Friday 2nd April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الجمعة 16 ذو الحجة


فضائل الحج
د, نبيل بن محمد آل إسماعيل *

لهذه الشعيرة فضائل عديدة منصوص عليها في آيات التنزيل وأحاديث المعصوم صلوات الله وسلامه عليه - وابرز هذه الفضائل ما يلي:
1 - انه من فضائل الاعمال الصالحة: وذلك ان الاعمال اما ان تكون بدنية كالصلاة وبعض صور الجهاد؛ واما ان تكون قلبية كالتفكير في خلق الله سبحانه واما ان تكون مالية كالزكوات بانواعها والحج - بفضله تعالى - قد اشتمل عليها جميعا.
والادلة على افضليته كثيرة منها: قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين فحيث جاء الامتناع من أدائه كفرا، فالمفهوم المخالف للنص: ان اتيانه عمل عظيم؛ يثيب الله - عز وجل - صاحبه ثوابا عظيما.
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم -: (اي العمل أفضل؟ فقال: ايمان بالله ورسوله قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور).
2 - انه في عداد الجهاد في سبيل الله: ولاسيما اذا كان مبرورا، بان يقتفي صاحبه اثر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما استطاع الى ذلك سبيلا: (فعن عائشة - ام المؤمنين رضي الله عنها - قالت: يارسول الله: نرى الجهاد افضل العمل: افلا نجاهد؟ قال: لا ولكن افضل الجهاد حج مبرور).
وفي هذا المعنى؛ يقول الفاروق عمر - رضي الله عنه - اثناء خطبته: اذا وضعتم السروج شدوا الرحال الى الحج والعمرة فانه احد الجهادين ومعناه: اذا فرغتم من الغزو فحجوا واعتمروا,
وهو جهاد - على الحقيقة - لان فيه جهاد النفس وحملها على الطاعة مهما اكتنفها من مشقة للأبدان والأموال.
3 - فيه غفران للذنوب؛ وبداية المرء صحيفة بيضاء مع رب العالمين: وقد ذهب الى هذا القول كثير من العلماء واخذوا ذلك؛ من ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه) تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الذنوب كما تنفي النار خبث الحديد .
ويفهم من ظاهر النصوص: ان الذنوب كبيرها وصغيرها تغفر للمرء ويعود الى الحالة التي ولد عليها نقيا من سائر المعاصي.
وذهب اخرون: الى ان الصغائر هي التي تغفر: اما الكبائر، فان الحديث نفسه يشير الى التوبة منها بالاقلاع عنها,, ورد المظالم يؤخذ من نصوص اخرى؛ كقوله تعالى (وان ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون).
وقوله - صلى الله عليه وسلم - لتؤدن الحقوق الى اهلها حتى يقتص للجماء من القرناء .
والقول الثاني: هو الراجح؛ لأنه - لو قيل برجحان الاول - قد يتخذه الظالمون مطية الى الاسراف على النفس في كبائر الذنوب,, ثم يحجون!!!
ولان الشهادة - في سبيل الله - مع عظم منزلتها في الدين -لا يعفي صاحبها من تبعة الدين وهو أحد المظالم - فعدم غفران الكبائر مع الاصرار عليها - عن طريق الحج اولى - والله أعلم.
4 - ان فيه اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اجابته وتلبيته لنداء ربه - عز وجل - يقول الله - عز وجل - (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) ويقول - جل شأنه - (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا,,) فيه اقتداء - أيضاً - بسلفنا الصالح - رضوان الله عليهم - ومنهم على سبيل المثال: سفيان بن عيينة - رحمة الله عليه - فقد حج سبعين مرة,.
5 - ان الحج مؤتمر اسلامي ينعقد كل عام: يتعارف فيه المسلمون فيما بينهم ويسعون لما ينفعهم في دينهم ودنياهم ويكونون يدا واحدة - مهما اختلفت اجناسهم ولغاتهم وديارهم وذلك بعد ان تذوب الفوارق البغيضة فيما بينهم,, كما قال - جل وعلا - (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير) وقوله - عز شأنه واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون .
ويقول - صلى الله عليه وسلم - لا تحاسدوا ولا تناجشوا (أي لاتزيدوا في ثمن سلعة ينادى عليها في السوق بقصد الاضرار) ولا تباغضوا؛ ولا تدابروا؛ ولا يبع بعضكم على بيع بعض؛ ليكونوا عباد الله اخوانا، المسلم اخو المسلم، لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله، التقوى هاهنا - يشير الى صدره ثلاث مرات - بحسب امرىء من الشر ان يحقر اخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه).
قال محمد بن ياسين: قال لي شيخ في الطواف: من أين أنت؟ فقلت: من خراسان قال: كم بينكم وبين البيت؟ قلت مسيرة شهرين او ثلاثة قال: فأنتم جيران البيت قلت: أنت من أين جئت؟ قال من مسيرة خمس سنوات، وخرجت وانا شاب فاكتهلت قلت: والله هذه الطاعة الجميلة والمحبة الصادقة فقال:
زر من هويت وان شطت بك الدار
وحال من دونه حجب وأستار
لا يمنعنك بُعدٌ عن زيارته
ان المحب لمن يهواه زوّار
6 - فيه ابطال لما كان عليه اهل الجاهلية: من الطواف حول البيت عرايا، زعما منهم ان في ذلك تقرباً الى الله - عز وجل - وما علموا ان التقرب الى الله لا ينال بمعصيته فقد بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - ابا بكر - رضى الله عنه - في الحجة التي امره عليها في رهط يؤذن في الناس: ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان .
7 - يحقق انتصار جميع النفوس المؤمنة على شياطينهم من الجن؛ فقد جاء في هذا المعنى: ان ابليس - لعنه الله تعالى - اعترض طريق الخليل وجبريل - عليهما السلام - يعرفه المناسك؛ فرماه بسبع حصيات,, كما ورد أيضاً - ان الشيطان: ما روىء اغيظ ولا احقر ولا أهون ولا اصغر الا في يوم عرفة؛ لما يرى من كثرة غفران الله - سبحانه - لعباده الحجيج في هذا اليوم العظيم.
8 - ان الله - جل جلاله - يباهي بالحجيج ملائكته - وهم في عرفة - فيقول: انظروا الى عبادي أتوني شعثا غُبراً من كل فج عميق,, اشهدكم ياملائكتي اني قد غفرت لهم .
9 - الفوز بالجنة والنجاة من النار:
وهذه نعمة ما بعدها نعمة؛ ولا تساويها او تدانيها اخرى,, يقول الله - جل وعلا - كل نفس ذائقة الموت وانما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور .
وقد اشار الى ذلك الصادق المصدوق - صلوات الله وسلامه عليه - بقوله: الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة .
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يوفقنا لطاعته وان يجعلها على النحو الذي يرضيه عنا انه وليُّ ذلك والقادر عليه (آمين).
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على هديهم الى يوم الدين.
* وكيل قسم القرآن وعلومه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
لقاء
عزيزتي
المزهرية
الرياضية
تحقيق
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved