Monday 22nd March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأثنين 5 ذو الحجة


هل هو غَربٌ جديد,,!؟
محمد بن أحمد الشدي

العالم بدأ يتغير بلاشك: وكلنا يتابع مواقف الدول الكبرى في القضايا الساخنة على الساحة الدولية: في منطقة البلقان ووقوف تلك الدول ضد العدوان الصربي والتعصب الطائفي - وكذلك موقف امريكا الاخير والمعلن على لسان مساعد وزير خارجية امريكا: بان امريكيا ستجمد مساعداتها الاخيرة لاسرائيل اذا لم تلتزم بالاتفاقيات المتعلقة بعملية السلام في الشرق الاوسط التي تزعمتها امريكا,, تلك المساعدات البالغة اكثر من مليار دولار ثم جاء موقف اوروبا عن القدس المعلن في الاسبوع الماضي ليؤكد ان العالم يمر بمتغيرات واضحة,, وهذا تغير جذري اذا صمد: في مواقف الولايات المتحدة وأوروبا,!
ونحن العرب يجب ان نعترف بهذا النظام المتغير الجديد بمرونة ووعي وان نتوقف عن عادة الاجترار ومضغ المآسي الماضية وحتى جاهزية الهروب الى الامام,,!
ان موقفنا من امريكا والغرب كان دائما رد فعل لموقف امريكا من اسرائيل الايجابي باستمرار طبعا,, ولكن يبدو ان الزمن الاسرائيلي سوف يتغير وسوف يذبل بدليل ان النظام العالمي الجديد شطب احلام اصحاب الطواقي الصغيرة الزرقاء بقيام دولة اسرائيل الكبرى!!
- ولم تعد اسرائيل هي اسرائيل التي اخذت عقل ومال وسلاح امريكا والغرب لمدة نصف قرن,, فبين المصلحة والصداقة شعرة جدا علينا ان نبقيها قوية كخيط من الفولاذ وان نستمر في اقناع امريكا بان مصالحها الحيوية مع العرب تقتضي العدل والتصرف بواقعية,,!! وان مابيننا صداقة وتعاون وتفهم لكل المواقف,,.
- ان علينا كعرب ان ندخل نادي النظام الجديد كأمة واعية مدركة لما يدور حولها وبشكل ديمقراطي ومتحضر كي لا تنفرد اسرائيل بالسمن والعسل مرة اخرى,,,!! وحتى لا نعود لمرحلة البكاء على الاطلال,,!!
- ان انطباعنا نحن الدول النامية ونصف النامية عن امريكا انطباع قديم,,,!!
انطباع القوة والسيطرة والعنف,,,! ربما من آثار الماضي الملغوم بوجود وتصرفات بعض الرؤساء الامريكيين السابقين الى حد ما، لكن يبدو ان الرئيس كلينتون بغض النظر عن ضعفه امام الجنس اللطيف - وعفويته هو اول الرؤساء ذوي الابتسامة البريئة الذين ستنجبهم امريكا مستقبلا,,!! هو الذي سيحاول خلق امريكا جديدة تنظر الى قضايا العالم بكل حيدة وانصاف.
- هذه ليست دعاية لأمريكا,, حتى ولا هو خوف او رياء وانما قراءة لامريكا الجديدة,, التي يمارس فيها الرئيس حياة موظف البورصة - والاقتصادي المتفاني - والعاشق والمتحدث الخجول,,,!!
- ورغم رائحة الاحتراف في وقت مضى بين البيت الابيض والكنجرس وتكتل اليهود مع الاغلبية الجمهورية داخل المجلس ضده,, فانه يبدو مدعوم بقوة شعبية ترتكز على خلفية اقتصادية مزدهرة وفائض - في المال الامريكي وصل الى 70 مليار دولار لم تحصل عليه امريكا منذ 29 عاما.
وقد اشار احد الصحفيين الى ان الرئيس (كلينتون) انسان مثقف وحضاري وليس ضعيفا ولكن بعض اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي,, والذين هواهم مع اسرائيل والصهيونية ارادوا ان يحفروا أخدودا عميقا امام خطوات كلينتون في مسيرته نحو السلام مرة اخرى في الشرق الاوسط ولمنع اي تقارب للتفاهم مع العرب,, فكان ما فعله مجلس الشيوخ باذاعة اعترافاته في مسألة مونيكا - مجرد تحذير للرجل وتحد لارادته ولاظهاره مظهر الضعيف وهم يذكرونه بمصير غيره من الرؤساء الذين اذلّوهم,,!!
على اي حال,, ان هناك كثيرين في العالم المتحضر وهذا من حظ (كلينتون) ويؤمنون بان الرجل القوي ليس هو الذي (يفرم) المعارضة او يتجبر او يتعنت ولكن الرجل القوي هو الذي يطرح فكرة حضارية انسانية تؤمن بها الدول والشعوب,, ويفضح غوغائية الذين يمارسون الوحشية ويقفون في طريق السلام العالمي,,!
فاذا نجح (الرئيس الامريكي),, في استقطاب الرأي العام العالمي المحب للسلام وتم انعقاد دائرة مستديرة للسلام في الشرق الاوسط مرة اخرى,, لقطار السلام، خاصة بعد توقفه وتعثره فان (كلينتون) سيكون قد رد الصاع صاعين لبعض اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي - خاصة اليهود - وعرفهم ان القوة قوة العقل لا قوة العضلات,,!! والتآمر وسرع المحابل الجنسية,,,!
ولعل في توجيه وزارة الخارجية الامريكية الاخير الذي اعلن فيه ان امريكا اصبحت شريكا كاملا في المفاوضات العربية الاسرائيلية,, فيما يدعو الى وجوب تخلي إسرائيل عن وهمها الكبير (إسرائيل الكبرى) والسعي الى مبادلة الارض بالسلام والاعتراف بحقوق العرب والتفاوض على مشكلة القدس والكف عن بناء المستعمرات والتوقف عن هذا الاسلوب القديم في تثبيت الاحتلال,, ان على اسرائيل ان تساهم في هذه المتغيرات التي يشهدها العالم لصالح السلام العالمي والاتجاه لحل الصراع العربي الاسرائيلي وذلك بالتسريع بالخروج من مأزق اعادة الانتشار الذي خلقته اسرائيل لايقاف عجلة السلام,, وهذا الاسلوب اللاأخلاقي من العدو الاسرائيلي قد عرفه العالم والرأي العام الامريكي خصوصا وهذا اشد ما كانت تخشاه اسرائيل خصوصا في عهد جلادها وكذابها نتنياهو الذي لاشك في تآمره على كلينتون والتخطيط للاطاحة به - وقد حدث واعني به بروز هذا الرأي الامريكي الصريح,, الذي تقوده الادارة الامريكية رغم انف (اللوبي) الصهيوني والذي يبشر (بتنمر) هذا الرئيس الامريكي الوديع وانطلاقه لمساندة الحق وممارسة دور الصقور - ضد الحمائم - ولنرى ماسيكون,,!!
- ولو انني لا أتوقع ان تظهر على وجه امريكا تقطيبة جونسون او نكسون لان كلينتون في نطاق النظام العالمي الجديد,, يريد ان يخرج مع هلاري من البيت الابيض الى السينما,, ويتحدث الى الصحفيين كعارض ازياء اودليل سياحي او عاشق للحياة,,!
- لكن هل في الافق امريكا جديدة,,؟!
لا ادري اذا كانت امريكا تتغير الى الافضل او الى الاسوأ ولكن المؤشر العام للعلاقة معها هو امكانية حديث دول العالم معها على ناصية الطريق,, والشاطر من يستطيع ان يعقد الصفقة الرابحة بهدوء وديمقراطية مع دولة كانت تسام العذاب من قبل الدول الكبرى قبل ان تتكرم عليها بكسرة الخبز - ثم اصبحت تقود العالم اما الى حافة الهاوية ام الى السلام,.
* على جدار القلب
رسالة الى غاندي: بطاقة حب صغيرة تقول (ابلغ المائة يا حبيبي),, هذه القصيدة النادرة ارسلها الشاعر الكبير (طاغور) ويرفقها وردة جميلة الى غاندي فيلسوف الهند.
احب طاغور,, الفلسفة والحكمة فتمنى لاصحابها طول العمر وهذا هو الحب الحقيقي وبقدر ما سمعت او قرأت من شعر الحب وبطاقات الحب وشهادات الحب,,! لم اتذوق ارق من هذه العبارة التي تتمناها كل حسناوات العالم.
الروعة في هذه الرسالة اللطيفة الرقيقة هي انها لم ترسل الى حسناء تتلف وتشيخ ويتجمد وجهها مع السنين المائة ولكنها مرسلة الى رجل مفكر فيلسوف والفكر والفلسفة اجمل من كل جمال، في هذا العالم الفاني!
ليت لنا ان نخفف من الحب الباكي الضعيف ونبحث عن حب آخر نهديه ورودنا حب ليس كل رأس ماله,,! الجفون الذابلة والشفاه المطيبات والشعر الحرير,,!!
ليت شعراءنا يتغزلون بالحب الذي يحدث فينا رعشة الفكر والتأمل وحب الآخرين ولاننا لم ندخل هذه الآفاق المجهولة فقد تذبل ورودنا قبل ان نجد من نرسل له وردة ومع عبارة الحب هذه (أبلغ المائة يا حبيبي).

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved