الخطبة وعد بالزواج وليست عقد زواج وعلى هذا فلكل من الخاطب والمخطوبة العدول عن الخطبة وان كان مقتضى الوفاء بالوعد يقضي بعدم العدول الا لضرورة او لسبب شرعي,, ولا يكره لولي المخطوبة الرجوع عن الاجابة اذا رأى المصلحة فيه ولا يكره لها الرجوع اذا كرهت الخاطب لانه عقد عمري يدوم الضرر فيه فكان لها الاحتياط لنفسها والنظر في حظها - وان رجعا - الولي او المخطوبة - عن ذلك لغير غرض كره، لما فيه من اخلاف الوعد والرجوع عن القبول ولم يحرم لان الحق بعد لم يلزمهما.
واذا كان الخاطب قد اعطى للمخطوبة او لوليها شيئا من المال على اعتبار انه مهر او من المهر فان الخاطب يستحقه فيسترده ان كان قائما او يسترد قيمته ان كان هالكا او مستهلكا، وكان مالا قيميا او مثله ان كان مثليا، اما الهدايا التي اعطاها الخاطب للمخطوبة فليس له ان يستردها اذ لا يحل لواهب ان يرجع في هبته ولا لمهد ان يرجع في هديته وان لم يثب عليها الا الاب حيث ان للاب الرجوع في هبته فأما غير الاب فليس له الرجوع في هبته ولا هديته.
واذا رجع الخاطب او المخطوبة عن الخطبة وادعى الطرف الآخر انه تضرر بهذا الرجوع فان الرجوع في ذاته لا يصلح ان يكون سببا للتعويض لان الراجع عن الخطبة استعمل حقه في الرجوع وان استعمل حقه فلا شيء عليه ولان الجواز الشرعي ينافي الضمان واذا وقع ضرر مادي بسبب الرجوع عن الخطبة كما لو قام الخاطب باستئجار دار هو غير محتاج اليها لولا عزمه على الزواج وقيامه بالخطبة ليسكن فيها مع مخطوبته بعد ان يعقد عليها النكاح او ان المخطوبة وهي موظفة استقالت من وظيفتها لتلحق بالخاطب في بلده بعد اتمام عقد النكاح فاذا كان المضرور بسبب الرجوع عن الخطبة هو الطرف الآخر وليس الراجع فالاقرب ألا يكون في هذا عوض كذلك لان الراجع استعمل امرا جائزا له.