Monday 22nd March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأثنين 5 ذو الحجة


أما بعد
الكاميرا الخفية

منذ ايام كنت في سوق الربوة للخضار,, التفت يمينا وشمالا لعل بصري يقع على (حمال) يحمل لي مشترياتي عدة امتار حيث توجد سيارتي,, وعلى خلاف العادة لم اعثر على احد,, وقد مر على مقربة مني شاب بدا لي من مظهره وشكله,, ولهجته ايضا انه سعودي الجنسية وكان يدفع بعربة (محملة) لصاحبها الذي يسير الى جواره وبالتأكيد فقد قاده حسه الذي لا يخيب انني انتظر بفارغ الصبر نجدة بطل مغوار يطلق عليه لقب حمال,, لذا كانت مبادرته السريعة بعد ان قدم التحية,, وبطريقة مؤدبة للغاية قائلا: اخي سوف ابعث لك بمن يقوم بخدمتك,.
وبعد مرور دقيقة واحدة,, واذا بشاب نشط يشتعل نشاطا وحيوية يلقي تحية السلام.
,, ويقول بصوت مسموع,, وبثقة كبيرة - انا في خدمتك!!
,, موقف يكاد لا يصدقه العقل,, حسبت ذلك ضربا من الخيال,, قلت في نفسي والعياذ بالله,, لا تكون هناك (كاميرا خفية) والاخوة الاعزاء وجدوا في شخصي المتواضع ضحية مشهد تمثيلي هم بصدد اخراجه,.
,, لقد زال الخطر,, وتبددت تلك الاوهام والتصورات,, بعد ان فرض الواقع (المشرف) نفسه.
,,, سألت الاخ الثاني صراحة,, ان كان سعوديا فأجاب وبما لا يدع مجالا للشك,, انه مواطن ابا عن جد,, واضاف (من اصل وفصل) ,, فرحت به كثيرا,, وعبرت له عن اعجابي واعتزازي باتجاهه لهذه المهنة الشريفة,, قلت هذه هي المواطنة الحقة والانتماء الصادق ان نشمر عن سواعدنا للعمل في كل مجالات الحياة ووداعا لمقولة (واعيباه,, اشتغل حمال),, ولا ثم الف لا للعيش عالة على الاخرين,, او الضياع في بحر مشكلة البطالة والتشرد,, وغيرها!!
,,, قد يعتقد من يقرأ هذه السطور,, ان كاتبها ينسج (رواية) من خياله من اجل دفع وتحفيز شباب الوطن نحو العمل الشريف,, ولكن اقول باعتزاز بالغ,, تلك كانت حقيقة ليست ككل الحقائق,, فلنقف جميعا احتراما وتقديرا لمثل هؤلاء الشباب (الانموذج السوي) ونشد على ايديهم,, ولنؤكد على روحهم تلك ودافعيتهم الكبيرة للعمل الميداني.
,, ومزيدا من مبادرات وخطوات التحفيز لتعميم مثل هذه الانطلاقات الجادة لتفعيل ممارسة الشباب السعودي وللقضاء على النظرة السوداوية التي تصورهم دائما بمحبتهم للدعة والرفاهية والمكتب المريح,, ولقد كان في زمن مضى,, من بين معشر الاباء والاجداد من جيلنا الحالي,, من كان يمارس تلك النوعية من المهن الشريفة والتي ليس فيها تجريح او اهانة لكرامته,.
وعلى كل حال,, فإن كسب لقمة العيش بتلك الطريقة (اشرف) بمراحل من ممارسة السرقة,, او طلب استدانة مبلغ من المال شريطه ان لا يعيده لصاحبه مدى الحياة,.
بوركت يا وطن بشباب سوق الربوة للخضار فهذه السواعد الفتية - ان استمرت تشق طريق النجاح سترسم صورة زاهية,, واكثر اشراقة لمستقبل الوطن عندما تصبح (قدوة) للاخرين,, وسامحونا!!
أحمد العلولا

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved