Friday 12th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الجمعة 24 ذو القعدة


لا تجادل,, هي هكذا؟!

يلاحظ المتتبع لعمليات التطوير المستمرة للمناهج التعليمية وطرق تدريسها، انها تركز كثيرا على اسلوب النقاش والمحاورة، الذي يعد من اهم الاساليب بل وافضلها لنقل العلوم والمعرفة، ويكفي عن طريقة تبرز شخصية الناشئ المقبل على حياة مليئة بالكثير من المتناقضات التي تحتم عليه التمسك بما يحمله من مبادئ وقيم بل والقدرة على الدفاع عنها, لذلك نبارك كثيرا تلك الخطوات الرائدة التي تقوم بها وزارة المعارف فمن مساوئ التعليم القديم والذي يعتمد على التلقين والتلقين فقط! ما نجده في المناقشات التي تحدث في اي اجتماع او مناسبة، ففي كل اجتماع نجد من يناقش وما عليك الا (الاستماع) فلا فائدة ترجوها غير ذلك! فمناقشاتنا تبدأ ولا نهاية للبداية، فلا حواجز ولا أسوار بل التطور المتسارع (كما هو حال العصر) سمة نقاشاتنا,, (وقد ينفض المجلس دون ختام لما بدأ)، وهو ما يحصل في الغالب، وايضا من صفات نقاشاتنا الجدل الذي لا يصل الى نتيجة او (السفسطائية) فلا اقتناع ولا اسلوب اقناع بل كلمات تتناثر هنا وهناك وكلمة تقال بين الحين والآخر، وألفاظ قد يكون قائلها لا يعرف معانيها، وأصوات تتعالى حتى ما بدأ في اثنين يعم الحضور جميعا، وكل له رأيه ووجهة نظره وهذا من حقه وله الحق في الدفاع عنها دون التعرض للآخرين بالطبع، ولكننا لا نجد دفاعا، بل نجد هجوما لفرض رايه ووجهة نظره، بل ورأيه هو الصح والآراء الاخرى خطأ, عملا بالمعادلة (الصفرية) فأما هو أو أنت, الغريب في الامر انه يكون من الحضور شخص يحمل درجات علمية رفيعة، وهو على نفس المنوال والنمط، صراخ ودكتاتورية وعندما تناقش احدهم وتحاجه في عدم صحة كلامه ونظرياته تجده يلجأ إلى آخر وسيلة لديه بقوله (هي كذا,, أنت وش دراك,, والا يابو فلان,,) عندها فقط يمكن للمعركة ان تنتهي، ولكن بخسائر نفسية ربما تكون كبيرة، على الرغم ان كل من شارك في (المحاورة) يعلم بل ويردد
الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية
وان اعترفت بخطأ ما تعرفه من معلومات، ربما عند ذلك ستجد احدهم يقول لك في مكان آخر وربما في تحاور آخر (ما عندك سالفة,,) ولماذا يا هذا؟ (يومك تناقش ذاك اليوم وصارفلان اعرف منك وكتمك انت ما عندك سالفة) يقولها لك بكل بساطة، وربما سمعه احدهم وسأل (وش صار) فتبدأ المسرحية من جديد ولكن في مكان آخر، لذلك احذر من الاعتراف.
حتى صراع (وهي ادق الالفاظ) المثقفين العرب! يحمل نفس الصفات والسمات وما برنامج (الاتجاه المعاكس) الا شاهد على ذلك.
ان من يرى مناقشاتنا وهو لا يعرف اسلوبنا في الحوار (غير الهادئ)، الاصوات مرتفعة والايادي تروح في كل الاتجاهات، والنظرات الحادة، سيعتقد ان النهاية هي الشجار (لان كل الدلائل تشير إلى ذلك, اذكر ان احد المعلقين الرياضيين قال في احدى مباريات كأس العام التي شارك فيها المنتخب السعودي أرجو ان يكونوا قد أخبروا الحكام ان اللاعب العربي يتحدث بتحرك يديه كثيرا).
أما كبار السن (أمد الله في اعمارهم) فانهم بقول (انا ابخص منك,,) ينهون كل محاولة لمجادلتهم عندها ليس لك إلا السمع والطاعة.
ربما اكون في هذه الاسطر قد صورت مجتمعا اخالطه، ولكنني اود من القارئ الكريم ان يرجع الى الوراء قليلا او ينتظر المستقبل القريب جدا ليشاهد ما صورته له, وليضحك.
محمد عبدالرحمن الشريف

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
فروسية
أفاق اسلامية
عزيزتي
المزهرية
الرياضية
تحقيق
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved