Saturday 3rd April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,السبت 17 ذو الحجة


دعونا من تلك الآراء السخيفة
د, عبد الله ناصر الفوزان

أن يأتي من يقول ان غرض حلف النيتو من ضرب الصرب القضاء على بقايا فلول الكتلة الشرقية فهذا قد يكون مفهوماً ويمكن مناقشته، وأن يأتي من يقول ان الغرض تأكيد قوة الحلف وبسط هيمنته ونفوذه فهذا يمكن ايضاً فهمه ومناقشته، وأن يأتي ثالث فيقول ان الغرض الاعلان عملياً عن هوية البوليس الدولي الجديد فهذا أيضا يمكن فهمه ومناقشته، وان يأتي من يقول ان الغرض هدم النظام الدولي القائم والتمهيد لقيام نظام جديد يقوم على الواقع الجديد، فهذا أيضا يمكن فهمه ومناقشته، ولكن ان يأتي من يقول ان غرض حلف النيتو مساعدة الصرب على تهجير المسلمين من كوسوفا والتعجيل بذلك وان ما نراه ونسمعه من باب ذر الرماد في العيون كما قال اكاديمي متمرس في الكتابة في مقال له في احدى الصحف المحلية، او ان يقال ان قوافل المهجّرين هي تمثيليات وان اخبار القتل والتشريد وكافة اعمال التطهير العرقي التي نقرأ ونسمع عنها هي مبالغات وان القصد من ذلك تبرير (العدوان) على يوغوسلافيا كما قال بذلك باحث وأكاديمي عربي عبر احدى القنوات الفضائية، فهذه الآراء وما يماثلها لا يمكن قبولها ولا تستحق المناقشة واقل ما يقال عنها انها آراء سخيفة.
يا إخواني، المسألة واضحة والاغراض معلنة وليس هناك ما يدعو للبحث عن اغراض خفية، لأن تلك الاغراض المعلنة معقولة ومقنعة وتتفق مع السياق العام لمجمل الاحداث العالمية التي سبقتها سواء في البوسنة او في غيرها من الأماكن، فالصرب يمارسون منذ اكثر من عشر سنوات تطهيراً عرقياً بغيضاً لا يقتصر على المسلمين وحدهم وإنما يطال غيرهم ويهدفون الى تكوين ما يسمونه دولة الصرب الكبرى وهذا الاسلوب الذي يمارسونه يتعارض كليّاً مع المبادىء التي قامت وتقوم عليها دول حلف النيتو العلمانية التي لا يشكل الدين او العرق بالنسبة لها عائقاً لتحقيق العدالة التي حددتها دساتيرها, وكانت تحاول منذ سنوات عديدة ثني الصرب عن نواياهم وأساليبهم الظالمة بالتي هي احسن ولكنها لم تفلح في ثنيهم ولو قيد أنملة مما اضطرها لمحاولة كبح جبروتهم وعدوانيتهم بالقوة، وان تفشل بعض تلك الدول في مواقف اخرى فلا تستطيع مثلا ان تقف موقف حق وعدل في الصراع العربي/ الاسرائيلي فهذا لا ينبغي ان يجعلنا نعمم الحكم فنبحث عن اهداف غير أخلاقية لكل عمل يبدو اخلاقياً وليس من مصلحتنا ان نفعل هذا، كما انه من الطبيعي ان تختلف الظروف والمصالح.
والأمور يا إخواني تفهم بالعقل، فالولايات المتحدة الامريكية في موقفها المؤيد لاسرائيل لم تختف خلف غرض اخلاقي حتى نقول إنها الآن تستتر هي ودول حلف النيتو خلف هدف اخلاقي، اضافة الى انه قد يكون سهلاً على دولة واحدة ان تبطن ما لا تظهر في القضايا الكبرى,, اما ان يكون ذلك من مجموعة دول فهذا هو شبه المستحيل بعينه، واعتقد ان المتأمل لا بد ان يدرك انه لو كانت اغراض حلف النيتو الاساسية تختلف عن تلك المعلنة لعلم بها الصرب ولو علم بها الصرب لما كانوا حمقى لهذه الدرجة فهم ليسوا اقوى من روسيا، ولو كانت دول الحلف تستخدم الغرض الأخلاقي غطاءً لغرضها الأساسي لما طولت بالها مع الصرب لذلك الحد المدهش ولانتهزت اول اشارة رفض ومضت سريعاً لتحقيق اهدافها.
المسألة إذن في رأيي واضحة لا تحتمل اي لبس او تأويل وهذا لا يمنع من وجود الفوائد والأهداف الثانوية سواء منها ما كان على المستوى الفردي للدولة الواحدة او الجماعي لكل الدول، كما ان هذا لا يمنع من القول بوجود مظاهر قصور قاتلة في عملية حلف النيتو، فما دام ان الهدف الاساسي اخلاقي فالمفروض ان تتخذ احتياطات لحماية ألبان كوسوفا الذين سيتضررون كثيراً (مؤقتا على الأقل) اثناء الضربات الجوية حتى لا تبدو العملية ضارة للمظلومين الذين جاءت اصلاً لإنصافهم.
أيها الإخوة؛ أن نتجاهل الظاهر الواضح ونبحث عن الخفي فهذا بحث عن الوهم بلا مبرر، اما ان نتساءل عن جدوى العملية وامكانية تحقيق اهدافها واضرارها المحتملة، فهذا بحث مشروع ويمثل عين الحكمة والعقل والواقع.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved