اعاد اعتقال عبد الله اوجلان الزعيم الكردي الى الاضواء مشكلة الأكراد الذين يزيدون عن 30 مليونا موزعين بين عدة دول من غير خيار لهم في هذا التوزيع، وحقوقهم تتفاوت من بلد الى آخر بين الحرمان المطلق من كل شيء واعطاء بعض الحقوق في حدود ضيقة.
والأكراد لم يعرف عنهم على مدى تاريخهم الطويل انهم اضطهدوا شعباً من شعوب المنطقة، وقد علا نجمهم في سماء التاريخ عندما نبغ بينهم صلاح الدين الايوبي الذي استعاد القدس بعد احتلال تسعين سنة، وشهد له بالفضل اعداؤه ومحاربوه في اوروبا مثل ما شهد بذلك اهل الاسلام ومؤرخوه، ولكن صلاح الدين بقي علقماً في نفوس الأوروبيين كلما ذكر اسمه عادت اليهم مرارة الهزيمة لجيوشهم الصليبية، وآخر من عبر عن ذلك الجنرال اللنبي في مقولته المشهورة لما احتل دمشق في العصر الحاضر عندما وقف على قبره قائلاً: قم يا صلاح الدين، ها قد عدنا.
وعندما قُسم الشرق الى دويلات إثر تمزيق الخلافة العثمانية من اوروبا ظهر العداء واضحاً للأكراد فأوروبا هي التي زرعت القوميات وفي العالم الاسلامي بخاصة وما زالت تنميها بل موّلت المنادين بها بما في ذلك العرب وتتفاوت القوميات بين مغالاة وتوسط وحرمان، فالمغالاة تمثلت في كمال اتاتورك الذي جاء لشعب عظيم قاد العالم الاسلامي عدة قرون فجعله ينكفىء على قوميته ويقطع كل صلة له بالشعوب الأخرى مع ان هذا الشعب قد تآلف مع الشعوب الأخرى منذ قَدِم من آسيا الشرقية قبل 700 سنة، اما الوسطية فتمثلت في قومية العرب فاكثرهم لم يغالوا في القومية ويعدونها عقيدة الا بعض غلاة القومية في بلاد الشام، واما المحرومون حتى من التكلم بلغتهم في بعض الدول فهم الأكراد.
ان الانفجار الكردي في كل انحاء العالم إثر اعتقال اوجلان يدل على ما في نفس كل كردي من مرارة، وان كان اوجلان حمل لواء الثورة فهو لم يحمل ثقافة الكرد الاسلامية، باتجاهه اليساري ولعل ما دفعه لذلك وقوف الغرب والشرق الاوسط ضد اعطاء اي حق للاكراد في وجود كيان لهم وطبل له المعسكر الشرقي الهالك ولم يعطه شيئاً.
ان الله قد خلق العالم شعوباً وقبائل ليتعارفوا والمنصف يقف محتاراً لماذا يقف العالم ضد الأكراد فهل يعود ذلك الى ان الاكراد يدفعون فاتورة انتصارات صلاح الدين فبلاد الاكراد لا تختلف عن البلاد الاخرى وليس لها موقع استراتيجي او اقتصادي اكثر من غيرها، وليس في قوميتهم ما يحمل تهديداً سوى تاريخ صلاح الدين، وجل الاكراد لا يطالب بانفصال عن تلك الدول بل بهوية كردية من اهمها السماح لهم بالتحدث باللغة الكردية والدراسة بها، واخال ان ذلك حق لهم مثل غيرهم من الشعوب في كل العالم، فلن تقبل الشعوب الاخرى ان تعامل معاملة الاكراد، واولهم القومية التركية التي اوجدها كمال اتاتورك ورعاها من بعده الجنرالات المتعصبون.
د, عائض الردادي