مساجلات الشاعر حمد المغلوث
،* اعداد المهندس
خالد احمد داود الأحمد المغلوث
،* عرف عن الشاعر حمد المغلوث حبه في مخاطبة الشعراء والاسناد عليهم والرد على قصائدهم، ولكن مع شديد الاسف ليس بين ايدينا من شعر المعارضات والاسناد الا
عشر قصائد نستطيع ان نضعها تحت باب المساجلات الشعرية عنده، لكي نلقي عليها الضوء ونرى كيف كان الشاعر يتعامل مع شعراء عصره، وما هي الهموم التي كانت
تراوده دائما، ولماذا كان يلجأ اليه الشعراء في اسنادهم لشعرهم عليه وفي مخاطبته إياهم بشعره,
ولعل هذه المساجلات الشعرية - التي سنكشف عنها في هذا الفصل - توضح لنا شيئا عن الحياة الاجتماعية السائدة في ذلك الوقت قبل نصف قرن ونيف في الكويت وما
جاورها من الخليج العربي، وكيف كانت الحياة تسير هادئة طبيعية على فطرتها قبل ان تدخل الحضارة الحديثة اليها فتهشم رونقها وبريقها وعفويتها,
كان شاعرنا كما ذكرنا في القسم الاول من هذا الفصل، يعيش حياة الغربة حتى وهو عند اهله وعشيرته في الكويت، وكان يعاني من هذه الغربة معاناة صادقة، يظهر
ذلك جليا في كل اشعاره التي قالها في الحنين والشكوى والتذمر والحزن، ولم يكن يجد ازاء تلك الوحدة إلا اصدقاءه من الشعراء، يتكئ عليهم في شعره ويسند عليهم
قصائده يبثهم فيها لواعج الحب المزمن الذي عشش في قلبه المرهف ليجد عندهم العزاء والسلوى,
ولم يكن أصدقاء الشاعر من الشعراء يبخلون على شاعرنا بالرد والمواساة، فالمصاب أليم والفراق صعب والحب يملأ الجوانح ويفيض على الجوارح، وبين ايدينا مقطوعة
لطيفة قالها الشاعر في الرد على صديقه الشيخ علي الخليفة الصباح عندما جاء لزيارته يوما، فلما اقبل عليه قال له عدة أبيات لم يحفظ منها إلا البيت الأول
جيناك نمشي يا حمد رجليّه
وابشر بخلك جاك للدكاني
فرد عليه الشاعر حمد المغلوث على الفور بالأبيات التالية من القافية نفسها والوزن نفسه
مني للمصقول الجبين تحية
من لب قلبي المغرم الولهاني
اللي كما ذوب العسل بشفيّه
ترف الشباب الجادل النعساني
ما حلاه بالخصرين والمريّه (1) ،
وبناجر (2) من صنعة الحمراني (3) ،
حياة من يعلم خفي النية
ما مر يوم ما طراه لساني
ولقد كان شاعرنا على علاقة ود وصداقة مع علية القوم من الشعراء والعلماء والوجهاء والظرفاء، يلتقي بهم في ديوانيتهم ومجالسهم الخاصة، وتجمعه وإياهم رابطة
الصداقة المخلصة، وكان إذا غاب عنهم سألوا عنه وزاروه وتجاذبوا معه أطراف الحديث بشعر نبطي يأتي معهم على السليقة بدون عناء او تكلف او رياء,
وكان الشاعر يثق بصداقة هؤلاء ويبثهم شكواه وانينه لعله يجد عندهم الدواء الشافي لأوجاع الحب عنده، ومن ذلك قصيدته التي يسند بها على صديقه الشيخ علي
الخليفة الصباح والتي يقول في مطلعها
باح العزا من الحبيب الجنوبي
يا (علي) كن العقل بالكف مجذوب
يا (علي) تذكار أريش العين دوبي
زوله يزول لي وانا عنه محجوب
أبكي على فرقاه والعين واهوبي
والدمع من عيني على الخد مسكوب
من حر نار الولف مزعت ثوبي
وطوحت بالونة على نبنوب
وعقب الستر كل الخلايق دروا بي
والسد ثار من الحشا ثورة الطوب
يا (علي) لي نسنس نسيم الهبوبي
نودٍ من الشرقي برى حالي النوب
يا (علي) يا فرز الوغا يا محبوبي
ويش انت شايف يا حجا كل منكوب
ليت الركايب يا (علي) ما مشوا بي
من ديرة المحبوب والرزق مكتوب
يا (علي) وين اسلى الهوى وين اتوبي
وين اقدر التجليد والعقل منهوب
ولعل هذه الابيات التي اخذناها من قصيدة كاملة للشاعر ترينا السر الدفين وراء تلك المساجلات الكثيرة، التي كان يتوجه فيها الشاعر الى اصدقائه المقربين من
مثل صديقه الشيخ علي الصباح وغيره، طالبا منهم العون على بلواه في الحب والفراق، ولعله كان يجد عندهم السلوى، ولعلهم كانون يخفّون للتسلية عن شاعرنا كلما
ندبهم للوقوف معه في مصيبته الكبيرة، ومع الاسف فإننا لم نحصل على رد الشيخ علي الصباح على هذه القصيدة، وكل الظروف تؤكد أنه كان شاعرا ونديما للشعراء
وراعيا لهم تربطهم صداقات كتلك التي كانت بينه وبين حمد المغلوث، ولو تهيأ لنا الحصول على تلك القصيدة التي رد بها على شاعرنا لاستطعنا ان نعرف نوع
التعزية التي هبّ الأمير لتقديمها لصاحبه الشاعر,
وثمة مساجلة اخرى جرت بين الشاعر المغلوث وبين صديقه الشاعر عبدالرحمن القعيمي، يخاطب شاعرنا في قصيدته صديقه طالبا منه العون والنصيحة، وهو يبدأ قصيدته
على عادته في استفتاح قصائده بالشكوى وذرف الدموع على فراق المحبوب، ثم ينتقل الى صف المحبوب ووصف حالته في الغربة بعيدا عن وطنه وعشيرته، ثم ينتقل
الشاعر بعد ذلك الى بث شكواه لصديقه وحثه على الاسراع في اختيار طبيب مناسب ليداوي علته، التي اقضت مضجعه وجعلته ساهرا في الليل ساهما في النهار,
يا بو محمد يا فتى الجود أبا انخاك
يا فرحة المضيوم يوم الكساير
شف لي طبيب شاطر لا عدمناك
كوده يداوي علة بالضماير
وكأن الشاعر لا يقتنع بأن الطبيب يستطيع ان يداوي جراحه وينقذه مما فيه، ولهذا فهو يعود مخطابا صاحبه للركوب معا على ناقتين قويتين يركبانهما من الكويت
متوجهين الى الاحساء، وهو في خلال ذلك يصف لنا هذه الرحلة على عادة الشعراء الجاهليين في قصائدهم، ويذكر الامكنة التي سيمران عليها وهما في طريقهما عبر
الصحراء، كما انه يدخل عامل الزمن في الرحلة فيزيدها واقعية وقربا من الحقيقة,
ولعل هذه القصيدة التي قالها شاعرنا المغلوث تعد من غرر الشعر النبطي، بما فيها من إحساس مرهف وشاعرية فذة بالاضافة الى موسيقاها الجميلة التي اتقن الشاعر
صنعها
والاّ فنا يا معدن الجود ويّاك
نركب على ثنيتين عوص حراير
نركب عليهن يا فتى وقت الامساك
من دار ابو جابر عزيز القصاير
والعصر حول مريخ وريمة اشياك
ومنكبين المزهرة والنقاير
يا بعد والله يالقعيمي معشّاك
ان سلم الله مردمات الفقاير
يومين والثالث على الهون ملقاك
،(هجر) منازل من له القلب طاير
ويرد الشاعر القعيمي على حمد المغلوث الشاعر بقصيدة من الوزن نفسه والقافية نفسها، ولكنه لم يوافقه على ركوب الناقة لتقطع بهما هذه الرحلة الشاقة فصنع له
قطارا وأركبه فيه لكي يصل سريعا، وهذا القطار الذي صنعه القعيمي ليس عموميا لنقل الركاب والمسافرين، بل هو قطار خاص يقوده القعيمي نفسه ويركب فيه الشاعر
المغلوث وحده، ممنيا النفس ان يصل الى المحبوب في ساعات قليلة بدلا من الايام الكثيرة على ظهور الجمال والعيس، كما ان القعيمي لم يوافق صديقه المغلوث
لاستدعاء الطبيب الماهر الذي بيده الشفاء لكل الامراض لأنه يعرف مرض الشاعر الحقيقي، فهو لا يحتاج الى طبيب وإنما هو في أشد الحاجة الى حبيبه الذي يستطيع
ان يشفيه من كل علة، يقول القعيمي مخاطبا المغلوث
ادواك سهل إن وفقك الله وشافاك
من حيث دونك ما ذخرت الذخاير
خل الطبيب ولو يداويك ما براك
ايضا وخل الهجن ولو هن حراير
شريت لك (ريل) مثامينه الكاك
واللي مسوينه فرنج شطاير
عجل سيره كنه السيل دكاك
الى انتحى من بعض اخشوم الوعاير
وانشيت له سكة حديد الى هناك
يمشي عليها كنه الطير طاير
نركب عليه إلى تعتمت ويّاك
من دار ابوجابر عزيز العشاير
والصبح وانت ابدار خل تمناك
الجادل اللي عذبك بالحساير
هذاك هو غاية مناويك ومناك
حيثك غريم في البنى النضاير
فيلا لفيت وزان كيفك وملفاك
واستر بالك عقب هاك العباير
الا ان ترخص لي عقب نيلك امناك
اركب وارد (الريل) عجل مخاير
وانت استريح خلك ومرباك
يوم احتضيت ابسيد سود الخداير
ومن المساجلات الشعرية الطريفة التي حصلت بين شاعرنا واصدقائه الآخرين من الشعراء، قصيدة قالها مسندا بها على فهد ابن شريدة احد اصدقائه المخلصين من
شعراء البحرين، ولهذه القصيدة قصة طريفة مفادها ان الشاعر كان برفقة ابن الصباح وآخرين في رحلة قنص في الصحراء، ولما ارخى الليل سدوله توجهوا جميعا الى
مرابع بعض البدو القريبين لقضاء ليلتهم، وانتحى شاعرنا فبات ليلته في احد الخيام القريبة، ومضى الليل إلا اقله فقام ينشد جماعته فوجدهم قد ارتحلوا
وغادروا مرابع البدو وتركوه وحيدا، ولم يجد الا ناقته معقولة امام خيمته، وقد لاقى الشاعر من الضيوف ما جعله يقول هذه القصيدة ويرسلها شاكيا الى صديقه في
البحرين فهد بن شريدة,
ولعل شاعرنا قد استفاد في هذه القصيدة بما اقتبسه من الشاعر القعيمي في استبدال الناقة التي توصله الى الممدوح بالقطار وسكة الحديد، واظن ان هذا لا ضير
فيه من تأثير الشعراء من بعضهم البعض، غير ان صورة (البابور) عند شاعرنا في هذه القصيدة لم تكن قطارا يمشي على سكة الحديد، وانما كان سفينة تدفعها الآلة
ويتصاعد منها الدخان ويسمع لها صوت كالرعد وهي تشق عباب الماء متجهة من (دار بوجابر) الكويت الى (دار خليفة) البحرين
بابور يدني نازحات الموامي
مثل الطهف في الغبة الدلهميّة
ما حلا سيره في غبيب الطوامي
عجل وتنفظه الجروخ القوية
الى ثقب الدخان والمشي حامي
حنّت اجروخه كالرعد من عشية
من دار بوجابر رفيع المقامي
يسري ويصبح زروان اضحويّة
ساعة يبندر في ديار الكرامي
اهل الصخا والسّمت واهل الحميّة
دار الخليفة مبعدين الملامي
عند الشدايد بالعزوم القوية
تلك كانت صورة المركب الآلي الذي رسمه شاعرنا ليصل عليه حيث الممدوح، ولعل هذه الصورة في رسم سفينة الماء لا سفينة الصحراء تشبه الى حد بعيد تلك الصورة
التي رسمها القعيمي في رده على المغلوث عندما اركبه قطارا، وذلك من حيث الغرض وهو السرعة في المثول الى المخاطب,
ويكمل الشاعر خطابه بالتوجه الى صديقه فهد بالمدح واللوم والعتاب معا، ثم الشكوى مما ألم به حينما تركوه وحيدا، حاول ان يسلم من قوم فطاح في سرية ولاقى
ما لاقى من التعب والنصب، يقول
حوّل بخطي بالعجل والهمامي
يا طارشي ملفاك عين خويّة
فهد الشريدة ساتر راعي الوشامي
الشاعر اللي دوم تشعل اضويّة
نسل الكرام اللي بالاذكار زامي
يزهي بناموس لكفوف الصخية
شريدة اللي للمراجل سنامي
ايضا وبعد وانخا فهد بالشكية
هذا وعطني يا نديبي التزامي
انك تقص شكايتي والقضية
وتخبره من عقب رد السلامي
عما دهاني بالولع من دهية
ويرد الشاعر فهد بن شريدة على هذه القصيدة ملتزما بالقافية نفسها والوزن ذاته بروح فروسية وثابة صادقة، مبتدئا قصيدته على عادة الشعراء النبطيين بالتحية
والاعجاب
حي الكتاب وحي نظم الكلامي
يا مرحبا تسعين وألف تحية
حيّه عدد ما هل وبل الغمامي
او ما لعى ورق بعالي بنيّة
ثم يقول مخاطبا الشاعر المغلوث:
يا بوسعد مني عليك السلامي
من لب قلب مدّي المنصحية
يشبه قراح الماء على كبد ضامي
وألذ من سلسال عذب الثنية
يهدي ويعني به سريع اهمامي
لك والذي لك يا (حمد) من دنية
أمسي وانا في نيتي واعتزامي
ما عاد عندي كود قطع الثنية
انوي من البحرين باركب اشمامي
في نعيم شغل الدولة العيسوية
مستفزع لك عزوتي والعمامي
فكاكة بالسيف قيد الشكية
ولا يسع القارئ لهذه القصيدة التي نظمها فهد بن شريدة الا ان يعجب بنخوة الشاعر ورجولته وتفانيه في خدمة صديقه، واسداء النصيحة له في يوم هو في اشد
الحاجة لمد يد العون ليتغلب على ما حصل له بعد فراقهم له وتركهم له وحيدا في الصحراء لا رفيق ولا أنيس يحيق به الشر من كل جانب، ومن هنا يهب صديقه من
البحرين منجدا له فيقول
أبشر بربع مثل وصف النضامي
عزوة تميم ولابة سيسبية (4) ،
يردون حوض الموت ورد الضوامي
تفرح بهم يا القرم وقت الحمية
بيمناهم صمع تبت العضامي
قدام وجهك يا (حمد) ملتجية
ايضا ونرخص لك جميع الحطامي
ولا خير في اللي ما يساعد خويه
حقك علينا لو يثور الكتامي
لا بد ما تمسي جروحك برية
ومن مساجلات الشاعر ايضا تلك القصيدة الميمية التي بعثها للشاعر حمود الناصر البدر، والتي لم نتمكن من الحصول إلا على مطلعها الذي يقول فيه
