Wednesday 7th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الاربعاء 21 ذو الحجة


شرخٌ في ذاكرةِ الآتي,,!
إبراهيم عبدالرحمن التركي

(1)
** بيني,.
وبينك,.
ما رواه الفجرُ
في آماقِ شاعر!.
** قال:
الهوى لغتي,.
ولون الريح
أشرعتي
** وفي رئتي
* هواءٌ يمنح الإبحار
* وموجٌ يدفن الإعصار
** وأوردتي
* مسارٌ يعشق الإيثار
* وبوحٌ يرفضُ الأسرار!,.
والأسوار,,!
** وفي تجويف ذاكرتي
حكاية مَن
* يداوي العُسرَ بالإيسار
* ويلغي العقد بالإيجار
*ويوقظ منطق الأحرار
* ليبدأ أول المشوار
***
(2/1)
** الإغلاق لا يعني الانغلاق
** والبُعد المكاني كما الزماني لا يمنع التقارب الوجداني ,,!.
** والعائق المادي لا يقف امام التوثب المعنوي ,,!
** لا جدل لمن وعى قصة مدينة صغيرة، او إقليم منعزل او بلد فقير,,! فهكذا كنا، وهكذا استطعنا التواصل رغم الحواجز والارتحال على ضيق ذات اليد,,!
** في الأربعينيّات كان الناس في عنيزة -وهي هنا مجرد شاهدٍ على شواهد - يتحلقون في مجلس (عبد الرحمن المقبل الذكير) حول المذياع وفيهم من يناصر الحلفاء ويضادُّهم من يتمنّى فوز المحور ، وليونس بحري وأضرابه موقعٌ داخل الحارات الضيِّقة والبيوت الطينية والعقول الواسعة المنطلقة,,!
** وفي الخمسينيّات تضامن الرجال والنساء مع قضايا التحرر والاستقلال العربية، وصرخ الشباب في وجه العدوان الثلاثي بلسان سليمان الشريِّف :
اللهُ اكبرُ فلتمت يا إيدنُ
ولينتحر مولييه ذاك الأرعن
** وتسابقت النسوة على نزع حليِّهن البسيطة تحية لأبطال ثورة الجزائر ,,!
** وفي الستينيّات طغا المدُّ القومي وتعددت التوجهات الأيديولوجية مما يُجمل كثيراً منها تركي الحمد في أطياف الأزقة المهجورة وبخاصة في الجزء الأول (العدامة)، وتتلمذ كثيرون على صوت العرب ، وقرءوا لساطع الحصري ومنيف الرزاز وميشيل عفلق وتلذذوا بصوت أحمد سعيد ، ووواجههم أنصار حسن البنّا وعبد القادر عودة وسيد قطب وتقي الدين النبهاني والمودودي ،وبين هذين التيارين تيارات تتماثل أو تتصادم مما يشير إلى كثافة الوعي وإن لم يلتزم بمنهجية التوجه,,!
** وجاءت هزيمة الأيام الستة لتدمّر الاقتناعات المؤدلجة أو بعضاً منها، ولتمرَّ حرب رمضان وزيارة القدس ومعاهدة كامب ديفيد دون أن تفتح المعادلات المغلقة في أذهان جيل الطفرة !
(2/2)
** ألهاهم الشعير عن الشعر ولم تمثل نهاية السبعينيّات والثمانينيّات أيَّ تحول فكري، وأصبحت الكلمة الطولى لأرباب المساهمات وتجار العقارات والساهرين السادرين في كهوف الليل !
** وآن للتسعينيات ان تغيِّر قليلاً، فبعد حرب الخليج الثانية ، وتضاؤل الفرص الاستثمارية عاد الحوار الثقافي - بمختلف محاوره - ليتسيّد الساحة ، وابتهجت المجالس والمنتديات بعودة الوعي الموءود او المفقود !
** وتميّز النتاج الفكري بتكثيف إبداعي فظهرت أصوات وتألقت نصوص وتميّزت مداخلات ومثلت نهاية التسعينيات نقلة شكلية ونوعية كبيرة تُرهص لما هو أقوم إذا قدر لها النمو في مناخٍ صحِّي يأذن بلغة الاختلاف ومنهج المختلفين .
** وفي هذا الإطار عادت إلى الواجهة الشخصية والعامة ظاهرة جميلة في اتساع المساحات المتاحة للنقاش الجديد كما تُفصحُ عنه الحكاية التالية,,,!
***
(3/1)
* في بدء علاقته بالكتابة والنشر، يذكر صاحبكم انه تلقّى سلسلة متصلة من الخطابات مجهولة المصدر، اكتفت صاحبتُها بالتوقيع تحت اسم (ذكريات)، وكان يعنيها - فيما يبدو - أن تتواصل باتجاهٍ واحد فتبعث بشجونها دون أن تنتظر مواسياً او آسياً او متوجعاً كما هي الأنماط المهيّئة للتشارك الوجداني في نظرية شاعرنا العربي القديم,,!
** مضى الحال به، وتلقّى سواها، وظلَّ على نهجه المتثاقل في الاحتفاء دون تجاوز ذلك الى التفاعل فقد عرف في نفسه ميلاً الى الدعة بل الكسل وفقد - من ذلك - نماذج متميّزة من التراسل الراقي ذي الأبعاد الدلالية العميقة!
** لامَه من اقترب ، وهجره من اغترب وبقي حيث هو مقتنعاً أنه - رغم طول المدى - لم يستطع ان يجعل القلم صديقاً فالتزم حيث ألزم نفسه، ثم أطلق - لما عدا ذلك - دائرة المزاج والفراغ !.
** ما لكم ولهذا إن حسبتموها حديثاً ذاتياً ولكنها ليست كذلك، فما عهد لديه بياناً يستحق أن يحظى بتجربة جديرة بالذكر,, والذكريات !
** وإذن فالحكاية غير ما ظننتموه، او بعضُكم مما يستحق أربعاويّة مختلفة تحاول ان تضيء جانباً مهمّاً من (أدب الرسائل) عبر مثالٍ جديد تصادف أن مرَّ في طريق لا طوابع فيها ولا صندوق بريد,,,!
(3/2)
** ليس في حِلٍّ ليقول اسمه غير أنه شاب في منتصف دراسته الجامعية بإحدى الكليّات العلمية خارج الرياض، كما هو مثقف متكون يؤثر التروّي قبل الظهور، ويهمُّه ان يعرف موقع خطواته قبل أن يغذَّ المسير ، وقد فاجأه - مع صديق له- حين اتصلا ليتواصلا، وليقطعا مسافة طويلة من أجل ساعتين أو ثلاث يلتقيان بصاحبكم خلالها، ودُهش مرّتين فما هو مِمّن تشدُّ الرحال للقائهم، كما الزمن ليس ذاك الذي يحفل بمثل هذه الممارسات الجميلة المختلفة,,!
** مضى اللقاء ثلاثياً رائعاً، لينتهي بما هو أروع، حين تلقّى رسالة مطولة أولى ومعها ثلاثة ملحقات، ثم ثانية بملحقين، وأدرك أنه أمام موهبة كبيرة وأمام واقعٍ آخر يحتاجُ منه إلى تداخلٍ لا يكفيه هاتف عابر أو نقاشٌ عارض، وأحسَّ أن من المهمِّ تناول هذا الأمر، فنحن - كما سلف - في نهاية حقبة التسعينيات نمرُّ بمرحلة جديدة في الطرح الثقافي تستعيد فترة سابقة، ثم تتفوق عليها في تنامي الوعي وتجدد المسار وانحسار الدور التقليدي لأسلوب ومحاور ومنهج الحوار ,,!
***
(4 /1)
** اقرءوا - ان شئتم - نماذج مختزلة من كلماته ,, أو بالأصح استفهاماته ,.
(4/2)
* مجتمعنا,.
أوكلنا إلى أنفسنا ,,,
وتخلّى عنا,, مثلما تخلّى الشاطىء طواعية لعدوّه الموج عن فلذات أكباده حبّات الرمل ,.
***
* يسير الزمن، او نعدو نحن، كل منا يهرب من الآخر، أو قل يهرب إلى الآخر,.
***
* تمر السنون، تخدش مرآة الذاكرة,, وتُحيلها إلى خرائط مشوهة لا تعترف بتضاريس المشاعر ومناخ الإحساس، ويبقى الانسان الذي يحاول الكتابة مشدوهاً يرقب ما يرى,, فإما ان يبتلعه الوهم أو يعتريه الصدأ فيموت مسموماً بإنزيم الجهل، حينها فقط لا تنفعُه فيتامينات الثقافة!.
***
* العمق الجهلي الذي نسبحُ فيه ناتج عن اسباب عدّة لعلَّ من أهمّها المجتمع الذي يعد المثقف الصادق إنساناً أفسده الترف.
* * *
* هل كانت (إميلي نصر الله) - في طيورها الأيلوليّة تقصد القرية حين تحضن أبناءها، أم أنها كانت تقصد شيئاً آخر لم أدركه أنا؟ وهل كانت تقصد المثقف الغريب ، المثقف الحقيقي حين يرى أنه وحيد بثقافته، وحيد بهمّه، متفرد في البحث عن الكنز الحقيقي,, عن الثقافة التي لا تقبل المساومة,, وعن رموزها الحقيقية الساطعة كالشمس,, أم أنها كانت تقصد شيئاً آخر؟!
***
* ترانا,, لماذا نكتب؟
وهل الذين نكتب لهم (على سبيل المثال: الرسائل) يستحقون كتاباتنا هذه؟، وهل مشاعرنا وأحاسيسنا رخيصة لهذه الدرجة حتى نزجُّ بها أمام الجميع؟
***
في أحد الايام قال لي أحد أساتذتي: أسئلتك ليس لها أجوبة! هل حقاً ما قال؟
هل أتعمد الفلسفة وتحوير الكلمات وخلق نوع من الغموض التافه؟ أم أنني أمارس نوعاً من الفوضى في تفكيري؟ صدّقني أنني أحاول أن أتخلص من عقدة الأسئلة التي أطارد بها نفسي!
كم هي الأسئلة التي شيّعتني الى الحزن؟
وكم هي الاسئلة التي جعلتني أعتزل الناس.
***
الحب: حاؤه حريق
وباؤه بريق
انه كالنجم يبرق فنقبل عليه، ثم ما يلبث ان يحرقنا بكل قسوة!
***
(5)
** لا مكان هنا لتعليق على محتوى هذه العبارات المتجاوزة التي تختصر أكثر من 25 صفحة، وتشي بمعادلة مقلوبة ، فلدينا أقلام ناضجة مختفية حقُّها البروز ويقابلها أخرى مترديةٌ ترتزق مما يأكل الضبع وهي جديرة بالدفن !
** هذه واحدة، أما الأخرى فإن فن الرسائل مغيبٌ عن النشر وهو جدير بالعناية.
** والثالثة اختصرها شاعرنا العربي القديم:
الناسُ مثلُ زمانهم
قدُّ الحذاءِ على مثالِه
ورجالُ دهرِك مثلُ دهرِك
في تقلُّبه وحالِه
وكذا إذا فسد الزمانُ
جرى الفسادُ على رجالِه
** أخبرونا- بعد كل هذا التطواف-: أي زمن نعيش وأي ناس نعايش؟!
** واستعيدوا نظرة فولتير التي كانت تحسد ذلك المخلوق الأعجم لجهله بالشر الذي يمكن أن يقع له، والكلام الذي يرميه به الآخرون ,,!
**ثم فكروا,, وتفكّروا,, فالمسألة أبعدُ من رسالة ، وأعمقُ من تحوّل وأكملوا الناقص في هذه الأربعاوية ,,! هذا إن اعتقدتم أنها بدأت,,!
***
هامش
** يعمد بعض الأصدقاء الى بعث موضوعات خاصة بثقافة الجزيرة إلى صندوق بريدي الخاص (100626 الرياض 11645)، وإذ أقدّر عنايتهم فإنني آمل توجيه ما يعني الصفحات الثقافية الى صندوق بريد الجزيرة 354 الرياض 11411 حتى لا يتأخر نشر المواد بسبب الإجازات أو السفر ، كما يمكن لمن يودُّ التواصل الشخصي استخدام البريد الإلكتروني كما يلي:
yazan@Naseej.com.SA.
وللجميع أصدق الود.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved