومة هيوارد في أستراليا ولكن أيضا إلى زعماء الدول التي عارضت الغزو مثل جاك شيراك في فرنسا وجيرهارد شرودر في ألمانيا. فكل هذه الأنظمة تشعر بالخوف والفزع حاليا من احتمالات التدخل من جانب جماهير العمال في دولهم من أجل تغيير اتجاهات السياسة الخارجية الاستعمارية.
ويتابع ستيجلتز: أثارت هزيمة أثنار رد فعل مذعور من جانب المؤسسة السياسية والإعلامية الأمريكية على وجه الخصوص. فقد ندد المتحدثون باسم إدارة الرئيس بوش وأعضاء الكونجرس سواء الجمهوريين أو الديموقراطيين وعدد لا يحصى من المعلقين والمحللين السياسيين بالشعب الإسباني بسبب خضوعه للإرهاب بعد هجمات مدريد التي وقعت قبل الانتخابات العامة في إسبانيا بثلاثة أيام فقط.
وأوضح الكاتب أن موقف كل هؤلاء تقريبا ينطوي على معاداة واضحة للديموقراطية وضد الشعب الإسباني. والحقيقة الأساسية سواء كانت معلنة أو غير معلنة هي أن الحرب لا يمكن أن تكون من القضايا التي يتم اتخاذ القرار بشأنها دون الرجوع للشعب. والمعنى ان الانتخابات رفاهية يجب التخلص منها إذا جاءت نتائجها مخالفة للمصالح الاقتصادية والاستراتيجية للنخبة الحاكمة في الولايات المتحدة.
وقد انتشر على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإسبانية وعلى موقع الإنترنت أن الحزب الشعبي الحاكم في إسبانيا شعر أن البساط يسحب من تحت أقدامه في اليوم السابق للانتخابات ودعا الحزب ملك إسبانيا خوان كارلوس لإصدار مرسوم ملكي بإرجاء الانتخابات. ولكن الملك رفض قائلا إن هذا يمكن أن يكون انقلابا فعليا.
واعتبر أن رد فعل الولايات المتحدة على نتيجة الانتخابات الإسبانية ينطوي على سؤال مباشر تماما بشأن مسئولية إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش عن أي هجمات إرهابية يمكن أن تقع في الولايات المتحدة خلال عام الانتخابات الرئاسية الحالي. وهناك احتمال قوي لوقوع مثل هذه الهجمات لكي تكون مبررا لكي يلغي الرئيس بوش إجراء الانتخابات أو يؤجلها بدعوى حالة الطوارئ وتطبيق الأحكام العسكرية وإثارة حالة من الرعب الجماهيري واسع النطاق في أمريكا.
وما حدث تجاه الانتخابات الإسبانية بدد أي مزاعم يمكن أن يروجها الحزب الديموقراطي المعارض في الولايات المتحدة بشأن معارضته للحرب. فالمرشح الديموقراطي للرئاسة الأمريكية السيناتور جون كيري رد على تهديد رئيس الوزراء الإسباني المنتخب خوسيه ثاباتيرو بسحب القوات الإسبانية من العراق بالقول: في تقديري أنه لم يكن على رئيس الوزراء الإسباني الجديد القول بأنه سوف يسحب القوات الإسبانية من العراق وإنما كان عليه أن يقول إن ما حدث يزيد إصرارنا على اتمام مهمتنا هناك.
كما انتقد كيري تصريحات المرشح الديموقراطي السابق للرئاسة الأمريكية هيوارد دين التي قال فيها إن قرار الرئيس بوش بشن الحرب ضد العراق كان بوضوح عاملا رئيسيا في موت 200 إسباني في نهاية الأسبوع. في إشارة إلى هجمات مدريد.
كما أنه خلال الأسابيع التي تلت اختيار كيري كمرشح للرئاسة في أمريكا بذل الرجل جهودا كبيرة لكي يؤكد للنخبة الحاكمة في واشنطن أنه لن يعارض القواعد الاساسية للغزو الأمريكي للعراق ولكنه سيركز انتقاداته على الأساليب التي اتبعها الرئيس بوش لتنفيذ هذا الغزو وفشله في بذل الجهود اللازمة لاقناع المجتمع الدولي بتأييد الحرب. وقال كيري للشركات والمؤسسات السياسية في أمريكا إن انتخابه ضروري من أجل تغيير المناخ الدولي السائد المعارض للسياسة الأمريكية في العراق وهو المناخ الذي يحول دون الحصول على المزيد من المساندة الدولية في العراق.
محور الاسترضاء
والحقيقة أن الكاتب الليبرالي في صحيفة نيويورك تايمز توماس فريدمان أوضح موقف كيري في مقال له نشر يوم 18 مارس هاجم فيه نتائج الانتخابات الإسبانية تحت عنوان محور الاسترضاء حيث دعا إلى إرسال المزيد من القوات الأمريكية إلى العراق لتعويض أي نقص ينجم عن انسحاب القوات الإسبانية.
إذن فتطورات المشهد السياسي في أمريكا توضح أهمية الجهود التي بذلت من أجل إخراج هيوارد دين من سباق الترشيح للرئاسة الأمريكي داخل الحزب الديموقراطي.
فعلى الرغم من تأكيد دين وهو الحاكم السابق لولاية فيرمونت الأمريكية على تأييده الكامل للحرب ضد الإرهاب ومعارضته لسحب القوات الأمريكية من العراق فقد كان من الواضح تقاربه الشديد من معسكر مناهضة الحرب ولذلك لم يكن مقبولا السماح له بخوض الانتخابات الرئاسية في أمريكا.
وهاجم ستيجلتز النخبة الحاكمة في أمريكا ووسائل الإعلام المتحالفة معها لأنها تدخلت من أجل تحييد مسألة الحرب في سباق الرئاسة وضمان أن يكون أي بديل محتمل للرئيس بوش ملتزما بالقواعد الأساسية لسياسات الإدارة الحالية. في الوقت نفسه فإن المؤسسة السياسية والإعلامية وفرت منصة لمرشحي الخطاب اليساري آل شاربتون ودينيس كونسينش اللذان قدما خدمة مهمة للغاية في ترويج الوهم بأن الحزب الديموقراطي يستطيع أن يكون وسيلة جيدة لتحسين أوضاع الطبقة العاملة في أمريكا.
وكشف عن وجود شبه إجماع بين أفراد النخبة السياسية في أمريكا سواء الديموقراطيين أو الجمهوريين على ضرورة استمرار الحرب في العراق وتكثيف عمليات قمع الشعب العراقي. لذلك فإن اعتبار الحرب الأمريكية في العراق حرب بوش هو استخدام مغلوط للمصطلح. فكلا الحزبين الجمهوري والديموقراطي ملتزم بسياسة استخدام القوة العسكرية لفرض السيطرة الأمريكية الاستعمارية على العالم.
وفي ضوء الفروق الطفيفة بين كيري وبوش يمكن القول إن الديموقراطيين لا يمثلون بديلا جيدا بالنسبة للطبقة العاملة في أمريكا ولا لهؤلاء الذين يبحثون عن فرصة عمل أو تحسين الرعاية الصحية ولا السكن ولا الدفاع عن الحقوق الديموقراطية ولا تقليص النزعة العسكرية والرغبة في شن الحروب.
فالحرب على العراق قضية مشتركة ومتفق عليها بين الحزبين. لان الحرب وسيلة أساسية في يد النخبة السياسية الأمريكية لضمان احتكارها للحياة السياسية في أمريكا وحرمان الطبقة العاملة من أي وسيلة للتأثير في التغيرات الجوهرية.
واستخلص المفكر الأمريكي مجموعة من الدروس الأساسية هذه التجارب السياسية الكبرى مثل الحرب ضد العراق والانتخابات الإسبانية وتبني الحزب الديموقراطي لخيار الاستمرار في احتلال العراق. من هذه الدروس وجوب عدم استمرار أي حركة معادية للحرب في ارتباطها بالحزب الديموقراطي. فالنضال ضد الحرب يتطلب شيئا أكثر من مجرد حركة احتجاج تحاول الضغط على الحزبين والمؤسسات الخاصة بالنخبة الحاكمة. فهذا النضال يتطلب انفصالا كاملا عن الديموقراطيين وتطبيق استراتيجية جديدة تقوم على أساس استقلال الحشد السياسي للطبقة العاملة في الولايات المتحدة والعالم ضد الإمبريالية.
وتحدث عن حزب المساواة الاشتراكي في انتخابات عام 2004 لكي تقدم أمام أكبر عدد ممكن من الناس البديل الاشتراكي للحرب والتفاعل الاجتماعي والهجوم على الحقوق الديموقراطية. والمرشح للرئاسة الأمريكية بيل فان أوكين والمرشح لنائب الرئيس جيم لورانس بالاضافة إلى مرشحي حزب المساواة الاشتراكي في انتخابات الكونجرس سوف يستغلون الانتخابات للنضال من أجل تطوير حركة سياسية مستقلة للطبقة العاملة على أساس برامج الاشتراكية والأممية الدولية.
وهذا الحزب الذي لا يسمع به الكثيرون في أنحاء العالم هو واحد من عدة أحزاب سياسية تنشط في الظل بسبب تركيز كل الأضواء على الحزبين الجمهوري والديموقراطي.
ورد سيتجلز على موقف هؤلاء الرافضين لأي بديل اشتراكي على أساس أن القضية الأساسية هي هزيمة بوش. فقال إن هذا الموقف يتجاهل الجذور الحقيقية للنزعة العسكرية الأمريكية والحرب والتفاعل الاجتماعي لأزمة الرأسمالية الأمريكية والعالمية. وهذا خداع وفخ كبير جدا يؤدي إلى إبقاء احتكار السلطة في يد النخبة السياسية والاقتصادية المسيطرة على نظام الحزبين في أمريكا. فالتصويت لصالح جون كيري لا يعني التصويت ضد الحرب في العراق. ولكنه تصويت لصالح ممثل موثوق فيه للإمبريالية الأمريكية تعهد باستمرار احتلال العراق وبكل السياسات الاستعمارية للنخبة الحاكمة في الولايات المتحدة.
إذن فالقضية الأساسية للانتخابات الأمريكية عام 2004 يجب أن تكون تأسيس طبقة عاملة أمريكية مستقلة عن كل ممثلي الإمبريالية الأمريكية.
والحملة الانتخابية لحزب المساواة الاشتراكي تهدف إلى إيجاد حركة معادية للحرب قوية وذكية وتستطيع أن تربط بين محاربة النزعة العسكرية وبين كل القضايا الاجتماعية التي تواجهها الطبقة العاملة مثل مستويات المعيشة والرعاية الصحية والتعليم والبطالة والدفاع عن الحقوق الديموقراطية.
وعن الحملة الانتخابية لحزب المساواة الاشتراكي قال الكاتب إنها تتضمن الدعوة إلى الانسحاب الفوري وغير المشروط لكل القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان وكل أنحاء الشرق الأوسط وآسيا الصغرى. والحقيقة أن المغامرة العسكرية للرئيس بوش لم تحقق سوى الفشل. فأسلحة الدمار الشامل التي تحدثت عنها إدارة الرئيس بوش كمبرر للحرب لم يتم العثور عليها ولن يتم العثور عليها لأن ديفيد كاي رئيس فريق المفتشين الأمريكيين عن هذه الأسلحة في العراق أكد أن مثل هذه الأسلحة لم يعد لها وجود وربما لم يكن لها وجود من الأصل قبل الحرب بسنوات. لذلك فإن الرئيس بوش تجاهل هذه الحقائق التي توصل إليها فريق المفتشين الدوليين عن الأسلحة العراقية برئاسة هانز بليكس قبل الحرب وأقام قضيته على أساس أدلة تأكد أنها ملفقة.
تدهور الموقف في العراق
ولكن الأسوأ مازال قادما، فقد اتضح أن الرئيس بوش لم يكن لديه أي خطة عن كيفية إنهاء الحرب التي أشعلها، وبدلا من التحرك نحو تحقيق السلام والديموقراطية كما كان يزعم فإن الموقف في العراق مازال خطيرا بحيث استطاع بول بريمر الحاكم الأمريكي للعراق استغلاله لكي يتجنب إجراء انتخابات ديموقراطية في العراق خلال العام الحالي.
وبالطبع فإن أمريكا حاولت الحفاظ على النظام في بعض الأماكن في العراق الأمر الذي يكشف عن حقيقة أهداف الحرب، فعندما سقطت العاصمة العراقية بغداد حمت القوات الأمريكية وزارة النفط العراقية على الفور في حين تركت المتاحف والمستشفيات مفتوحة أمام عصابات السلب والنهب.
فإذا لم يكن هناك فساد حقيقي في العقود التي فازت بها شركة هالبيرتون التي كان نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني يرأسها قبل انتقاله إلى البيت الأبيض عام 2001 والتي بلغت سبعة مليارات دولار لاعادة بناء العراق فإن شبح الرأسمالية موجود فيها بلا أدنى شك.
انتهازية هاليبرتون
فشركة هالبيرتون وفروعها المختلفة تواجه اتهامات عديدة باستغلال مأساة الحرب ضد العراق من أجل تحقيق أرباح تقدر بمليارات الدولارات واضطرت إلى إعادة ملايين الدولارات إلى الحكومة الأمريكية بسبب حصولها عليها بدون وجه حق.
وعن الصعوبات التي تواجه عمليات إعادة بناء العراق سواء سياسيا أو اقتصاديا قال الرجل إن الجميع متفقون على أن المهمة الأكثر إلحاحا تتجاوز مجرد بناء دولة ديموقراطية في العراق واستعادة الأمن لتصبح إعادة بناء اقتصاد العراق.
ولأن الأيدولوجيا أصابت الإدارة الامريكية بالعمى فمن الواضح أنها عازمة على مواصلة سجلها في ارتكاب الأخطاء المروعة من خلال تجاهل تجارب الماضي.
العلاج بالصدمة
عندما سقط جدار برلين في التاسع من نوفمبر عام 1989 بدأت دول شرق أوروبا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق الانتقال إلى اقتصاديات السوق في ظل جدل بشأن كيفية إنجاز هذه المهمة. أحد الخيارات المطروحة كانت نظرية العلاج بالصدمة والتي تعني الخصخصة السريعة لأصول الدولة وتحرير التجارة والأسعار وتدفق رأس المال. والخيار الثاني كان يقوم على أساس التحرير التدريجي للأسواق والسماح بترسيخ سيادة القانون في الوقت نفسه.
والان اتضح ان هناك شبه اتفاق على فشل نظرية العلاج بالصدمة على الأقل وفقا لمعايير الاقتصاد العام وأن الدول التي تبنت مبدأ الانتقال التدريجي مثل المجر وسلوفنيا وبولندا إلى اقتصاديات السوق والخصخصة وإعادة بناء البنية الأساسية الصناعية نجحت في تجاوز المرحلة الانتقالية بصورة أفضل من تلك الدول التي اختارت الانتقال السريع إلى اقتصاد الحرب. فقد شهدت الدول التي تبنت نظرية الصدمة انخفاضا حادا في الدخل وارتفاعا في مستويات الفقر. وأشارت المؤشرات الاجتماعية مثل متوسط الأعمار إلى التدهور الحاد في مستوى إجمالي الناتج المحلي لهذه الدول.
وبعد أكثر من عشر سنوات من التحول فإن الكثير من الدول الشيوعية السابقة لم تنجح في العودة إلى مستوى الدخل الذي كان موجودا أثناء الحكم الشيوعي. والأسوأ أن الديموقراطية وسيادة القانون لم تتحقق في هذه الدول حتى الآن وبخاصة في الدول التي تبنت نظرية العلاج بالصدمة.
وهذا يعني ضرورة أن يفكر الإنسان أكثر من مرة قبل أن يحاول تجربة نظرية العلاج الصدمة. ولكن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش مدعومة ببعض اللصوص العراقيين دفعوا العراق إلى ما يتجاوز النموذج الراديكالي للعلاج بالصدمة الذي طبق على جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق. والواقع أن أنصار نظرية العلاج بالصدمة يقولون إن الفشل في العلاج بالصدمة لا يرجع إلى السرعة الكبيرة في تنفيذ العلاج ولكن لأن الصدمة لم تكن كافية. لذلك فإنه على الشعب العراقي أن يستعد لمزيد من العلاج المؤلم.
وأشار الكاتب إلى وجود الكثير من أوجه الشبه والاختلاف بين العراق والجمهوريات السوفييتية السابقة. ففي الحالتين تم إضعاف الاقتصاد بطريقة متعمدة قبل انهيارها. ولكن حرب الخليج الثانية أو حرب تحرير الكويت والعقوبات الدولية على العراق لمدة 12 عاما جعلت الاقتصاد العراقي أضعف مما كان عليه اقتصاديات الجمهوريات السوفييتية السابقة.
علاوة على ذلك، ففي حين كانت كل من روسيا والعراق تعتمدان على الموارد الطبيعية، فإن روسيا كانت تمتلك بعض القدرات الظاهرة في مجالات أخرى على الأقل. كما كان في روسيا أيد عاملة متعلمة وجيدة التدريب مع قدرات تكنولوجيا متقدمة في حين أن العراق دولة نامية.
أيضا فإن الروس عاشوا عقودا طويلة دون أي فرصة لممارسة العمل الخاص الاستثماري في حين أن نظام حكم البعث في العراق لم يقمع طبقة التجار ولا الروح الاستثمارية للعراقيين بأي صورة مقاربة لما حدث في روسيا. ولكن موقع العراق جعلها في مكانة غير متميزة مقارنة بروسيا التي كانت محاطة بالعديد من الدول الشيوعية السابقة. فلا يوجد في الدول المحيطة بالعراق قوى اقتصادية يعتد بها في حين كانت الكثير من الدول الشيوعية السابقة في أوروبا تقف على أعتاب الاتحاد الأوروبي الذي شهد انتعاشا اقتصاديا كبيرا خلال التسعينيات من القرن الماضي.
كما أن استمرار حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط تمنع المستثمرين الأجانب من التفكير في الاستثمار في العراق باستثناء قطاع النفط ذي الربح المضمون.
خصخصة الاقتصاد العراقي
هذه العوامل إلى جانب استمرار الاحتلال الأمريكي يجعل مسألة الخصخصة السريعة للاقتصاد العراقي عملية معقدة. فالأسعار المنخفضة التي ستباع بها أصول الدولة العراقية ستعطي إحساسا بعدم مشروعية هذه الصفقات بين أفراد الشعب العراقي الذي سينظر إلى الاحتلال والمتعاونين معه من العراقيين باعتبارهم من باعوا البلاد بأبخس الأسعار.
وبدون مثل هذه الشرعية للصفقات فإن أغلب المشترين سيشعرون بالقلق بشأن تأمين حقوق ملكيتهم في الأصول التي اشتروها الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الانخفاض في الأسعار. ليس هذا فحسب بل إن هؤلاء الذين سيشترون الأصول التي تتم خصخصتها ربما يترددون كثيرا في ضخ استثمارات في هذه الأصول لتشغيلها كما يحدث في أي مكان آخر من العالم، وقد تتركز جهودهم على استنزاف هذه الأصول بدلا من تنميتها.
واختتم الباحث الاقتصادي جوزيف ستيجلتز دراسته القيمة في ذكرى حرب العراق بالقول إن مستقبل العراق مظلم كما يؤكد كثيرون من المحللين، وستكون أي مشاركة دولية في جهود إعادة البناء التي تقودها الولايات المتحدة أقل كثيرا من التوقعات، ولا يعني هذا أن العالم سيتخلى عن العراق. ولكن يعني ان المجتمع الدولي سيوجه أمواله إلى المساعدات الإنسانية مثل بناء المستشفيات والمدارس بدلا من مساندة الخطط الأمريكية.
لقد كان حلم غزاة العراق الأمريكيين إقامة شرق أوسط مستقل وديموقراطي ومزدهر. ولكن البرنامج الاقتصادي الأمريكي لاعادة البناء يمهد التربة من أجل مزيد من الفقر والفوضى.

..... الرجوع .....

تحت الضوء
الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
نادي العلوم
خارج الحدود
الملف السياسي
فضائيات
حوار
السوق المفتوح
برلمانيات
استراحة
تقرير
أقتصاد
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
بانوراما
مجتمعات
اثار
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved