Friday 2nd April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الجمعة 16 ذو الحجة


في الهدف
الدعاء في المناسك
الشيخ/ عبدالله بن صالح القصيّر

الحمد لله وحده وبعد
فإن الدعاء - اي سؤال الله تعالى حاجات الدنيا والآخرة - هو مفتاح خزائن الخير وسبب سعادة الدنيا والآخرة واتقاء الضرر والشقاء في العاجل والآجل, فكم حفظ الله تعالى على عبده - بالدعاء - من نعمه وكم زاده من كرمه وكم صرف عنه من بلية ولطف به عند شدة واعطاه من جزيل العطايا وجليل المنح ما لم يكن في حساب ولم يخطر له على بال بل ان الله تعالى اذا اراد ان يعطي العبد من الوان جوده وانواع الطافه شرح صدره للدعاء وذلل به لسانه او اجرى الدعاء له على لسان عبد صالح يدعو له بظهر الغيب.
فالدعاء عبادة وتوحيد وسبب موصول بين الله وبين العبيد وقد امر الله تعالى باللهج به والاخلاص له فيه وذم الذين يعرضون عنه مستكبرين او يتركونه غافلين قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) وقال سبحانه: (فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون) وقال جل ذكره: (واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون).
وقد قال عمر - رضي الله عنه -: والله اني لا احمل هم الاجابة ولكن احمل هم الدعاء فاني ان الهمت الدعاء علمت ان الاجابة معه, وقد افادت الاحاديث الصحيحة الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ان المسلم يستجاب دعاؤه بكل حال ما لم يستعجل او يدع باثم او قطيعة رحم او يتعاط مانعا من موانع اجابة الدعاء كأكل الحرام ونحوه فدعاء المسلم مستجاب بشرطه فاما ان يقضي الله له حاجته واما ان يصرف عنه من السوء مثلها واما ان يدخرها له يوم القيامة ولذا قال - صلى الله عليه وسلم - (ادعوا الله وانتم موقنون بالاجابة) واخبر ان من لم يسأل الله تعالى يغضب عليه وكم في القرآن والسنة من جوامع الدعاء التي دعاه بها رسل الله المكرمون - عليهم الصلاة والسلام - وعباده الصالحون واقترنت دعواتهم بالاجابة مع ما ادخر الله لهم من الكرامة وعظيم الاثابة.
اذا علم هذا فان مناسك الحج كلها مواطن واوقات واحوال يستجاب فيها للمسلم الدعاء ويتحقق فيها عظيم الرجاء.
فمن مواطن اجابة الدعاء بعد التلبية فاذا لبى بنسكه من حج او عمرة فليدع بما شاء - كما نص عليه اهل العلم بالمناسك - واثناء الطواف: وعند الصعود على الصفا والمروة فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - اذا صعد هلل الله، وكبره، واثنى عليه بما هو اهله ثم رفع يديه ودعا - يفعل ذلك ثلاثا في بداية كل شوط - وهذا يدل على انه فرصة اجابة للدعاء، وهكذا حال السعي فانه يلبي ويكبر ويدعو ما تيسر له.
* حال وقوف الحاج بعرفة يستجاب فيها الدعاء فقد وقف - صلى الله عليه وسلم - على راحلته رافعا يديه يدعو من حين فرغ من صلاة الظهر والعصر جمعا وقصرا في وقت الظهر الى ان غربت الشمس.
* ومن مواطن الدعاء الوقوف بالمشعر الحرام بمزدلفة فقد ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - الى المشعر الحرام- موضع المسجد الآن - فاستقبل القبلة ورفع يديه ودعا حتى اسفر جدا ثم افاض الى منى قبل طلوع الشمس.
ومن مناسبات اجابة الدعاء: بعد رمي الجمرة الوسطى والصغرى فقد وقف - صلى الله عليه وسلم - في الايام الثلاثة عند الجمرة الاولى والوسطى بعد الفراغ من الرمي يدعو بقدر ما يقرأ القارىء سورة البقرة.
فينبغي للحاج والمعتمر ان يغتنم نسكه بكثرة الدعاء وصدق الضراعة والالحاح على الله تعالى في طلب جليل مطالب الدنيا والآخرة وليدع دعاء الموقن بالاجابة لعلمه بغنى ربه وجوده وقدرته وكرمه وحبه للدعاء وكرمه في العطاء فان الله - تعالى - يستحي ان يرد يدي عبده صفرا خائبتين وعلى ان يتحرى جوامع الادعية الواردة في القرآن والمأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فانها جامعة لخيري الدنيا والآخرة ويتحرز المسلم اذا تقيد بها من الوقوع في الاثم والاعتداء في الدعاء ويكون قد اتبع الهدى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
لقاء
عزيزتي
المزهرية
الرياضية
تحقيق
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved