مثل باقي المؤسسات الصحفية في المملكة، تضم الجمعية العامة لمؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر أعضاء مؤسسين هم نخبة متميزة من صفوة المجتمع المتميزة,, وبعيداً عن أية مجاملة أو ممالأة كوني أحد أبناء مؤسسة الجزيرة منذ ربع قرن، فإن استعراض أسماء اعضاء المؤسسة يؤكد أنهم كوكبة متميزة وتركيبة مثالية لما يجب ان تكون عليه الجمعيات العمومية للمؤسسات الصحفية، لا ينقصها سوى تواجد ابناء المهنة بنسبة تتوافق مع النسب الثقافية والفكرية والمادية الأخرى التي تزخر بها الجمعية العمومية.
وهذا بيت القصيد الذي أرجو ان أوفق في طرحه بأمانة وحيادية في موضوع لا مجال للحياد فيه لأن العديد من الأمور المهنية والادارية والصحفية وحتى الذاتية تتداخل فيه مما يجعل من الصعوبة أن تكون المعالجة محايدة,, إلا أنني اتناول هذا الموضوع الذي سبقني اليه زملاء أفاضل وحتما سيتبعني آخرون لأنه يتعلق بموضوع يهم حملة الأقلام الذين عجزوا عن الكتابة عن أمر يهمهم ويهم المؤسسات التي يعملون بها,, موضوع ذو علاقة أساسية بمسيرة التنمية في بلادنا,, تجنبنا نحن الصحفيين العاملين في المؤسسات الصحفية - الخوض بها، لاعتبارات عديدة لعل من أهمها الحرج من الحديث عن المنفعة الذاتية، رغم ان المنافع التي تحققها معالجة هذه القضية عديدة، واكثرها تأثيراً وفائدة ما سينعكس على المجتمع أولا، وعلى المؤسسات الصحفية ثانيا، وبعد ذلك على العاملين في المؤسسات, لنعد لبداية الحديث بالتأكيد على ان تركيبة الجمعية العمومية لمؤسسة الجزيرة الصحفية الأعضاء المؤسسين تركيبة نموذجية سوى مايتعلق بقلة ابناء المهنة الذين مازالوا يزاولون العمل اليومي بكل ما يحمله من معاناة وحرق للأعصاب والصحة,, والبعد عن الأهل والأصدقاء,, والمناسبات الاجتماعية,, وغيرها من ضريبة مهنة المتاعب,.
والملاحظة الجديرة بالاعتبار والتي تظهر لكل من يستعرض أسماء اعضاء المؤسسة كونها تضم أدباء ومفكرين واعلاميين رافقوا مسيرة الاعلام السعودي، ورجال مال واقتصاد وادارة,, وهذه التركيبة النموذجية لعلها أكثر من غيرها تفهما لما يمكن ان تكون عليه المؤسسة الصحفية,, أية مؤسسة صحفية، تضم كفاءات صحفية وادارية تعمل لخدمة المؤسسة وتظل ملتصقة بها رغم كل الاغراءات التي تنثر عليهم من كل جانب، مما يفرض الحفاظ على الثروة المهنية .
ولأن العمل الصحفي موهبة واستعداد يصقلان بالخبرة والممارسة والتجربة، فان المؤسسات الصحفية في المملكة وخارجها تسعى بأساليب شتى للحفاظ على هذه الثروات فصحيفة الليموند الفرنسية مثلا تشرك صحفييها العاملين بالجريدة في عضوية المؤسسة احتفاظا بهم وحفاظا عليهم حتى لا يتسربوا منها ويظلوا ملتصقين بها.
وقد سنّت مؤسسة اليمامة الصحفية سنة حسنة باختيار مجموعة من أبنائها بين فترة وأخرى وتكريمهم وضمهم الى أعضاء الجمعية العمومية بمنحهم عضوية المؤسسة,, وإن حكماء اليمامة بعملهم هذا لا يكرمون ابناء المؤسسة الذين اثبتوا جدارتهم واخلاصهم لهذا الصرح الثقافي والفكري فقط، بل يضمنون أيضا للمؤسسة نفسها أن تواصل عطاءها وتفوقها؛ لأن الصحفي الذي يشعر أنه قُدر وكُرم سيبذل أكثر، ويشعر بواجب رد التكريم بعد أن شعر بالأمان، أكثر.
وإن المؤسسة التي تكرم ابناءها وتمنحهم عضويتها تكون قد حفظت ثروتها المهنية وكسبت صحفياً مهنياً بعد ان بذلت الشيء الكثير لإيصاله الى المستوى الذي وصل اليه,, وهو عمل لا يقل أهمية عن أي نجاح تحققه تلك المؤسسة سواء في التطوير أو التوزيع أو الانتشار,, وحتى الأرباح,, لأن الذي يحقق كل ذلك هم ابناء المؤسسة الذين كلما شعروا بالاطمئنان والرضاء الداخلي,, توثقت روابط انتمائهم أكثر,, فزاد انتاجهم وتفانى الجميع لتحقيق مزيد من النجاحات.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser @ Al-jazirah.com