Monday 22nd March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأثنين 5 ذو الحجة


دقات الثواني
هذا المواطن المثالي

سعدت بالخبر الذي نشرته الجزيرة في عددها 9663 يوم 26/11/1419ه عن ذلك المواطن المثالي في المدينة المنورة (عقيل منشي) سائق سيارة الاجرة الذي اوصل الحاج الهندي (اجاويد عالم ضمير الدين) الى مقر سكنه وتقاضى منه اجرة يسيرة لا اظنها تتجاوز الثلاثين ريالا، وبعد ان انزله اكتشف ان الحاج قد نسي في السيارة حقيبة صغيرة فيها كل ما يملك وهو مبلغ خمسة آلاف ريال، ولا يعرف عنوانه ، ولا اسمه، واخذ يبحث حتى وجد احدى فرق المتابعة والمراقبة التابعة لوزارة الحج فابلغها انه نقل حاجا ثم عثر بعده على هذا المبلغ في السيارة.
لو لم يكن لدى هذا المواطن شعور ديني عميق لاخذ هذا المبلغ الكبير بالنسبة للاجرة الزهيدة التي تقاضاها ولكن الشعور الديني والامانة دعواه لان يواصل البحث مضحيا بالوقت ليريح ضميره بايصال الحق الى صاحبه، وتلك سجية لا تتوافر الا فيمن يضم صدره نفسا نقية لا تريد الا رزقا حلالا.
لاشك ان هذا المواطن ذا العيش اليسير لم يجد طعما للراحة الا بعد ان تأكد ان المبلغ قد اصبح في يد امينة ضمن انها ستوصل المال الى مالكه، وقد استطاعت فرق المتابعة ان تصل الى الحاج عن طريق بعض الاوراق الموجودة في الحقيبة اليدوية التي وجد بها المبلغ، ولو كان هذا المواطن من ذوي النفوس الضعيفة لوجد في عثوره على ذلك المبلغ غنيمة ولن يكترث بالالم النفسي الذي سيكون فيه الحاج وقد اصبح صفر اليدين.
وفرق كبير بين هذا المواطن الامين الذي ذكر الله خاليا ففاضت نفسه بالخوف من الله، واولئك الذين يتلفعون برداء الحج ويتظاهرون بالطهر بحصولهم على تأشيرة الحج ويأتون للاماكن المقدسة ليختلسوا من جيوب الحجاج وهم مطمئنون في الروضة الشريفة في المسجد النبوي او في المطاف والمسعى في المسجد الحرام، او ينتهزوا ازدحام الحجاج في رمي الجمرات، او يقتنصوا كل سانحة لينقضوا على اختلاس الحجاج.
هناك جنسيات اسلامية كثر من بينها من امتهن القدوم للحج من أجل السرقة، وتنشر اخبار ذلك في صحف بلدانها، ولولا العيون الساهرة لحدث منهم العجب العجاب ولكن الله الذي آمن هذه البلاد من الخوف واطعم اهلها وحجاجها من الجوع قد هيأ لهؤلاء من يأخذ على ايديهم، وهاهم ابناء بلادنا ممن شرفهم الله بسكنى هذه البلاد يضربون المثل الاعلى في الامانة ويعفون عن الكسب الحرام مع ان المهن التي يعملون فيها تدل على حاجتهم للمال، وهذا المواطن واحد منهم راقب الله في كسبه ، وامضى من الوقت في البحث عن صاحب المال المفقود اضعاف ما اخذه من مال زهيد مقابل اجرة السيارة.
وجميل ان تنشر مثل هذه الاخبار في الصحف ليتبين الفرق بين الرجل الامين ومن لم يراع حرمة الاماكن المقدسة فجعل ثياب الاحرام وسيلة للنهب.

د, عائض الردادي

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved