الكتابة عن الملك عبدالعزيز كتابة في سير الابطال,, انه سيرة في تاريخ بل تاريخ وامة,, محارب وحكيم، قوي في تمسكه بعقيدته,, واعتزازه باسلامه ودفاعه عن حبه للرقي والتطور، وعن منهجه الثابت الراسخ المستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة,, يقول -يرحمه الله- يقول كثير من المسلمين يجب ان نتقدم في مضمار المدنية والحضارة,, وان تأخرنا ناشيء عن عدم سيرنا في هذا الطريق، وهذا ادعاء باطل ، فالاسلام قد امرنا ان نأخذ ما يفيدنا ويقوينا على شرط ان لا يفسد علينا عقائدنا وشيمنا .
ومن هذا القول نستطيع ان نخرج الى آفاق اوسع وابعد واشمل,, فالمؤسس لا يحارب المدنية والحضارة وانما يحرص عليها بشكل لافت للنظر ولكنه يحارب من يهتم بالقشور دون الوصول الى اللب,, انه يوجه الى قاعدة ثابتة وهي ان الاسلام بنفسه يحرص على المفيد في اي مكان كان شريطة عدم مساسه بالثوابت والمنهج الاسلامي الراسخ.
يؤكد -يرحمه الله- أن المسلم لا يرقى الا بالدين والله لا يعبد بالبهرجة,, وإنما يعبد بالحقائق,, وحتى يعمم هذا التوجه الحقيقي على جميع الشعوب الاسلامية - وليس فقط شعبه- يؤكد على المنهج الاسلامي ففيه النجاة والتطور الحقيقي وبه يعتصم الناس ولابد من محاربة كل من يعمل ضد الاسلام,, يقول اني ادعو الى الاتفاق والاعتصام بحبل الاسلام، ويجب علينا التناصح وعدم التحاسد وان نسعى لما يحفظ قوانا وان نكون ضد كل شخص يعمل ضد الاسلام.
واذا كان هذا هو منطق المؤسس فهو منطق ينبع من عمل وفعل فهو يؤمن بالافعال اولا ثم يؤكدها بالاقوال,, بل احيانا يدعها تؤكد نفسها وتفرض ذاتها وتثبت جذورها وتعطي اكلها، وقد اوضح المؤسس ذلك بقوله: يجب ان يعتبر المسلمون من حالتهم اليوم فانهم لم يصلوا الى ما هم عليه الآن الا من كثرة اقوالهم وعدم افعالهم,, ألا ان العمل اساس النجاح,, وان العقيدة الصحيحة هي اساس الفلاح .
ان تأكيده -يرحمه الله- على ضرورة الافعال نابع من إيمانه العميق بأنها هي المعيار الحقيقي للنجاح فالفعل المرئي شهادة ثابتة لا تقبل الخدش او التشويه.
ان افعال الملك عبدالعزيز في كافة المجالات تؤكد حرصه واصراره على الوصول بدولته الى مصاف الدول المتقدمة مع ضرورة التفرد بمزايا حكمه لدولته المرتكز على اسس الشريعة الغراء,, حتى ان غيرنا عندما يقرأ ماكان يأمر به المؤسس يصاب بالذهول (لعدم) مقدرتهم على استيعاب صحة ذلك التوجه,, لقد كان اكبر من الديمقراطية,, يدع المجال للكل للمشاركة في البناء والتعمير ويؤكد على المساواة وعدم اتاحة الفرصة لاعتداء القوي على الضعيف فأمام عدالته ونزاهته ونظامه يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات,, لقد فتح مجال الشكاوي الحقيقية للمتظلمين وهدد رجال البريد الذين يهملون في ايصال هذه الشكاوي او يخفقون في واجباتهم سواء في الاهمال او التأخير,, وذلك كله كرها للظلم وخوفا من التقصير امام الله سبحانه وتعالى,, لقد امر -يرحمه الله- بكتابة خطاب منه على لوحات موجه الى شعبه وعلق الى جوار المسجد النبوي جاء فيه على كل فرد من رعيتنا يحس ان ظلما وقع عليه ان يتقدم الينا بالشكوى,, وعلى كل من يتقدم بالشكوى أن يبعث بها بطريق البرق او البريد المجاني على نفقتنا وعلى كل موظف بالبريد او البرق ان يتقبل الشكاوي من رعيتنا ولو كانت موجهة ضد اولادي او احفادي او اهل بيتي وليعلم كل موظف يحاول ان يثني احد افراد الرعية عن تقديم شكواه مهما كانت قيمتها او حاول التأثير عليه ليخفف من لهجتها اننا سنوقع عليه العقاب الشديد,, لا اريد ان اسمع عن مظلوم ولا اريد ان يحملني الله وزر ظلم احد او عدم نجدة مظلوم او استخلاص حق مهضوم .
حقا انه خطاب نابع من القلب لذلك فهو سيصل الى القلب دون صعوبة,, رحم الله عبدالعزيز موحد هذه الجزيرة قلوبا قبل القوالب وحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين المؤكد على سياسة الباب المفتوح وسمو ولي عهده الامين.