يا حمود من زاد العنا به وهاما
يصفى لطيب النوم ما صار معلوم
غير اننا حصلنا على رد الشاعر الكويتي (حمود الناصر البدر) وهي مدونة بديوانه المطبوع، ونستطيع من الرد ان نحكم على ان قصيدة الشاعر المغلوث التي اسند بها
على حمود البدر، إنما كانت في الشكوى من تباريح الحب ولوعة الفراق على عادة الشاعر في معظم قصائده التي اسند بها على الشعراء، وخير دليل على ذلك قول
الشاعر حمود الناصر البدر في رده
حي الجواب وحي منشي كلاما
حيه عدد ما غرد الورق بحزوم
ثم يقول
صاغ النشيد ولا ذكر به غشاما
ايضا والخط الذي فيه مزموم
يشكي فراق اللي بدا بالقواما
مرت ضحى يوم على الغير معزوم
من صد عنك واصرم الصد لاما
ولا تظن يا حمد ما هو فيك ملزوم
بدل لا ما عشرته بالسلاما
واشهد على ذاك الحشا ما انت ملوم
يا طارد المقفي عليك الملاما
وان شمت عمن شام ما يلحقك لوم
الا ان تصير سوات فرخ النعاما
لا زال يتليها على غير مطعوم
فان سلت مثلي يا حمد عن يماما
فانا من لم يبعد الغير ماموم
وللشاعر حمود الناصر البدر موال زهيري خاطب به ذات مرة الشاعر حمد المغلوث على سبيل الاحاجي والألغاز، وهذا الموال مثبت في ديوان (البدر)، ولا بد ان
الشاعر المغلوث قد رد على هذا الموال بموال آخر، ولا بد انه قد حل تلك الالغاز التي بعث بها إليه صديقه (البدر)، غير اننا مع الاسف لم نحصل على ذلك الرد،
وكل ما استطعنا العثور عليه هو موال البدر الذي يقول فيه
ترجم لها يا حمد كان فهمت وألفت
خانت عهود لها ما بيننا ,, ألفت
ايش السبب ما وفت في ما دعت والفت
بارت ولا هي عرفت في من تراها ولا
تدري بمن لو يريد المن ولاها ولا
حياة ذاك النبي الحاز علم الولا
ما همني صد ذيك الواردة والفت
ومثل هذا الموال (زهيري) وغيره مما قاله شعراء آخرون يسندون به على شاعرنا المغلوث قد حفظه لنا الرواة ودوّن في بطون الكتب والدواوين الشعرية، غير انهم مع
الاسف لم يحفظوا ما رد به المغلوث على تلك المواويل، وبالتالي فقد ضاعت تلك المقطوعات الشعرية وهي لم تزل ندية في صدور الرجال بوفاة الكثيرين ممن عاصروه
وكانوا يحفظون شعره,
ولقد كان للشاعر حمد المغلوث مساجلات شعرية في معظم ألوان الشعر النبطي، وبين ايدينا شعر نبطي من لون الهجيني يرد به على الشاعر (زيد الدريع) الذي يفتخر
في قصيدته بأهله وأعمالهم وانهم لا يرضون بالذل حيث يقول
يا الله انك لطيف بالعبيد
منبت الخد عقب محالها
ترحم اللي تهيض بالنشيد
في مدح لابتي بأفعالها
ثم يقول مفتخرا
حنّا أهل الحرب والباس الشديد
حومة الموت نارد جالها
لا عتزينا على الطولة نزيد
نشري الروح من دلاّلها
يا نديبي على زاهي البديد
في الخلاء يعجبك زرفالها
ومما قاله الشاعر حمد المغلوث ردا على (زيد الدريع) تستطيع ان تحكم على شاعرية الشاعر ودقة اختياره للألفاظ الشعرية المناسبة للمعنى، وقد رد على الشاعر
بالأسلوب نفسه والقافية نفسها وهي الهاء مع ألف الإطلاق التي غالبا ما تستعمل في قصيدة الهجيني والشعر الحربي، ولكنه اضاف الياء الطويلة المكسورة في بداية
القافية لتعطي للقصيدة نفسا اطول ومجالا ارحب في الفخر والحماسة على نحو ما يقول
والدقاسن شراها كل عيّالي
كل قرم يدوّر المرحلة فيها
ترك اللي قعد ما هوب رجّالي
جنّبوه المجالس ما يجي فيها
،(هجر) تغريف ما لها امثالي
شبه عذراء تخطّى عند غاليها
وقد بعث الشاعر قصيدة طويلة الى الشاعر سليم عبدالحي على عادته في مساجلاته الشعرية يتوجع فيها ويحن، ثم يشكو للشاعر ابتعاد الاصدقاء عنه وعدم مواساتهم
له، مما دفعه الى التوجه اليه بهذه القصيدة طالبا الرد والمواساة، يقول
آه واعزاه لمن مثلي دهاه
عن حلو نوم الملا همٍ ثقيل
يقول واصفا حالته وافتراق الاصدقاء عنه
والمواطي تالفات حافيات
داميات من كثر ممشاي حيل
كن دك الجاش من شد الغرام
تقل دك ريل والا رجد خيل (5) ،
ما ونيسي والملا عني رقود
غير مأمون يلوذ به الدليل
ذاب حيلي عقب ذا ثم اعتنيت
ولي عصاتين لعضدين تشيل (6) ،
ما اروم امشي ولا مقدار باع
من رأى حالي عقب مانيب فيل
لا نديم ولا صديق ولا رفيق
يحتمل شكواي بالعلم الجميل
يبتصر في حالتي ويقوم لي
يفتزع ويقوم بذراع طويل
ثم يبدأ الشاعر بعد وصف حالته تلك التي أبقاها المحبوب هزيلة لا يقوى معها على القيام والقعود، يبدأ ببث روح النخوة في نديبه لكي يخف لمساعدته في قصيدة
لعلّها تقلل من همومه، وتكون عوضاً عن الاصدقاء الذين تخلوا عنه في ساعة عزّ فيها الاصدقاء وقلّت بها معاونتهم ونصيحتهم
ما لقيت أحد يساعدني أبد
غير ماهو دوم ظني به جميل
حيث من عزمه لمن ينخاه دوم
يثني ويقوم بالحمل الثقيل
ولا خفى اسمه سليم المستجار
ابن عبدالحي مزبان الدخيل
النديم الصاحب الصافي الصديق
كاسب الطولات بالكف الجزيل
اشتكي لك ما جرى لي يا فتى
من عنايا مسندي صد الخليل
صاحب سنّ القطاعة والجفا
يا عشيري من عقب ما هو لي يميل
ملني عقب الوداد وعافني
باعني بيعة اغلاط ابلا دليل
ليت من يقوى العزا يا مسندي
عنه لو مقدار تعميرة سبيل
ويرد الشاعر سليم عبدالحي على صديق عمره بقصيدة طويلة ملبيا دعوة الشاعر ومرحبا بالمساعدة، بعد ان رسم الديباجة التقليدية في مقدمة قصيدته من الترحيب
بالقصيدة وقائلها مع التحية والتسليم، ثم يبدأ الشاعر بوصف قدوم الرسالة التي تحتوي القصيدة عليها، كل ذلك بأسلوب واقعي حقيقي تشعر معه بقدرة الشاعر على
تطويع اللغة بأسلوب سهل ممتنع لكي تؤدي الغرض الصحيح، لا تحس وانت تقرؤها بالتكلف والتصنع، يقول
مرحبا ما روجع الجميري اغناه
واعتلا بالصوت في دوح ظليل
او عدد ما هل مرتكب السحاب
بالخيال وما هطل وبل مخيل
ألف ترحيب ولكّين احتفاي
مع تحية وتسليم فضيل
يا هلا يا مرحبا يا مسهلا
بالكتاب ومن لفاني به بليل


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved