رأي الجزيرة مشاهد جديدة في قصة النفط وأسعاره |
تستعد اسواق النفط ابتداء من شهر ابريل القادم لفقدان مليوني برميل يوميا من نفط الأوبك - ولم يكن هناك اية بدائل لنفط الأوبك بعد ان هبط سعر النفط الى 9 دولارات في وقت تناولت فيه الانباء ارقاما ادنى من هذا الرقم بكثير, وقد ادى هذا الهبوط الشديد في سعر النفط والذي لم تشهده السوق البترولية منذ عشر سنوات الى تحطم آمال آسيوية كانت تبني بيوتا فوق الشهب يتم تشييدها من ريع نفط بحر قزوين لكن الآمال اصطدمت بذلك الطالع السيىء الذي كان ينذر بأن النفط لا يمكن أن يظل مصدر رزق لكل من يعثر عليه في أرضه.
بعد عام 1971م كانت الدول المنتجة للنفط والمستهلكة على السواء تسير وفق اتفاقية طهران التي حددت ذلك الارتفاع التدريجي الطفيف في اسعار النفط - لكن دول الاوبك وجدت نفسها في حل من الاتفاقية تلك عام 1974م عندما تم تخفيض سعر الدولار لامتصاص الفوائد المرتقبة من ذلك الارتفاع الطفيف ، وفشلت وكالة الطاقة الدولية عام 1975م من وضع سياسة لجعل سعر البترول يرتد الى الهاوية او الى مادون الهاوية بقليل فدارت الحرب الباردة والحروب الحارة في الساحتين الاقتصادية والسياسية فانخفضت اسعار النفط من جديد, ولعل فصول هذه القصة وادوار القائمين عليها تهيىء القارىء المتأثر بملاحمها للتمتع بمشاهد جديدة قد تكون اكثر جدية او هزلية من تلك المراحل والمشاهد والفصول التي مرت به من قبل.
بعد خفض انتاج الاوبك مليوني برميل يوميا بدأسعر برميل النفط يلامس 13 دولارا ووصل سعر النفط الى هذه الحالة بعد ان تعثر الدولار امام العملات الاوروبية وباسلوب يدعو للقلق, فقد تم صرف الجنيه الاسترليني ب 1,671 دولار وهو تراجع عام للدولار امام سائر العملات الاوروبية بوجه عام وتم صرف اليورو ب 1,950 دولار بعد ان كان سعر صرفه يتراوح مابين 1,8791 و1,7984 دولار.
ان التراجع الطفيف في سعر صرف الدولار ينطبع أثره على كل اسعار السلع المصنفة بالدولار مما يعطي مؤشراً على ان سعر برميل النفط يتحول الى وحدة حسابية تحدد سعر الدولار امام برميل النفط وليس العكس.
ان اوضاع النفط ستكون اكثر ظهورا في الساحة المالية عندما ترى الدول المنتجة للبترول خارج الاوبك ان عليها ان تحقق للسلعة الاستراتيجية ثباتا في اسعارها في السوق العالمية والتحاقها بركب المنتجين تحت مظلة جامعة هي منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك .
لقد ظلت الاصوات المخلصة تنادي ومنذ سنوات عديدة بان الثقة المتبادلة بين الدول المنتجة ستكون اقوى سند للجان الرقابة على الاسعار وعلى سقف الانتاج وفي الوقت الذي زادت فيه بعض دول الاوبك صادراتها اليومية بنسبة طفيفة اكثر مما هو مقرر لها احدثت هذه النسبة الطفيفة هوة عميقة كانت خلف كل مامنيت به الاوبك من هزائم في الساحة العالمية.
لقد ظلت دول الاوبك وعلى مدى خمسة عشر عاما تعاني من عجز في موازناتها العامة وتضخم في موازين المدفوعات في حين يزداد الفائض التجاري في الدول المستهلكة للنفط وتتدنى فيها مستويات البطالة امام تقلص في حجم الوظائف وعدم زيادة العاملين في الاجهزة الرسمية في دول الاوبك ولم يستطع القطاع الخاص من دول الاوبك تحمل النسبة المتزايدة من العاملين والتي تفوق مقدرة المؤسسات الخاصة, بل ان العمالة الآسيوية بدأت تغادر دول الاوبك لتزداد وطأة الفقر على الدول الفقيرة والدول الاشد فقراً ويبدو مظهر الدول المستهلكة للنفط مظهرا مليئاً بالانانية بعض الشيء عندما تدخل ميدان المساومة ليكون الضحية دول الاوبك ونفط العالم كله.
ان وصول سعر البترول مابين 18 الى 21 دولارا للبرميل في ظل اسعار الصرف الحالية للدولار الامريكي مقابل العملات الرئيسية هو ماتنشده الدول المصدرة للبترول فهي لاترغب في بناء احلام ترى فيها سعر البترول وقد تجاوز 50 دولاراً للبرميل ولكن هذا الرقم قد يكون اقل من الواقع المأمول اذا عمدت الولايات المتحدة الى اجراء تعديل على سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية وعندئذ ستكون الزيادة في السعر متساوية مع نسبة الخفض في العملة الامريكية.
ولكن ماهي الوسيلة لضمان تماسك الجبهة الداخلية لدول الاوبك - وهل هذه المنظمة جاءت لتكون نداً لتنظيم اعدته الدول الصناعية او الدول المستهلكة للنفط؟ ان مايحدث على الساحة هو ان الدول المستهلكة أنشأت وكالة الطاقة الدولية لتكون خصماً للاوبك في وقت لم تكن فيه تلك الدول قادرة على وضع اطار يحفظ توازن سلعة النفط مثل بقية السلع الاستراتيجية الاخرى, ولو كانت الدول المنتجة للبترول دولاً صناعية في الوقت نفسه لتغيرت الحسابات بل ان مراكز القوى في هذا العالم ستكون امام تنظيم جديد, الا ان الواقع قضى بان يكون المنتج للنفط جانبا خاليا من الصناعات مما جعله يطلب الغوث بالرغم من انه الجانب المغيث والدول المستهلكة للنفط تستوعب هذه المعادلة وتعمل على اساسها.
الجزيرة
|
|
|