** سقسقة:
لا تساوي الأشياء إلا ما نجعلها تساوي .
حكمة فرنسية
* * *
الذي اطلق المثل السائر سماعك بالمعيدي خير من ان تراه لم يكن يتوقع بالتأكيد ان يأتي يوم فلا تستطيع في زمن العولمة وثورات التقنيات الا ان تشهد باستمرار سقوط المعيدي الا فيما ندر.
فالقنوات الفضائية تتسابق وتتنافس في اجراء اللقاءات مع الفنانين والأدباء والمفكرين بحيث لم يعد المتلقي كالسابق يسمع بالمعيدي ويتمنى ان يراه.
بات الأمر سهلاً فالقنوات الفضائية في استعراض دائم لمكنون الشخصيات الانسانية وهو اختبار صعب اما ان يرفع من جماهيرية الشخصية او ان يجعلها اضحوكة امام المتلقي وهي لا تتحمل المسؤولية كاملة فبعض المذيعين او المذيعات ينتهجون اسلوبا استفزازيا لمحاورة الشخصية, وبذلك يثقل العبء على كاهلها في محاولة للتمسك بالهدوء وسعة الصدر, ومن ناحية اخرى هناك المعيدي الذي تكتشفه من خلال موقف دفعت بك الحياة بحوادثها ومصادفاتها الى التعامل فيه معه وفق مقاييس الانسانية وليس الابداع,, فتكتشف بأن المعيدي الذي كنت تقرأ له فكراً ناضجاً يفكر كما يفكر السذّج بسطحية.
وذلك الذي يتحدث عن المبادىء الفاضلة والقيم التي تظل شامخة فلا تنحني قد احنى في حياته مختلف القيم ويقنعك بانها الحياة ان لم تغلبها غلبتك.
وفي رأيي انه من حق المعيدي ان يمارس ما شاء من سلوكيات مرفوضة مجتمعياً مقبولة كونها صارت اعتياداً مثل المجاملة النفاقية، الكذب، الحروب الانسانية الكلامية الخفية، وممارسات اخرى كثيرة ربما أنفت الكائنات الحية ان تصنعها لمثيلاتها من نفس النوع, ولكن ليس من حق المعيدي ان يمارس الزيف علناً فنصبح كمتلقين سلبيين نوافق على ما نرى ونسمع وهو عكس تماماً ما يُكتب ويتشدق به المبدع.
اذ ان مسألة ممارسة الزيف تسلب القارىء حقه في احترام المبدع له.
كما ان ممارسة الابداع علناً لها شروط عدة من اهمها ان يصنع المبدع ذاته ويطورها قبل ان يستمتع كونه شخصية عامة ومشهورة.
انها اعتبارات خطيرة تعتبر مؤشرا قويا لارتفاع المبدع او سقوطه.
رغم ان ممارسة الزيف علناً صارت نهجاً للمبدعين في ظل غياب القارىء الذي يتابع ويناقش ومن حقه ان يعلن سقوط المبدع لكنه احياناً يؤثر السكوت فيساهم من حيث لا يدري في بقاء المبدعين المزيفين.
ناهد باشطح