Monday 22nd March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأثنين 5 ذو الحجة


الرئة الثالثة
سيدتي الحسناء شقراء!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

كم أنا فخور بالانتساب الى محافظة شقراء، أباً وجداً، وأعماماً وعمّاتٍ وابناء وبناتِ عم، وان اشاطر اهلها الكرام عرس الاحتفاء بالذكرى المئوية الاولى لتأسيس هذا الكيان الخالد!
***
لم أرَ النور في شقراء، مسقط رأس سيدي الوالد، طيّب الله ثراه، فقد ساقه القدر الجميل قبل نصف قرن الى منطقة عسير مبعوثا الى المرحوم الشيخ عبدالوهاب أبو ملحة في مهمة رسمية، وظنَّ والدي بادىء الامر ان مهمته لن تستغرق الا أياماً معدودات، فاذا بها تمتد شهورا، ثم تتواصل اقامته بعد ذلك في ابها سنين، ويشاء الله ان يقترن - رحمه الله - بامرأة فاضلة من تلك المنطقة الجميلة، لتكون لي أما، وأحلَّ في ظلهما ضيفا على الحياة هناك، وأمضي شطرا من سنوات الطفولة بين المراعي والحقول,, والدروب الجبلية العسرة، جيئة الى المدرسة وذهابا!.
***
كان الغرض من هذه المقدمة الخاصة التمهيد للقول بأن لشقراء، بأهلها (وقرائنها) و(قصورها) ونخلها وشعابها وتلالها، حضورا جميلا في نفسي لا يبلى,, وحظوة اجمل لا تبور، يؤصلهما الولاء الدائم لذكرى الآباء والاجداد، ثم الشعور بالتقدير للدور التاريخي الذي لعبته هذه المحافظة ,, ضمن المشوار العسير الذي خاضه مؤسس هذا الكيان الكبير، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيّب الله ثراه - حتى نال ما تمنّى ، وليس لي في هذا المقام مَلَكة الحديث عن تاريخ هذه المحافظة,, فتلك مهمة اهل العلم والاختصاص ، لكن هناك ما يشبه الاجماع بين المؤرخين انه كان لشقراء، مكانة متميزة لدى المؤسس المظفر عبدالعزيز!
***
واتذكر في هذا السياق ما حدثني به اكثر من مرة سيدي الوالد - رحمه الله - عن زيارات الملك عبدالعزيز لشقراء، وإقامته بقصر السبيعي العامر نسبةً الى مالكه المرحوم الشيخ عبدالرحمن السبيعي، وهو القصر الذي بات الآن معلماً حضاريا وتراثيا في المدينة، وفيه التقى سيدي الوالد - يرحمه الله - لأول مرة بالمؤرخ والرحّالة اللبناني المعروف الاستاذ امين الريحاني، صاحب المجلدات الشهيرة عن تاريخ جزيرة العرب,, وكان الريحاني يقيم في قصر السبيعي، مرافقا للملك عبدالعزيز ، طيّب الله ثراه، وقد ذكر لي سيدي الوالد بأن امين الريحاني سأله مرة عن مستوى دراسته ، وكان وقتئذٍ في صدر صباه ، فردّ والدي - رحمه الله - بأنه يحفظ اجزاء من القرآن الكريم,, ويجيد شيئا من الكتابة والحساب، فعرض عليه الريحاني اصطحابه معه الى بيروت للدراسة هناك حتى الجامعة,, لكن سيدي الوالد شكر للريحاني مبادرته، مرجِّحا البقاء في شقراء بين الاهل والاقران على الرحيل الى بيروت! ولو كنتُ شاهداً ذلك اللقاء ,, وعلمتُ من أمر سيدي الوالد ما جهلتُ، لنصحته بالقبول، وإذن لتعلّم,, وصار له شأن ، فقد كان يعشق الثقافة، فطرة,, وكان يقرأ بصبر وجلد كل ما يقع عليه بصره من كتب السيرة والتاريخ والتراث حتى غدا (مرجعاً) بين اقرانه!
***
والحديث عن محافظة شقراء,, وهي تشارك الوطن الغالي اهازيج الذكرى المئوية لتأسيسه، لايمكن ان يغفل ذكر واحد من ابرز أبنائها الابرار، هو المرحوم بإذن الله، الشيخ عبدالرحمن السبيعي، فقد كان من المقرّبين للملك عبدالعزيز ، طيب الله ثراه، وكان في اكثر من مناسبة همزة الوصل بينه وبين اهالي المحافظة ووجهائها، وله جهود معروفة ومشهودة شارك بها في تجهيز بعض حملات الفتوح التي انطلقت من شقراء! وقد عُرف الشيخ السبيعي بكرم الخلق، وكريم السجايا، وعذوبة الحديث، وله سجل حافل بالنوادر والطرائف التي تنمُّ عن حكمة وظرف وسرعة بديهة، وله مقولات شهيرة ترتبط بمواقف أو أحداث أو اشخاص ، ذهب بعضها أمثالا بين الناس! وأتمنى بهذه المناسبة على من له اطلاع متخصص في تاريخ هذا الجزء من بلادنا، سواء من أبناء المحافظة أو من سواها، ان يؤرخ لهذا الرجل، فيدوِّن سيرته الذاتية، إنصافاً لذكره من مظنّة الاهمال ، وإنقاذاً لذكراه من متاهة النسيان!
***
وحين يذكر الشيخ السبيعي بالحسنى، قولا او فعلا، يقترن ذكره بذكرى والدته رحمها الله,, فقد كانت تجمع بين رقة القلب وصلابة الارادة وهيبة الحضور، وكانت لها مكانة الريادة في خدمة مؤسس هذا الكيان الخالد، وارتبط اسمها ذكرا وتبجيلا بتلك الفترة التاريخية الهامة من عمر شقراء!
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved